|
العيد نظرة تحليلية 1 *
حسو هورمي
الحوار المتمدن-العدد: 4333 - 2014 / 1 / 13 - 21:42
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
العيد نظرة تحليلية 1 * حسو هورمي
هذه جولة سريعة بين معاني ومدلولات وفلسفة الأعياد بصورة عامة وأعياد الأيزيدية بصورة خاصة والمرتبطة بالأرض والطبيعة مع التعرج على رمزية تأريخ الأعياد والمناسبات الدينية والاجتماعية والسياسية والوطنية . إن تأثير طقوس ومراسيم الأعياد على ذات الإنسان في هذه قراءة التأسيسية والمكتوب بأجمله يعبر عن وجه نظري ولاشك فيه أنه ستكون هناك أكثر من قراءة لهذا الموضوع وينتج عنه إستفسارات كثيرة باحثة عن محطاتها . يوم العيد : أيام العيد من أفضل وأحسن الأيام عند الإنسان ، حيث يتفرغ من مشاغل الحياة اليومية كي يزور الأصدقاء والأحباب والأهل حاملاً معه الآمال الكبيرة وبشوق بهدف إزالة كافة الخصومات من خلال تحويل الأفكار السيئة والمشاكل الموجودة الى أفكار بنّاءة من خلال روح الإتحاد والإتفاق . تعريفات ملونة للعيد: العيد هو تجديد للحياة في المجتمع ضمن أُطر سامية .. العيد هو زهرة الحياة بل واحة فواحة في رحلة الحياة .. العيد إنطلاقة جديدة خارج أسوار المشاكل والهموم متجهة نحو بحر الفرح في سفينة الود .. العيد هو فضاء مفتوح أمام الحب والعشق الدائم الموجود في حكايا كبيرة من المتعة والفرح الممزوجة بالضحك والبسمة في شفاه الاطفال .. العيد هو ظل دافئ لأيام المحن .. العيد هو حبّ الانسان لذاته وثقته بشخصيته .. العيد هو إحساس بوجود شخصية اجتماعية ودينية غير مرئية .. العيد استنساخ لبراءة الطفولة .. العيد يعنى التمتع بالحصول على نتائج سامية في الحياة للوصول الى الأهداف المرسومة في لوحة سوريالية .. العيد هو تجديد العهد بين الانسان والخالق ، بين المجتمع وعقيدته ، اذن في العيد يتذكر المؤمن الله والعكس أيضا. العيد والدين: منذ القدم تم ربط العيد بالفكر الديني عند الكثير من الشعوب وكان انعكاساً مصوراً لمحتوى روح المبادئ والاعتقادات الدينية لديهم واصبح اعتقاداً سارياً بان الخالق ارسل العيد للانسان كهدية بغية تحديد وقت معين للمؤمن كي ينظر للحياة وللخالق بعيون مليئة بالآمال وبقلوب صافية خالية من الحقد وبهذا يتم ربط مصير المؤمن بربه من خلال تنفيذ مراسيم العيد وبالتالي يصبح للعيد هوية دينية. العيد آتٍ من فكر ديني لارضاء الله في روح الانسان البائس الباحث عن الله فيقتنص فرصة العيد كي يشبع احتياجاته الروحية بتقوية آواصر العبادة والايمان بالله . العيد هو إشهار لعمق الترابط الحيوي المستمر للانسان بالطبيعة كأنها مظلة خضراء جميلة هادفة لملئ وإرضاء ذوات البشر بالحب والأمان وزرع الأمل وترسيخ التفائل في عقل ونفسية الانسان المؤمن ودفعه للتمسك بعوامل ديمومة الحياة والتكيف والتأقلم مع كل جديد. في المقابل يقال ان العيد هو أسلوب انساني لتقديم الشكر الى الله الذي أنعم الانسانية بخيراته وبركاته. عندما يظهر أي دين جديد لايمكنه مسح جميع مراسيم الأعياد للاديان السابقة من الساحة ، بل على العكس يقوم القائمين على الدين الجديد بإخضاع تلك المراسيم لخدمتهم مع إضفاء بعض التغيرات عليها وعلى سبيل المثال وليس الحصر شجرة عيد الميلاد والتي يتم تزينها في البلدان الغربية لديها جذور تسبق ظهور المسيحية بقرون والآن أصبحت مللك للأعتقاد المسيحي ، كما إن الأعياد في الدين الاسلامي واليهودي قد تأثرا كثيراً بالاعياد القديمة والتى كانت موجودة قبل ظهورهما واصبحت نفس تلك الاعياد جزءا رئيساً من الاسلام واليهود وبحلة مختلفة قليلاً. العيد والطبيعية : عندما فكر الانسان البدائي بالتمدن والاستقرار في القرى من خلال أمتهانه الزراعة ، تمعن جيداً في الظواهر الطبيعية والتحولات المناخية الموسمية والزراعية منها دورة حياة الحنطة من الولادة وصولاً للموت وشبه الارض بالمرأة ، من خلال موضوعة الولادة وهما ايضا حاملتا اسرار الحياة . استعمال الورود في مراسيم العيد تعبر عن ولادة جديدة ، بداية جديدة ، محاولة جديدة نحو مرحلة جديدة ، بمفهوم ان العيد هو التجديد الحاضن لتقويم زراعي ، فلدوران الارض حول الشمس ومجئ الفصول الاربعة تأثير كبير على توقيت ومحتوى ونوعية الاعياد . العيد والرمز: في اعياد الكثير من الشعوب الشرق الاوسطية يظهر للعيان العديد من الرموز ويستخدم بعض المواد والاشياء كتعابير رمزية لحالات اومفاهيم مرتطبة في حياتهم وهذه نماذج منها : البيض= سر الخلق وخميرة التكوين . الماء = مصدر الحياة . الحنطة = الأكلة الرئيسة . النار = من العناصر الرئيسة للحياة . الزراعة = ديمومة الحياة . نبتة النفل= حب الحياة . فلسفة العيد : للعيد معان إنسانية عديدة ، يستغل من قبل الأقوام والشعوب لتثبيت أعياد دينية وقومية وسياسية واجتماعية ووطنية لها بالاضافة وجود أعياد خاصة مرتبطة بشخصية الانسان مثل ( أعياد الميلاد - أعياد الزواج ... الخ) وأعياد أخرى تجاوزت الحدود واصبحت عالمية تخص جميع شعوب العالم مثل عيد العمال العالمي وعيد الطفل العالمي وعيد الاب والام ... الخ . عندما نتكلم عن الأعياد يحتم علينا أن نعلم بان العيد في الاصل هو مناسبة حية ، مهمة يمنح الانسان الشعور بالراحة والفرح والسرور المتدفق من ذاكرته المبدعة في عالم متجدد , مع قدوم العيد التجديد يلقي بضلاله وعلى طريقته وتقلل الفوارق والاختلافات وينسى الجميع هموم العمل ومشاكل الحياة . العيد والتأريخ: عند الكثير من الشعوب القديمة كانت الالهة تشارك في الاحتفالات والمهرجانات الجماهيرية المتنوعة المصاحبة بالموسيقى والفعاليات المختلفة وبحضور ملوك ورؤساء تلك الشعوب في تلك الاعياد اعطت لها بعداً سلطوياً ، حيث حرمت الحروب والاعدامات أثناء أداء مراسيم الأعياد وتعطيل دوائر الحكم في المملكة او الامبراطورية ، يتوقف استمرار الأعياد على محافظة هذه الشعوب على كياناتها وديمومتها واذا كان الدين هو الحاضن لتلك الأعياد فاستمرارها مرتبط به. على مر التآريخ استغلت الاعياد للمصالح السلطوية والحكومية والسياسية والدينية ، لان العيد يشحذ الشعور وتسمو بها الأرواح للتقريب بين الافكار والرؤى والمعاني . نظرة على أعياد الأيزيدية:
كما هو واضح بان أعياد الايزيدية ترتبط بالطبيعة ودوران الارض وفصول السنة وبسب مرور الايزيدية في مرحلة عبادة الظواهر الطبيعية لذا كانت أغلب الاعياد الدينية تجري مراسيمها في القرى على شكل مهرجانات وتعكس انثوغرافيا الفلاح و دورة حياة منتوجاته . الى الان تأثير مرحلة ما قبل مجيء الشيخ عادي 1117 م الى لالش على مراسيم وطقوس الاعياد واضحة فمثلاَ في عيد بيلنده ، القبور تُزار مع اخذ المأكولات معهم ، ويتذكرون موتاهم واثناء عودة الفلاح الى بيته يمر مع الثور فوق نار مشتعلة ويدخل الى بيته كما ان الاطفال يقفزون فوق ذلك النار. في مراسيم عيد رأس السنة الايزيدية يكون للطبيعة دورا كبير فيها وانا اعتقد بان جذور طوافات الايزيدية ترجع الى بدايات ظهور هذا الدين ، يظهر توثق علاقة الفرد الايزيدي بالارض ( وطنه) من خلال طقوس وافعال حيث يعتقد ان حمل الايزيدي لقليل من تراب لالش ويسمى (برات) معه أينما ذهب ، يعود الى مرحلة إعتقاد إن الإله هو الأرض وبهذا يكونه معه الههِ اينما رحل وابتعد عن ارضه ورغم ان هذا الدين مرّ بمراحل عدة إلا أن آثار المراحل الأخرى لازالت فيه شاخصة . يقال بأن الاعياد بدأت في المعابد والمزارات الدينية ، أما انا اقف عكس هذا الرأي وما هذه الطوافات ( المهرجانات) الا امتداد للمراحل البدائية للاحتفالات الايزيدية واعيادهم ،ثم ان اغلب الايزيدية تُجرى في قراهم ولكن بعد مرحلة ( شيخادي ) تم ربط هذه الاعياد بشكل كبير بالدين وبالمعبد ، وتم تضخيم دور شيخادي والاولياء من خلال الاعياد للتأثير على المجتمع الأيزيدي بترسيخ دور ومكانه هذا الرجل الورع المتجدد للدين الايزيدي وحتى الأعياد التى تجرى في القرى أضيف إليها مواد دينية مقدسة بهدف إخضاعها للدين .[2]
* القيت هذه المقالة في المؤتمر العلمي الثالث للبيت الأيزيدي في اولدنبورغ - المانيا بتاريخ 19/11/2011 [2] المصادر: المركه - عزالدين سليم باقسري- دهوك-2003 الايزيدية في مئة سؤال -حسو هورمي-دهوك-2008 دين الانسان - فراس السواح-دمشق-2002 نحو معرفة حقيقة الديانة الايزيدية - د.خليل جندي-سويد 1998
#حسو_هورمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المادة 140 من الدستور العراقي في وسائل الاعلام
المزيد.....
-
تحليل للفيديو.. هذا ما تكشفه اللقطات التي تظهر اللحظة التي س
...
-
كينيا.. عودة التيار الكهربائي لمعظم أنحاء البلاد بعد ساعات م
...
-
أخطار عظيمة جدا: وزير الدفاع الروسي يتحدث عن حرب مع الناتو
-
ساليفان: أوكرانيا ستكون في موقف ضعف في المفاوضات مع روسيا دو
...
-
ترامب يقاضي صحيفة وشركة لاستطلاعات الرأي لأنها توقعت فوز هار
...
-
بسبب المرض.. محكمة سويسرية قد تلغي محاكمة رفعت الأسد
-
-من دعاة الحرب وداعم لأوكرانيا-.. كارلسون يعيق فرص بومبيو في
...
-
مجلة فرنسية تكشف تفاصيل الانفصال بين ثلاثي الساحل و-إيكواس-
...
-
حديث إسرائيلي عن -تقدم كبير- بمفاوضات غزة واتفاق محتمل خلال
...
-
فعاليات اليوم الوطني القطري أكثر من مجرد احتفالات
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|