أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - رفعت السعيد - منى مينا.. والعمدة إيفا














المزيد.....

منى مينا.. والعمدة إيفا


رفعت السعيد

الحوار المتمدن-العدد: 4325 - 2014 / 1 / 4 - 02:35
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    



تعيش مصر زمناً تعانى فيه المرأة من تهميش وعدم تقدير. زمن لم نزل نناقش فيه بدهيات تجاوزتها البشرية، أقصد البشرية العاقلة التى تُعمل العقل واكتمال الحقوق المتكافئة. ولم تزل مصر تتلفت بحثاً عن ثقب إبرة تحشر فيه وعبره تمثيل «ملائم»، وهو وصف سخيف أرهقت لجنة الخمسين نفسها فى البحث عن كلمة تعبر عن أقل القليل فلم تجد أقل منها لكى تتمثل المرأة فى البرلمان.

وفى زمن ارتددنا فيه لنعود فنناقش حق المرأة فى العمل ـ مجرد العمل - وحقها فى التعليم، وباختصار عاد بنا الظالمون الظلاميون المتأسلمون ألف ألف خطوة إلى الوراء. وليس هذا هو الجرح الوحيد فى الجسد المصرى الملىء بالجراح، فهناك التمييز الدينى، والاستبعاد الدائم والمستمر للحقوق التى تليق بالمواطنة المتكافئة. فكم رأينا ولم نزل نرى حرمانا للمسيحيين من أبسط حقوقهم فى المساواة، وكم رأينا ولم نزل نرى صفوفاً من التمييز تثير الغثيان وصلت إلى حد أن وزيراً حالياً أتى بعد ثورة 30 يونيو ليمارس التمييز الأسوأ من تمييز حكم مرسى البائد، فحرم مهندساً كبيراً من حقه فى تولى رئاسة هيئة السكة الحديد، وبرر ذلك وعبر ابتسامة صفراء بأنه يخشى عليه من خطورة المسؤولية، وهكذا تتدهور آليات المساواة والمواطنة المتكافئة لتهزم كل ممكنات الديمقراطية والتقدم. تتدهور بنا لنتدهور إلى مستوى أدنى حتى من أكثر دول أفريقيا تخلفا، فالمرأة الأفريقية تملأ رحاب البرلمان والوزارات، وأهم المناصب رغم تخلف مختلف مظاهر الحياة الأخرى، لأن أفريقيا السوداء اكتشفت أن المرأة المسؤولة فى أى منصب يمكن أن تكون بلسماً لأى جراح. أما التمييز على أساس من الدين فهو الرمز الأكثر فداحة للتخلف وافتقاد المساواة. ورغم أن مصر والمصريين يتحدثون طويلاً وكثيراً وبكلمات سميكة عن الديمقراطية والليبرالية والحريات والمساواة فإن مصر تظل فى ذيل القائمة، سواء قائمة احترام إنسانية المرأة أو احترام الحق المقدس لإنسانية المسيحيين وحقوقهم فى المشاركة الفاعلة والمتكافئة، أقصد المتكافئة تماماً فى كل مناحى الحياة، بحيث لا تكون قيوداً على التوظف ولا على ممارسة العبادات ولا بناء دور العبادة ولا الانتساب إلى كليات بعينها، بحيث يظل ذلك المصرى المسيحى محاصراً بإذلال باطنى يستشعر فيه دوماً أنه الأقل شأناً لا لذنب إلا لأنه مسيحى.

وفى مناخ كئيب كهذا تلمع نسمة عطرة بالعبق المصرى الأصيل فتنهض منى مينا، طبيبة مصرية مسيحية تجاوزت بشخصيتها الآسرة ونضالها المستميت من أجل مصر والشعب وحقوق الأطبا،ء كل عوامل التمييز المركبة، داست على التمييز ضد كونها امرأة، وركلت دعاوى رفضها لأنها مسيحية، وصعدت لتسمو فوق كل دعاوى التخلف والمتخلفين والتعصب والمتعصبين، فتتولى المنصب الرفيع فى نقابة الأطباء. تأملت امرأة بهذه المقدرة ومسيحية بهذا الإصرار وأحنيت رأسى احتراماً لها وللعراقة المصرية التى تستطيع أحياناً أن تدوس على التخلف الظلامى. ثم تساءلت هل هى حالة نخبوية وسط نقابة نخبوية؟ وتأتى الإجابة من الذاكرة فهناك عود سيسبان أخضر وأنيق هو العمدة إيفا، امرأة أيضاً، ومسيحية أيضاً، تتخطى كل عوائق التمييز لتصبح عمدة قرية «كومبوهو» فى أعماق الصعيد بمحافظة أسيوط. تعرفت عليها وأدركت كيف يستطيع الإنسان أن يتحدى الظلام وسخافة التمييز، وأن يدوس على ذلك كله لينهض.

ويبقى أن نتأمل معاً جوهر المأساة لنكتشف أن مصر الأصلية صحيحة الجسد وصحيحة العقل. وأن الخلل إنما يأتى من عقلية متخلفة ودعاوى متأسلمة هيمنت على مصر الحالية لتراكم على جسدها الأصيل صدأ التخلف والتعصب والتأسلم.. فتعالوا لنجلو هذا الصدأ لتعود مصر إلى جوهرها الأصيل الجميل.. وتعالوا لنحنى رأسنا احتراماً لـ«منى» و«إيفا».. ويا مسيحيى مصر وكل نساء مصر تعلموا من منى وإيفا.



#رفعت_السعيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان.. والأقباط «2»
- الإخوان والأقباط «1»
- عن مبطلات شفافية الانتخابات
- إصلاحات أردوجان.. غير صالحة
- تعالوا نتصالح
- برلمان بدون نساء وأقباط ونوبيين وفقراء
- دساتير مصرية «2» دستوران للثورة العرابية
- دساتير مصرية «1» زمن محمد على
- رسالة إلى الإخوان
- المصالحة مع نواب الأرض والسماء «2»
- المصالحة مع نواب الأرض والسماء «1»
- جماعة الإخوان.. مسيرة الصعود هبوطاً (3 - 3)
- جماعة الإخوان.. مسيرة الصعود هبوطاً (2- 3)
- جماعة الإخوان.. مسيرة الصعود هبوطاً (1 - 3)
- أتراك مع الأرمن وضد أردوغان
- الإخوان وإسرائيل
- درس خصوصى فى الإرهاب
- 30 يونيو .. وكيف غيرت العالم
- عن التنظيم الدولى الإخوانى «2»
- عن التنظيم الدولى الإخوانى (1)


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - رفعت السعيد - منى مينا.. والعمدة إيفا