أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - فكر التكفير















المزيد.....


فكر التكفير


حميد المصباحي

الحوار المتمدن-العدد: 4328 - 2014 / 1 / 7 - 22:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


التكفير ليس جديدا في تاريخ الصراعات الدينية,بل هو قديم قدم العنف البشري,فحتى في المراحل السابقة على الديانات الموحدة,كان الناس يخافون من الأرواح التي تزهق,إذ اعتقد أنها تظل تطارد القاتل إلى أن تنال منه,و ليصير القتل مشروعا,اخترع المحاربون لعبة
التكفير,هربا من هوس مطاردة الأموات و القتلى لهم,فكان الفكر المسيحي مطورا لها إبان مواجهاته مع اليهودية و الوثنية,ليتحول القتل إلى طريقة لنيل رضى الله,و لم يستطع الإسلام في تأويليته لضرورة مواجهة الأعداء للتخلص من هذه النزعة,فلماذا تخلص منها الفكر المسيحي,و إلى حد ما حتى اليهودية,بينما بقيت لصيقة بالمسلمين؟
1التكفير
لم تكن فكرة التكفير تشغل بال الحضارة الإسلامية إبان أيام مجدها,فقد حاور المسلمون كل الملل و النحل,و حتى غير الدينيين لم يشكلوا حرجا لرجالات الدين عندما كانوا أهل فكر,لا يشعرون بأية عقدة ذنب أو نقص تجاه المختلفين عنهم,لكن بداية تراجع الإشعاع العلمي و الثقافي للحضارة الإسلامية,جعل قاعدة المتعلمين تضيق,لتتسع قاعدة الجمهور,فصار له رواده,ممن تمكنوا من التواصل معه,و هنا بدأت عمليات التبسيط لفهم القيم الدينية الإسلامية,و خوفا عليها من الفشل في مواجهة المختلف عنها ثقافيا و عقديا,شحن الذهن الشعبي الإسلامي,بالكره لكل مختلف عنه,فبدا الإسلام في نظر عامة الناس مهددا,مما سمح بالبحث عن مبررات التصفية لمن لا يقدسون الآثار الموروثة و المحكيات الغير ممحصة,فتمت تصفية حتى بعض المسلمين من ذوي النظر العقلي و الرؤية الموسوعية بحجة حماية الملة و الدفاع عنها بعد أن أقفلت أبواب الجهاد في وجوه السيافة و المجاهدين المستنفرين لإيمان العنف و الثغور,و لم يعدم أهل الجمود الفكري,دعاوي التحريض على التكفير,بآيات كانت سياقاتها حربية أو شبه حربية,لتتحول إلى واجب شرعي,و مبرر للتصفية الجسدية للخصوم و تصويرهم بمثابة أعداء لله و الشريعة الإسلامية,و تطورت هذه الصراعات بمسوغات سياسية,اعتبرت أن المرتد و الزنديق هو كل محاور عقلاني,أو مجادل فيما حسم فيه,فلم يكن من الغريب أن تنبعث هذه الدعوات من الجماعات التي كيفت الإسلام سياسيا في معاركها مع تجمعات مغايرة لها عقديا,فكان زعماء الإسلام السياسي,في كل من الهند و باكستان و غيرها من المناطق الإسلامية حيث وجدت أقليات غير إسلامية سباقة للتكفير,حماية لذاتها,و ممهدة لانشقاقات وطنية و طالبة باسم التضامن الإسلامي من دول النفط دعمها في معركتها ضد الكفر.
2التقتيل
إضافة لما سبق,فقد عاش المسلمون منذ أيام الخلافة,صراعات سياسية,أصبغت عليها لبوسات دينية,لجر الأتباع و حثهم على التكتل عقديا بغية إخفاء النزوعات القبلية,التي استغلت للإستقواء بالقبيلة سرا,و البحث عن دوافع زهدية تجعل المعارك دينية في عمقها,و لأن تلك المعارك خلفت جروحات غائرة في الوعي العربي الإسلامي,فقد بقيت متحكمة في الصراعات,يتم استحضارها لإخفاء المصالح,و هنا اشتدت الحاجة من جديد,لشرعنة التقتيل باسم حماية الدين الإسلامي,فكفر المسلمون بعضهم بعضا,ضربا لمشروعية الحكم و من هم على سدته,أو التشكيك في إسلامية الداعين لإسقاط الدولة المالكة لزمام الحكم,فلم يكن العنف قانونيا و إنما شرعيا بالمعنى العقدي,لتحرير الفاعلين من عقدة الذنب,بما يشكله القتل من جريمة شنعاء لا تغتفر,سماها المسلمون بالكبيرة,و احتلت كحد بديلا للجهاد ضد الأجانب,أو غير المسلمين,إنها دينامية لحفظ الوجود و التنفيس عن الشعور بالدونية تجاه الغير,و رفض لكل الأفكار التي يبشر بها حتى إن كان الداعون إليها مسلمون,ينزع عنهم هذا الإنتماء تبريرا لتصفيتهم و التخلص منهم حتى إن كانوا حملة أقلام و أفكار.
3الإفتاء
صيغة الإفتاء,تعني الحسم فيما يتطلب قولا فصلا,ليتحمل المفتي وزر فتواه,فهو إعلان للقتل و إبراء لذمة القاتل,الذي يصير مطبقا لأمر إلاهي رغم أن المفتي بالجريمة فقيه أو متبحر في أمور الشريعة,فكأنه القاضي الحاسم في النوايا,و الذي يؤسس فتواه على ما بدر من المعني من سلوكات أو أقوال,يطبق عليها قياسات أثرية حدثت في زمن الحروب,ليقدمها في صيغة قول شرعي,و بذلك يعتبر المفتي نفسه مجرد مقايس لواضح الشريعة في الردة,أو الجحود العقدي,دون أن يكلف نفسه,عناء التسؤل عمن خول له هذا الحق,في ظل التطورات التي يعرفها العالم المتمدن في التعامل مع المحكومين بالإعدام,و الصراعات التي تخوضها الإنسانية لحفظ حياة الأفراد و الجماعات,باعتبارها حقا,لا ينبغي أن تطاله المبادرات المستهترة بأرواح الناس مهما بلغت درجة الإختلاف معهم,و إلا سيكون عليه إصدار أحكام حول كل من نطق بكلمة في حق الإسلام و المسلمين,و هذه مؤشرات على إشعال فتن الصراعات الدينية أو حتى التوجهات الدينية داخل الديانة الواحدة,و هو ما لا يمكن قبوله.
4التكفير في المغرب
هذه الآلية غريبة,في التاريخ المغربي,و لم تظهر إلا نادرا,لكن الحركات الإسلامية المغربية,و بفعل تاثرها بالتقاليد السلفية المشرقية,تبحث لدعاها عن الأضواء,كمحاول لجس نبض الشارع المغربي,و كل قواه السياسية و المدنية و حتى الثقافية,و قد بلغت حد تكفير شهداء يساريين و مفكرين,و امتدت للكاتب العام لحزب الإتحاد الإشتراكي,ليبدو المفتي غيورا على القيم الشرعية الإسلامية,ليحول الصراعات السياسية بين كل من حزبي الإتحاد الإشتراكي المعارض,و العدالة و التنمية الحاكم إلى صراعات دينية,و هي لعبة غايتها عزل الإتحاد و كل قوى اليسار,في الزاوية,و ليثبت العدالة و التنمية,إلى أن لديه متطرفيه حتى خارج جمعية الإصلاح و التوحيد,الذراع الدعوي للحزب,مما يفرض على كل القوى المدنية الحداثية و اليسارية اعتبار المعركة جدية في توقيتها و أدواتها.
خلاصات
لا محيد عن مواجهة الفكر التكفيري,سياسيا و ثقافيا و حتى قانونيا,فهذه معركة توعية بخطورة استخدام الإسلام سياسيا أو التهديد به,من خلال شحن عقول الناس بمتعية العنف و اعتباره جهادا,بينما الجهاد الحقيقي,هو التخلص من براثن التخلف و الإقلاع الإقتصادي الذي لو تحقق لما وجدت هذه الأفكار الإفتائية من ينصت لها أو يعيرها انتباها.
حميد المصباحي كاتب روائي



#حميد_المصباحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسة الإضمار و سياسة الإعلان
- المثقفون المغاربة الجدد
- اللغة و اللهجة المغربية
- العدالة و التنمية,سياسية الديني
- سياسية المتدين
- الصراع الديني اندحار
- الديمقراطية و الديموسلامية
- أين الإقتصاد الإسلامي؟؟
- المدرسة المغربية و العنف
- المدرس و جودة التعلمات
- السلفية و حداثية الحزب
- استراتيجية الكفايات
- العقيدة و الوطن سياسيا
- الدولة الإسلامية و إسرائيل
- مجتمع اللامدرسة
- المدرسة المغربية و المعرفة
- المجتمع المغربي و المدرسة
- اليسار العربي و الجيش
- الجيش المصري و الإخوان
- سقوط إخوان مصر


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حميد المصباحي - فكر التكفير