أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نائل الطوخي - نوال علي و سوزان مبارك.. كيف تستخدم -نسوية- النساء في مظاهرات كفاية؟














المزيد.....

نوال علي و سوزان مبارك.. كيف تستخدم -نسوية- النساء في مظاهرات كفاية؟


نائل الطوخي

الحوار المتمدن-العدد: 1232 - 2005 / 6 / 18 - 10:03
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


هل اغتصب البلطجية الذين استأجرهم رجال الأمن النساء المتظاهرات من حركة كفاية؟ ما الذي منعهم من هذا و قد كن لقمة سائغة بين أيديهم و قد شكل الأمن كردوناً حولهن؟ و إن لم يكونوا قد اغتصبوهن, فلماذا كان التحرش الجنسي من البداية؟ لماذا كان إرعاش الإصبع الأوسط في أوجه المتظاهرين؟
ثم سبة عربية شائعة للغاية في كل المنطقة العربية. هي أقسى سبة قد تقال لرجل, و هي مع هذا غير مفهومة. ثم غموض يكتنفها منبعه كونها سبة غير مكتملة, هي ذكر فرج أم الرجل أو فرج أخته. لا يذكر من يسب شيئاً عن هذا الفرج. فقط النطق باسمه الأكثر شيوعاً هو ما يكون كافياً لإشعار الرجل بالمهانة. أي بمعنى آخر: تذكيره بأن أمه امرأة و أن أخته إنما هي امرأة و أن الدليل على هذا امتلاكها عضو التأنيث. فقط هذا التذكير هو ما يعتبر السبة. وفقا لقواعد اللغة الجامدة تكون السبة غير دالة لغوياً, فهي مبتدأ بلا خبر, و من هذه الناحية لا تقابلها أية صيغة إهانة اخرى في قاموس السباب العربي. لا يقابلها إلا إيماءات غير لغوية, مثل الحركة الشهيرة: إرعاش الإصبع الأوسط دلالة على فعل الانتهاك المنتظر. غير أن التذكير بحقيقة وجود فرج للأم أو للأخت يخدم شيئاً آخر غير ما يخدمه إرعاش الإصبع الأوسط, هو التذكير بأن ثم أمرأة أتت به, أو أن ثم امرأة تشاطره بيته, التذكير الأكثر بشاعة بأن عالمنا يحوي نساء و ليس رجالاً فقط. هكذا يتم الاعتداء على المتظاهرات, لا يتم اغتصابهن بشكل صريح, و إنما تذكيرهن فقط بحقيقة "نسويتهن", أي, ضربهن في أماكن حساسة من أجسادهن, محاولة خلع بناطيلهن, ثم, ليغدو الأمر أكثر فعالية, تصوير هذا بكاميرات فيديو, أي أن هذا التذكير يتم التذكير به, يتم حفظه و تسجيله و التهديد بإعادة إنتاجه مرة بعد مرة عن طريق توزيعه ونشره و عرضه و تكرار عرضه.
و لأن الأمن يفكر بعقلية غير عقلية المتظاهرين بالتأكيد فهو يرى النساء كلهن سواسية. كلهن نساء, أي كلهن عار, و كلهن قابلات للخضوع فقط عن طريق الإشارة إلى حقيقتهن المخجلة. لم يتخيل الأمن أن تصمد الصحفيات اللاتي تم الاعتداء عليهن أو اللاتي تم تهديدهن بتلفيق قضايا لهن, و هي قضايا آداب بالبداهة, بل و ربما بدت هاتيك النساء شاذات بشكل ما وهن يواصلن المضي قدماً في طريقهن دون مبالاتهن بالتلميحات و بالتحرشات. ربما رآهن رجال الأمن شاذات, ذلك أنه حتى رأس السلطة في مصر, السيدة سوزان مبارك, تتسق في نظر الجميع مع المفهوم العام عن المرأة, بينما هي المدافعة الأكبر و الأكثر انتشاراً عن حقوق المرأة و عن مساواتها المفترضة بالرجل.
عندما بدأت حملة الهجوم على جمال مبارك, ثم تبعتها بالهجوم على حسني مبارك, لم يبد أن أي صوت سيجرؤ على الاقتراب من سوزان مبارك. فسوزان مبارك هي المرأة صاحبة المشروعات التنموية الكبيرة و القلب العطوف و الاهتمام بقضايا الأمومة و الأطفال و القراءة, أي بكل ما لا يدخل في قضايا الصراع أو الاقتصاد أو الحكم. هي المثال الناعم لامرأة قادمة من كوكب فينوس. فوق هذا و ذاك فهي "حرم" الرئيس محمد حسني مبارك.
يمكن لأي عابر ملاحظة اقتران لفظة "حرم" بزوجة الرئيس حسني مبارك. هي ليست "زوجته" وإنما "حرمه". كذلك طغت لفظة "حرم" في الآونة الأخيرة على لفظة "قرينة" و التي تراجعت لتدل على زوجات المسئولين و الوزراء. تصبح صيغة "حرم السيد الرئيس محمد حسني مبارك" هي الصيغة الأكثر لياقة للتعبير عن السيدة سوزان مبارك. أي: يختفي اللفظ المعبر عن الاقتران, المساواة و الندية بين الرجل و المرأة و يحل لفظ آخر حكر على زوجة الرئيس. يؤدي لفظ "حرم" هنا وظيفته الاتقائية و الإرهابية. فحرم مشتقة لغوياً من حرمة و من الحرام و منها, و هو ذو دلالة, لفظ الحريم (الدال على نساء الملك في العصور الوسطى). و من الحرم أيضا الحرم الشريف, و تعبيرات أخرى كثيرة مأخوذة من السياق الديني المشغول بالقداسة و بتأكيد عدم المساس بما هو مقدس. و من هنا يؤدي هذا العنف المكبوت, المتضمن في لفظة "حرم", دوره في إقناع الناس بأن الهجوم على السيدة لا يصح, و إن الهجوم ينبغي أن يتوقف عند الرئيس و ابنه, و أعمدة النظام الآخرين بالطبع. ومن هنا يصبح مشروع مثل مكتبة الأسرة, الذي تحتفل "حرم" الرئيس هذه الأيام بمرور خمسة عشر عاماً على الشروع فيه, إلى مشروع إنساني و مثالي عندما يتعلق الأمر بالحديث عن دورها فيه, بينما يصبح مشروعا تافهاً و فاسداً إذا تم الحديث عن دور سمير سرحان فيه على سبيل المثال, و هذا من وجهة نظر الجرائد الثقافية المصرية التي تتبنى المعارضة. يتأرجح المشروع بين الفساد و العظمة على حسب من أسسه, من حلم به و من أداره, و بالأساس "من يصح الهجوم عليه و من لا يصح". هكذا يتم التعبير عن العنف الاتقائي في الاسم, فلا يمكنك نطق اسم السيدة سوزان مبارك من دون تذكر أنها "حرم", أي "حرام". يتم هنا بشراسة صد الإيماء بالانتهاك الذي تحقق في حالة الفتيات المتظاهرات, عن طريق فعل انتهاك آخر مقرر لمن يجرؤ على "خدش الحرمة", على مساءلة حرم الرئيس و على اعتبارها مساوية للرجل في إمكانية التحقيق معها و انتقادها.
هكذا يبرز نوعان من النساء المتحررات في مصر,سوزان مبارك و نوال علي. الاثنتان لا ترتديان حجاباً, و هو ما له دلالة, غير أنه بينما تمتلك واحدة منهما مصر كلها فإن الثانية محرومة من ممارسة أبسط حقوقها, محرومة من ممارسة السياسة بسبب كونها امرأة, و هو بالتحديد السبب الذي يمنع أي رجل من انتقاد الأولى, من "انتهاك حرمتها" و طرح أسئلته بخصوصها. فنحن نعيش في مجتمع شرقي, غير أن هذا المجتمع الشرقي للأسف, و مثلما هو الحال في كل المجتمعات المنتمية إلى جهات العالم الأربع, لا يعد الصراع الأكثر جذرية فيه هو الصراع بين "الأصولية و العلمانية", كما يحاول البعض أن يصور (على سبيل المثال: المجلس القومي للمرأة الذي ترأسه "حرم" رئيس الجمهورية نفسها), و إنما بين من يملكون السلطة و المقموعين ممن لا يملكون إلا محاولتهم المساءلة, التفكيك و بناء سلطة أخرى على أنقاض الأولى تكون أكثر إنسانية.



#نائل_الطوخي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - مجلة ميتاعام الإسرائيلية: الصهيونية كفر تعجز اللغة عن احتو ...
- سوزان مبارك.. الجبلاوي وقصر البارون.. كيف احتفلوا بمرور مائة ...
- ثلاث صفحات فارغة
- عبد مجوسي الذاكرة و قال كلمات
- لحظات لا يستحب فيها الإسهاب
- عن الفيلم الإسرائيلي (صهيون.. الأراضي).. ترجمة و تقديم نائل ...
- الشعر كائن ضعيف الذاكرة في ديوان منتصر عبد الوجود الأول..
- عن الشعر الإسرائيلي الرافض للاحتلال, دافيد زونشايم, ترجمة و ...
- لون الدم
- محاورات في الترجمة
- حوار مع الكاتب المصري عزت القمحاوي
- في رواية احمد شافعي الأولى -رحلة سوسو- الحكاية سلم يتفتت كلم ...
- مبارك و دريدا و عمرو بن العاص.. ما الذي حدث في -حدث- تعديل ا ...
- التباس
- الضفة الأخرى.. الرقص على إيقاعات العزلة
- أغنية جديدة لعبد الوهاب. 2
- هيفاء وهبي.. حالة نموذجية بعيني مستشرق ما قبل هوليوودي
- أغنية جديدة لعبد الوهاب..1
- شوكولاتة
- ميلودراما انتهت بانتصار الضوء: ملك الفضائح و المسخرة


المزيد.....




- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...
- السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب ...
- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نائل الطوخي - نوال علي و سوزان مبارك.. كيف تستخدم -نسوية- النساء في مظاهرات كفاية؟