|
حقيقة ما يجري: أبارتهايد عنصري بتوصيف دولة !
عبدالله أبو شرخ
(Abdallah M Abusharekh)
الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 18:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل الاحتلال الصهيوني لفلسطين عام 1948 خضعت فلسطين والأردن للانتداب البريطاني غير أن الأردن " شرقي النهر " كانت تتمتع بحكم ذاتي تحت مسمى إمارة شرق الأردن، وقبل الانتداب البريطاني كانت فلسطين من ضمن أراضي الدولة العثمانية، أي أن الدولة الفلسطينية المستقلة لم تقم على أرض فلسطين من ناحية فعلية، إلا أنها قامت في وعي الفلسطينيين وآمالهم بالتحرر والاستقلال. لم يكن مفهوم حل الدولتين وارداً في القاموس الوطني الفلسطيني أو العربي إلا من بعد العام 1974 حينما تم إقرار الحل المرحلي في دورة المجلس الوطني التي انعقدت في القاهرة آنذاك. منذ ذلك التاريخ عملت فصائل منظمة التحرير على تبني خيار الدولتين بعدما اتضح أن إزالة إسرائيل من أراضي 1948 غير ممكنة بسبب موازين القوى التي مالت لصالح إسرائيل بدعم ومساندة أمريكية وغربية، بالإضافة إلى اهتمام الدولة العبرية بالبحث العلمي والتكنولوجي المتقدم. مارس الفلسطينيون الكفاح المسلح من بعد هزيمة دول الطوق في حزيران 1967، وقد كانت جميع بنود الميثاق الوطني الفلسطيني تؤكد بأن فلسطين من بحرها إلى نهرها هي ملك للفلسطينيين لا يجوز التفريط بأي شبر منها، إلا أن مسلسلاً للتنازلات كان قد بدأ عام 1974 عندما أقر المجلس الوطني الفلسطيني حل الدولتين كحل مرحلي على أن يتم تحرير باقي فلسطين فيما بعد لإقامة دولة فلسطين الديمقراطية لجميع مواطنيها المسلمين والمسيحيين واليهود وباقي الأقليات كالدروز والشركس والأرمن. كانت الأردن بمثابة قاعدة للعمل الفدائي المسلح من العام 1967 ولغاية الصدام مع الدولة الأردنية عام 1970، حيث بعدها انتقل العمل المسلح إلى مخيمات لبنان لغاية خروج المنظمة من لبنان بعد اجتياح إسرائيل لبيروت عام 1982. وفي العام 1987، ورداً على انتهاكات الاحتلال للحريات في غزة والضفة، انتفض الشعب الفلسطيني بانتفاضة شعبية عارمة ضد قوات الاحتلال فيما سمي بانتفاضة الحجارة والتي انتهت بؤتمر مدريد وتوقيع إعلان المباديء في أوسلو عام 1993 وتكوين السلطة الوطنية عام 1994، ونصت اتفاقية أوسلو على مرحلة انتقالية مدتها خمس سنوات، أي أن الوضع القانوني للسلطة انتهى عام 1999. بعد انهيار مفاوضات كامب ديفيد عام 2000 اندلعت الانتفاضة الثانية التي جرى تسليحها مما أفقدها المشاركة الشعبية التي ميزت الانتفاضة الأولى، وأتاحت من جهة أخرى لجيش الاحتلال أن يمارس جبروته وتفوقه التكنولوجي على شعب شبه أعزل. السلطة الوطنية سعت إلى تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني بإقامة دولة كاملة السيادة على حدود الرابع من حزيران خالية من المستوطنات عاصمتها القدس الشرقية مع تنازل جوهري في الملف الأصعب وهو ملف اللاجئين فدأب مسؤولي السلطة والرئيس عباس على استخدام مصطلح " حل عادل لقضية اللاجئين " بدلاً من عودتهم وتعويضهم وفق القرار 194. تنازل آخر لا يقل خطورة تم في السنة الأخيرة، وهو إقرار السلطة بمبدأ تبادل الأراضي الذي يتيح لإسرائيل مبادلة منطقة المثلث ( التخلص من 300 ألف فلسطيني ) بأراضي المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية، أي أن السلطة تنفذ الأحلام والطموحات الصهيونية بترحيل أهل المثلث ليصبحوا خاضعين لحكم السلطة، مقابل ضم أراضي المستوطنات إلى الدولة العبرية، أي أن إسرائيل رابحة في الحالتين، فهي تتخلص من سكان المثلث وتحافظ على نقاء الدولة " اليهودية " وتشرعن في الوقت ذاته الاستيطان. هنا يتوجب الإشارة إلى أن الاستيطان على أراض يعتبرها القانون الدولي محتلة، هو أمر غير قانوني وغير مشروع وفق اتفاقية جنيف الرابعة التي تقر حق المدنيين تحت الاحتلال، ولو استعرضنا المواقف الدولية من الاستيطان سنجد أن الاتحاد الأوروبي يهدد دوماً بمقاطعة منتجات المستوطنات، وأمريكا الدولة الحليفة لإسرائيل تعتبر الاستيطان على أراضي الضفة غير شرعي وأنه لا يخدم عملية السلام، إلا أن السلطة التي انتهى تعاقدها عام 1999 قد ضربت بعرض الحائط توجهات الإرادة الدولية ضد الاستيطان وتنازلت مجاناً ( مقابل استمرارها كسلطة ؟) من خلال الموافقة على مبدأ تبادل الأراضي الذي يتلاءم مع يهودية الدولة، الذي يعني شطب وإلغاء أي حق للفلسطينيين في أراضيهم التي صودرت عام 1948 ! إسرائيل تركت الأغاني الثورية والبوسترات الدعائية والقصائد الحماسية للشعب الفلسطيني المخدر بأوهام الدولة المستقلة ذات السيادة في حدود 67، وشرعت بالالتفاف على هذا الحل بتكثيف الاستيطان على أراضي الضفة سواء من خلال إقامة بؤر جديدة أم من خلال توسيع التكتلات الضخمة، وهنا يجب التوقف والإمعان في التفكير والتأمل في واقع الاستيطان، فلماذا تصر إسرائيل على الاستيطان في أراضي الضفة رغم أنه محظور من وجهة نظر القانون الدولي ويعرضها للمقاطعة والحصار ؟! إسرائيل يا سادتي تعتبر أراضي الضفة أراضي توراتية يجب إعادتها للسيادة الإسرائيلية، وأن الفلسطينيين في الضفة ما هم إلا احتلال عربي يتوجب طردهم في نهاية المطاف، وإلا كيف نفهم وجود أحزاب تدعو إلى " الترانسفير " وهي ممثلة في الكنيست ؟؟! من ناحية استراتيجية بعيدة المدى إسرائيل تخطط لجعل حياة الفلسطينيين في الضفة جحيماً حقيقياً ( وهي كذلك الآن )، فالحقائق التي تم فرضها على الأرض بعزل المدن والقرى الفلسطينية في كانتونات مفصولة لا تواصل بينها، تؤكد أن الدولة العبرية ماضية في مخططات التهجير على المدى البعيد، من خلال التحكم بأسعار المواد الغذائية والمحروقات بما لا يلائم مستوى دخل الفرد في الضفة الغربية، فالسلطة قد وافقت عشية أوسلو على اتفاق باريس الذي يفرض على السلطة أسعاراً لا تقل عن نظيرها في إسرائيل، مما يعبر عن سياسة إذلال وإفقار للمواطن الفلسطيني الذي لن يجد ما يسدد به ثمن أنبوبة الغاز وفاتورة الكهرباء، فيضطر للبحث عن بلاد أخرى توفر حياة كريمة له ولأبنائه، ولهذا السبب يوجد في السويد وحدها زهاء 12 ألف فلسطيني. ما يجري الآن فيما يطلق عليه اتفاق الإطار ( سواء اعترفت السلطة أم لم تعترف ) هو تكريس عزل عنصري ( أبارتهايد ) لمدن الضفة في المنطقة أ تمهيداً لتهجيرهم ( طوعياً ) من خلال صناعة كل عوامل الإفقار المادي والمعنوي، إضافة إلى الاعتراف بيهودية الدولة وشطب حق عودة اللاجئين وضم المستوطنات والأغوار إلى الدولة العبرية. عزل عنصري صافي ومعازل وليسميها البعض " دولة " !! الإنسان يبحث عن الحياة الحرة الكريمة، فإن لم يجدها في بلده، بحث عنها في بلاد أخرى، ولهذا وجدنا الملايين من البشر يحلمون بالهجرة إلى أمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، فلماذا يقبل الفلسطينيون إقامة دويلة عزل عنصري تفتقر حتى إلى مصادر المياه ؟؟ أليس من الحكمة التخلي نهائياً عن وهم حل الدولتين الذي تبخر على أرض الواقع والمطالبة بدولة ديمقراطية واحدة ثنائية القومية ؟؟! لماذا لا نتعلم درس نيلسون مانديلاً في مكافحة العنصرية والعزل العنصري ؟؟!
#عبدالله_أبو_شرخ (هاشتاغ)
Abdallah_M_Abusharekh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بكائية على أطلال المشروع القومي
-
تطبيقات طبية لحل المعادلات الخطية !
-
ورقة للنقاش: نحو ميثاق فلسطيني جديد !
-
ورقة للنقاش: هل ما زال الكفاح المسلح ملائماً ؟!
-
سلطتان ومعاهد وجامعات .. رسالة من قلب الحصار !
-
يهودية الدولة بين الحقيقة والوهم !
-
شعب الله المختار !
-
ماذا تبقى من حل الدولتين ؟!
-
الكارثة الإنسانية في غزة !!
-
الأولمبياد الدولي في الرياضيات
-
حوار مع عبد القادر أنيس: هل عرقلة الإصلاحيين هي الحل ؟!
-
الإصلاح الديني بين الملحدين والسلفيين !
-
في ضرورة إصلاح وتطوير الإسلام !
-
السلفيون وتاريخية النصوص الدينية
-
أطفال في قلب الحصار !!
-
تهانينا للإسلاميين !!
-
عن التفكير الناقد
-
متى نعترف بالتخلف وأسبابه ؟!
-
عن أوهام الإعجاز العلمي مجدداً
-
يهودية الدولة هي المشكلة الحقيقية !!
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|