|
شَبيهيَ في المرآة ..
يحيى علوان
الحوار المتمدن-العدد: 4339 - 2014 / 1 / 19 - 01:15
المحور:
الادب والفن
ما لَكَ ، يا شبيهيَ في المرآةِ ، تُحملِقُ فِيَّ ..؟! أَتُراكَ أَنتَ أَنـا ؟ أَمْ أَنا أَنتَ ..؟! أَمْ تُراكَ تَستكثرُ عليَّ غُرفَةً صغيرةً عند البحرِ في هذا البرد لأنَّني لا أقوى على أُجرتها في موسم السياحة ؟ ..............................................
وجهُ شبيهي ، إفتَـرَّ عن إبتسامَةٍ غامضةٍ ، لا تَشِي بشيءٍ .. !!
لا تَسألني ، عن المسالِكِ ، يا شبيهيَ في المرآةِ ، فلربَّما ثَقُلَتْ عليَّ طراوَةُ الأغصانِ فـي مـدىً مُسَوَّرٍ بالصمتِ والريبة .. ! مُتجَهِّمٌ أَنتَ .. أَتُراكَ غاضِبٌ من وجهِكَ ، نَطَّتْ عظامُه ؟! أم تَرى النَجمَ نُدوبـاً في وجه السماء ؟! أمُستاءٌ من فُقرِكَ وغِلظَةِ إمرأةٍ " تَنِقُّ " صباحَ مساء ...؟! أَمْ حانِقٌ من الحروب ومن عَجزِكَ عن الإمساكِ بقرنِ الريح ، تعبَثُ بالزمنِ ، بحثاً عن عقارِبِ الساعاتِ ، تُوقفهَا .. ؟! .........................................
أَعرِفُ ... باردَةٌ ، هيَ ريحُ بحرِ الشمال ، تَبعَثُ فيكَ رَعشَةَ "يونس" في بطنِ حـوتِ ، أَضاعَ دربَـه ، فأستَقَرَّ عندَ صخـورِ نينـوى !! أَمّـا أَنا .. فقدْ سئمتُ قَطيعَ عَنزٍ (1)، يُصِـرُّ على صحَّـةِ "المقايضة" مع الذئبِ .. ! أبحثُ في مُعجمِ الليلِ عن مُفرَدة ، تُحيي الفرَحَ وهوَ رميم ... ! فـ"الصَحْبُ" مُنشغلٌ يَنفَخُ في مزامير التبريرِ ، بَعدَ أَن إختلَّ المعنى وتـاهَ المُرتجى ..
جئتُ أَحطُّ رِحـالَ الأرَقِ ، وأُسَرِّح أَحلاميَ المُنهَكةَ .. جئتُ أُلاحِقُ فِكرَةً ، قَدَّتْ حروفيَ من "قُبُلِ "! وفَرَّتْ .. أَتيتُ أُطـارِدُهـا ، أُراوِدُهـا عن نفسِها ، علَّها تُطاوِعني ... فنعيشَ "الخطيئةَ " سَويَّةً ، نُغنِّي " نشيدَ الفرح "(2) حتى نحترِقَ ، قبلَ أَنْ يلفُّنـا الصمت ... فمـا توالَدتِ المَعاجِمُ من الإشاعاتِ ، أَو من تُرَّهاتِ الفضائياتِ ، ولا تَكَسَّرَ الماءُ من أَسمائه ...!! وفي ساعةِ الجزرِ ، حينَ يَحني الموجُ هامَـه ، سنوقِظُ المـاءَ ، نَبُـلُّ به عَطَشَ الأَسلافِ ... ونوقِدُ مَجْمَرَةً تَعِـجُّ صَمتاً ... فلا أَجمَلَ من صمتٍ في حضرةِ النـارِ والجَمْـرِ ... صَمتٌ يملأ الفراغَ تَرَقُّباً ، فقَدْ تُغوِي النارُ ، على ساحِلِ بحرِ الشمال ، سيوفَ الفايكنغ والكَلتِيينَ ، فتُسبى أسرارُ الصمتِ ...
.......................................... ..........................................
آهٍ .. لو تَدري ، يا شبيهي ، كَمْ وَدَدْتُ لو كُنتُ فَنـاراً عَتيقَـاً ، يُومِضُ مُتَهادِيــاً لأَشباحٍ ، رَكِبَتْ سَفائنَ من ورَقٍ .. وأَبحَرَتْ صوبَ التِيـهِ .. ، ... لَـو أَنَّني قيثـارةٌ تَتَنَفَّسُ لَحنَـاً ، يَصرَخُ من قاعِ المُهجَةِ على مَقامِ الـ"عُشَّاق "(3).. لَـو أَنَّني أَتسَلَّقُ سُلَّماً نحـوَ القمَرِ ، علّني أَصيرُ حُلُماً جميلاً يسكنُ صغيرتي ... يَفُكُّ ضفائرها قبلَ أَنْ تنـام ... وإنْ تَكَرَّمْتَ ، يا شبيهي ، ضَـعْ لِـي مَهـداً في غُرفتِهـا ، فأنـا " صغيرُهـا " المُشاكِسُ ، علَّها تُهدهِدُنـي وتمسحُ على رأسي ، مثلما كانت تفعلُ أُمّـي ... فقَدْ أَخَّرتُ زماني بمـا إختزَلتُ من العُمـرِ ، كـي لا أَجـيءَ قبلَكُم ، فأُرمى بشبهةِ الشيخوخةِ والتَخَلُّفِ عن "روحِ العصر "!! .................................... ....................................
لا عَليكَ !! تَسأَل عمَّا بيدي ؟!! فهذا حَبْلٌ ، أَتَرَفَّقُ بـه ، "سَوطاً وأَفعى !".. أُذَكِّـرُ بـه خِضِرَ المـاءِ ،"المُعَلِّم " أَنْ يتدارَكَ الأَمرَ فلا يُلدَغَ للمَرَّةِ الألف من الجُحـرِ عينه ، أَوْ مِمّـا يتَزَيَّـا بغيره ..! وإنْ لَـمْ يَرعَوِ ، سأسوطهُ بذاتِ الحَبْلِ ، فضريبةُ الدمِ أَغلى من الجَلْد .!!
........................................... ...........................................
لا تَبتئس ، يا شبيهي !! لا تَرمِ خوذَتَكَ ! ماذا لَـو صَنَعتَ فيهـا عَصيـدَةً ، تَطهـوها ، على نَيزَكٍ تاهَ عن مَجَرَّتِـه ..؟؟! فالصمتُ مُنشَغِلٌ هُنـاكَ .. يتضاعَفُ في بُطُـونِ وادٍ ، دَوَّخَتْـه العاصِفَةُ ، قَـدْ تجيءُ إلينـا فَتُحَفِّزُ بغُبارهـا الرَبْـوَ الكَمُـونَ .....
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تحكي واحدة من قصص الأطفال عن عنزةٍ ـ رمز الغباء في التراث الألماني ـ إلتقتْ ذئباً ، خافت أَن يفترسها. قال لها" لاتخافي ، فأنا أشعُرُ بالبرد .. وأنتِ يقُضُّكِ الجـوع ! أَعطني جلدَكِ، فأعطيكِ ذاكَ الجبل المليء بيانِعِ الزرع.. وافَقت العنزة على المقايضة..!! عندها يصيحُ الصغار، لمَّا يسمعون الخاتمة.."غبيَّة، غبيَّة ، عنزة غبية ! (2) قصيدة للشاعر الألماني ـ شيلَرـ إستخدمها بيتهوفن في سيمفونيته التاسعة، وكانت المرّةَ الأولى ، التي إستُخدِمَ الكورال فيها ضمن عملٍ سيمفوني . (3) مقامٌ فرعيٌّ من مقام البَيَات ، ويسمّى ( عُشّاق ـ تُركي) وآخر يتفرّعْ من مقام النَهاوَند ويسمَّى (عُشّاق ـ مصري).
#يحيى_علوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- حِسنِيّة -
-
مَطبّات ليليّة لا تَمَسُّ أحداً..!
-
ليسَ - مِنْ مَسَدْ - !
-
وفاءً لذاكرتي ..
-
.. بَعْضِيَ والليل
-
ذاتَ وَخْمَة(1)
-
رُحماك
-
شَذَراتٌ حائرة
-
ماذا فعَلتَ ، أَيّها الإسقريوطي ..؟!
-
سعدون - والي الحَرَمْ -!
-
يا ظِلّها
-
يوغا 2
-
الذيب
-
زُخرُفْ
-
فِخاخُ الصِغار..
-
شَبَهُ المُختَلِف ..
-
فُسحَةٌ للتأمُّل (2)
-
فُسحَةٌ للتأمُّل
-
افتراضات
-
هي دورةُ الأشياء ..
المزيد.....
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|