الخيانة وتأثيرها على الأمن القومى المصرى

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 4327 - 2014 / 1 / 6 - 19:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

فى الكثير من الأحيان قد يواجه المرء اتهامات تتعلق بالخيانة. فما هى الخيانة؟ الخيانة نوع من السلوك التآمرى يقوم به شخص أو جماعة—على غير المتوقع-- ضد مصلحة شخص أو كيان آخر. هنالك أنواع مختلفة من الخيانة: الخيانة الزوجية وخيانة الأمانة وخيانة الوطن. من المهم أن نشير الى أن كل هذه الخيانات ليست على نفس القدر من الأهمية أو الخطورة. فخيانة الأمانة تعد جنحة فى عرف القانون المصرى (المادة 341 من قانون العقوبات رقم 95 لسنة 2003م) والنتائج السلبية المترتبة عليها قد تلحق الضرر بشخص ما. ومن المعروف أن الخيانة الزوجية قد تهدد كيان أسرة وتماسكها وتعتبر جنحة فى قانون العقوبات. أما خيانة الوطن أو الخيانة العظمى فتعد جريمة كبرى قد تقود المرء إلى حبل المشنقة فى بعض الدول كمصر والولايات المتحدة الأمريكية أو إلى السجن المؤبد فى معظم الدول الأوربية, والأمريكية كبريطانيا وألمانيا وتركيا وفرنسا وكندا.

من المفيد أن نشير أن تعريف خيانة الوطن أو الخيانة العظمى يختلف من دولة إلى أخرى. فالخيانة العظمى فى الولايات المتحدة مثلا تتحقق (المادة 3 بند 3 من الدستور الأمريكى) إذا حمل المرء سلاحا لتدمير وطنه لأن الجريمة هنا من شأنها أن تهدد سلامة الوطن. أما التخابر ونقل المعلومات إلى دولة أخرى فيعتبر عملا من أعمال التجسس ولا يرقى إلى الخيانة العظمى فى الدستور الأمريكى. لعل الجميع يعلم أن الجاسوس الأمريكى ادوارد سنودن قد كشف النقاب عن ممارسات الأجهزة الأمريكية فى تتبع الهواتف والتجسس على المواطنين فى أمريكا وأوروبا وقد استطاع سنودن تسريب الكثير من المستندات إلى صحيفتى الواشنطن بوست والجارديان اللتان قامتا بنشر الكثير من هذه المعلومات خلال العام المنصرم ثم لجأ سنودن إلى الاتحاد السوفيتى طالبا اللجوء السياسى المؤقت. من الملاحظ أن مثل هذه الجريمة لا تؤدى إلى الإعدام حسب القانون الأمريكى. أما فى مصر فإن القانون رقم 79 لسنة 1958 فقد قدم تعريفا للخيانة العظمى وهى "كل جريمة تمس سلامة الدولة وأمنها الخارجى أو الداخلى أو نظام الحكم الجمهورى ويكون منصوصا عليها فى القوانين المصرية ومحددا لها فى أى من هذه القوانين عقوبات الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة والاعتقال المؤبد أو المؤقت". ومن أعمال الخيانة أن تحمل سلاحا أو تنقل معلومات لدولة أجنبية. اللافت للنظر أن جريمة التخابر من شأنها أن تمثل تهديدا لسلامة الوطن سواء ارتكبت داخل الوطن أو خارجه حيث يقوم الخائن بالتعاون مع أجهز دول أجنبية ويقدم لها معلومات مقابل مبالغ مالية أو هدايا عينية وهذه الجريمة تقاومها الأجهزة المختصة التى تتعقب فاعلها وتقدمه إلى المحاكم. وإذا ثبتت الوقائع فالمتهم قد يتعرض للإعدام.

وكذا الحال بالنسبة للتأمر مع قوى أجنبية لتحقيق أهداف سياسية داخل أرض الوطن حيث يعد نوعا من الخيانة إذ يعمل المواطن على معاونة بعض الدول الأجنبية لتحقيق مصالحها من خلال التدخل فى شئون البلاد الداخلية. وفى هذا الصدد فإننا نثمن ما يقوم به الصحفى د. عبد الرحيم على الذى يقدم برنامج "الصندوق الأسود" على قناة "القاهرة والناس" حيث يقوم بعرض بعض التسجيلات التى تكشف دور بعض الشخصيات التى تصدرت المشهد السياسى بعد 25 يناير فى التآمر والتعاون مع جهات أجنبية ضد مصلحة البلاد. وقد تعرض عبد الرحيم لهجمة شرسة تحت دواعى حقوق الإنسان وخصوصية المكالمات وخلافه. وهذا تضليل لأنه لا يذيع مكالمة بين رجل وزوجته أو ولد ووالده يتناولان فيها أمور أسرية لكن الموضوعات التى تتناولها هذه التسجيلات تخص أمن الوطن وفى هذه الحالة نتذكر مقولة رئيس الوزراء البريطانى كاميرون إبان أحداث الشغب فى لندن عام 2013م حيث قال عندما تتعرض أمن بريطانيا للخطر فلا مجال للحديث عن حقوق الإنسان.

وفى ظنى فإن هنالك سلوكيات أخرى لا تمثل تخابرا مباشرا أو تآمرا مع جهة أجنبية تسعى لتحقيق مصالحها على حساب الوطن لكنها قد تندرج تحت الخيانة—ولو لم يعتبرها قانون العقوبات كذلك— خاصة فى الفترات الحرجة التى تمر بها البلاد. من أمثلة هذا النوع من الخيانة: استغلال النفوذ لتحقيق مصالح شخصية أو التربح من الوظيفة واستغلال الأزمات الاقتصادية لتحقيق مكاسب مادية. لا شك أن قانون العقوبات يعتبر استغلال النفوذ والسلطة جنحة تستحق الحبس وفقا للمادة 106 من قانون العقوبات غير أن الشخص الذى لا يؤدى عمله وواجبه ومهامه الوظيفية بأمانة ولا يلتفت إلا إلى ما يحقق مصلحته أو مصلحة أبنائه فهو خائن للوطن لأنه بذلك يساهم فى نمو السخط الشعبى وانتشار الظلم والفساد حيث يشعر أفراد الشعب أن حقهم ضائع وأنهم لا ينتمون لهذا الوطن. من البديهى القول إن انتشار الظلم ومشاعر عدم الانتماء يشكل تهديدا صريحا للأمن القومى. فالثورات لا تقوم إلا إذا انتشر الظلم فى المجتمع. كما إن استغلال الأزمات الاقتصادية للتربح قد يؤدى إلى انتشار الفوضى فى البلاد. لا شك أن الشخص الذى يستغل أزمة فى سلعة تموينية فيقوم بتخزينها وبيعها بأسعار مضاعفة هو فى الواقع خائن صريح لوطنه لأنه لا يهتم إلا بما يحقق المنافع الشخصية ولا يلتفت إلى المصالح العليا للبلاد بل لعله يساهم فى تدمير الوطن اقتصاديا ومن ثم يتعرض الأمن القومى للخطر.

خلاصة القول إن أى فعل أو سلوك يهدد الأمن القومى للبلاد يعتبر عملا من أعمال الخيانة سواء أطلقنا عليه خيانة عظمى أو صغرى.

#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات