|
كفاية دستور 2002
عبدالرحمن النعيمي
الحوار المتمدن-العدد: 1232 - 2005 / 6 / 18 - 09:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
شعار كفاية يجب ان يكون شعار الحركة الديمقراطية العربية الجديدة: دستور 2002 في البحرين ليس جزءا من الاصلاح السياسي
نتطلع من حولنا في العالم العربي والدول الديمقراطية عموماً لنري تصاعد الحركة الشعبية الاحتجاجية علي موقف حكامها.
فقد رفعت الحركة الديمقراطية المصرية شعاراً بسيطاً منذ مطلع العام.. اصبح كالشعارات التي ألهبت همم الجياع والمحرومين والمسحوقين في روسيا القيصرية في بداية القرن المنصرم وابان الحرب الكونية الاولي وقبيل الثورة الروسية (الخبز.. السلام.. الارض) او الشعارات التي ألهبت حماس الجماهير الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر (إخاء.. عدالة.. مساواة) او الشعارات القومية التي ألهبت حماس الجماهير العربية في منتصف القرن المنصرم قبل ان يتخلي عنها حملتها (وحدة.. حرية.. اشتراكية). او شعار غالبية الاوروبيين (لا لدستور اوروبا الموحدة)، رفعت الحركة الديمقراطية المصرية شعار (كفاية) لتلخص به كافة المطالب التي يراها الشعب المصري ونخبه المثقفة الملتزمة بقضايا الناس، بل يمكن القول بأنه الشعار الذي يلخص مطالب الجماهير العربية في الكثير من البلدان العربية.
فشعار (كفاية) يختصر جملة من الاوضاع التي ترفضها الجماهير الشعبية:
فكفاية للاحكام العرفية وقوانين الطوارئ.
وكفاية لتحويل الجمهوريات الي ملكيات بالتجديد المتواصل.. والتوريث.
وكفاية للتطبيع مع العدو الصهيوني.
وكفاية انبطاحاً للاملاءات الامريكية.
وكفاية نهباً للمال العام.. والفساد المالي والاداري.
وكفاية للتمييز الطائفي والعرقي والديني والجنسي بين ابناء الوطن الواحد.
وكفاية للامتيازات الاسطورية التي يتحلي بها كبار القوم.
وكفاية للاستيلاء علي الاراضي والسواحل كما نشاهد في المالكية بالبحرين!
وكفاية جلباً للعمالة الاجنبية علي حساب العمالة المحلية والعربية.
وكفاية تهميشاً لمؤسسات المجتمع المدني.
وكفاية تكميماً للافواه.
وكفاية تكبيلاً للحركة السياسية ومصادرة حق الناس في التنظيم.
وكفاية ضحكاً علي الناس وطمسا للحقائق، واظهار الباطل حقاً، والحق باطلاً.
وكفاية احتكار السلطة لوسائل الاعلام واعتبارها ملكاً للرئيس او السلطان..
وكفاية خوف المواطن من كلاب السلطة واجهزتها البوليسية.
وكفاية سلبية في ممارسة الجماهير للعمل السياسي وحضورها اليومي في مسرح الاحداث.
وكفاية ابتعاداً عن العمل السياسي من قبل أوسع الجماهير.
وكفاية امتهاناً للجماهير بدعوتها الي الابتعاد عن السياسة من قبل بعض المتزلفين وخدم السلطة.
وكفاية تهميشاً للنقابات والمؤسسات المدافعة عن حقوق الناس الاقتصادية والاجتماعية.
وكفاية استخداماً سلطوياً للدين.
وكفاية استهتاراً بحقوق المرأة ومنعها من ممارسة حقوقها السياسية او حقها في سياقة السيارة والسفر !!
وكفاية تمسكاً بالفوارق المذهبية لحرمان المجتمع من قانون عصري متقدم للاحوال الشخصية.
وكفاية استخدام المال لشراء الذمم والنخب السياسية والاجتماعية، واقامة مؤسسات (شعبية) تابعة للسلطة.
وكفاية تدخلاً سافراً من قبل رجال الدين في الشأن السياسي بحيث تقزمت الحركة السياسة وطغي رجال الدين علي رجال السياسة.
وكفاية تزلفاً ونفاقاً من قبل بعض النخب المثقفة والسياسية لأجهزة القمع والانظمة العشائرية او البوليسية، او للسلطان او الملك او الامير.
كفاية للطائفية والديمقراطية الطائفية كما نراها في العراق ولبنان.
نعم... كفاية.. والف كفاية.
ولابد من تسوية الامور في مجتمعاتنا العربية بحيث يعيش المواطنون احراراً متساويين لا يخافون البوليس السري ولا المعتقلات ولا التعذيب، ولا الفتاوي الدينية في الشأن السياسي.. ولا يترددون عن الدفاع عن مصالحهم.. ولا يخافون من قول الحقيقة وإتباع اصحابها.. ونبذ المتزلفين والمنافقين ومساحي احذية السلاطين وعبدة المجالس الخاصة للمسؤولين لتقديم التقارير عن المعارضة.
ولا بد من اعادة النظر في كافة القوانين التعسفية التي صدرت في المرحلة السابقة، سواء مرحلة الحرب الباردة او مرحلة استمرار العقلية الشمولية في كافة البلدان العربية، حيث لا يجب ان نعتبر نظام الحزب الواحد هو النظام الشمولي فقط، بل ان الانظمة العشائرية الملكية هي انظمة شمولية تعتبر الارض ومن عليها ملكاً للسلطان.. وتجند زمرة من المنافقين للحديث عن طاعة اولي الامر.. وعدم الخروج عليه.
ان الشعار (كفاية) الذي رفعته الحركة الديمقراطية المصرية، يجب ان يكون شعار الحركة الديمقراطية العربية الجديدة في كل بلد عربي يعاني من الحالات الشاذة الخارجة عن العصر ومعاييره التي تسير عليها غالبية الدول العربية..
وبالتالي فانه يصلح ان يكون شعار الجماهير في البحرين لمواجهة الدستور الذي تم فرضه علي الحركة السياسية وعلي الجماهير.. دون السماح لأحد أن يقول رأيه فيه.. ودون ان يتبع الحكم القواعد التي ينص عليها الدستور الساري المفعول آنذاك في طريقة ادخال التعديلات عليه.. وبالتالي يمكن اعتباره دستوراً جديداً فرضه الحكم علي شعب البحرين ونقض به الوعد الذي قطعه علي نفسه باحترام دستور 1973، في الذكري الاولي للتصويت علي الميثاق الوطني الذي اراد الحكم ان يكون جسراً لدستوره الجديد.. في الوقت الذي ارادت الحركة السياسية ان يكون جسراً لمرحلة تفعيل الدستور العقدي واعادة الحياة البرلمانية وتطويرها كما بشر بها الحكم بأنها ستكون ديمقراطية علي غرار الديمقراطيات العريقة.. فوجدنا عكس ذلك.
الدستور الجديد لم يستشر الحكم فيه احد.. ولم يطلع عليه احد قبل انزاله.. ولم يتم الاستفتاء عليه.. ولم يسمح بالمناقشة حوله، وواجه الدستوريون حملات وتشويهات كثيرة من قبل السلطة وأزلامها.. ولم يسمح لأحد أن يبين سلبياته وايجابياته كما نشاهد في اوروبا المحتدم النقاش فيها حول الدستور الاوروبي الموحد.. بل كان عملاً سرياً محكماً اراد الحكم ان يغير به كل المواد التي كانت موضع قبول من قبل المواطنين في الدستور العقدي. والغاء أو تعديل المواد التي تقيد حركته وتجعله تحت رقابة ممثلي الشعب، سواء في القوانين او تصرفه بالمال او الارض.
الدستور الجديد يضع مجلس النواب كغرفة من غرفتين أحدهما منتخبة والثانية معينة من قبل الحكم، متساوية العدد والصلاحيات التشريعية.. وبالتالي فقد زاد من عدد المعنيين في المجلس الوطني.. من 14 عضواً في الدستور القديم الي 40 عضواً في الدستور الجديد.. ووضع رئيس المجلس الوطني المعين من قبل الحكم رئيساً للمجلس الوطني في حال اجتماع المجلس بغرفتيه.. بينما كان الرئيس منتخباً في المجلس التأسيسي والمجلس الوطني لاحقاً.
الدستور الجديد وضع مجلس النواب في المرتبة الرابعة بعد الملك والسلطة التنفيذية ومجلس الشوري!! وأوهم النواب ـ أو توهموا أو باعوا الموقف للناس من خلال الصحافة واجهزة الاعلام الاخري ـ بأنهم يمثلون الشعب ويدافعون عن مصالحه وأنهم سلطة تشريعية!!!
الدستور الجديد وضع السلطة التنفيذية فوق السلطة التشريعية!!
الدستور الجديد اعتبر الملك يحكم مباشرة، وعبر وزرائه بدلاً من المادة السابقة (يحكم عبر وزرائه).
الدستور الجديد.. اعطي الملك حق اصدار مرسوم لتعيين الدوائر الانتخابية بدلاً من المادة الدستورية التي تعطي الحق لمجلس النواب.. بهدف تغيير الدوائر بناء علي النظرة الطائفية التي يكرسها الحكم، وبحيث يتم تغيير الدوائر الانتخابية في كل جولة انتخابية للتحكم بعدد ونوعية النواب وعددهم مذهبياً!!
الدستور الجديد الغي مادة حول الجنسية (الازدواجية) ليعطي الحكم نفسه حق التجنيس السياسي الذي يشكو منه كافة المواطنين.
الدستور الجديد ولا ندري كيف تصرف الامير السابق بعد حل المجلس الوطني عام 1975في هذه المادة، رغم انها لم يتم تعطيلها.. واعتبر ميزانية الديوان الملكي سراً من الاسرار لا يعرفها الا القائمون علي المال العام.
الدستور الجديد أعطي الحكومة صلاحية وضع لائحة داخلية لمجلس النواب للتحكم في كل سلوكياته.. في حين وضع النواب لائحة مجلسهم التأسيسي ولائحة المجلس الوطني دون تدخل من الحكومة..
الدستور الجديد وضع قيوداً صارمة علي اصدار القوانين.. حسب المادة 92، بينما كانت من صلاحيات المجلس الوطني اصدار القوانين.
الدستور الجديد لا يعطي مجلس النواب حق اصدار قانون.. بل تقديم مقترح برغبة او مقترح بمشروع.. وفي حالة الموافقة علي المقترح من قبل الاعضاء يتم رفعه الي الحكومة لصياغته بما تراه مناسباً لتعيده الي المجلس لمناقشته!! وفي حالة اقراره يذهب الي مجلس الشوري.. وفي حالة اقراره يرفع للملك الذي يتمتع بصلاحيات مطلقة في اقرار او توقيف القانون..
ولا يمكننا في هذه العجالة ان نتحدث عن سلبيات هذا الدستور.. ولعل أخطر ما فيه انه قسم المواطنين بين موالين للنظام ومعترضين علي ماقام به.. واستثمر الحكم هذه الوضعية ليمعن في اللعب علي المسألة الطائفية.. مشيعاً بأن الاعتراض شيعي.. وان الشيعة لديهم اجندة خاصة للاستيلاء علي السلطة ولذلك يعارضون الدستور الجديد.. ومن المؤسف ان كتلة المستقلين في مجلس النواب تصر في معرض حديثها عن قانون الجمعيات السياسية البائس الذي تقدمت به، ورفضته كل القوي السياسية وقدمت مقترحاً بديلاً عنه بمسمي (التنظيمات السياسية) ان تعترف الجمعيات السياسية بدستور 2002 كشرط للسماح لها بممارسة العمل السياسي.. مما يعني ان هذه الكتلة تدفع القوي السياسية المعارضة الي العمل السري.. بعد أن طوينا صفحة طويلة وكبيرة ومؤلمة من العلاقة بين الحكم والقوي السياسية في البحرين.
وبالتالي فاننا نقول بأن الشعار الذي يجب ان تطرحه كل القوي السياسية الوطنية والاسلامية والديمقراطية وكل الحريصين علي الحقوق الدستورية وعلي التطور الدستوري والاصلاح السياسي في البحرين ان يرفعوا شعار.. (كفاية دستور 2002) ولابد من استئناف الحوار بين الحكم والجمعيات السياسية المعارضة للوصول الي بر دستوري سليم..
البعض يقول بأن ما لديكم في البحرين أفضل من جيرانكم..
ونحن نقول بأن الواقع العربي برمته يحتاج الي اصلاح جذري بعد أن تكشف للعالم فساد ولا ديمقراطية الغالبية الساحقة من هذه الانظمة..
وبالتالي لا يجب مقارنة وضع البحرين بما حولها، بل يجب مقارنة الاوضاع البحرينية بالمعايير الدولية ومدي قربها او بعدها عن هذه المعايير.
ونحن نقول بأن السعودية ليست نموذجاً يحتذي به.. بل ان دعاة الاصلاح في المملـــكة يتزايدون حتي في اوساط الاسرة الحاكمة.. ولا يمكن ان نقارن أنفسنا بالاوضاع في المملكة التي نتمني لها تحقيق الاصلاح السياسي الشامل الذي يتحدث عنه باستمرار كبار المسؤولين من سمو ولي العهد الي وزير الخارجية..
ولا يمكن مقارنة انفسنا بسلطنة عمان.. حيث لا يزال السلطان يعيش هاجس الكفاح المسلح الذي قادته الجبهة الشعبية لتحرير عمان طيلة عقدين من الزمان، حتي تمكنت القوي الاقليمية والدولية من القضاء علي الثورة المسلحة.. ولم يتمكن قادة الجبهة من استنباط اساليب عمل جديدة للعمل وسط الظروف الجديدة.. وبالرغم من ذلك فان الحكم يعتبرهم بمثابة خلايا نائمة يجب مراقبتها باستمرار وعدم السماح لعناصرها وقياداتها بأي نشاط سياسي.. ناهيك عن سيطرة الدولة علي كافة مؤسسات المجتمع المدني القليلة التي سمح لها بالعمل..
اما وضعية الامارات.. فانها وضعية خاصة.. لكن المطالبة بالاصلاح السياسي تتزايد.
وفي قطر يقولون بأنهم يستفيدون من اوضاع البحرين.. فكل كلام للمعارضة يسعي الحكم للاستفادة منه لاستباق التطورات التي قد تحصل في المجتمع.. وهكذا جاء دستور قطر متقدماً بالنسبة للمعينين علي دستور البحرين..
ولا يمكن مقارنة وضع الكويت حيث لم يتمكن الحكم من تغيير حرف في الدستور.. ووقفت كل الكتل السياسية معارضة لأي تعديل.. في الوقت الذي يبرر البعض من الاخوة الكويتيين ما اقدمت عليها سلطات البحرين من انقلاب علي الدستور العقدي.. ويطالبون باتباع سياسة (خذ وطالب) انطلاقاً من الدستور الجديد.. في الوقت الذي نقول.. سنتبع هذه السياسة انطلاقاً من دستور 1973 الذي لنا عليه الكثير من الانتقادات لكن المثل الشعبي يقول (الاعور علي العميان باشا)!!
البحرين مقبلة علي مرحلة حرجة في الصراع السياسي الدستوري.. خاصة بعد أن وحدت القوي السياسية المعارضة جبهتها في المؤتمر الدستوري الثاني وانتخبت من المؤتمر الدستوري امانة عامة تقود نضال الجمعيات الاربع في المسألة الدستورية لتتفرغ الجمعيات لمهمات أخري تتعلق بمطالب المواطنين وحقوقهم.. وبأوضاعها.. فمن الضروري تقوية الحركة السياسية وخلق كوادر حزبية تستطيع مواجهة متطلبات المرحلة القادمة.. التي بدأت من الآن حيث يروج النظام وأدواته للمشاركة في الانتخابات في ظل دستور ثبت تكبيله المحكم للمؤسسة (البرلمانية).. وبرهن انه حول البلاد الي دولة مكرمات وهبات بدلاً من دولة الدستور والقانون..
ويكتشف النواب قبل غيرهم حجم الاستلاب الذي يعيشون فيه.. ولكن البعض يكابر والبعض جاء بالصدفة الي المجلس وراح يفكر في الراتب المغري، والبعض يري فيه مكاناً لفضح ممارسات المتنفذين من الاسرة الحاكمة الذين يستولون علي الاراضي والبحار ويتحدون القانون علانية كما نري في معركة ساحل الصالحية التي لا تجرؤ الصحافة علي تسمية المتنفذ الذي يهدد ويتوعد الصحافيين والنواب ويصر علي استمرار بناء الجدار العازل لمنع المواطنين من التمتع بساحل البحر.
وحيث قامت الامانة العامة للمؤتمر الدستوري بالاتصال بكل القوي السياسية في البحرين لحشدها للوصول الي قواسم مشتركة حول الدستور الجديد والمطالبة بالتعديلات الدستورية.. وحيث ستتشكل لجنة تحضيرية للمؤتمر الوطني الدستوري.. فان المعارضة الدستورية ستفتح الجبهة الخارجية.. بالاتصالات مع الاحزاب السياسية الشقيقة والصديقة، بالاضافة الي الجمعيات الحقوقية العالمية، واعضاء البرلمانات العربية والاجنبية، اضافة الي توصيل صوتها الي كافة المنتديات العربية والاجنبية، ولا تتردد عن توضيح موقفها لاصدقاء النظام من الاوروبيين والامريكان الذين يريدون تلميع صورة النظام وتقديمه كنموذج لبقية الدول العربية، حيث كف يده عن ملاحقة المعارضة.. واحكم الخناق عليها دستورياً.. ولا يزال يحتكر الاعلام.. المرئي والمسموع.. اضافة الي الضغوطات التي يمارسها زبانيته في الصحافة المحلية.
كفاية دستور 2002، هذا هو الشعار الذي يجب رفعه في الساحة البحرينية.
__________
القدس العربي
12/6/2005
--------------------------------------------------------------------------------
الجدار الذي قد يشعل أزمة كبيرة في البحرين
اعتصم الآلاف من أبناء قرية المالكية والقرى المجاورة الساحلية الغربية، اضافة الى شخصيات سياسية بارزة في البحرين أمام الجدار الذي اقامه الشيخ حمد بن محمد بن سلمان الخليفة وطالبوا بازالته، وعدم الاعتداء على السواحل. اطلق المواطنون والجمعيات السياسية المعارضة على الجدار الذي بناه هذا المالك بالجدار العازل تشبيهاً له بالجدار العازل الذي تبنيه اسرائيل في المناطق الفلسطينية المحتلة من الضفة الغربية مقتطعة مساحات واسعة من اراضي الضفة، بحجة حماية المناطق التي احتلتها منذ عام 1948، ذلك الجدار الذي اثار الكثير من الاحتجاجات المحلية والعربية والدولية، وشكل رمزاً للعدوان على املاك الآخرين وتحصيناً لباطل لا بد أن يزول مهما طال الاحتلال.
وهذا الجدار (في البحرين) يسور المنطقة الساحلية التي حصل عليها الشيخ محمد بن سلمان وهي جزء من ساحل جميل يمتد في المنطقة الغربية من البحرين، تم توزيع الكثير من اجزائه على افراد من الاسرة الحاكمة او على أمراء خليجيين في سنوات ما قبل الانفتاح السياسي.. ويريد هذا المالك أن يبني سوراً يمتد قرابة كيلومتر في البحر بحيث يمنع ابناء المنطقة من الاستفادة من الساحل او البحر الذي يعيش عليه صيادو الاسماك في هذه القرى الغربية.. ويتركز الاحتجاج في رفض المواطنين مد السور الى البحر وانكفائه الى الساحل بحيث لا يعتدى هذا المالك على الاراضي العامة.
وقد فتح هذا الجدار ملف الاراضي والسواحل والمناطق المغمورة في البحرين، حيث أشار أحد التقارير الى أن قرابة %80 من الاراضي والسواحل يملكها أفراد الأسرة الحاكمة، وان قرابة %20 يملكها بقية المواطنين، في بلد لا تتجاوز مساحته 710 كيلومترات مربعة.. كما يقول البعض بأن مطالبة النواب بفتح هذا الملف في المجلس الوطني عام 1975 قد أسهم في اغلاق المجلس وتعليق الحياة البرلمانية من قبل الحكم، وأمكن بعدها لكبار المسؤولين الاستيلاء على الكثير من الاراضي والسواحل في ظل انعدام الرقابة الشعبية وفي ظل قانون امن الدولة الذي شكل الغطاء لكل الممارسات غير القانونية لدى العديد من كبار المسؤولين، وتتبع السلطة سياسة التعتيم في الوقت الحاضر على مسألة الاراضي وخاصة المناطق التي يتم دفنها وتوزيعها والمتاجرة بها، مما احدث طفرة كبيرة في الاسعار خاصة بعد فتح المجال للاشقاء الخليجيين.
وحيث يرى المواطنون ان هذا الجدار هو استمرار لسياسة الاستيلاء على الاراضي وحرمان المواطنين من التمتع بالسواحل او الحصول على قطعة ارض للسكن، فانه يعني تفاقم جملة من الازمات من بينها الازمة الاسكانية والبيئية والثروة السمكية والتلوث وغيرها.. بل يجد فيها البعض امتداداً لسياسة تجاهل الارادة الشعبية من قبل المسؤولين وبعض كبار افراد الاسرة الحاكمة.
وخلال الاسبوعين المنصرمين وبفضل المسيرات والاعتصامات والاحتجاجات المتواصلة من قبل الاهالي، فقد تجاوب المسؤولون مع هذه الصرخات، وزار المنطقة كل من وزير الداخلية ووزير البلديات، واطلقت التحذيرات والانذارات ضد المالك، ووزعت التطمينات على المواطنين بأن الجدار سيزال خلال اسبوعين وإلا فان وزارة البلديات ستقدم شكوى عبر النيابة العامة ضد المالك!! وفي ظل استمرار المالك ببناء الجدار ورفضه لكل التحذيرات الحكومية، فقد ساور المواطنون الشكوك بأن تصريحات المسؤولين ليست الا لتهدئة الغليان الشعبي، وامتصاص النقمة الشعبية، وانه لا يمكن ايقاف هذا المتنفذ من قبل أي من وزارة البلديات او الداخلية، بل لا بد من تدخل السلطات العليا في هذا الشأن.
وخلال الاعتصام الذي اقيم يوم الجمعة العاشر من يونيو 2005، قام بعض المواطنين بجلب المعاول والمطارق لفتح ثغرة في السور تعبيراً عن اصرار المواطنين على ازالة السور، مما دفع الحراس الى الاستعانة بالشرطة التي جاءت لتواجه غضب الجمهور الذي لم يتردد من رميهم بالحجارة وجرح بعض رجال الشرطة .. مما دفع المسؤولين الى ارسال قوات الشغب وطائرة هيلوكبتر لمراقبة الموقف ... وكان بالامكان ان يتصاعد الوضع وتحصل اشتباكات بين الشرطة والاهالي لولا اسلوب التهدئة التي تلتزم به القيادة السياسية في مواجهة هذه الاحتجاجات والعمل على امتصاصها ومعالجة بعض اسبابها كما شاهدنا في احتجاجات سابقة.
ملف الجدار يضاف الى ملفات متزايدة ترفعها المعارضة السياسية وخاصة تلك التي رفضت الدستور الجديد وطالبت بالالتزام بما نص عليه ميثاق العمل الوطني من تعديلات لابد أن يقرها ممثلو الشعب، اضافة الى ملف التجنيس السياسي الذي يتفاعل ويتصاعد كلما تفاقمت ازمات البطالة والخدمات والاسكان وسط المواطنين.
#عبدالرحمن_النعيمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين وقد حصل على موقع
-
المحرق ديْره
-
مفارقات في يوم الصحافة الخليجية
-
كفاية…. حاجة الشعوب الى عودة الانظمة الى جادة الصواب
-
تقرير مناهضة التعذيب وما جرى في جنيف
-
الخوف من التسييس لمؤسسات المجتمع المدني
-
لا يمكن ان يرتكز الاصلاح على التمييز والتفرقة الطائفية
-
لقطات سريعة وسط زحمة الاحداث
-
عندما تتذكر البحرين وانت في دبي ـ الشارقة
-
هل تدور المعارضة في حلقة مفرغة!!!؟
-
حول الاعتصام الذي دعت اليه الامانة العامة للمؤتمر الدستوري
-
الطائفة أم الوطن
-
المجتمع أمام إرهاب الدولة
-
منتدى من أجل المستقبل
-
من يستطيع تخفيف الاحتقان الطائفي في البحرين ؟
-
قمة لتحصين البيت العربي أم للتطبيع مع العدو
-
هموم الناس، وسط الحديث عن الإصلاح الاقتصادي
-
الاصلاح الاقتصادي والذكرى الاربعين لانتفاضة مارس
-
البعد الاقتصادي في الاصلاح الشامل
-
كيف نصحح مسار الجدار الدستوري العازل؟
المزيد.....
-
رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز
...
-
أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم
...
-
البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح
...
-
اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات -
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال
...
-
أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع
...
-
شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل
...
-
-التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله
...
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|