|
الخطاب الإسلامي الجديد..هل هو جديد بالفعل؟
أحمد عدلي أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 1231 - 2005 / 6 / 17 - 11:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتبت هذه المقالة أصلا كرسالة وجهتها للمثقف المصري البارز والقيادي في حزب الوسط المصري (تحت التأسيس) عبد الوهاب المسيري تعليقا على مقال له بعنوان (ملامح الخطاب الإسلامي الجديد) وأنشرها الآن على موقع الحوار المتمدن اعتقادا مني أنها على رغم سياقها السجالي لا تخلو من طروحات مهمة ، وللاسف أن التجاهل كان موقف السيد المسيري من الرسالة ، ولا تعليق على ذلك. أرسل هذا الخطاب من موقف المتابع لحركة الفكر الإسلامي المعاصر وبسبب رغبتي في أن يتطور ذلك الفكر لكي يكون جديرا بما يجب أن يكون عليه من قيادة المجتمعات الإسلامية نحو الخروج من أزمتها الشاملة العميقة ، وأرى أن حزبكم لديه القدرة الحقيقية على أن يفعل ذلك رغم ما يواجهه من محاولات حكومية لعرقلة مسيرته، وأبعث إليك بهذه الرسالة التي تحمل نقدا للمواقف التي يتبناها الخطاب الإسلامي الجديد الذي أنت أحد أركانه والذي تحاول رصد أطروحاته من موقف الواقف داخل مربعه - ولك كل الحق في ذلك-. أولا: أحيي ذلك الموقف الذي يفصل بين الإسلام كدين وبين الفكر الإسلامي كفكر يحاول -أو يدعي أنه استطاع- أن يؤسس رؤية للعالم والحياة اعتمادا على النصوص الدينية ، وأعتقد أن النتيجة المنطقية لهذه المقدمة هو الاعتراف بأن الليبرالي واليساري والعلماني الذي يؤمن بمفارقة الله سبحانه للبشر في الطبيعة وبنبوة النبي صلى الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء المذكورين وبألوهية مصدر الكتاب وبحياة بعد الموت هو من جملة المسلمين ،وإن كان ينقصه التأكيد على أن أيا من هؤلاء يمكن أن يكون مؤمنا ملتزما صالحا طالما أن الإسلام لا يفرض مذهبا سياسيا محددا، ولكنني بصراحة أرى أن هذا الموقف المتقدم في النظرة للخصوم السياسيين( والذي أراه الأساس لأي تيار إسلامي يدعي أنه يريد الدخول للسياسة من باب الممارسة الديموقراطية) ليس هو السائد داخل الفكر الإسلامي الجديد كما يتضح في جل أدبياته الهامة والحق أنني أرى أن أغلب أقطاب هذا الخطاب لا يزالون يتبنون مقاربات مختلفة لآراء سيد قطب -وهو أحد أكبر مؤسسي الخطاب الإسلامي الجديد حتى ولو أهملت أنت اسمه في مقالك- وهي الآراء التي تكفر جميع الأفكار التي لا تدعي انطلاقها من الإسلام من خلال مقولة الحاكمية ، وإن كان الآخرون أقل شجاعة من قطب فهم يصوغون آراءهم في أدبيات أقل ميوعة ولكنها ليست بالضرورة أقل تشددا- حتى لو لم يكونوا هم واعين بذلك. ثاني مأخذ على تصورات الخطاب الإسلامي الجديد كما وردت في مقالك الهام هو رؤيته للغرب وللحداثة الغربية ، فهو أولا يخطئ حين يخلق كائنا وهميا يسمى الغرب ، ثم يخطئ ثانيا حين يتصور أن الموروث الإسلامي والفكر الغربي - بما فيه العلمانية- على هذه الدرجة الحادة من التناقض مع القيم الإسلامية ، ثم يقع في الخطأ الأكبر حين يربط بين قيم الحداثة والإمبريالية و جرائم الإبادة والعنف ربطا بنيويا، ذلك أن الغرب مفهوم وهمي آن أن نتخلص منه في الدراسات الاجتماعية والسياسية و الحقيقة أن الغرب هو طيف كبير غير متجانس يبدو أمام الرؤية السطحية بلون واحد ولكن عند التحليل تنكشف تبايناته ، فليس صحيحا أن الفكر الغربي هو العلمانية ، فللخطاب الديني في الغرب مكان وتأثير لا يمكن إهماله؛ صحيح أن الآباء لم يعودوا يشنون الحروب ولا يسقطون الملوك ، ولكن تأثير الديني في أمريكا وأوروبا لا ينكره إلا جاهل أو متجاهل ، وهذا الديني ليس اتجاها واحدا ، بل هو طيف واسع أيضا منه اللاتيني والأرثوذكسي والبروتستانتي _ وهذا بحد ذاته طيف واسع_ وفي جميع هذا هناك المتطرف الموازي للسلفية الوهابية في الشرق الإسلامي وهناك الإصلاحي الموازي لحركات تجديد الخطاب الإسلامي المتهمة بالكفر في بلادنا ، بل إن العلمانية نفسها وإن كانت لها صفات موحدة إلا أنها تضم خطابات متباينة ما يفرقها أهم مما يوحدها فهناك الليبرالي واليساري؛ الحداثي والبعد حداثي ، وفي كل اتجاه مما سبق فروق بين معتدلين ومتطرفين وحتى مدرسة فرانكفورت واليسار الجديد الذي هاجم الحداثة والمركزية الغربية هو نتاج الغرب أيضا والحق أن الحديث عن أن الرأسمالية وقيم الثورة الفرنسية والقومية تمثل قيم التيار السائد في الغرب بحيث يمكن نعتها بالقيم الغربية هو صحيح فقط من وجهة نظر تاريخية تصدق على الغرب قبل الحرب الثانية، أما بعد الحرب فقد شهد الغرب إعادة صياغة حادة على مدى نحو نصف قرن سقطت معها أمور كانت تعتبر مسلمات وتشكلت خطابات ومبادئ مغايرة بحيث لم تعد الفواصل بين الرأسمالية والاشتراكية حادة ، بل وجد الطريق الثالث وباتت له السيادة كما انهارت القومية المتطرفة التي أشعلت حربين عالميتين وأعادت الدول الغربية صياغة دساتيرها لتصبح دولا لكل مواطنيها بينما تكفلت دول من الشرق الأقصى استطاعت أن تجد لنفسها مكانا تحت الشمس بأن تسقط المركزية الغربية نسبيا وتجبر العالم على احترام قيمها وثقافاتها وإنجازاتها، والحق فإن العالم الغربي ما استطاع أن يتجاوز الآثار الكارثية التي خلفتها الحرب العالمية الثانية إلا بفضل الفكر النقدي الذي هو نتاج الحداثة والتنوير، و إلا بفضل حرية الرأي التي سمحت لمفكرين من نوعية مفكري مدرسة فرانكفورت أن يصدروا آراءهم دون أن يفصلوا من معاهدهم وجامعاتهم رغم ما في أفكارهم من هجوم شرس ومتحامل على قيم مجتمعاتهم وتاريخها، وأزعم أيضا أن الحديث عن أزمة الحداثة الغربية هو حديث إفك كان انتشاره تعبيرا عن أزمة تيار واحد فقط من تيارات الفكر الغربي هو ما يسمى باليسار الجديد وهو تيار محبط ومهزوم يمثل الاشتراكية الماركسية في انتكاستها التاريخية بعد سقوط حلمها اليوتوبي ، فانطلقت تؤسس خطابا عبثيا يتستر برؤية إنسانية واهية ترفض الوضع القائم دون أن تؤسس بديلا واقعيا ، وليس خطاب ذلك التيار حول نقد قيم الحداثة مثل العقلانية والديموقراطية إلا امتدادا لهذا العبث الذي يتخفى وراء ادعاء التسامح والرؤية العالمية الشاملة ونقد المركزية الغربية ولكنه لا يطرح إلا رؤى عدمية تزعم بجواز كلا المتضادين وهي رؤية العالم التي قادت إلى تفكيكية جاك دريدا التي تزعم عدم وجود المعنى إلا في عقل القارئ ، ولكن قطاعات من الفكر العربي ومنه الخطاب الإسلامي المعاصر (منذ سيد قطب) اعتمدت على اقتباسات من هذه الانتقادات وانتقادات أخرى لكي تحاول أن تقنع نفسها وجماهيرها بأن الغرب إلى زوال قريبا، وقد شهد بذلك شاهد من أهله وقد دفعهم إلى ذلك الهوى ، والأحلام بأن يسقط الغرب الذي يرونه السبب الأول لمشكلات العالم الإسلامي والحق أن أزمة المجتمعات الإسلامية المستمرة منذ قرون هي التي أغرت الغرب بأن يستغل الأمة ويستأسد عليها. إذا كان الخطاب الإسلامي المعاصر قد سقط في وهم الحديث عن غرب واحد، ثم سمح لنفسه أن يبالغ في الأحلام ليتحدث عن أزمة ذلك الغرب الواحد وقرب نهايته، فقد ارتبط ذلك بتصور أن هناك بديل مناقض بشكل جذري ينتظر ذلك السقوط حتى يمد يده وينقذ العالم بغربه وشرقه من السقوط في الهاوية، وهذا البديل هو الرؤية الإسلامية للعالم ، وأتصور أن الادعاء بالمفارقة التامة بين قيم الغرب (وأقصد هذه القيم في فرعها العلماني) والقيم الإسلامية يتأسس على اختلاف الأسس المعرفية لكليهما فالقيم العلمانية مصدرها على الجانب الفكري العقل، وعلى الجانب السياسي الشعب الذي هو مصدر السلطات ، بينما المصدر المعرفي للقيم التي يتبناها الفكر الإسلامي هو النص القرآني الإلهي أو النص النبوي الذي يعود في مصدره النهائي إلى الله أيضا ، ولا شك أن ذلك فارق هام وحاسم من النواحي النظرية ولكنني مع تسليمي المبدئي بوجود ذلك الفارق، إلا أنني أرى أنه ليس هاما جدا عند النظر إلى الفروق من النواحي العملية، وتركيزي هنا منصب على ذلك الفريق من الفكر الإسلامي الجديد الذي يسعى للدخول لساحة العمل العام من خلال بوابة المؤسسات الشرعية ، ويؤمن بالفعل بقيم المساواة، والمواطنة، والديموقراطية وأعني بها هذه القيم بمعانيها الواضحة في الفكر العالمي (لأن هناك فئات من المفكرين داخل الخطاب الإسلامي المعاصر وخارجه تخصصت في ادعاء إيمانها بهذه القيم ولكن بمحاذير واستثناءات تنتهي إلى النقيض تماما منها) ، وبالتحديد حزب الوسط الذي أعلن في برنامجه تفسيرات لهذه القيم تنبئ عن التزام عميق بمضامينها مثل المادة الأولى من برنامجه في محوره السياسي التي تنص على "الشعب مصدر جميع السلطات التي يجب الفصل بينها واستقلال كل منها عن الأخرى في إطار من التوازن العام ، وهذا المبدأ يتضمن حق الشعب في أن يشرع لنفسه وبنفسه القوانين التي تتفق ومصالحه" والمادة الثالثة ونصها "المواطنة أساس العلاقة بين أفراد الشعب المصري ، فلا يجوز التمييز بينهم بسبب الدين أو الجنس أو اللون أو العرق في جميع الحقوق والالتزامات وتولى المناصب والولايات العامة" والذي يتضمن حق كل من الأقباط والنساء في المناصب المثيرة للجدل بهذا الخصوص مثل الرئاسة والقضاء وهو المبدأ الذي سعيد البرنامج التأكيد عليه في فقرتين تاليتين وكذا المادة الثامنة التي تنص على: "احترام الكرامة الإنسانية وجميع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ، التي نصت عليها الشرائع السماوية والشرعة الدولية لحقوق الإنسان." والسؤال الذي أطرحه هو ما الفارق العملي بين هذه المبادئ وتلك المتضمنة في جميع الدساتير العلمانية الديموقراطية الغربية؟ وحتى لو كان واضع هذه المبادئ يرى (وأنا على غير رأيه) أنه استقاها بأكملها من تفسيره للنصوص الإسلامية فإن اختفاء الفوارق العملية يؤكد على أن القيم الإسلامية والغربية على غير هذا التناقض الذي تحاول أن تبرزه في مقالك المذكور ، لكنني سوف أذهب خطوة أبعد لأؤكد أن ادعاء ألوهية المصدر المعرفي للفكر الإسلامي الجديد أو حتى القديم أو للفقه الإسلامي بعامة منذ تأسيسه هو ادعاء كاذب، لأنه ينطلق من تصور قاصر للنص المقدس وعلاقته باللغة والقارئ (المفسر/المؤول) ، فهو ينتج من فهم كلاسيكي للنص (أي نص) باعتباره تعبيرا مباشرا عن مقصد منتجه ، بمعنى أن عملية القراءة ليست سوى عملية استيعاب سلبي لمعنى أزلي قصده منتج النص الذي هو ككلام ليس إلا أداة توصيل محايدة بين منتج فاعل ومتلق مفعول ، والحق أن هذا النموذج ليس هو الصحيح فأي معنى يمكن الوصول إليه من خلال النص الأدبي (بما فيه المقدس) هو نتيجة مشتركة لثلاثة عناصر فاعلة : 1. منتج النص الذي يصوغ أفكاره ومبادئه في صورة نصوص باستخدام لغة محددة. 2. اللغة::بمجرد استخدام هذه اللغة تصبح الأفكار جزءا من اللغة وبالتالي فإن تغييرا جوهريا يطرأ على المعنى بشكل محايث لتحوله إلى نص، فاللغة ليست وسيطا محايدا بل منتج اجتماعي يختزن بداخله عدد هائل من المفاهيم الاجتماعية والمعاني والمدلولات التي تنتج تأثيرها عند محاولة استخلاص المعنى من النص، وهو تأثير مزدوج الاتجاه وإن اختلف المقدار في كل اتجاه من حالة لحالة بحسب مستوى النص وقدرات المتكلم به ، فبينما ترتبط أفكار المتكلم بالنص مع اللغة بكل ما التحم معها من مدلولات اجتماعية وثقافية، يقوم النص أثناء ذلك بإجراء تعديلات على اللغة نفسها..إنه يقوم بتطويرها وعلى قدر إبداع النص و إعجازه يستطيع القيام بهذه المهمة...مهمة تعديل اللغة من خلال تغيير العلاقات بين الدلالات ومدلولاتها، وكذلك من خلال صياغة دلالات جديدة، ولقد تمثل الإعجاز الهائل للقرآن الكريم في قدرته على إجراء هذه المهمة كما لا يمكن لأي نص أن ينجزه بحيث يكون من الصحيح تماما أن نتحدث عن عربية ما قبل القرآن وعربية ما بعد القرآن 3. المفسر : هو العنصر الثالث من عناصر إنتاج الدلالة وهو يحاول البحث عن المعاني استنادا على أسلحته من معارف لغوية، ودينية تمكنه من الغوص في النص ، ولكنه دائما-حتى بافتراض حسن نيته التام- يتأثر بثقافته العلمية والاجتماعية وهو دائما ما يقع أسيرا وبشكل ما لتحيزاته الشخصية والقومية والطبقية والعرفية ولو حتى بمحاولة الهروب منها. والحق أنك قد أصبت كبد الحقيقة عندما أوضحت أن الفكر الإسلامي الجديد كالقديم (الذي يمثله محمد عبده) لا ينتج خطابه بمعزل عن الآخر الغربي، ولكنك لم تكن دقيقا حين أردت أن تصور أن تفاعل الإسلام الجديد مع الفكر الغربي ليس تفاعل المنبهر مثل "محمد عبده"، ولكنه تفاعل أكثر وعيا يحاول أن يتجاوز التغريب وإنتاج البديل الحضاري الإسلامي ، ولكن كثيرا من المفكرين كانوا أكثر دقة في تحديد أن الخطاب الإسلامي الجديد والقديم كليهما في تفاعلهما مع الآخر كانا واقعين بين الغرب النموذج والغرب العدو متمثلا في الإمبريالية، وبينما كان الغرب النموذج هو المسيطر على رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وغيرهما من رواد الفكر الإسلامي المعاصر في صورته الكلاسيكية بسبب حداثة عهد التصادم الحضاري الجديد بين الإمبريالية الغربية والشرق الإسلامي، فإن الغرب العدو هو الذي سيطر على الفكر الإسلامي الجديد بسبب تطور فصول هذا الصراع من جانب ، وبسبب اشتغال كثير من أقطابه بالسياسة العملية بينما كان أغلب القدماء يمارسون الثقافة التنظيرية فحسب ، ولعل هذا هو السبب الأكثر أهمية الذي جعلك وأنت من أقطاب هذا الفكر الإسلامي الجديد تدعي ارتباطا بنيويا بين الإمبريالية وفظائعها وبين الرأسمالية، كما تدعي نفس الترابط بين العلمانية "الشاملة" التي تراها القيمة المركزية للغرب وبين الانحلال الأخلاقي، وإنني أرى أن الربط بين الرأسمالية والإمبريالية هو مسألة تاريخية، بسبب اعتماد الاقتصاد الرأسمالية الكلاسيكي حتى الستينيات على نموذج اقتصادي يعتمد على الحصول على المواد الخام من المستعمرات ثم تحويلها إلى منتجات صناعية وتصديرها مرة أخرى للمستعمرات ، وتعتبر الهند خير دليل على ذلك فالقطن الهندي كان يباع إلى المصانع البريطانية التي تعيد تصدير القماش إلى الهنود ، ولذلك فقد استلزم الأمر الحفاظ على الهند تحت الاستعمار وحرمانها من تكنولوجيا التصنيع حتى تضمن بريطانيا الخامات والأسواق كليهما ، ولكن النمط الاقتصادي تغير خلال العقود الأخيرة فلم يعد الاقتصاد الرأسمالي يعتمد على الصناعات الحديثة التقليدية مثل الملابس أو الحديد والصلب ونحوها ، بل أصبح يعتمد بشكل متزايد على صناعات الرفاهية مثل صناعة الخدمات والتكنولوجيا والمعلومات ولذلك فإن النموذج العالمي الجديد بات أكثر حاجة إلى مزيد من المستهلكين القادرين على الشراء في جميع أنحاء العالم بحيث لم تعد الدول الصناعية تحاول إعاقة تقدم الدول النامية بل تنظر لذلك بشكل إيجابي بشكل عام. لقد استفاد الغرب بشكل جذري من نهضة الصين فالسكان الصينيون الأكثر في أي دولة في العالم لم يعودوا مجرد رقم بل امتلأت جيوب الغالبية منهم بالمال الذي يستطيعون به شراء المزيد من وسائل الرفاهية من الدول الصناعية ، وقد ارتبط بذلك أمران أحدهما أن التكنولوجيا لم تعد حكرا على أحد (باستثناء تلك المتعلقة بالسلاح) ، بل باتت سلعة يمكن شراؤها لمن يملك الثمن ، وبالمثل فإن الشركات الكبرى لم تعد تحمل جنسية محددة بل هي كيانات كونية يستثمر فيها رجال أعمال من جميع أرجاء الأرض وتتحرك استثماراتها في مختلف البلدان طبقا لنظرية "انسيابية رأس المال الدولي".ويكفي كمثالين شركة سوني إريكسون ،فقد نشأت من اندماج قطاع الهواتف النقالة في سوني اليابانية مع شركة إريكسون السويدية ، وبرغم ذلك فقد اختارت الشركة لندن مقرا دائما لها، ولكن أجهزتها المحمولة تنتج في عشرات المصانع حول العالم ، وهواتفها التي تباع في الشرق الأوسط تصنع في تايوان، وبالمثل فإن آخر صفقة يتحدث عنها عالم الأعمال العالمي هي شراء شركة صينية لقسم صناعة الهارد وير بأعرق الشركات الأمريكية للكومبيوتر (IBM) أما أغلب أجزاء حواسب الشركة فتصنع في مصانع عديدة في تايلاند وكوريا وتايوان وماليزيا، التي بها بالمناسبة أكبر مصنع لإنتاج معالجات (Intel) خارج أمريكا، وهكذا نرى أن معظم الدول النامية حول العالم أدركت متغيرات الاقتصاد العالمي واستفادت منها لتحقيق نهضة شاملة ، بل تحالفت مع بعضها في كتل عملاقة أصبح لها رأي مؤثر في مفاوضات منظمة التجارة العالمية، بينما نحن العرب ، ولا أقول المسلمون (فمنهم من تجاوزنا في ذلك) لا نزال نتحدث بمنطق الجغرافيا السياسية للنصف الأول من القرن العشرين ، ونتحيز إعلاميا وحتى رسميا لمقولات العدميين من أعداء العولمة من اليسار الجديد الذين يرتدون ثياب الهيبيز ويفترشون الشوارع أمام مقار الاجتماعات الدولية ويقودون حملات عظيمة في أوروبا وعبر الإنترنت تكفي ميزانيتها لإطعام نصف الجوعى في إفريقيا ليتحدثوا عن ضرورة أن يراعي الاقتصاد العالمي مصالح الجوعى في إفريقيا. إذا كان التوفيق قد جانبك في تحديد العلاقة بين الرأسمالية و الإمبريالية، فقد ابتعدت عنه جدا حين تحدثت عن العلاقة بين قيم الحداثة والانحلال الأخلاقي ، والحق أن "برهان غليون" كان على حق عندما صرح بأن هناك أكذوبة كبرى رائجة هو أن الأخلاق في العالم العربي أفضل منها في الغرب ، بينما الحق هو العكس ، ويمكن لأي منصف أن يلاحظ ذلك عند قراءة جميع المعلومات والبيانات التي تتحدث عن حجم الفساد و الرشى ومقدار الشفافية في دول العالم المختلفة ليلحظ حجم الكوارث الأخلاقي التي تسيطر على مجتمعاتنا. إن هذه التقارير لا تعبر عن فساد الطبقة السياسية فقط ، فعندما يكون منخرطا في مصر نحو5 ملايين مواطن في الجهاز البيروقراطي ، فإن أرقام الفساد في هذا الجهاز توضح مدى سيطرة قيم الغش والتربح غير الأخلاقي وغير الشرعي على مجتمعاتنا، فإذا انتقلنا إلى صفحات الجرائد لنلاحظ مستوى الخطاب بين مفكرينا وسياسيينا حيث الجميع يتهم الجميع بالجهل والكفر والخيانة وبألفاظ وأساليب توضح أن قيمة احترام رأي الآخر ، بل حتى احترام إنسانيته هي فضيلة غائبة في بلادنا، وقس على ذلك العشرات من الأخلاق التي يفضلنا بها الغرب، وعندي حدس بأن سبب ربطك بين الحداثة وانهيار الأخلاق في الغرب لا يعود إلى وقوعك تحت ضغط الغرب العدو فقط ، بل بسبب سيادة نموذج قاصر على مفهوم الأخلاق في الفكر الإسلامي؛ مفهوم يجعل القيم المتعلقة بأخلاقيات إدارة مؤسسة الجنس هي القيم الوحيدة الجديرة بالاعتبار عند النظر إلى الأخلاق والحق أن التناقض كبير بين قيم إدارة هذه المؤسسة في الغرب وبين القيم الإسلامية ، بل حتى إن القيم السائدة في الغرب و المتعلقة بإدارة الجنس تفتقد لكثير من العدالة ، فهذه القيم تعتبر أن الحقوق الوحيدة التي يجب حمايتها في الجنس هي حقوق الشريكين ، وبالتالي فإن رضا الطرفين فحسب هو الجدير بالاعتبار عند تقييم أي ممارسة جنسية أخلاقيا ، والحق أن هناك حقوقا أخرى هي حقوق الجنين الذي قد ينتج عند المعاشرة (مهما كانت وسائل المنع المتوفرة فإمكانية حدوث خطأ أو سهو قائمة) وأيضا حقوق المجتمع الذي يعتبر الجنس وسيلته الطبيعية للبقاء و,إنتاج أجيال جديدة يجب أن تجد المناخ المناسب ليشب أفرادها مواطنين صالحين وهي حقوق يجب أن توضع في الاعتبار، ولكن القيم المتعلقة بالجنس ليست هي كل الأخلاق ولا محورها ويجب أن نتحرر من مركزيتها في العقل الأخلاقي الإسلامي إذا أردنا أن يكون للإسلام دوره في إنارة الطريق للأمة للخروج من انهيارها الأخلاقي. تعليق آخر على محاولة الإيحاء بانفراد الحضارة الغربية بممارسات العنف والموت الدمويين من خلال الإشارة إلى جرائم الإمبريالية في آسيا ، والمغرب العربي ، والحق أن العنف والقتل هو نزعة إنسانية وجدت مع الإنسان منذ كان (وقد صرح القرآن بذلك في قصة ابني آدم)، وكانت الحروب دائما هي الميدان الذي تنفلت فيه هذه الغريزة من عقالها الذي صنعته لها الأديان والحضارة ولا يستثني من ذلك _و يالسخرية_ غالبية الحروب التي تشن دفاعا عن الأديان أو الحضارة ، وإذا كانت حروب الغرب هي الأشد فتكا وتدميرا فلأن التقدم العلمي قد سمح للبشرية أن تخترع أشد أدوات التدمير فتكا، ولكن ذلك لا يعني أبدا أن الغرب هو المنفرد بالعنف حتى في العصر الحديث، فلقد شن الأتراك وقت الإمبراطورية أحد أبشع الحروب دموية عندما قاموا بسحق انتفاضة الأرمن في مستهل القرن العشرين فاقتحمت كتائب الدولة العثمانية أرمينيا و أبادوا المدنيين بأعداد هائلة تقدرها تركيا بأكثر من ربع مليون بينما ترتفع بها أرمينيا إلى ما يربو على المليون نفس ولقد فعلت اليابان الشيء نفسه عندما كانت تحتل الصين فأسقطت من الصينيين الملايين، ولكن الفكر المعادي لأمريكا يتجاهل ذلك حين يبالغ في الهجوم على أمريكا (وهي تستحق الهجوم) بسبب إلقائها القنبلة النووية على المدنيين ، وهي جريمة شنيعة بالطبع ولكن سياق الخطاب ليحيل الأمريكيين وحوشا في صورة بشر، بينما ينسى أن تاريخ الجرائم اليابانية في الحرب يؤكد أن لليابانيين خطاياهم الكبيرة أيضا وربما كانوا سيلقون القنابل النووية على نصف المدن الأمريكية لو كانوا قد توصلوا لاختراعها عود على بدء. أقول إن الفريق من الفكر الإسلامي الجديد الذي اختار الإيمان بقيم الديموقراطية والمساواة والمواطنة لم يحصل على هذه القيم من النص المقدس مباشرة ، ولا هو استقاها من الغرب ، ثم عرض مضامينها على نصوص صريحة من القرآن الكريم أو السنة الشريفة فوجدها تتطابق بشكل واضح معها ، بل لقد اضطر إلى إجراء تأويل واضح للنصوص القرآنية حتى تتماشى مع هذه المبادئ ، وهو تأويل يتعارض مع التفسيرات التقليدية للنص المقدس، وأكتفي بمثال واحد حول الديموقراطية ؛ إذ يرى هذا الفريق أنها كإجراء التطبيق الديموقراطي للشورى الإسلامية ، ولكن ذلك لا يتضح حتما من القرآن، فعلى طول التاريخ الإسلامي تقريبا بما في ذلك فترة حكم الراشدين لم تتشكل أي مؤسسة لإدارة مبدأ الشورى هذا دون أن يرى جمهور فقهاء الأمة أن في ذلك إهدارا لفريضة من الدين، وظل الأمر متروكا لكل إمام أن يستشير من يراه أهلا للاستشارة ، فكان أبو بكر يستشير عمرا وأحيانا علي وكان علي يستشير من يثق به من السابقين الأولين في الإسلام ومن كبار الصحابة ، ثم قرب عثمان بن عفان مستشارين مثيرين للجدل تسببوا في إحداث الأحداث المؤسفة التي أدت للفتنة الكبرى ، وبعد الراشدين اتخذ مبدأ الشورى شكلا يكاد يكون ثابتا يقرب فيه الخليفة أو السلطان بطانة من المنافقين والمنتفعين وماسحي جزمة السلطة عرفوا بأهل الحل والعقد يزينون الباطل ويستصوبون كل ما ينطق به السلطان، ومع ذلك فقد رأى جل الفقهاء الذي صنفوا في السياسة الشرعية وفيهم أسماء كثيرة محترمة أن استشارة أهل الحل والعقد هؤلاء يمثل مثالا مقبولا في الإسلام للشورى، بل إن الحاكم الذي غلب على السلطان بالقهر والقوة هو حاكم شرعي تجب طاعته ما أقام الصلاة وهو بالطبع لا يمنع الصلاة ولكنه يغدر ويقتل ويشتري الذمم ويمارس جميع أنواع الموبقات ، فالفريق الذي يقول أن الديموقراطية هي وسيلة لتطبيق الشورى يمارس بالفعل تثويرا حقيقيا لتأويلات النصوص وهو تثوير سيؤدي حتما إلى مواجهة مع الخطاب الديني الأكثر أصولية الذي لا يرى العالم إلى من وراء كتب الفقه الصفراء، وبالمثل فإنه حين يتبنى مبدأ المساواة ، فهو يتمرد على تراث طويل من الفقه الإسلامي يرى الكون من خلال هيراركية حادة تفصل البشر إلى خاصة وعامة ... علماء ودهماء.... سادة وعبيد.... رجال تساوي دماء الفرد منهم مئة بعير ، ونساء تساوي دماء إحداهن نصف ذلك ،غير أن هذه الثورة لا تمثل برأيي تجاهلا للنصوص ولا إساءة فهم لها، بل إعادة اكتشاف في ضوء القيم الأخلاقية الجديدة الآتية من الغرب والتي لا أجد غضاضة بأن أقول أن كثيرا منها أفضل من قيمنا ، وأنا ليست عندي عقدة في أن أقول هذا مثلك ، فتشخيص الداء أول العلاج ، وأنا بذلك أجد نفسي أشد التصاقا بدعوة القرآن الكريم "لا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" ولا شك أن نسبة الفضل لأهله هو باب من العدل عظيم ، ولست أشعر بالنقص عندما أقول ذلك لأنني أعتقد أن سبب عدم وصول المسلمين لهذه القيم ليس أن كتابهم لا يسمح بالوصول إليها ولا أن عقولهم كانت قاصرة عن عقول الغربيين، ولكن التجربة التاريخية لم تسمح لهم بذلك لأن الفكر الإسلامي تجمد أو يكاد منذ أواسط القرن الخامس الهجري وحتى قبل نحو مئة عام مرت ، فعلى الصعيد السياسي سقطت أغلب المجتمعات الإسلامية تحت حكم أنظمة قمعية عسكرية الطابع ظلت إحداها تخلف الأخرى اعتمادا على مبدأ الغلبة بالقوة العسكرية و فكريا فقد اختفى العلماء المسلمون سواء في علوم الدين أو الدنيا وسقط الفكر الإسلامي في حالة اجترار لمنجزات خمسة قرون تتم صياغتها وإعادة صياغتها شرحا واختصارا وتأويلا. هذا هو الواقع إذن وهذا الذي حدث فإذا كنا نريد نهضة حقيقية فلا يمكن أن نستأنف نهضتنا منذ توقفها قبل ثمانية قرون ، فلا داعي لإعادة اكتشاف العجلة بعد أن تم اكتشافها ، وإذا كان أنتم كمؤسسي حزب الوسط الجديد قد فطنتم لذلك وأردتم أن تحققوا تأسيسا لقيم الحداثة داخل النصوص القرآنية ، فنعم ما تحاولون فعله ، وأقول لكم: إنكم لا تخونون بذلك القرآن ولا تتقولون عليه كما سيحاول البعض أن يقول بل إن عظمة ذلك الكتاب أنه يستطيع استيعاب أنساق فكرية متعددة داخل كيانه مع الحفاظ على اللب العقائدي والأخلاقي لهذا الكيان كما هو، ذلك أن آيات القرآن الكريم صيغت بطريقة معجزة بحيث يمكن أن يعاد اكتشافها من جديد دائما من قبل قارئين جدد يتغيرون باختلاف الزمان والمكان وأن يكسب كل واحد منهم الآية نفسها بعدا جديدا إذا خلصت النية وامتلك القارئ الأدوات المناسبة وهي الأدوات التي تتطور باستمرار مع التقدم الحضاري، وهذا هو المعنى الحقيقي _برأيي _ للعبارة المتداولة بأن الإسلام صالح لكل زمان ومكان ، وليس المعنى المبتذل الأكثر شيوعا وهو أن الإسلام عبارة عن مجموعة من القواعد والأوامر والقوانين الجامدة التي يجب على المسلمين في كل زمان ومكان أن يلتزموا بها, وإن الغرض من هذه الرسالة وقد استطالت هو تنبيهكم على بعض الأخطاء التي أرى أن الكاتب الكريم للمقال محل النقد (وهو أحد الرجال المؤمل عليهم إنجاز النهضة الفكرية الجديدة في الإسلام) قد وقع فيها ، وهي أخطاء قد تدمر هذه المحاولة ، ومنها غير ما قلت أن خطاب الكاتب باعتباره نموذجا للخطاب الإسلامي الجديد كما هو _ للمفارقة_ جزء منه أيضا قد اكتفى في معظم الأحيان بتحديد ملامح الخطاب الإسلامي الجديد من خلال التعريف السلبي أي بنفي المشابهة بينه وبين الفكر الغربي _ كما يتصوره الكاتب_ دون أن يعرف هذا الخطاب بشكل إيجابي تأسيا على معالمه الأساسية المستقلة، وإنما يكتفي بذكر علاقات الاشتباك بينه وبين الخطاب الغربي ، وهو ما يؤكد مدى طغيان الغرب على عقلية منتجي هذا الخطاب بحيث لا يرون أنفسهم إلا من خلال علاقتهم بالغرب كما كان ذلك الغرب طاغيا على محمد عبده وأبناء جيله ، ولكن العدو الغربي في هذه المرة يطغى على النموذج الغربي ، وهو ما يلقي بشكوك حول مدى صدقية رفض الخطاب الإسلامي الجديد لمركزية الغرب، فليس مهما ما يقوله الخطاب حول ذلك ، ولكن الأساس في أي مركز أن الأطراف تنسب إليه ومادام الخطاب الإسلامي لا يرى نفسه إلا من خلال علاقته بالغرب فهذا يعني أن دعوته لرفض المركزية الغربية ليست إلا زيفا. إن هذا يؤكد أن المركزية الغربية واقع يفرض نفسه على العالم لا يكفي لتغييره التشدق بكلمات فلسفية بل إن دراسة لتوزيع القوة الاقتصادية والعسكرية وإسهام الدول والجماعات المختلفة في العالم في السوق العالمي وحركة التطور العلمي والفكري يؤكد أن الغرب الأمريكي والأوروبي لا يزال في المركز من كل هذا وأن القطاع الأكبر من العالم الإسلامي لا يزال في الهامش ولا يبتعد إلا قليلا عن شعوب أفريقيا جنوب الصحراء القابعة بمعظمها في هامش أبعد منه وبين الهوامش والمركز أمم مختلفة تقف على مسافات متباينة وقد استطاعت أمم كثيرة كاليابان والصين مثلا أن تقترب كثيرا من المركز لدرجة بات معها ممكنا للكثير بحق أن ينتقد عدم اهتمام الفكر العالمي بها وتركيزه على الغرب بقيمه وتجاربه ولكن المسلمين بأوضاعهم الحالية ليسوا معنيين بهذا الجدال فهم في الأطراف مهما كانت أسماء الواقفين في المركز أو بالقرب منه وتغيير ذلك يحتاج الكثير غير الكلام النظري عن نقد المركزية الأوروبية .(إليك مؤشرين: الناتج القومي الألماني أكبر من الناتج القومي لماليزيا أغنى البلدان الإسلامية بأكثر من عشرين مرة، أما مجموع الكتب التي تنشر في العالم العربي أقل من نصف ما ينشر من كتب في إيطاليا مثلا). اعتراض جوهري وإن تأخر رغم أنه كان الأولى بأن يتقدم لولا أن ما سبق كان ضروريا لمناقشته ، وسأعرض الفقرة محل الاعتراض كاملة هنا: الخطاب الإسلامي الجديد يتسم بأنه بالضرورة خطاب شامل، فهو على المستوى الجماهيري يطرح شعار (الإسلام هو الحل)، ولكن على المستوى الفلسفي يطرح شعار(الإسلام هو رؤية للكون)، وهو يتعامل مع كل من اليومي والمباشر والسياسي والكلي والنهائي؛ أي أن الخطاب الإسلامي الجديد يصدر عن رؤية معرفية شاملة يولد منها منظومات فرعية مختلفة: أخلاقية وسياسية واقتصادية وجمالية، فهو منظومة إسلامية شاملة تفكر في المعمار والحب والزواج والاقتصاد وبناء المدن والقانون وفي كيفية التحلي والتفكير، وفي توليد مقولات تحليلية مستقلة، ولذا فالخطاب الإسلامي الجديد لا يقدم خطابًا للمسلمين فحسب وإنما لكل الناس، حلاً لمشاكل العالم الحديث، تمامًا مثلما كان الخطاب الإسلامي أيام الرسول –عليه الصلاة والسلام-. والخطأ الكبير في الفقرة أنها توحي بأنه يمكن استخلاص أبنية دنيوية متكاملة تأسيسا على النصوص الإسلامية ... وأقصد "أنظمة حكم إسلامية" "أنظمة اقتصادية شاملة" "نظام قانوني متكامل" ، بل حتى "قواعد هندسية في المعمار و بناء المدن " وأؤكد هنا أن هذا لم يكن موجودا أبدا لا في عهد النبي "صلى الله عليه وسلم" ولا يمكن أن يكون موجودا الآن وللتدليل على ذلك أسوق مثالين من الكتب الصحاح تؤكد ذلك: أولها ما حدث من أن النبي "صلى الله عليه وسلم" في آخر حياته عندما ارتفعت الأسعار فطلب بعض المسلمين منه "صلى الله عليه وسلم" أن يسعر للمسلمين ، أجاب : "إن الله هو الخالق وهو الرازق وهو المسعر وإني أريد أن ألقى الله وليس لأحد علي مظلمة في نفسه وماله" إن هذا النص استغل للتأكيد على انحياز الإسلام للسوق الحرة، لكن تحليله بشكل محايد يؤكد غير ذلك وهو ما يفهم من قوله "وإني أريد أن ألقى الله وليس لأحد علي مظلمة في نفسه وماله" أي أن تنحي النبي "صلى الله عليه وسلم" عن هذه المهمة كان لأنه وجد نفسه غير مؤهل للقيام بها ، أي أن النبي "صلى الله عليه وسلم لم يجد وهو نبي من حل ديني للأزمة الاقتصادية التي عصفت بالمدينة وقتها ، فما كان منه إلا أن تنحى وما كان ليفعل لو أن صياغة نظام اقتصادي إسلامي كان من مهامه كنبي والمثال الثاني أكثر شهرة وهو قول النبي "صلى الله عليه وسلم" أنتم أعلم بشئون دنياكم" حين سئل عن مسألة تقنية في زراعة النخيل ، وما ينطبق على زراعة النسيج ينطبق أيضا على المعمار وبناء المدن (وبالمناسبة أنت أول مفكر إسلامي أقرأه يتحدث عن ضرورة مد فكرة أسلمة العلوم لتشمل المعمار وبناء المدن) ليس معنى ذلك أن الإسلام دين شعائر تمارس داخل المسجد أو أذكار تتمتم بها الشفاه في مواقف متعددة وحسب ، بل إن للإسلام رؤية شاملة للعالم بالفعل، وهي تمتد لتشمل كل ما تقول ولكن دون أن يعني أن هناك أنظمة إسلامية سياسية واقتصادية وفلسفية وهندسية بالمعنى الاصطلاحي(idiomatic) لكلمة نظام ذلك أن رؤية الإسلام الأخلاقية تمتد لتشمل تلك النواحي كلها ولكن من الناحية الأخلاقية .وبرأيي أن القيمة الأخلاقية المركزية والتي تعتبر مركز الأخلاق الإسلامية هي العدل، والعدل في القرآن نظير الميزان ، والعدل من التحليل النهائي للنصوص التي تشير إليه هو إقامة الاتزان بين المصالح المختلفة: إن التعارض هو الأساسي بين مصالح البشر، وإن إقامة الاتزان هو إقامة الاتزان بين هذه المصالح المختلفة ، حتى لا تطغى مصالح طرف حتى لو كان يملك القوة الاجتماعية أو المالية أو البدنية على مصالح طرف آخر. إن توجيهات الإسلام في المسألة الاقتصادية لا تخرج عن خمس قضايا أساسية الأولى هي تحريم الربا ، والثانية هي تحريم الاحتكار والثالثة هي تحريم الغش التجاري والرابعة هي كتابة الديون والأخيرة (والترتيب ليس بحسب الأهمية) الزكاة، وجميعها ترتد إلى قيمة العدل فمن حق صاحب رأس المال أن يربح ولكن ليس على حساب المحتاج الذي يضطر للاقتراض فيتعرض لاستغلال المرابي الذي يثرى بينما الآخر ينغمس أكثر في الفقر، والتاجر مصلحته هي تحقيق المكسب ولكن إقامة العدل تقتضي ألا يكون ذلك باستخدام طرق الاحتكار وهي طرق تهدر مبدأ المنافسة العادلة وتهدد المنافسين بالخسارة والمشترين بفرض أسعار لا تتناسب وقيمة السلعة، والغش التجاري من خلال خسران الكيل والميزان أو تغرير الناس ببيع بضاعة فاسدة بين في إهداره لمبدأ العدالة وكذلك الزكاة تقيم التوازن بين حق الفرد في الثراء بالطرق الشريفة وبين حق جاره الذي لا يقدر على تحقيق كفايته لسبب أو آخر في ألا يظل مغموسا في الفقر بينما المال الفائض على بعد أمتار منه. ولكن هذه المبادئ الأخلاقية لا يمكن تسميتها نظاما اقتصاديا متكاملا ، فلا توجد إجابة إسلامية على الأسئلة الاقتصادية الثلاثة الرئيسية وهي"ماذا ينتج من السلع والخدمات؟" كيف يتم إنتاجه" وكيف يتم توزيعه؟"إلا أن نختار نحن إجابات ثم ننسبها للإسلام بتكلف تأويلات تعسفية، ثم هو لا يجيب على أسئلة أخرى لا تقل أهمية مثل ما هو النظام المثالي" النظام الحر" أم "النظام الموجه بالكامل" أم نظام السوق الموجه جزئيا بواسطة الحكومة" وبالطبع لا يجيب على الأسئلة الجزئية مثل مواجهة عجز الموازنة ومسائل الميزان التجاري والسعر المناسب للعملة واستقلالية البنك المركزي ومدى حماية المنتجات الوطنية ، وكل هذه الأسئلة التي يجب أن يجيب عليها أي نظام اقتصادي ، ولكن الرؤية الأخلاقية للإسلام تؤكد فقط أن العدالة بمفهوم إقامة التوازن العملي (أي التوازن النظري وليس المثالي الذي لا يمكن أن يوجد إلا في اليوتوبيات) بين أصحاب المصالح المختلفة يجب أن يراعى في كل هذه المسائل. بالمثل في قيم إدارة الجنس فإن التوازن بين حق الجنين في أب ينسب له وأهل يتولون رعايته والإنفاق عليه وبين حق المجتمع في أجيال صالحة ، وبين حق الأفراد في ممارسة نشاطهم الجنسي الطبيعي اقتضى تحريم العلاقات السرية ( الزنا بأنواعه) وإباحة العلاقات العلنية والأكثر استقرارا ( الزواج والتسري) كذا فإن إقامة التوازن بين الحق في تمتع الإنسان بأمواله وبين حق الأسرة في ألا تذهب ثروتها هدرا وكذا حق المجتمع في الاستخدام الرشيد لثرواته كان وراء أمر القرآن بألا يؤتى السفهاء أموال المسلمين حتى لو أقر ملكيهم لها من الناحية القانونية. أما في السياسة فإن إقامة التوازن تقتضي إقامة نظام يقوم على العدل بمعنى أن يراعي إقامة التوازن بين أصحاب المصالح داخل المجتمع على كافة الأصعدة ، ولما كان أصحاب المصالح في المجتمع هم عادة طوائف أو طبقات أو عشائر ، ولما كانت مصالحهم قد تتضارب على نحو قد يدفع بالتناحر الداخلي بين هذه القوى ، فإن منع وقوع ذلك لا يكون إلا بأمرين أحدهما هو وجود نظام حكم سلطوي يمنع وقوع ذلك التناحر بالقوة أو وجود نظام آخر يسمح بالتنافس غير العنيف بين هذه القوى بحيث يحدث التوازن بينها بدون صراع عنيف ، وفي الحالة الأولى فإن النظام السلطوي(الدكتاتوري) لا توجد ضمانة لأن يكون عادلا ، فهو قد ينحاز لقوة اجتماعية على حساب الآخرين أو ينحاز ضد الجميع لحساب نفسه ، ولذا كان البديل هو ذلك النظام السياسي الذي يسمح بالتنافس غير العنيف دون الحاجة لهذا النظام السلطوي واسم هذا النظام هو الديموقراطية. إن إسلامية قيمة الديموقراطية تنبع من أنها القيمة السياسية الوحيدة التي تحقق قيمة العدل وإقامة التوازن بين القوى الاجتماعية والفكرية المتنافسة داخل المجتمع دون السقوط في فخي التناحر الأهلي أو الرضا بالسلطان الجائر( وهو بذلك حل تاريخي لأزمة وقع فيها أغلب الفقه التقليدي عند مناقشة السياسة الشرعية) حيث سقط كثير منهم في فخ القبول بالسلطان الجائر خوفا من الفتنة. إن الديموقراطية لا تكتسب تماشيها مع المبادئ الإسلامية من خلال الشورى لأنه يمكن أن يتحقق من خلال استشارة فرد واحد مثلما كان يفعل أبو بكر باستشارة عمر أو حتى باستشارة مجلس من المنافقين مثلما كان يفعل السلاطين والخلفاء غير الراشدين، ولكنه يكتسب إسلاميته من أنه المبدأ الوحيد الذي يؤسس السياسة على قيمة العدل كما يفهمها الإسلام ، لكن ذلك لا يعني أن الإسلام حدد نظاما للسياسة والحكم ، فلا يمكن أن نحدد استنادا على آيات القرآن أو السنة إذا كانت الملكية الدستورية خير أم الجمهورية وكذا الفيدرالية أم المركزية، كما لا يمكن أن نحدد كذلك نظام الحكم وإن كان رئاسيا أو برلمانيا أم بين بين أو مدة المجالس أو عدد أعضائها أو مدى استقلالية الأطراف عن المركز وغير ذلك من الأمور التي ينبغي لأي نظام سياسي أن يحددها. فإذا كان تأسيس نظام اقتصادي أو سياسي على أسس إسلامية لا يمكن تحقيقه رغم أن النصوص الدينية تتحدث في مسائل الاقتصاد والسياسة كما أشرنا فلا يمكن أن يكون هناك أساس إسلامي للمعمار وبناء المدن ولا توجد حوله آية واحدة في كتاب الله أو نص واحد من السنة ، ولكننا يمكن أن نطبق قيمة العدل على هذه المسألة أيضا فعندما يتفتق ذهن إحدى الحكومات المصرية عن إنشاء مساكن شعبية مكونة من عدة وحدات سكنية في كل طابق بدورات مياه مشتركة فلا شك أنها بعد تطبيق قيمة العدالة وإقامة التوازن التي أشرنا إليها يمكن وصفها بأنها مساكن غير إسلامية أو مساكن "حرام". بقي اعتراض أخير على فقرة محورية من المقال وسأوردها بنصها أيضا: يدرك الخطاب الإسلامي الجديد قضية انفصال العلم والتكنولوجيا والإجراءات الديموقراطية عن القيمة والغائية الإنسانية. ويحاول الخطاب الإسلامي الجديد حل هذه الإشكاليات، فمثلاً: في حالة انفصال العلم والتكنولوجيا عن القيمة يحاول الخطاب الإسلامي الجديد الاستفادة من العلم والتكنولوجيا وكل ثمرات الحضارة الغربية دون أن يتبنى رؤيتها للكون، بحيث يمكن مزاوجة الرؤية العلمية التي تدعي الحياد والمنظومة القيمية الإسلامية، بل ويسير الشيء نفسه على الديموقراطية، فمحاولة التمييز بين الديموقراطية والشورى هي محاولة لاستيعاب الإجراءات الديموقراطية داخل المنظومة القيمية الإسلامية بحيث لا تصبح الإجراءات الديموقراطية المتجردة من القيمة هي المرجعية، وحتى تظل الإجراءات وسيلة لا غاية. والفقرة تدافع عن خطأين من أفدح الأخطاء التي وقع فيها الخطاب الإسلامي بشقيه الجديد والقديم ، وهو فصل العلم و التكنولوجيا عن الرؤية الفكرية التي أنتجتهما ، فهذا الخطاب يتصور أن العلم البحت والتطبيقي هو مجرد حزمة من التجارب والقواعد والقوانين في مجالات الرياضة أو الفيزياء أو الكيمياء أو البيولوجي أو غيرها ، كما يتصور أن التكنولوجيا هي مجرد أدوات وآلات وأجهزة تستخدم لأغراض نفعية ، والحق أن التكنولوجيا هي نتاج العلم ومؤشر لا ينفصل عنه ودليل على مدى تقدمه ، فالعجلة والهاتف النقال كلاهما وسيلة تكنولوجية وكلاهما يعكس مدى التقدم العلمي في لحظة تطوير أي منهما، وبالمثل فالعلم نتاج العقل الذي أنتجه ، وهذا العقل يتأسس على ركنين أحدهما فطري وهو الموهبة الفطرية للعلماء أما الركن الآخر الأكثر أهمية في العصر الحديث، فهو البيئة العلمية، وهي ليست مجرد معامل وجامعات ومعاهد ، بل أساسا طريقة في التفكير تسيطر على المجتمع العلمي وتسمى التفكير العلمي ، ولقد كانت جميع وسائل التكنولوجيا ومبادئ العلم معروفة تماما عند اليابانيين قبل الحرب الثانية ولم يكن ينقصهم المال أو الجامعات، ولكن اليابان كانت تعيش مجتمعا تقليديا يقدس الإمبراطور ، و يمنح قيادته لطبقة عسكرية دكتاتورية قادت البلاد لكارثة ، وبعد أن أعاد اليابانيون تأسيس مجتمعهم على قواعد جديدة بعد الحرب أسسوا الروح العلمية في مجتمعهم فتحقق لهم ما تحقق، أما طريقة التفكير العلمية هذه فتفصيلها في كتب بأكملها لعل أنضجها هي مؤلفات "كارل بوبر" الذي كان يدافع عن العقلانية في زمن انتشار البدع العقلية التافهة وأهمها الصرعة الرجعية ذات الوجه التقدمي الزائف المسماة بعد الحداثة ( ولكنه أيضا منتقد قاس لأنبياء العلمانية مثل فرنسيس بيكون) ، إن أهم مبدأين لهذا العقلية العلمية هي النقدية ، وهي تعني أن قانون أو نموذج أو قاعدة ما في العلوم الطبيعية أو الإنسانية لا تقبل إلا بعد اختبار وهذا الاختبار هو قدرتها على تقديم حلول للأسئلة المطروحة و تفسير المشاهدات بشكل أفضل من القوانين والنماذج والقواعد الأخرى ، والحرية العلمية وهي تعني أن لا محاذير أو مناطق ممنوعة أو خطوط حمراء أمام المفكر والعالم الذي من حقه أن يمارس نقده على أكثر ما يعتبر صحيحا و مسلما به. بدون سيادة هذه الروح العلمية لا يمكن لأكبر وأكثر المعاهد غنى ولأكثر العلماء عبقرية تحقيق قفزات حقيقية في العلم (وإن كانوا يستطيعون إنجاز خطوات جزئية لا أكثر)، وبتطبيق ذلك على نموذج من التاريخ الإسلامي فسنجد أن الفترة التي استطاعت فيها الحضارة الإسلامية تحقيق أكبر منجزاتها العلمية حيث برزت الأسماء التي تستحضر في معرض التذكير بسبق المسلمين العالم في المجالات العلمية كانت أكثر الفترات التي شهدت انفتاحا وتطبيقا لمبدأ الحرية العلمية ، ولعلي أذكر هنا أن "أبي بكر الرازي" أعظم الأطباء في كل الأزمان قبل الحديثة لم يكن مسلما بل كان يؤمن بمذهب الربانيين القائلين بالإيمان بالله دون أنبيائه وكتبه ورسله، وكان ينتج خطابا يعبر فيه عن أفكاره المنافية للإسلام في الوقت الذي يشغل فيه منصب كبير الأطباء ببيمارستان بغداد ، ولا أقصد أن أغلب علماء الحضارة الإسلامية كانوا ملحدين فأغلبهم مسلمون وإن لم يؤمن أكثرهم بما يسمى حاليا عقيدة الفرقة الناجية ، ولكنني أقصد أن انتشار روح التسامح والإيمان بالحرية العلمية كان في كل زمان حاسما في إنجاز التقدم العلمي. الخطأ الثاني الذي تتبناه الفقرة هو الفصل بين الديموقراطية كمذهب والديموقراطية كإجراء، وتفصيل ذلك لا يكون إلا بالأخذ بإجراءات الديموقراطية وآلياتها مثل الاستفتاءات والانتخابات والبرلمانات ورفض مبدئها الفكري الذي هو حكم الشعب أي أن الشعب مصدر السلطات لأن الله هو مصدر كل سلطة (وقد أسس سيد قطب على هذا مبدأه القائل بالحاكمية ، والذي هو تطوير لمقولات الخوارج بعد صياغتها بأسلوب القرن العشرين) وأترك علي ابن أبي طالب يرد على هذا المذهب بأسلوب القرن السابع إذ يقول إن "القرآن لا ينطق وإنما يتكلم به الرجال" وأبين تأسيسا على هذه المقولة أن ما يتكلم به الرجال لا يمكن أن يكون إلهيا أو مقدسا حتى لو كانوا من علماء الدين، وشخصيا أرى أن حكم الشعب أكثر انسجاما مع مفهوم العدالة الإسلامية كما سبق أن بيناه باعتباره إقامة التوازن بين المصالح من حكم علماء الدين الذين هم أنفسهم طائفة من الشعب وآراؤهم ليست انعكاسا صافيا للنص المقدس بل هي كما سبق أن أوضحنا تتأثر بمقدار وعيهم بآليات اللغة وبمقدار ذكائهم وانفتاح عقولهم ، كما تتأثر أيضا بمواقفهم العقلية المسبقة وأهوائهم التي تتحكم فيها المصالح والتحيزات الشخصية والطبقية والعرقية والجنوسية والولائية، ولا شك أن إعطاء تفضيل ما لهذه الطبقة كحكم على النظام الديموقراطي وما ينتجه من قوانين هو بمثابة إعطاء ميزة تفضيلية لطائفة ما من طبقات المجتمع وهو ما يتعارض مع مبدأ العدالة كما سبق أن بيناه كما أنه يتعارض صريح القرآن الذي يحدد وظيفة علماء الدين "ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم" ولم يقل "وليحكموا قومهم إذا رجعوا إليهم". إن الخوف من إقرار قوانين لا تتوافق مع الشرع لا بد ألا يكون داعيا للمعتدلين من التيار الإسلامي الجديد لسلب الديموقراطية روحها وتركها مجرد جسد مشلول من الإجراءات الوهمية على الطريقة الإيرانية حيث يتحكم المرشد الأعلى و مجلس صيانة الدستور المعين في كل شيء بينما الكيانات المنتخبة مجرد دمى وهمية ، بل إن ذلك المجلس ضاق ذرعا بهذه الدمى فقرر منعها من الترشح للانتخابات المقبلة ، ويجب على هذه القيادات الإسلامية أن تثق أكثر بوعي الجماهير وغيرتها على دينها ويجب أن تعمل على تعميق ذلك الوعي من خلال القنوات الممكنة من أجل أن يحقق وعي أكبر للجماهير بدينها ليس من خلال الترويج لأحكام وفتاوى مسبقة يؤمن بها الإسلاميون ولكن بتفهيم الناس أصول الفقه والطرق التي يمكن أن تستخلص بها الدلالة من النصوص والأحكام من الأدلة حتى يمكنهم الحكم بشكل واع والتمييز بأنفسهم بين الصحيح والسقيم.
#أحمد_عدلي_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما الذي كان خاطئا؟
-
لبنان الحقيقي جاي
-
نجاحات المعارضة اللبنانية تظهر في ساحة رياض الصلح
-
الإنسان إذ يصبح رقما
-
عندما يصبح الموت هو الغاية المقدسة
-
هنتجونيون عرب
-
خدعة الديموقراطية الإسلامية
-
هل من تجديد حقيقي للإسلام؟
-
الإسلام والحريم
-
المرأة في المجتمع العربي...بين الظهور والإخفاء
-
إنتاج الإسلام الإرهابي
-
رؤية جديدة لنكاح المتعة....دراسة فقهية تاريخية في ظل الإسلام
...
-
..الجنس..الوحش الجميل :دراسة اجتماعية لتطور النظرة الدينية ل
...
-
..الجنس..الوحش الجميل :دراسة اجتماعية لتطور النظرة الدينية ل
...
-
تساؤل الهوية ...لبنان نموذجا
المزيد.....
-
ثبت تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات وعرب سات
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 Toyor Aljanah نايل سات وعرب
...
-
اللواء باقري: القوة البحرية هي المحرك الأساس للوحدة بين ايرا
...
-
الإمارات تكشف هوية مرتكبي جريمة قتل الحاخام اليهودي
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|