صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 12:27
المحور:
الادب والفن
***
لا تَرْمِي كلَّ الأقمارِ
***
لا تُدَحْرِجي قَمَراً على قَمَر
ولا قَمَراً بعد قَمَر
فتلك سماواتٌ أغمضْنا عنها العين
وطواها النِّسْيان
وأنتِ تعومين في بحرِ نَشْوتِكِ الأزرق
وتَغْطسين في عِطْرٍ حليبيٍّ لا تعرفُهُ النساء
لا تُدَحْرجي موجةً في إثرِ موجة
يا أنتِ يا نجمةَ التّهوّرِ الفاتكة
تعالَي واغْسِلي النهارَ بشهدِ النهدين
عَمّدي الماءَ بنورِ قمرين
ثم دللّي الرَّملَ برحيقِ وردةٍ
ربما أنْبَتَها النّدى في كأسِ السّرّةِ
أو في شقِّ الدّنيا الضاحكِ بوجه النهرين
يا أنتِ يا نارَ الغابةِ المُشتعلةَ دوماً
أبالقمرِ المشبوبِ تتغزلين
أم بحارسِ الخميلةِ التي ما ارتوت تتحرّشين ؟
انتهزي الساعةَ وأطلقي
مِن سحرِ عينيكِ لهفةَ المُشتاق
ونامي في وريدي
فأنا حلُمتُ بشبحِ امرأةٍ ذات حلُمِ يقظةٍ
وبه ندهتُ :
لا تُدَحْرِجي نحو شبقِ السواحلِ حبّاتِ الرّملِ
ولا التياعَ الحصى العابثَ بالزّبدِ الفاني
تَنَهّدي .. تَنَهّدي
فهذا بحرٌ مسحورُ الموجِ
هذا جسدُكِ الثائر
جسدُكِ المُرْتَجّ عند هبوبِ الرِّيحِ
وأنتِ تبتنينَ ،
مِن حبّاتِ الرّملِ المُتسللةِ نحو المجهولِ ،
بيتاً للتاريخ
تكاسلي
وتحت ظلِّ حنينِ النّفْسِ شيّدي وطناً مُدهشاً
وتكاسلي
ولا تأسري موجاً
أو لحناً
وعلى الزّرقةِ أقيمي جُزراً وموانئَ غيمٍ
ما أدهشَكِ اللحظة !
ما أروعَ تنغيمَكِ :
أنقذْ يا هذا على تخومِ الليلِ ملاكاً
نادمَ قمراً فضّياً ، وثملتِ الشّطآن
**
كنّا نُداعبُ أطيافَ السّحَرِ
حين وشمتِ بروحِك وردَ الحديقةِ
ترنّمي
فالكحلُ المُتهتكُ استوطنَ عينيكِ كليلٍ أبديٍّ
والكرزُ المجنونُ لهثَ في شهقةِ مخمل
وأنتِ تُدحرجين
منذُ سقوطِ غرناطة قمراً نحو تخومِ البحر
وعَبْرَ جبالٍ شتّى كان جندُ اللهِ يقتفون الأثر
ماذا ؟
هل عَبَرْتِ صحراءَ الموريين
أم مكثتِ في رأسِ الغيمِ ؟
هل دحرجتِ الصمتَ الوقورَ فانفلقتْ للتوِّ أصواتُ الدُّنيا؟
احلُمي بنهدٍ يتشمس على ظَهْرِ مركبٍ مُسافرٍ
بنهدٍ يجهش في كفِّ فتىً يفتحُ أزرارَ الرّيحِ
ويسجد تحت كونٍ مِن حُلمات
أحْلُمي ولا تَرْمي نحو سمائي كلَّ الأقمارِ
14 ـ 09 ـ 2009 برلين
***
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟