|
هل حقاً أهل السنة من أنصار يزيد؟
عبدالخالق حسين
الحوار المتمدن-العدد: 4328 - 2014 / 1 / 7 - 13:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
غني عن القول، أن الغرض الرئيسي من دراسة التاريخ هو لاستخلاص الدروس والعبر وتجنب تكرار أخطائه. ولكن في عالمنا العربي - الإسلامي، وفي زماننا الرديء هذا، راح وعاظ السلاطين من مرتزقة ملوك البترودولار ينبشون في بطون كتب التراث لاستخراج ما يخدم أغراضهم بتوظيفه لتمزيق الشعب الواحد، وتفتيت نسيجه الاجتماعي بإثارة الفتنة الطائفية التي صارت غذاءهم اليومي وتحت عناوين خادعة بأن الغرض من كتاباتهم هذه هو وحدة الصف!!.
يحاول هؤلاء الكتبة والصحفيون، وخاصة من مرتزقة الإعلام السعودي والخليجي، مواصلة الشحن الطائفي في العراق وهو يخوض معركة المصير مع أخطر منظمة إرهابية، ألا وهي القاعدة وأخواتها التي تتكاثر كالفطر وتحت مختلف الأسماء. قلنا في مقال سابق أن الحكومات العربية عندما تحارب الإرهاب في بلدانها، تتلقى الدعم والمساندة من جميع الجهات وخاصة من مؤسساتها الإعلامية. ولكن عندما تقوم الحكومة العراقية بمحاربة التنظيمات الإرهابية ذاتها، يتخذون موقفاً مختلفاً في صالح الإرهاب، فيحاولون إعطاء الحرب العراقية على الإرهاب بعداً طائفياً والإدعاء بأن القوات العراقية "الشيعية" تحارب "أهل السنة"، رغم أننا نحارب عدوا مشتركاً (القاعدة ومشتقاها).
وعلى سبيل المثال لا الحصر، كتب الصحفي اللبناني السيد غسان شربل في صحيفة (الحياة) اللندنية الممولة من السعودية، مقالاً يسأل: "كيف يمكن للشيعي والسنّي أن يعيشا في العراق بعدما قال المالكي ان عمليات الانبار هي إستمرار للحرب بين أنصار الحسين وأنصار يزيد". ؟؟؟؟ وليت الأمر توقف في ترديد هذه العبارة الطائفية على مرتزقة السعودية، بل راح يرددها بعض الكتاب العراقيين ممن لا يشك أحد بولائهم للعراق والديمقراطية، ظناً منهم أن محاربة الطائفية تتطلب منهم ذلك، وهذا يكشف لنا مدى سهولة وقوع الإنسان في الفخ.
فهل حقاً يزيد محسوب على أهل السنة؟ وهل من الإنصاف اعتبار أهل السنة بأنهم من أنصار يزيد؟ الجواب: كلا وألف كلاً. فهل هناك سني واحد يحمل اسم يزيد أو معاوية؟ كلا، (باستثناء موريتانيا البعيدة عن مشاكل الشرق الأوسط)، بينما نجد الملايين من أهل السنة بأسماء أهل البيت مثل: علي وحسن وحسين وعباس، وفاطمة وزينب وسكينة...الخ (باستثناء الأسرة المالكة من آل سعود). فيزيد ملعون عند أهل السنة بمذاهبهم الأربعة منذ فجر الإسلام وإلى الآن، باستثناء الوهابية التي هي حركة تكفيرية منحرفة، تأسست في أواخر القرن الثامن عشر، إذ كما قال الأستاذ أحمد كاظم في مقال له في هذا الخصوص: "الوهابية ليست مذهبا من مذاهب السنة، بل هي بدعة ابتدعها المبشر المخابراتي البريطاني همفر وقد اكد ذلك في مذكراته. يقول همفر انه درب محمد بن عبد الوهاب على هذه البدعة لزرع الفرقة بين المسلمين بواسطة الارهاب الوهابي وقد نجح في مسعاه. آل سعود تعايشوا مع الوهابية تعايشا طفيليا ليديم احدهما الآخر وقد تحقق ذلك. "(2)
ومن رحم الوهابية، وبأموال مملكة البترول السعودية، ولدت اللقيطة "القاعدة" والتي بدورها راحت تفرخ التنظيمات الإرهابية في العالم الإسلامي. فالوهابية ولقيطتها "القاعدة" هي ضد جميع المذاهب الإسلامية بما فيها السنية، ولكن التكفير من حصة الشيعة فقط.
وهناك أدلة من التاريخ الإسلامي تؤكد على أن موقف أهل السنة في ولائهم لأهل البيت، وعدائهم لخلفاء بني أمية (عدا الخليفة عمر بن عبدالعزيز- الراشدي) لا يختلف عن موقف الشيعة. لذلك ندرج أدناه هذه الأدلة ومن مصادر أهل السنة لتأكيد صحة ما نقول. فمعاوية هو الذي قتل أبناء الخليفة الأول أبي بكر الصديق (رض الله عنه)، إذ جاء في دراسة للدكتور محمد صالح المسفر، جامعة قطر، بعنوان: (من قتل عائشة وكيف؟) جاء فيها ما يلي: ((في زيارة معاوية للمدينة لأخذ البيعة لابنه يزيد عارضه الكثير من الصحابة لفسق يزيد وجهله، وعندما قرر معاوية الانتقام منهم بالخصوص من قتلة عثمان بن عفان فأمر بقتل عبدالرحمن بن ابي بكر وأخته عائشة بنت ابي بكر. وقد قتل الاثنين غيلة. إذ قتل عبدالرحمن بالسم وقيل بدفنه حيا، وقد يكون معاوية قد استخدم الوسيلتين معا أي سما ودفنه حيا. المصدر: البداية والنهاية ,ابن كثير 8/123، المستدرك الحاكم)) ويضيف الباحث: "وكانت السيدة عائشة قد ثارت على معاوية لقتله أخيها عبد الرحمن وتخاصمت علنا مع مروان بن الحكم والي معاوية على المدينة فألحقها معاوية بأخويها عبد الرحمن و محمد في سنة 58 هجرية ... المصدر: البداية و النهاية 8/96 ))(1).
كما واستباح يزيد المدينة لثلاثة أيام، وفي هذا الخصوص قال ابن كثير: "وقد أخطأ يزيد خطأ فاحشاً في قوله لمسلم بن عقبة أن يبيح المدينة ثلاثة أيام، وهذا خطأ كبير، فإنه وقع في هذه الثلاثة أيام من المفاسد العظيمة في المدينة النبوية ما لا يُحد ولا يوصف، مما لا يعلمه إلا الله عز وجل...وقد أراد بإرسال مسلم بن عقبة توطيد سلطانه وملكه، ودوام أيامه، فعاقبه الله بنقيض قصده، فقصمه الله قاصم الجبابرة، وأخذه أخذ عزيز مقتدر". (ابن كثير في البداية والنهاية، 11/627 ط. التركي).
أما ولاء مؤسسي المذاهب السنية الأربعة لأهل البيت وعداءهم لخلفاء بني أمية فيمكن التأكد منه كالآتي: ساند الإمام الأعظم أبو حنيفة الشهيد الثائر زيد بن علي زين العابدين، على الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك وقال عنه (ضاهى خروجه خروج رسول الله يوم بدرٍ). وقال الزمخشري في هذا الخصوص: "كان أبو حنيفة يفتي سراً بوجوب نصرة زيد بن علي، وحمل الأموال إليه، والخروج معه على اللص المتغلب المتسمى بالإمام والخليفة" (أنظر: الزمخشري، الكشاف، ج1 ص64). ولما ثار محمد بن عبد الله الحسني في المدينة، ضد المنصور بايعه أبو حنيفة. وظل على تلك البيعة بعد مقتله إذ كان يعتقد بموالاة أهل البيت. (الشهرستاني الملل والنحل ج1 ص79).
والإمام الشافعي الذي أُتهِم بأنه رافضي لشدة تشيّعه فقد قال في ذلك شعراً: ( راجع بن حجر، ص 79، 88، 108): قالوا ترفضتَ قلتُ كلا ..... ما الرفض ديني ولا اعتقادي لكن توليتُ غير شكٍ ...... خير إمام وخير هادي إن كان حب الولي رفضاً..... فإنني أرفَضْ العبادِ وقال في مكان آخر: إن كان رفضاً حب آل محمد.... فليشهد الثقلان أني رافضي
وأما أنس بن مالك فكان من تلاميذ الإمام جعفر الصادق (ع) وقد ساعد محمداً الحسني في ثورته على المنصور إذ أفتى بصحة بيعته فعاقبه المنصور على ذلك ضرباً بالسياط.( جرجي زيدان، التمدن الإسلامي، ج4، ص 119.) وإذا ما أتينا إلى الإمام السني الرابع، أحمد بن حنبل، فهو الآخر لا يقل عن نظرائه في التشيُّع لعلي والإشادة بفضله. وهو القائل: "ما جاء لأحد من الصحابة من الفضائل ما جاء لعلي" (أنظر بن حجر، المصدر السابق).
إذنْ، أين ولاء أهل السنة ليزيد وبني أمية؟ وما الفرق بين أهل السنة والشيعة في موقفهم من يزيد حتى يحسب أهل السنة من أنصار يزيد؟
فمن هم إذنْ، أنصار يزيد؟ أنصار يزيد هم الوهابية فقط، وبالأساس تأسست هذه الحركة، (ولا أسميها مذهباً، لأن الوهابيين يعتبرون أنفسهم حنابلة أي من مذهب أحمد بن حنبل)، ولكن في الحقيقة هم خوارج العصر، وهم وحدهم دون غيرهم يقدسون يزيد. ففي السعودية هناك كتاب مقرر تدريسه لتعليم النشء الجديد من تلامذة المدارس الابتدائية بعنوان: (فضائل أمير المؤمنين يزيد بن معاوية). كذلك شاهدنا فيديو يبين قيام "جبهة النصرة" في سوريا بتشكيل كتيبة باسم: (كتيبة أمير المؤمنين يزيد بن معاوية). كما وأود التوكيد، أن ما يجري في سوريا من قتال ودمار، هو ليس ضد حزب البعث، بدليل أن "الثوار" شكلوا كتيبة باسم (كتيبة الشهيد صدام حسين)، وغني عن القول أن صدام هو أقذر بعثي على وجه الأرض. وهذا يدل على أن ثورة هؤلاء ليست على البعث، بل لتخليص البعث من العلويين، يعني لأغراض طائفية.
الاستنتاج ومن كل ما تقدم نستنتج أن يزيد ملعون من قبل جميع المذاهب الإسلامية (سنة وشيعة)، و اعتبار أهل السنة من أنصار يزيد إساءة لا تغتفر بحقهم. وعليه، فقول السيد نوري المالكي "أن عمليات الانبار هي استمرار للحرب بين أنصار الحسين وأنصار يزيد"، صحيح لا غبار عليه. فهذه الحرب ضد عدو الشعب العراقي كله سنة والشيعة، وبجميع مكوناته، يشارك فيها السنة والشيعة والكرد والمسيحيون من جهة ضد فلول تحالف القاعدة البعثية التي هي تمثل جبهة يزيد من جهة أخرى. ففي كل مراحل التاريخ الإسلامي كان أهل ألسنة والشيعة مع أهل البيت في حروبهم ضد الظلمة من خلفاء بيني أمية وبني العباس. إذ كما قال الراحل علي الوردي: "بعث على بن أبي طالب روح الثورة في المجتمع الإسلامي. فتولى تلك الروح بعد موته طائفتان من الناس، هما طائفة الشيعة من جانب، وطائفة أهل الحديث (أهل السنة) من الجانب الآخر. أولئك ثاروا بسيوفهم وهؤلاء ثاروا بأقلامهم. واستطاعت الطائفتان أخيراً أن تقضي على الدولة الأموية قضاءً كاد أن يكون مبرماً. إذا تكاتف السيف والقلم على أمر، فلا بد أن يتم ذلك عاجلاً أو آجلاً. ــــــــــــــــــــــــــ مصادر 1) د.محمد صالح المسفر، جامعة قطر، من قتل عائشة وكيف؟، البرهان، موقع أهل السنة والقرآن http://albrhan.org/portal/index.php?show=news&action=article&id=1031
2) أحمد كاظم: البدعة الوهابية و المذاهب السنيّة الاربعة http://almurakeb-aliraqi.org/index.php/views/12349.html
#عبدالخالق_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نواب يمثلون الواجهة السياسية للإرهاب
-
تحية لجيشنا الباسل في حربه على الإرهاب
-
البعث والقاعدة وجهان لتنظيم إرهابي واحد
-
إعمار العراق ولعبة الشركات الوهمية
-
مانديلا في مسيرته الطويلة إلى الحرية
-
الانتخابات القادمة والحملات التسقيطية
-
الاتفاق النووي الإيراني انتصار للعقل والاعتدال
-
هل حقاً المالكي سبب الإرهاب السعودي في العراق؟
-
الفعل ورد الفعل في التجاوز على الشعائر الدينية
-
زيارة المالكي لأمريكا، نجاح أم فشل؟
-
قوانين لتكريس الصراعات الطائفية
-
مَنْ الذي تسبب في كوارث العراق؟
-
التقارب الإيراني الأمريكي وجنون البقر السعودي
-
في عشية زيارة المالكي إلى واشنطن
-
إصرار العراقيين على تدمير أنفسهم
-
الفتنة أكبر من القتل
-
من يهن يسهل الهوان عليه
-
التفاهم الإيراني- الأمريكي انتصار للسلام والحكمة
-
اغتيال الزعيم عبد الكريم قاسم مجدداً
-
على أمريكا إما أن تحتل سوريا أو تتركها لحالها
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|