سوزان خواتمي
الحوار المتمدن-العدد: 4337 - 2014 / 1 / 17 - 06:39
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
تكسبنا التجربة والظروف وجهات نظر جديدة، وتحولنا من موقع تمترسنا فيه طويلاً، إلى موقع آخر تماماً لم خطر على بالنا يومًا. في الأعوام الثلاثة الأخيرة، بأحداثها الكارثية، انقلبت مفاهيمنا رأساً على عقب، فالتغيرات التي لا تكف عن مفاجأتنا، اضطرتنا إلى التعامل معها، خاضعين لاختبارات التأقلم. تخلينا عن المسلمات السابقة، وغيرنا خططنا نحو المستقبل، وعكسنا قائمة اهتماماتنا، واستغنينا عن الحقيقة الحتمية؛ بعد أن انفجرت الحقائق في وجوهنا دفعة واحدة! لا بأس في ذلك طبعاً، فالحقيقة حمَّالة أوجه، وذلك تبعاً لوجهة نظرنا عنها، وزاوية رؤيتنا لها... لكن المفاجأة غير المنطقية حين تنفجر في وجوهنا صورة كلٍّ منا، صورة اعتقدناها عن أنفسنا، فنكتشف أن حقيقتنا الذاتية كذبة كبرى وأننا مزيفون! ألم نكن نتبجح بأننا شعوب لا تعرف العنف، وأن الطائفية ليست منا ولسنا منها، وأن سوريا مهد حضارة وحاضنة أديان؟ ألم نكن نؤكد بأننا لسنا مأوى للفكر "الوهابي"، وأن التطرف لن يجد حليفاً له عندنا، وأننا أخلاقيون، منفتحون، محبون ومسالمون إلى آخر سلسلة الذات المتضخمة و"المتشاوفة" والتي رسبت "بتفوق" في أول امتحان حقيقي لها؟ ها نحن على ما نحن عليه، بعد أن كشفت التجربة والظروف القاهرة والفوضى تصوراتنا الواهمة عن أنفسنا. مرآة السنوات الثلاث أظهرت – رغم ادعاءاتنا وتفسيراتنا - حجمنا الطبيعي (كشعوب). متطرفون وطائفيون نحشو في فم الموت شبابنا ونطلق عليهم ألقاباً معطوبة. نتفرج أو نشارك بعقوبة "الحد الشرعي!" في الساحات العامة، ونسترجع التاريخ بأسماء كتائب وعقيدة متطرفين، حتى نظن لوهلة أننا لم نعد نعيش في ألفية الحضارة! كيف ومتى ولماذا حدث كل ذلك؟ لا أملك جواباً، لكني متأكدة من أننا شعوب توغل في جهلها، وأن قدْراً من "جلد" الذات أكثر نفعاً وأقل ضرراً من المشاركة بساحات "الجلد" العامة. ملاحظة: ما يقال هنا عن السوريين ينطبق على باقي شعوب المنطقة المأزومة بأمراضها... بطريقة أو بأخرى
#سوزان_خواتمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟