محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 4332 - 2014 / 1 / 12 - 18:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مازال الصراع محتدماً علي التصويت علي الدستور في مصر بزخم شعبي جماهيري صنعته في المقام الأول تجارب الفشل لجماعة الإخوان المسلمين , وحزبها الحرية والعدالة , ومعهما كافة الجماعات الدينية والأحزاب التي أعلنت المدنية بمرجعية إسلامية , لتعطي مردوداً بالغ السوء في ممارساتها للتجربة السياسية منذ أول وهلة في ملعب السياسة المصرية الملتهب بجمهور يغلب عليه طابع الشعبوية , وتوجهه آلة إعلامية ضخمة ورؤوس أموال بلغت المليارات لتتنازع المصالح حول إكتساب شرعية ومشروعية لها عبر هؤلاء الشعبويين من الجمهور / الشعب / السوقة / الدهماء / , بجانب الدوجما وعصا الوطن , وشومة الوطنية والقومية والناصرية .
2
الجماعات الدينية مارست جملة أخطاء في الممارسة السياسية في ملعب المجتمع المأزوم في البسط من أصحاب المقام المحافظين علي سيطرة وسطوة الدولة المركزية الباسطة نفوذها علي غالبية مساحة الوطن , بواسطة المؤسسة العسكرية , والشرطة والأجهزة الأمنية بكافة تنوعاتها , ولذلك حينما بدأت جماعة الإخوان المسلمين النزول للملعب اختارت لها الحليف القائم علي حماية ورعاية الدولة المركزية , وكان هذا أول مسمار تم دقه في نعش الجماعة المحمولة علي أعناق أتباعها وانصارها إلي قبر التاريخ , والذي لن يزوره إلا البكائين والحزاني والأيتام والأرامل من أتباعها وأنصارها , لأن الشعب المصري / الجمهور , وجد بديل آخر متمثلاً في أرباب الدولة المركزية مرة أخري , بل وسيستخدمهم كأدوات للمساعدة في تهميش دور الإخوان والجماعات الدينية الأخري متي لزم الأمر ذلك .
3
كانت مطالب الثورة منذ بدايتها متمثلة في الشعار المبدع " عيش . حرية . كرامة إنسانية " , وكان هذا الشعار صادقاً , فالخبز والحرية ينتجا الكرامة , ولاكرامة مع فقدان الخبز والحرية , ولا حرية مع جوع وفقدان رغيف الخبز , إلا أن جماعة الإخوان أرادت أن تعطي الهوية المجانية للشعب / الجمهور , مقابل تحالفها مع الجنرالات والأجهزة الأمنية للإستحواذ علي مفاصل الدولة المركزية لتعيد إنتاج نظام يوليو من جديد بعباءة دينية توهمت أنها تستطيع أن تخدع بها الشعب / الجمهور , مما استشعر معه المحافظين علي أركان ومفاصل وعصب الدولة المركزية بالأخطار التي تهدد مصالحهم في المقام الأول ,ويتم إستبدال نظام عسكري فاشيستي , بنظام ديني أكثر فاشيستية , وكان تنازع المصالح في صراع مع تنازع الهويات , مما استحال معه قسمة المصالح مع الهويات , فكان هذا الصراع الدموي الحاصل علي أرض مصر , والحاصل في أي منطقة من مناطق الأوطان العربية , سواء في سوريا أو الصومال أو السودان أو حتي أفغانستان وتورا بورا علي أسوأ التقديرات !
4
في الوقت الذي كانت جماعة الإخوان المسلمين الفاشية متحالفة مع الفاشية العسكرية , وكانت هناك عدة صراعات سياسية وفعاليات خاصة بحملة " عسكر كاذبون " , والتي تم عرضها أمام منزل المشير محمد حسين طنطاوي , وأمام وزارة الدفاع , وغيرها من المحافظات وميادينها العديدة , وعلي سبيل المثال في قريتنا مشتهر , التابعة لمركز طوخ محافظة القليوبية , فقد تم عرض " عسكر كاذبون " ثلاث مرات , في أوقات متقاربة , وكان الإخوان ومعهم العصابات الدينية الأخري , يحاولوا التعدي علي أعضاء الحملة , والتعدي علي شاشات العرض , التي كانت تظهر جرائم الجيش والشرطة ضد الثوار منذ بدايات ثورة 25 يناير 2011 , وحتي صعود نجم عصابة الإخوان المسلمين الإرهابية وتقلدها مناصب في الدولة المصرية وأعلاها منصب رئيس الجمهورية , وحتي هذه اللحظة كان شعارهم " الجيش والشرطة خط أحمر " , وعلي ما اذكر كان الرد علي هذا الشعار بشعار آخر أبدعه صاحب مدونة " المجنون " فتحي فريد , بأن جعل الملابس الداخلية النسائية بلونها الأحمر منشورة علي حبل غسيل بمشبكين , في إستهزاء وسخرية بالغة من شعار الإخوان هذا ..
أتذكر من جملة ما أتذكر من شعارات , كانت تردد في الميادين " الشعب يريد إعدام المشير " , وكان الإخوان يرددوا : " يامشير يامشير .. يامشير إنت الأمير " , وجمعة قندهارشاهد علي الإعلان الفج لتحالف الإخوان والعصابات الدينية الأخري مع المجلس العسكري بقيادة المشير طنطاوي , ووزير الداخلية في ذلك الحين !!
ومما يذكر إستدعاء أعضاء عصابة الإخوان لمجلس الشعب وتسليمهم معدات الشرطة من عصي واسلحة ليكونوا زراعاً أمنياً موازياً للأزرع الأمنية للشرطة , بزعم حماية أعضاء مجلس شعب الإخوان , وتعديهم علي الثوار بالضرب واستخدام أفظع وأشنع الأساليب التي لم تكن تستخدمها الشرطة ضد الشعب واستخدامها أعضاء عصابة الإخوان , في تحالف مشين ومرعب مع الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية , وتشكيل مجالس شرعية عرفية بديلاً عن المحاكم , والإعتصام أمام المحكمة الدستورية ..
5
ومما يذكر أيضاً أن مرسي العياط الرئيس المعزول وفر للشرطة اسلحة وزخائر بمبلغ مقتص من ميزانية المصريين يقد بـ 2 مليار و800 مليون دولار أمريكي كأسلحة وزخائر وقنابل دخان وغاز , لإستخدامها ضد المصريين , وكانت الأيام سريعة في الدوران والإلتفاف ليتم إستخدتم تلك الأسلحة والزخائر ضد عصابة الإخوان والعصابات المتحالفة معهم ..
6
ولاننسي الإستفتاء علي دستور 19 مارس , دستور طالبان والقاعدة والجهاد والجماعة الإسلامية والتكفير والهجرة وغيرهم من العصابات الدينية التي تم إستجلابها من أفغانستان والعراق وباكستان والسودان وغزة , لتتواجد في مصر في أرض سيناء لتكون قاعدة للإرهاب الدولي في مصر بقيادة مرسي العياط رئيس الجمهورية في ذلك الوقت , وإعطاء الجنسية المصرية للآلاف من الفلسطينين الغزاويين , ومعهم السوريين من أعضاء عصابة الإخوان المسلمين ليشكلوا أذرعاً أمنية مسلحة في مصر كحماية لمطامع ومطامح عصابة الإخوان في مصر , والمنطقة عبر التنظيم الدولي المتعدد الأزرع الأخطبوطية , وكان شعارنا في ذلك الوقت " دستوركم باطل " , وتتخلل الشعار صورة الفنانة شادية , برمزية " جواز عتريس من فؤادة باطل " , وكان شعار الإخوان : أن التصويت علي الدستور بـ " نعم " فريضة شرعية , وضرورة إسلامية " , وكان يساندهم في ذلك الوقت حزب النور السلفي , ومعه العصابات من التيارات السلفية الأخري في غالبيتها , مما شكل صراعات حول هوية الدولة المصرية أو حسبما يستحب للبعض التوصيف " الأمة المصري" , فكانت هذه الصراعات جميعها صراعات هوياتية ملعونة تبتغي سرقة مشاعر وأحاسيس ووجدان المواطنين لتحويلها إلي هويات مجانية لاتعود عليهم بأي نفع سوي فرض الوصيات الدينية الملعونة علي المواطنين , وتأهيلهم للجنة المؤجلة , مع ضياع كافة الفرص الحيايتة التي تصنعها السياسة لتحقيق الجنة الآنية كمثيل لمعظم الدول من غير الدول العربية والإسلامية الواهمة بجنة الآخرة في مقابل ضياع جنة الدنيا !
7
الأن .. وفي مصر تحديداً .. يدار صراع حول الدستور , بين صناع ومروجي الهوية الدينية المجانية , وبين صناع المصالح من أرباب الدولة المركزية والمحافظين علي إستمرارها في التواجد لأنه في حالة غيابها سيكونوا سواسية مع باقي المواطنين المصريين , ولافرق بين مواطن وآخر سواء ممن ينتموا للمؤسسة العسكرية أو المؤسسات الأمنية , وفي إستبدال هذه الدولة المركزية بدولة المواطنة وسيادة الدستور والقانون , والمساواة في المواطنة وتكافوء الفرص , وسيكون ضياع المصالح أمر حتمي , لأن المصالح تصنع الثروات , والثروات تجلب السلطة , وتظل ممارسة السياسة وصناعتها أمراً مقصوراً علي أصحاب الثروة وأصحاب السلطة , وكان الإخوان ومازالوا ممن يمتلكوا الثروة , وغابت عنهم السلطة , ولذلك سيظل الصراع محتدماً لفترات طويلة حتي الوصول إلي صيغة من التفاهمات حول إعادة توزيع المصالح من جديد بنسب لاتضر بكيان الدولة المركزية المنتجة للفاشيات الدينية والتي تعتبر أهم دعائمها , لأن الدولة المركزية لا تستطيع أن تستمر في التواجد من غير الفاشية الدينية , ولذلك , سيتم تكسيرقوائم الفاشيات الدينية لدرجة يتم إستخدام بقاياها الكسيرة لتقوم بأدوار خادمة للفاشية العسكرية المسلحة , ويتم إعادة إنتاج الصراع من جديد بين المدافعين عن مدنية الدولة , والمواطنة والمساواة في المواطنة وتكافوء الفرص , والعدالة الإجتماعية , وبين الفاشية العسكرية , التي سترتد لتعود ممارسة أدوارها الحقيرة في الإستعانة ببقايا الفاشيات الدينية الكسيرة , ولكن الصراع لن يطول , لأن مناخ الحريات وفضاؤها العام أصبح هو الرادع لهذه الفاشيات .
فهل من سيصوت بـ " نعم " الأن آثم قلبه , وجالب لغضب الآلهة ولعنة الملائكة , والأنبياء والمرسلين ؟!
وهل التصويت بـ " نعم " الأن فريضة شرعية , وضرورة إسلامية , أم أنه كبيرة من الكبائر , وإثم من الآثام !!
السؤال موجه للعصابات الدينية التي قالت "نعم " لدستور قندهار , وتحالفت مع الفاشية العسكرية ومجلس طنطاوي وعنان وبدين والعصار , ومعهم الأجهزة الأمنية , ضد الشعب المصري, لصناعة ثورة مضادة لثورة 25 يناير التي قرر الإخوان عدم المشاركة فيها , ثم انقلبوا علي عقبيهم خاسرين وقرروا المشاركة حينما خلت الساحات والميادين يوم 28 يناير 2011 , من الشرطة والأجهزة الأمنية ليملئوا الفراغ الأمني باعضاء عصاباتهم مدعين أنهم مع الثورة ومهرولين لمقابلة اللواء عمر سليمان لتخطيط مسار جديد يكون لهم فيه الغلبة والسيطرة علي الشارع المصري والميادين المصرية , لتحقيق هوياتهم المجانية المزعومة والسعي لكتل مصالح متبادلة مع الفاشية العسكرية المهيمنة علي الدولة المركزية .
8
بعد الإستفتاء علي الدستور , وبعد إنتخابات الرئاسة التي ستتمكن الدولة المركزية بدعائمها العسكرية وأجهزتها الأمنية , سيكون لنا صراع سياسي سلمي مستمرلتحقيق مطالب وأهداف ثورة 25 ينايرو وإمتدادها عبرثورة 30 يونية وماتلاها من فعاليات ضد عصابة الإخوان والمتحالفين معهم , والمتمثلة في العيش , والحرية , والكرامة الإنسانية , وحينما تكون الغلبة للشعب / الجمهور , سترتد العصابات الدينية التي لاتستطيع ان تعيش بمعزل عن العبودية للسلطة , لتكون أدوات ضاربة لأهداف ومطالب المجتمع المدني ودولة المواطنة , وفي النهاية سيتم إحراز النصر للشعب ضد كل الفاشيات المجرمة , وفي ذلك الحين لن يكون هناك صراع بين الهويات المجانية المزيفة والمصالح الحقيرة كأصحابها , ويتم تحويل المسار الحقيقي لتكوين مجتمع حي متبصر مناهض للدوجما والغوغاء والسوقة والإيديولوجيات الدينية والسياسية وناهض بمطالب وأهداف المجتمع والدولة !
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟