بيتر إسحق إبراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 21:45
المحور:
الادب والفن
أخيراً هبط الشتاء ببرده القارص, لا أعلم في حقيقة الأمر أي الفصول من السنة أُفضل, أو ربما لا أستطيع أن أتخذ موقفاً واضحاَ ومحدداً تجاه هذا الفصل أو ذاك, لكني على نحو ما أرى أن لجميع الفصول ميزاتها كما أن لها عيوبها أيضاً, وبالنسبة إلى فصل الشتاء فهو ذلك الفصل الذي تطمع فيه النفوس والأجساد إلى تعويض الدفء المفقود خارجها وداخلهاً, فتتلاصق الأبدان وتتألف القلوب, ويصير مرافقة أحدهم , ويفضل إحداهن, شيئاً محبباً في مثل هذا الجو لكسر حدة السقيع, وربما كان لقاء الأبدان حاراً, لتفيض من دفئها الخاص على بعضها البعض, كما أن لا خشية من فرط التعرق وما يصاحبه من تقزز المرء من جسده وأجساد الآخرين كما يحدث صيفاً.
أما أنا - في هذه الليلة الشتوية القارصة - فأحاول أن أستمد الدفء عبر طبقتين من الغطاء الثقيل, وحيداً منكمشاً على ذاتي, لكنها تأبى أن تتركني وشأني وتأبى علي النوم, يصل إلى مسامعي صوتها عبر طبقتي الغطاء, كنت أعتقد أنني قد استطعت الهروب منها, لكنها عثرت علي, ولا أعرف كيف حدث هذا, ربما تشممت رائحتي, أو استشعرتني بطريقة ما, تلحفت بالكامل لعلني أتقيها وأتقي تلك البرودة, لكني تركت فرجة ليمر منها الهواء مباشرة إلى فمي وأنفي.
مازال ذلك الصوت يطن في أذني, كنت قد غفوت وها أنا أصحو على صوتها مرة أخرى, يبدو أنها لن تستلم, لا أعرف لما يشتد هياجها شتاءاً, لكني أريد النوم, ثم فجأة أقترب الصوت, ذلك الأزيز المتواصل اللانهائي, وفجأة إندفعت إلى حلقي, كانت قد سُحبت على إثر شهيق أنفاسي, ولأني أخشى أن أزيح غطائي بسبب البرودة, كما أني مستقر في مرحلة ما مابين النوم واليقظة, فقدت ابتلعتها دون أدنى شعور بالتقزز أو الذنب, قانعاً بأنه الحل الوحيد.
تمت
#بيتر_إسحق_إبراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟