أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احسان طالب - تعريف الثقافة وعلاقتها باللغة والهوية القومية، ملاحظات للنهضة بالثقافة الكردية













المزيد.....

تعريف الثقافة وعلاقتها باللغة والهوية القومية، ملاحظات للنهضة بالثقافة الكردية


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 4338 - 2014 / 1 / 18 - 18:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    



في مفهوم القومية والثقافة:

إن التاريخ الثقافي لشعب ما، هو الركيزة التي تلتف حولها مكونات الهوية الذاتية، وبضياعها تهدر بنية الكيان القومي الإنساني، وتشكل الفنون والآداب واللغة والطقوس الاحتفالية والعادات الاجتماعية الخاصة، الجوهر والمظهر للحضارة الملحقة بمفهوم الحداثة القومي ذات الأبعاد الإنسانية.
تستمر الشعوب مرتبطة بكيانها الاجتماعي المتشكل في وجدانها ووعيها، مكونة صيرورة حية تحافظ على فتوتها وشبابها طالما أنها حافظت على ظاهرات ـ فينومينولوجيا ـ شخصيتها قارنة الحداثة العقلية والتحديث التكنولوجي بالانتساب الذاتي لسيرورة نشأتها وخصائصها.
تتحدد سيمياء القومية، بالتاريخ والأرض والشعب، وفقا لعلاقات تفاعلية حيوية تنتج عناصر ومقومات وممارسات تكتسي بالفرادة والخصوصية، ولا تتشكل البنية القومية دون وعي ذاتي وإدراك وجداني بالعناصر الجوهرية لتلك السيمياء. فالإحساس الواعي بالأناقة – الأناقة مصطلح استعاري استخدمه الأستاذ جودت سعيد للدلالة على الرضا الداخلي والاعتزاز بالذات في مستويات سيكيولوجية إنسانية، والذات هنا تشتمل الفرد والمجموعة والجماعة أي الفرد والمجتمع ـ تجاه الآخر كيانا أحاديا أم مجتمعيا تسمح بالمحافظة على الكينونة دون استعلاء أو تعصب، وهي تحمي في المحصلة من السقوط في فخ الذوبان أو الانصهار داخل كيانات أكبر تحوز على الأفضلية السلطوية أو الحضارية. الرغبة بتقليد المنتصر والتماشي مع أهواء السلطة أو الجماعة الأكبر، فطرة أو ربما غريزة بشرية إنسانية عرفها الناس وانقادوا لها دون التفات أو اعتبار، ويرجع جل تلك الرغبة إلى محاكاة أو تقليد الآخر بثقافته وعاداته وسلوكياته، وكلما أظهرت الجماعة قيمها الحضارية وانجازاتها التاريخية المتسقة مع راهنها كانت لها الغلبة والريادة، وهذا يفسر إلى حد معقول انتهاء حضارات وشعوب مرت فوق البسيطة ولم تستمر طويلا فاختلطت وتاهت داخل الأكبر والأكثر تحضرا وإنجازاً. الشعور بأناقة الأنا الواعية والمنفتحة على الآخر، المدركة لتعدد أنماط التمايز والفرادة الحضارية يهيئ الظرف الموضوعي للحفاظ على الكينونة ملتقيا ومتلاقحا مع كينونة الآخر المختلف. نخلص بعد تلك المقدمة إلى صلب الدلالة الابستمولوجية للثقافة ، فإذا كانت القومية هي الموضوع فالذات هي الثقافة، جدلية فلسفية، فلا ذات بلا موضوع ولا أمة بلا ثقافة، ويمكننا أن نقرر بداهة :إن وجود أمة أو قومية دون ثقافة هو وجود افتراضي أو تاريخي محض لا امتداد معاصر له
تعريف الثقافة وعلاقتها باللغة والهوية القومية :
الثقافة هي أهم عوامل محددات الهوية و الشخصية ، ومركز إبداع وترسيخ القيم والمبادئ وموطن إبراز المميزات والمؤهلات المتفردة، وبالنظر إليها تتبدى الهيبة الحضارية والتألق الذاتي، بريقها وانتشاره دليل على رقي وتطور وتحضر أهلها وأبنائها .
. يرتبط مفهوم الثقافة ارتباطا حيويا باللغة من حيث أنها أداة ووسيلة ومحور استقطاب للفاعليات والنتاجات الدائرة في محيط الثقافة وجوهرها، الثقافة مفهوم واسع فضفاض ذو دلالات مباشرة تتوجه صوب المنتج المعرفي والعلمي المتمظهر في النشاط المعلن والمنشور في الوسائط الفنية والأدبية والإعلامية، يظهر أيضا المدرك الكامن و المتغلغل في وعي جماعة ما يعلن عن وجوده بصور مختلفة تعكس طرائق التفكير والتعبير، والممارسة ،تفصح الطرائق الخاصة بعادات وتقاليد وفنون المجتمع، عن طبيعة الثقافة الجمعية الموروثة والسائدة لدى مجتمع أو شعب ما ، اقتران المفهوم بصفة محددة يدخله في دائرة أضيق تنحاز للبحث داخل أطر مغلقة، تسمح بدراسات جزئية متخصصة، هذه الأطر لا تعيب البحث بل هي تخدم المقاربة العلمية في تناول الموضوع الثقافي الموصوف بصفة قومية أو دينية أو تاريخية.
في قراءتنا الثقافية لمفهوم القومية لا نعتبر الدين مكونا مشكلا للطبيعة القومية ما لم يتحول الوجدان الديني من عقائد وقناعات وسلوكيات دينية خاصة إلى محرك ورابط اجتماعي أصيل، مستقر ومهيمن على الوعي والإدراك الجمعي خلال مسيرة زمنية طويلة، استمرت عهودا باتت خلالها الشعوب تفكر وتعمل وتنتج ثقافة ومعرفة يغلب عليها الطابع الديني ، ونعتقد أن الوصول إلى ذلك المستوى من هيمنة التفكير الديني على المكون الثقافي والقومي ينذر بتمويه الهوية القومية كما يؤول في النهاية إلى غلبة ثقافة وتقاليد عادات أصحاب الديانة أو المذهب الأكثر سيطرة وقوة وهيمنة. ارتباط الشعوب فيما بين بعضها البعض على أسس ومنطلقات دينية يحمل عوامل التآلف كما يضمر بذور الإخضاع ويغرس نبتة الضياع، و لننظر بواقعية لما يحدث في العراق اليوم، ولننتبه إلى أي مدى تأثر الانتماءات الدينية في تشكيل الولاءات السياسية، ولنلتفت إلى مراكز الثقل والسيطرة الدينية المتحكمة في تكوين الهوية الذاتية لعراق المستقبل خاصة في المكون العربي ، لن نتعب في الوصول إلى حقيقة تحول المسارات المحددة لهوية المستقبل نحو التموضعات والاستقطابات الدينية والمذهبية سنية كانت أم شيعية، في الوقت الذي يتلاشى تدريجا الوجود المسيحي العراقي ، بعيدا عن البنية التاريخية القومية للعراق. وهنا نلحظ بوضوح زيادة زخم الهوية القومية لأكراد العراق والمنطقة عموما ، لعلنا نتنبه في موضوعنا الخاص بالثقافة الكردية إلى ضرورة إدراك تعقيد المشهد المشخص لصورة المستقبل الغامض لطبيعة التكوينات السياسية والقومية المفترض تشكيلها أو المفروض تكوينها بفعل تأثيرات إقليمية ودولية متباينة أحيانا ومتصالحة أحيانا أخرى.
(تشكل اللغة بالنسبة للكاتب أداة تعبير فني و أسلوب متفرد يمنحه متعة جمالية مستخدما كل الثراء و البذخ اللغويين التي تتصف بهما اللغة العربية وهذا لا يعني بطبيعة الحال إن اللغة الكردية قاصرة كثيرا عن بلوغ مستوى جيد من التعبير الفني الجميل )ـ جودت هوشيار الحوار المتمدن ـ حول النتاجات الفكرية للكتاب الكورد المدونة باللغات الأخرى. ـ
وهذا يقودنا لتساؤل هام: هل القصور في اللغة أم في أبنائها وإلى أي مدى ساهمت الأوضاع السياسية الاستبدادية والقمعية في الانزياح عن اللغة الأم والكتابة والإبداع بلغات أخرى ؟ هذا التساؤل مطروح على أهل الاختصاص.
(إن التخاطب باللغة اللفظية في الحياة اليومية شيء وامتلاك ناصية اللغة الأدبية بكل دقائقها وأسرارها وجمالها شيء آخر تماما" .صحيح أن ثمة كم هائل من الكتابات الكردية التي لا ترتفع بمستواها عن لغة التخاطب بين الناس ولكن المبدع الحقيقي يخلق رؤيته الفنية المتميزة للعالم ويبدع أسلوبه اللغوي الذي لا يشبه أساليب الآخرين ويتعامل مع اللغة تعاملا" خلاقا)ـ المصدر السابق ـ
لعلنا نسأل عن الوعاء المعرفي للثقافة الكردية وأين تكمن مراكز تأثيره و ما هي مناحي علاقاته التبادلية بالمجتمع ؟
(نريد أدبا" كرديا" , يعكس العالم الروحي للإنسان الكردي ويعبر عن واقعه الاجتماعي . إن روايات يشار كمال التي تعكس حياة الكرد في كردستان تركيا خير ألف مرة من رواية رديئة كتبت باللغة الكردية ولا تصور حياة الإنسان الكردي وهمومه وآماله وطموحاته ولا تعبر عن أي قيم إنسانية مشتركة بين البشر، إن عرب شمو و يشار كمال وغيره من الكتاب الكرد الذين كتبوا باللغات الأخرى وترجمت أعمالهم إلى اللغات العالمية قد أسهموا على نحو فاعل في تعريف العالم بمعاناة الإنسان الكردي وحياته وعالمه الروحي وتطلعاته الإنسانية) ـ المصدر السابق ـ
إن المزج بين التنمية الاقتصادية والمشاريع الثقافية قضية حيوية في ظل ظروف سياسية مستقرة كما هو الحال في إقليم كردستان العراق ، إذ لا قدرة للمثقف على تسويق ونشر الانتاج الفكري الإبداع الثقافي ما لم تتهيأ له الظروف المادية والاقتصادية المناسبة للعمل والتفرغ، وكل استثمار اقتصادي أو مادي في مشاريع الثقافة أهم بعشرات المرات من الاستثمار في الأطر السياسية الضيقة ، واستفراغ الجهد والمال من أجل انتاج الفكر والمعرفة .من هنا كان رعاية طفل متعلم والاعتناء بموهبة مبدعة له تأثير كبير على رفع شأن القضية الوطنية والقومية ولفت النظر إلى حقوق أصحابها وتاريخها ، فالاستثمار في الفن والأدب والموسيقى واحد من أهم مناحي تطور الأمم والحفاظ على قيمها وحضارتها، فالفن والأدب قوة روحية ومادية تشكل السر في غلبة الأمم وازدهارها، والقوة في مظاهر الحضارة تتجلى وتبرز في المقام الأهم بالمنتج الثقافي المتمحور حول العلم والمعرفة والفن والأدب.

الحركة الثقافة الكردية السورية:
مشروع غير منجز، بل هو راهنا فعل ارتجالي في طور التطور والتقدم ، يتشعب عشوائيا وفق اجتهادات جهوية أو حزبية أو فردية، ولقد أثمر نتاجات ومظاهر اجتماعية، لا تخفى على المتتبع والمتبصر، إلا أن النسق الحضاري المؤسس ما زال غائبا ينتظر تضافر جهود المهتمين وأهل الأمر. لقد أكدت الأوساط السياسية والشعبية في سوريا أهمية الوجود الكردي السوري ودوره الوطني الفاعل تاريخيا وراهنا، لكن الحركة الثقافية الكوردية السورية رغم استمراريتها ما زالت بطيئة ومترددة لأسباب عدة :
أولا بفعل ضعف التأثير الكردي على القرار القومي لارتباط القضية بالتأثيرات الخارجية وطبيعة الأوضاع الغير مستقرة .
ثانيا : بفعل توفر حالة المواجهة المفتعلة والمتفاقمة بين التنظيمات السياسية والأحزاب الصغيرة.
ثالثا : غياب تصور سياسي مشترك للأحزاب الكردية وإصرارها على تبني مشاريع نظرية وأحيانا غير واقعية أكبر من حجمها وإمكاناتها قومية كانت أم وطنية، بعيدا عن المطالب العليا للشعب الكوردي المنتشر بين دول وأقاليم عربية وتركية وإيرانية وارتباطاتها بأجندات خارجية . المسألة الكردية جزء أصيل من المعترك الوطني السوري ، إلا أن ذلك التصور لا يلغي خصوصيتها و لا ينبغي أن يدخلها في برامج تثقل كاهلها وتضعها في مواجهة حادة قبالة المكونات القومية المختلطة معها والمجاورة لها.
رابعا : غياب التنسيق بين الجهات الثقافية والعمل اللأحادي الجانب .
خامسا : الافتقار إلى المؤسسات المتخصصة كالمراكز الثقافية والمدارس والاتحادات المهنية والنقابات.
إن تحويل الهوية القومية لهوية حضارية إنسانية منفتحة على القوميات الأخرى غير منغلقة على ذاتها خشية الذوبان أو الضياع أو تخوفا من الهزيمة والاندثار؛ هو في حقيقة الموضوع مسألة جوهرية تهيئ الثقافة القومية للتعايش دون تعالٍ أو ازدراء للآخرين بوهم التفوق التاريخي أو الحضاري أو الديني
تاريخية الثقافة أي ارتباطها بالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي:
تحتاج الثقافة الكردية إلى قراءة ومقاربة نقدية ابستمولوجية لا تكتفي بمنطق التمجيد والفخر، تحملها وتدخل بها عتبات الحداثة ولا تقتصر على التمسك بدلالات وسياقات قومية بحتة بل تتجه بها نحو آفاق عالمية وإنسانية، تسير بالتوازي مع أبجاث تصنيفية انطلوجية، تجدد التراث الثقافي الكردي السوري وتعرضه وفق آليات وأدوات معرفية وعلمية حديثة.
تفكيك الخطاب القومي العنصري، المنتج كرد فعل على السياسات العنصرية والفكر الاستعلائي القومي في ظل أنظمة جاهدت لمحو الهوية الكردية وتذويبها ، ونقد ذلك الخطاب والارتقاء به إلى فضاءات إنسانية تقترن بقيم ومثل عليا تتمحور حولها التطلعات البشرية، دون تمييز أو تكبر. وبهذا المنهج ينضج الوعي بالذات القومية وتفكك إشكالاتها الخاصة والعامة، ضمن بيئة إبداعية ترفد الشخصية الكردية بمنتج ثقافي حي ومتجدد
من عيوب الخطاب الثقافي الكردي المعاصر:
أ ـ التعلل المستمر والدائم بفعل الآخر، وتشكيل الفعل ليكون ردا على أطروحات سلطوية أو فكرية مناهضة، وعدم أخذ زمام المبادرة والتحكم بالمسار، باستقلالية محكومة أو منتظمة بغاية ومنهج عمل، يواكب الحداثة و يستند إلى طرح موضوعي في سياق التحليل العلمي الحيادي
المزج بين الانتماء الوطني السياسي والهوية القومية ب ـ .
يغلب على الخطاب الكردي الراهن في كافة مواقعه وامتداداته الجغرافية والتنظيمية الطابع السياسي، وتبرز اللغة السياسية كعنصر جلي ومهيمن حتى على الخطاب الثقافي، وتنحاز الدلالات المعرفية إلى سياقات سياسية بحتة، تغشاها لغة النداء المطلبي وصيغة الشكوى والتظلم. ربط الهوية بالقرار السياسي أو بالتنظيم السياسي عيب منهجي، في تصورنا أعاق النهضة الثقافية الوطنية الكردية في توجهها الإيجابي نحو التجديد وخلق حراك ثقافي مستقل ينشط متحررا من التوجهات السياسية ومحدوديتها ، فالحركة السياسية الكوردية تاريخيا وراهنا أوجدت ترابطا عضويا بين الانتماءات السياسية والحراك الثقافي وهذا في واقع الحال أدى إلى إعاقة النهضة الثقافية، وكان له دور سلبي على مستويين: السلطوي حيث أفضت القرارات السياسية السلطوية إلى انعكاسات إجرائية حاصرت البيئة الثقافية وأعاقت انتشارها وامتدادها الجماهيري، أما على المستوى العمق الكردي، فكان للصراع السياسي بله التوجه الأيدلوجي الحزبي ارتداد سلبي أيضا أسقط الاهتمامات الثقافية في مطب الجدل السياسي وقراراته المرتجلة، والآنية التي ترتبط في كثير من الأحيان بالظروف الراهنة أو بالمصالح الحزبية أو الشخصية..
أهدافها المرحلية وغاياتها المحددة بأطر زمنية ج ـ عدم وجود استراتيجية عامة وعدم تحديد وظائف وخطط عمل تشرح وتحدد الأهداف المرحلية والمهام جزئية وعدم اشتمال مرحلة على خطاب ثقافي متوافق مع وظائفها، وواجب المثقف الكردي هو الانتقال من أجواء خطاب (المظلومية والبكاء والندامة والاتكال على المجهول وانتظار القدر ) إلى خطاب الاعتزاز بالشعب والوطن والنفس والأمل والعمل والعلم والحق والبناء والنقد الشجاع.
د ـ ضعف التواصل بين جميع المثقفين الكورد وضعف الاهتمام بطبع ونشر أعمالهم وغياب صندوق قومي لرعاية ومساعدة المثقفين المحتاجين والمسنين والمرضى منهم في مختلف أماكن تواجدهم.
بتلافي العيوب المحددة أعلاه لا مفر من الانتقال نحو خطوات متقدمة عملية تتجاوز المعوقات العملية والمفتعلة وترتكز على عدة نقاط هامة :
- ـ العمل على بناء مجمع علمي كردي، على طريقة مجاميع اللغة العربية المنتشرة في البلدان العربية، والسعي لإقامة اتحادات ثقافية بموافقات رسمية حتى لا تتحول إلى منابر سياسية تغفل الهم الثقافي وتنحاز للموقف السياسي بمشاركة مثقفي أكراد الوطن المهجر.
ـ رفع شعار محو الأمية بين الكرد أينما وجدوا والالتزام بتعليم اللغة الأم إلى جانب اللغات الحية الأخرى وتركيز الجهود المطلبية والتطوعية على بناء المدارس حيثما وجدت تجمعات كردية في مواطن إقامتها الأصلية أم في مناطق هجرتها.
ـ توحيد الحرف الكوردي وإيجاد حل علمي وعملي لافتراق كتابة اللغة الكوردية بين الحرف اللاتيني والحرف الفارسي العربي.

النمط القومي:
يعبر عن الخصائص القومية أو الشخصية القومية التي تميز أمة عن أخرى ويلتزم تاريخيا بالدفاع عن رؤية مؤطرة بانحياز دائم لأمة بعينها ) إنما إذا فصلنا العوامل وقمنا بتحليلها نجد أن العامل التاريخي له أثر فعال في اختلاف الأمم، أوضح ألن مالينسون كيفية تكوين النمط القومي،( النمط القومي عند مالينسون يعني تكوينا عقليا ثابتا جماعيا يضمن للأمة هدفا مشتركا ويشكل سلوك أفرادها، وهذا النمط يعرفنا مقدار رغبة الأمة في التغير ومدى قدرة نظم التعليم على التغيير.) فالتغيرات الطبيعية والطارئة التي تحدث في حياة الإنسان تدفعه للبحث عن حلول فردية وجماعية لمشكلاته، ومن ثم تتكون الخصائص القومية من 1 ـ علاقة الإنسان بالطبيعة، 2 ـ وعلاقة الإنسان بالإنسان، 3 ـ وعلاقة الإنسان بكل من القوى الروحية والدنيوية في الوجود، 4 ـ وعلاقة الإنسان بالعمل ووقت الفراغ.
إن لكل مجتمع خصائصه الطبيعية والجغرافية والثقافية والاقتصادية والدينية والتاريخية التي تميزه عن غيره من المجتمعات، تلك الخصائص الذاتية المشتركة لمجموعات من البشر تتحول لتصبح عبر سيرورة تاريخية طبيعية نمطا قوميا يبرز فروق واختلافات قومية تؤثر في النظم الاجتماعية والثقافية ، و هذه الخصائص القومية تبلورت وتكونت عبر التطور التاريخي للمجتمع، فكونت النمط القومي أو الشخصية القومية . والجدير ذكره أن لا حقيقة لصفاء أو نقاء تام للسلالات العرقية، رغم توفر النسق الطبيعي والإجتماعي والتاريخي لعرق ما، فالبشرية عرفت هجرات كبرى وحروب عظمى كان لها أثار بالغة على اختلاط الأعراق ما ينقض مسألة الصفاء التام أو النقاء المطلق.

(الأثنية ظاهرة إنسانية لا يمكن التغافل عنها في حقل الدراسات السياسية والإدارية. ذلك لأنها ظاهرة الانتماء الى أصل"عرقي"Race فهي من مكونات المجتمعات البشرية ولا تخلو منها أية دولة مهما اتسمت بالقومية Nation –State ولعلنا لا نجد دولة ذات نقاء عرقي Ethnic Purity إلا نادراً. والصورة المثلى لدولة تتسم بالتجانس العرقي لم تتحقق على أرض الواقع في عالمنا المعاصر، ما عدا استثناءات لا ترقى الى مستوى الدراسة المقارنة لقد كشفت الدراسات الحديثة أنه من بين 150 دولة مستقلة خضعت للدراسات المقارنة خلال الأعوام 1970-2000 لا توجد سوى 15 دولة تتمتع بالتجانس السكاني المطلق ) أ.د. الهادي عبدالصمد أستاذ العلوم الادارية ، جامعة أم درمان الإسلامية.

إن مجمل القوى أو العوامل التاريخية والطبيعية والثقافية المؤثرة تتشابك وتتفاعل معا مؤلفة عناصر جديدة راسخة في العقل الجمعي لمجتمع ما ومؤثرة في توجهاته وخياراته وعندما تتركز تلك العناصر بكليتها أو مجملها على المناحي العرقية وارتباطاتها كاللغة والصورة الشخصية والتاريخ المشترك والنشأة والمولد ضمن بقعة محددة تفرز أيديولوجيا قومية صرفة ، فجملة العناصر والمكونات الطبيعية والتاريخية والجغرافية والثقافية المنتجة للنمط القومي متداخلة عبر جدل عقلي وطبيعي يخضع لصيرورة تاريخية اجتماعية طبيعية لكنه يتحول لأيديولوجيا بفعل الانغلاق والتعصب والتعالي. لذلك نرى بأن الإدعاءات الغيبية أو تلك المرتبطة بنصوص تاريخية بأفضلية عرق ما من الأعراق على ما سواه نظرية مدحوضة علميا واجتماعيا.
ويختلف النمط القومي التاريخي الطبيعي من حيث الوجود والتكوين عن المفهوم الطارئ والمستجد للقومية على أساس وحدة الإرادة (مشيئة العيش المشترك أي وحدة الآمال والأهداف والتطلعات للحاضر والمستقبل كما شرحها( إرنست رينان في محاضرته الشهيرة في السوربون سنة 1882، بعنوان "ما هي الأمة"؟. تقول النظرية أن الأساس في تكوين الأمة هو رغبة ومشيئة الشعوب في العيش المشترك، بجانب التراث والتاريخ. القومية على أساس وحدة الحياة الاقتصادية) ويكيبيديا
وبهذا المفهوم تصبح المسألة القومية قضية وطنية سياسية منتظمة بنظام سياسي ديمقراطي يؤمن الحقوق القومية داخل الأطر الوطنية وهذا هو حال معظم الدول الحديثة في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
كل إدعاءات الدولة القومية هي في الواقع ادعاءات نسبية وليست مطلقة ، فالجمهورية الإيرانية ليست دولة أرية فارسية خالصة بل تشكل الأقليات العرقية من غير الفرس الآريين نسبة نصف السكان تقريبا ، إذ لا تزيد نسبة الفرس في الدولة الإيرانية عن 50% إلا قليلاا في مجمل التقديرات المحلية والخارجية (وتقدر مصادر أميركية أن الفُرس 51 بالمائة، الأذريين (أتراك) 24 بالمائة ، جيلاك ومازندرانيون 8 بالمائة ، الأكراد 7 بالمائة ، العرب 3 بالمائة ، لور 2 بالمائة، بلوش 2 بالمائة ، تركمان 2 بالمائة ، أعراق أخرى 1 بالمائة. وتشير تقديرات أخرى إلى أن الفرس 49 بالمائة ، الأذريين (أتراك) 18 بالمائة ، الأكراد 10 بالمائة ، الجيلاك 6 بالمائة ، المازندرانيون 4 بالمائة ، العرب 2.4 بالمائة ، اللور 4 بالمائة ، بختياري 1.9 بالمائة ، التركمان 1.6 بالمائة ، الأرمن 0.7 بالمائة. لكن الباحث يوسف عزيزي يؤكد أن العرب يشكلون أكثر من 7.7% من سكان إيران) مركز الجزيرة للدراسات.
فالوحدة السياسية قضية إدارية سياسية وطنية، في حين يشكل مفهوم الانتماء العرقي القومي بعدا أكبر وأوسع من الوحدة السياسية، ويتخطى الحدود المعترف بها دوليا بحدود سيادية وسياسية للدولة الوطنية.
من أبرز قضايا الوحدة القومية هو ما اشتهر بالوحدة العربية بين الدول العربية ، إلا أن الواقع أفرز المزيد من الافتراق والتشعب بين مكونات كان يريد لها البعض الانصهار والذوبان في بوتقة الوحدة العربية، ولم تنجح الفكرة إلا استثناء بين دولتين لفترة زمنية قصيرة ما لبث أن انفرط عقدهما وما زالت الآثار السلبية لتلك الوحدة ماثلة بعد عقود طويلة من الزمن، في حين بقيت الأفكار الجميلة والطوباوية عن الوحدة العربية مجرد أطروحات نظرية ومؤسسات وهيئات رسمية بلا تأثير أو فاعلية حقيقية، وبالرغم من ضرورة التماسك القومي العربي خاصة في ظل الهجمة الفارسية باتجاه الدول العربية ووجوب الوقوف في وجه التمدد الإيراني الطاغي في القضايا العربية إلا أن واقع الحال لا يبشر بتقارب أو تماسك بل ربما تتكاثر مظاهر التفكك و التنابز بين المكونات المفترضة لفكرة الوحدة العربية. ولعل من أبرز مظاهر التضارب بين النظرية والتطبيق لفكرة الوحدة العربية ما نراه من تصادم صريح بين دعاة الوحدة العربية وبين الدول القائمة في الجزيرة العربية باعتبارها الأصل التاريخي للعرب. إن سيطرة الفكر القومي العربي بمنطق إقصائي استعلائي في بلدان مشتملة على تنوع عرقي ـ العراق وسوريا ـ ؛ تسبب بردود دفاعية وتمسك بالقومية العرقية الأخرى غير العربية داخل الوحدة السياسية للدولة، بل وأفرز سعيا حثيثا من الأعراق والقوميات التي تعرضت للقهر ودعوات الانصهار نحو الانفصال وتكوين الدولة القومية الخاصة، وأبرز مثال على تلك الحالة هو الوجود القومي الكوردي في كل من العراق وسوريا وتركيا وإيران. لقد أثبتت الوقائع التاريخية بأن الانتماء القومي راسخ ومتين لا تنهيه محاولات التذويب السياسي أو التجاهل التاريخي.



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كأس ملطخة
- عالم بلا رأس أفضل للقاعدة، العصر الأوبامي الهزيل
- في وداع 2013
- أرحام تحترق
- بناء نظرية معرفة للإصلاح والتجديد
- مآلات السياسة الدولية في سوريا جرس الإنذار
- ملاحظات عن المعارضة السورية ، شروط وقواعد التفاوض
- استعراض الأحجية الروسية في سوريا
- قبل أن يسرقكِ العمر
- الهوس الجنسي والاستغلال السياسي بين جهاد المتعة وجهاد النكاح
- لا تستسلم !
- على ناصية أحزاني
- الموقف الروسي حجر الزاوية في الحدث السوري
- صراع الهوية وإشكالية الانتماء الكوردي العربي
- انتظريني لا تغادري حتى أعود
- الاستقطاب في مواجهة الأكثرية الشعبية
- الدولة والسلم الأهلي *
- السلم الأهلي والأمن الاجتماعي ودور شبكات الأمان
- المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية 5 من 5
- دور المجتمع المدني في الثورة السورية والمرحلة الانتقالية 4 م ...


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - احسان طالب - تعريف الثقافة وعلاقتها باللغة والهوية القومية، ملاحظات للنهضة بالثقافة الكردية