|
شارون: حياة مكتوبة بحروف دم
جورج لاتييه
الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 07:55
المحور:
القضية الفلسطينية
بعد موت آرئيل شارون يوم 11 يناير الجاري، عادت إلى السطح كل الأكاذيب ذاتها التي ُروجت قبل ثماني سنوات، لما دخل هذا الوحش الحربي في غيبوبة عميقة. ظل "رجل الجرأة و السلام"، الذي احتفى به آنذاك بوش و شيراك و بلير، " الرجل الذي عرف الالتفات نحو الحوار مع الفلسطينيين" (هولاند) او الذي " اتخذ قرارات جريئة و مثيرة للجدال من أجل السلام" (كامرون). كل هذه المدائح المنافقة وغيرها كثير لا يشاطرها الفلسطينيون الذي تعرضوا ، ولا يزالون، لعنف حكام إسرائيل الذين كان شارون احد ممثليهم.
جرائم متتالية
سنة 1953، كان شارون يقود الوحدة العسكرية 101 المختصة في عمليات القتل، كالتي اقترفت في قرية قبية وأدت إلى مقتل 69 فلسطينيا. وفي سنوات 1970 هاجم شارون الفدائيين الفلسطينيين في قطاع غزة. وتمت تصفية أكثر من مائة منهم. وفي الفترة ذاتها طرد آلاف البدو من منطقة رفح، على الحدود مع مصر، مدمرا بيوتهم و آبارهم.
لما قادته وظائفه الحكومية إلى تكريس نفسه للاستيطان بالأراضي الفلسطينية، بلغت به حميته أن أصبح بنظر كثيرين " إمبراطور المستوطنات".
ثم جاء اجتياح لبنان عام 1982، الذي أراده وقاده شارون الذي كان آنذاك وزير الدفاع بحكومة ميناحيم بيغين. هذه الحرب التي أودت بحياة 000 15 مدني لبناني وفلسطيني لا تزال تطبع الذاكرات بمذابح صبرا وشاتيلا. مذابح ارتكبها الكتائبيون، وهم ميليشيا يمين متطرف لبناني، تحت أنظار قيادة الجيش الإسرائيلي المتواطئة التي كانت تشرف على ساحة المذابح. أنذاك نطق الوسيط الأمريكي، فليب حبيب بكلمات لا طعن فيها بحق شارون بقول: "أنه سفاح، يحركه الحقد على الفلسطينيين"، مضيفا " أعطيت عرفات ضمانات أن الفلسطينيين (الباقين في بيروت) لن يمسوا لكن شارون لم يف بها. إن وعدا من هذا الرجل لا يساوي شيئا". وحتى في إسرائيل ذاتها، تظاهر مئات آلاف الأشخاص ضد سياسة شارون.
في متم العام 2000، نظم شارون استفزازا في الحرم الشريف بالمجسد الأقصى. وكان الرد الفلسطيني بداية الانتفاضة الثانية. قدم شارون نفسه ملاذا بوجه العمليات المعتبرة إرهابا والتي كان هو مستثيرها، فجرى انتخابه في الانتخابات التشريعية في 2001. فبدأت حرب رهيبة في الأراضي الفلسطينية، مع حصار جنين ومقاطعة رام الله حيث كان القائد الفلسطيني ياسر عرفات محاصرا طيلة شهور. وتم قصف مدن فلسطينية عديدة، وتواصل بناء حيطان وأسوار من كل نوع ، مثل "الجدار الفاصل" الذي يعزل اليوم الضفة الغربية كلها.
الانسحاب من قطاع غزة: كل شيء ما خلا بادرة سلم
لم يكن البتة الانسحاب من غزة الذي قرره شارون مناقضا لسياسته. وقد كان هذا الانسحاب موضوع نظر مند أمد طويل، لأن الوضع في غزة مرهق للجيش الإسرائيلي وبات عبثيا الإبقاء فيه على عدد من الجنود يفوق عدد المستوطنين المفترض حمايتهم. فقط لم تجرأ أي من الحكومات السابقة على الإقدام على تلك الخطوة، وبوجه خاص حكومات حزب العمل. من دون قائد لليمين القومي مثل شارون بوسعه إقناع المستوطنين بهكذا قرار دون صدام؟
شرح شارون ومستشاروه أن الانسحاب من جانب واحد من غزة تنازل ضئيل. و شرحوا بوجه خاص أن الأمر الرئيسي سيلعب في الضفة الغربية حيث لم يكن الانسحاب من المستوطنات على جدول الأعمال بأي وجه كان. وفعلا تواصل بناء المستوطنات سواء في القدس الشرقية او غيرها. ويوما عن يوما اتسعت المستوطنات الإسرائيلية وظهرت أخرى باكتساح الأراضي الفلسطينية. ودمرت حقول أو سرقت لبناء طرقات التفاف خاصة بالإسرائيليين وحدهم. وإن كان 8475 مستوطن فقط قد جلوا عن قطاع غزة وبعض مستوطنات منطقة جنين فإن سكان مستوطنات الضفة الغربية ازدادوا بـ 15800 في الآن ذاته.
رجل سلام ... بفضل حزب العمل
بلا شك، لم يكن الجلاء عن قطاع غزة كافيا لإظهار شارون بصورة رجل سلام لو لم يدعمه اليسار الإسرائيلي دون ادنى نقد. فبفضل أصوات نواب حزب العمل بقيادة الرئيس الإسرائيلي الراهن، شمعون بيريز، شكل شارون أغلبية بالبرلمان، فيما لم يتبعه أكثر من نصف نواب حزبه، مصوتين حتى ضد الانسحاب من غزة.
و تواصلت هذه الذيلية لم غادر شارون حزب الليكود، للتحرر من المعارضة داخله، لخلق حزب كاديما، المعتبر وسطا. وقد أيده بيريز في مسعاه.
على هذا النحو، تم بفضل مساندة البعض تقديم جنرال يميني، وحتى يميني متطرف، ذي ماض دموي، كنصير لمستقبل سلام لشعوب الشرق الأوسط،، الإسرائيلي كما الفلسطيني. يا لها من خديعة حقيقية !
جورج لاتييه
Lutte Ouvrière n°2372 du 17 janvier 2014
تعريب المناضل-ة
#جورج_لاتييه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرمت سيارته.. الداخلية القطرية تتحرك ضد -مُفحط-
-
المفوضية الأوروبية تعلن تحويل دفعة بقيمة 4.1 مليار يورو لنظا
...
-
خنازير معدلة وراثيا..خطوة جديدة في زراعة الأعضاء
-
موسيالا -يُحبط- جماهير بايرن ميونيخ!
-
نتنياهو يؤكد بقاء إسرائيل في جبل الشيخ بسوريا
-
فون دير لاين: الاتحاد الأوروبي يعد الحزمة الـ16 من العقوبات
...
-
الدفاع الروسية: أوكرانيا فقدت 210 جنود في محور كورسك خلال يو
...
-
رئيس حكومة الإئتلاف السورية: ما قامت به -هيئة تحرير الشام- م
...
-
سوريا: المبعوث الأممي يدعو من دمشق إلى انتخابات -حرة ونزيهة-
...
-
الجيش الإسرائيلي يعترف بتسلل مستوطنين إلى لبنان
المزيد.....
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
المزيد.....
|