محمود الزهيري
الحوار المتمدن-العدد: 4329 - 2014 / 1 / 8 - 03:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
1
ببساطة الرؤية والتصور , تتبدي حالة التدهور العقلي والأخلاقي لما تم الإتفاق علي تسميته بـ " الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين " , الذي جعل علي رئاسته شخص وعقل وأخلاق المدعو " يوسف القرضاوي " , فهذا بدلالته الحقيقية يؤكد علي هذا التدهور , وإلا ما الذي يعنيه أن يكون يوسف القرضاوي هو رئيس هذا الإتحاد المزعوم .
2
يوسف القرضاوي مازل يمارس الكهانة الدينية من علي منابر السياسة القطرية , ومن ثم وجب نقده ونقضه في رؤاه وتصوراته وهلاوسه المقروءة والمسموعة والمرئية , والمسماة بالفتاوي الدينية , حتي وإن غلبت عليها منفردة أو مجتمعة نصوص دينية مقدسة من القرآن أو الأحاديث , وأقوال السلف , وإن طعمها بكل ماجاء في الأثر المزعوم , لأن الدين لايحتمل الإختلاف , ولكن السياسة بنيت علي تعددالرؤي والتصورات والأفكار والأراء , ومن السفه والعته والغفلة والجنون أن يغمس هلاوسه الدينية بأحبار الوقائع السياسية , فليس هناك أو هنا مقدس في السياسة علي المطلق .
3
آخر وليس آخراً .. كانت فتوي من فتاوي الشيخ العجوز الخرف يوسف القرضاوي , رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين , مقصورة علي تحريم المشاركة في الإستفتاء علي الدستور المصري , ومستندة في هذا التحريم علي آيات من القرآن , وآحاديث نبوية , مستخدماً الحيل الرخيصة في توظيف هذه النصوص للتخديم علي عنف وإجرام ودموية وإرهاب عصابة الإخوان المسلمين والعصابات الدينية الأخري الموالية لها ومعهم بعض من النخب والمثقفين الذين يروا في تبريرات وسفاهات وعته فتاوي القرضاوي علي أنها آيات من الذكر الحكيم .
4
القرضاوي بعنصريته الدينية الممجوجة يعبر عن عقليته المريضة , وعقول العصابة التي ينتمي إليها ويدعمها , ويري في تبرير فتواه العنصرية البغيضة في تحريمه للمشاركة في الإستفتاء علي الدستور المصري المحدد له يومي 14 و15 يناير2014 , بأن لجنة الخمسين التي أعدت الدستور وصاغته , لجنة علمانية ويسارية في مجملها، وأقل ما يقال في ممارساتها إنها لجنة إقصائية ، سعت بكل ما تملك لمصادرة الهوية الإسلامية ، والانتقاص من دور الشريعة الإسلامية ، وإلغاء كل الضوابط الشرعية والأخلاقية والقيمية ، التي تحافظ على أخلاق وعادات وتقاليد المجتمع المصري", وهكذا يري هذا الشيخ الخرف مايراه ويصدره في فتاوي دينية يراد لها من السفهاء أن تتوجب الإتباع , وإلا فمخالفتها تستوجب لعنة الله , وغضب رسوله , ويكون مثوي المخالفين لها جهنم وسقر وسعير , يوم القيامة .
ويضيف هذا العنصري مبرراً فتواه العنصرية التمييزية البغيضة ويبرهن بسؤال قرين الجهل والغباء في إشارة إلي الأقباط وكأنه يحرض علي كراهيتهم وإزدرائهم وتحقيرهم أو داعياً لتبرير العنف والإرهاب ضدهم متسائلاً :
"ما معنى خلو ديباجة الدستور من أي آية قرآنية أو حديث نبوي ، في حين توضع كلمة البابا شنودة , هذه مصر , وطن نعيش فيه , ويعيش فينا..
ويصف لجنة الخمسين حسب مزاعمه الخرفة في تأكيده علي تحريمه للتصويت علي الدستور المصري , بأنه أعداء للدين وشريعته ، ومتنكرين للإسلام ومبادئه، وطامسين للحقيقة وأركانها، وأنهم حرباً على الفضيلة ودعائمها..
وهكذا يفتي القرضاوي , هكذا يتلقف فتاواه العصابات الدينية التي تريد أن تحكم 90 مليون مواطن مصري .. وهكذا يريدوا أن يبسطوا سلطان الإرهاب علي مساحة مليون كم2 , ويجعلوا من مصر قاعدة للإرهاب الدولي ..
5
من حق القرضاوي أن يعيش في قطر , ومن حق قطر أن تعطي جنسيتها للقرضاوي , ومن حق علماء المسلمين أن ينتخبوا القرضاوي رئيساً لهم , ومن حقنا أن نهيل الأتربة والقاذورات علي فتاوي دينية صادرة من عقول أصابها العته , وتلوثت بالسفه , وصارت مصاحبة للجنون وملازمة له .
6
الدين وآياته وأحاديثه وآثاره , ليس ملكاً للقرضاوي , وليس ملكاً للعصابات الدينية , ولم يكن الدين قطاع خاص , يجوز للبعض أن يحتكره أو يتملكه , ولكنه عام يجوز لكل الناس أن تؤمن به أو لاتؤمن , فما بالك بالفتاوي الدينية التي ليست هي بدين , ولكنها تعبر عن رأي أو تصور لقضية من الأقضية أو مسألة من المسائل , ومن ثم من حق أي إنسان أن يقبلها أو يرفضها , أو يهيل عليها التراب والقاذورات إذا كانت فتوي دينية مغموسة بحبر المصالح التي تختص بها جماعة أو حزب أو هيئة أو شخص من الأشخاص .
7
غباء القرضاوي وأشباهه, وعصابتهم "الإخوان المسلمين" , خرجوا معاً من التاريخ , وصارت الجغرافيا تلفظهم وترفضهم , لأنهم أسري الأوهام والخرافات الملتبسة في تاريخانية النصوص والمرويات المصنوعة حسب رؤية الإستبداد الديني علي مر عصور حكم الطغيان والإستبداد الديني , وأوهام الخلافة وأستاذية العالم .. ذلك العالم الذي توحدت فيه الحدود الجغرافية الطبيعية ومعها الحدود الجغرافيا السياسية , ليصير العالم , " عالم واحد " , ويصير العرب والمسلمين المتخلفين عن ركب الحضارة والعقلنة والعصرنة والتمدن والأنسنة في خندق آخر مغاير , لدرجة أن أصبحوا علي حد وصف صديقي" أمين المهدي " , في أحد كتبه المعنونة " العرب ضد العالم " ..
8
من أخطر وأهم الإنجازات والتطورات التي مرت بمصر الوطن , ومصر المواطن , هو الصراع الذي مازلت أتمني أن يكون حقيقياً , بين المؤسسة العسكرية والمؤسسات الأمنية ومعهم غالبية المصريين , وبين عصابة الإخوان المسلمين الإرهابية ومعها العصابات الدينية الإرهابية الأخري وبعض من النخب والمثقفين في جانب آخر , لأن هذا الصراع تأخر طويلاً جداً , ومصر الآن مصابة بأورام سرطانية تضخمت في جسدها المريض الضعيف , وتحتاج لعدة جراحات لإستصال هذه الأورام , وبدأت الجراحة بإستئصال أورام الفاشية الدينية , ليأتي الدور علي باقي الأورام السرطانية التي سيعمل الوقت عامل كبير في إزالة واستئصال باقي الأورام المتمثلة في الفاشية العسكرية والأجهزة الأمنية , حين تكون كافة مؤسسات الدولة المصرية خادمة وراعية وحارسة وأمينة علي المواطنين والوطن , وهذا سيكون حينما نعبر مرحلة العلاج من مستشفي علاج أورام السرطان , إلي مرحلة النقاهة , والصحة , حيث حديقة الأنسنة والتمدن والمواطنة والمساواة في المواطنة وتكافوء الفرص وسيادة الدستور والقانون وتفعيل منظومة الحق والواجب .
9
لن تكون فتوي القرضاوي هذه هي آخر الفتاوي , ولكن ستكون هناك فتاوي كثيرة ممزوجة بالحسرة والألم وعض الشفاه والأنامل , تحسراً علي كتل من المصالح تم ضياعها , تصير لدي آخرين كانوا متضامنين معهم من الجنرالات والأجهزة الأمنية الذين رفضوا أن تقبل القسمة علي 2 , إلا أن هذه القسمة في النهاية ستصير علي 90 مليون مواطن مصري رغماً عن كل الفاشيات , وسيبكي الإخوان كثيراً , وسيبكي معهم كافة العصابات الدينية وبعض من النخب والمثقفين المستفيدين منهم , وسيبتهج الشعب المصري , وسيحين أوان الإبتهاج قريباً !
#محمود_الزهيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟