أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - الإحراج والعار














المزيد.....


الإحراج والعار


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4323 - 2014 / 1 / 1 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حدثان جدّا هذا الأسبوع ومثّلا إحراجا بالنسبة إلى أصحاب سلطة القرار إن كان ثمّة مجال للشعور بالحرج والخجل لدى هؤلاء. أمّا الأوّل فيتمثّل فى انعقاد «المحكمة الصورية للنساء الناجيات من العنف» (20-22 ديسمبر2013). جاءت ضحايا العنف من عهد بورقيبة، وعهد بن على، وفترة حكومات ما بعد الثورة من مختلف المدن التونسيّة بحثا عن ردّ للاعتبار، والعدالة، والحياة الكريمة.

مَثلت ضحايا العنف أمام المحكمة وأدلين بشهاداتهن: اعترافات ممزوجة بألم ودموع.. نبش فى الذاكرة، وسرد لتفاصيل التحرّش والتعذيب والإذلال. مارست النساء (طالبات، ومناضلات، وخادمة فى بيت الطرابلسيّة، وأمّهات الشهداء والشهيدات، وجريحات الثورة) فعل الحكى طيلة يومين، روين كيف تتحوّل أجساد النساء إلى «وليمة»، وكيف يتلذّذ الجلادون بانتهاك حرمتها، وصفن المحاكمات غير العادلة وأساليب الضغط ومحاولات التصميت، وتحدّثن عن تزييف الوثائق والمؤامرات التى تُحاك، ووضّحن سمات العبوديّة الجديدة، وانعكاسات كلّ أشكال العنف على حياواتهن وذواتهن.

تستوقفنا من بين كلّ هذه الشهادات شهادات أمّهات الشهداء وجريحات الثورة وأمهات الجرحى والأرامل. فهن يتحدّثن عن «ظلم بنى القربى» ويصفن معاناتهن فى فترة كان من المفترض أن يُحتفى فيها بمن ساهموا فى تحرير التونسيين من النظام الغاشم. مُخجل أن تستمع إلى شهادات نساء ضحّين بفلذات أكبادهن من أجل أن ينعم التونسيون بالحريّة وأن يستمتعوا بالحقّ فى الكلام. فرحلة أمّهات الشهداء من مراكز الشرطة وصولا إلى قصر الجمهوريّة مضنية، ومعاناتهن مريرة، ورؤية الأمّهات للقتلة الطلقاء تشعل النار فى الأكباد. تبحث النساء عن مكان قصى ليمارسن فعل البكاء بعيدا عن ذويهم، ثمّ يستأنفن المطالبة بكلّ إلحاح بحقّهن فى الحزن.


الظلم المسلّط على النساء أصناف: تعويضات تُقسّم على أساس الإرث.. يُمنح فيها الذكور ضعف ما يُسند للإناث، وعمل يقدّم على أساس المنّ، وآباء ينالون التعويضات دون عناء، ومُطلّق ينال تعويض مطلّقته. وبالرغم من محاولات كسر إرادة النساء وإذلالهن وإهانتهن فإنّهن يتمسّكن بالمقاومة ومواصلة النضال، يتكلّمن بكلّ طلاقة وإباء، شامخات صامدات لا يطأطئن رءوسهن.. يطالبن بحقّهن فى تونس الجديدة، يُبدين رأيهن فى سياسة الدولة، وطريقة إدارتها لملّف الشهداء والجرحى، ويُطالبن بأن تتولّى «حرائر تونس» الحكم علّهن يكنّ أقدر على إنقاذ تونس.. لِمَ لا وقد أثبتن شجاعة وجرأة واستماتة فى سبيل الدفاع عن الحقوق. كان بالإمكان أن تجمّع المحاكمة الصورية جميع التونسيات اللواتى عشن محنة العذاب من «اليمين واليسار» لولا مناخ الاستقطاب والأوامر التى توجّه إلى هذه الشاهدة وتلك فلا مجال «للاختلاط» بالعلمانيات و«التلوّث» بأنشطتهن «المشبوهة». تاريخ الإسلاميات ضحايا العنف مستقلّ عن تاريخ «اليساريات» كذا شاءت الإرادة الحزبيّة. أمّا الحدث الثانى فقد تمثّل فى مطالبة النائب المنجى الرحوى عن الجبهة الشعبية نوّاب المجلس التأسيسى بمقترح يدعو فيه إلى تخفيض ميزانية المجلس لسنة 2014 وعدم إثقال كاهله بمطالب الترفيع فى ميزانية المجلس، ولم يكتف المنجى الرحوى بذلك بل أرجع جميع المنح النيابية المتعلقة بالأشهر التالية: أغسطس، سبتمبر وأكتوبر إلى الأمانة العامة للبلاد التونسية. وقد أثار تدخّله ردّ فعل عنيف إذ غضب عدد من النوّاب من هذا النائب متهمين إيّاه بممارسة التوظيف السياسى.

وبقطع النظر عن نوايا النائب ومقاصده من وراء هذا الفعل فإنّ المثير للانتباه هو أنّ هذا المقترح كان من الممكن أن يحتسب لصالح المنجى الرحوى باعتباره ينمّ عن وعى بخصوصيات السياق الاقتصادى الذى تمرّ به البلاد، وبالدور المنوط بعهدة من هم فى موقع القرار. وكان من الممكن أن يعتبر هذا الموقف علامة على حسّ وطنيّ عال ورغبة فى تحسين أداء النوّاب بعد أن كثرت الانتقادات وإدانة خيار «المجلس التأسيسى» الذى حمّل البلاد تبعات تجاوزت الإخلال بالاقتصاد إلى تشويه المشهد السياسى. ولكن فى مناخ الاستقطاب الحادّ ما عاد بالإمكان الحكم على هذا المقترح أو ذاك إلا فى إطار الحرب المتبادلة إذ لا مجال للتفاعل الإيجابى مع المبادرات. فكلّ الأنظار تتصيّد هويّة النائب/ة وتحاكمه وفق انتمائه الأيديولوجى والحزبى وتتفانى فى سبيل «تعريته» أمام «الشعب» الذى مازال ينظر إليه على أساس أنّه لم يبلغ الرشد بعدُ، وهو بحاجة إلى من ينير له الدرب. ومهما يكون الأمر فإنّ لفظة جامعة تم تداولها خلال هذا الأسبوع: «العار». وهكذا لم يعد العار لصيقا بالنساء تُهدر فى «سبيل غسله» الدماء بل صار العار ملازما للحكومة: حكومة تتعامل مع أهالى الشهداء والجرحى بهذه الطريقة المخزية، والعار ملازم لنوّاب نزلوا إلى الحضيض.



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (1)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشدّ إلى الوراء.. الشدّ إلى الأمام
- كان لنا حلم.. وضاع
- ليس بالإمكان أبدع مما كان
- سوق السياسة كسوق الرياضة
- النهضة.. وعلاج الوخز بالإبر
- انقلابيون
- هذا ما جنته براقش على نفسها
- لم أكن لأخلع سربالا
- فات المعاد
- أعطنى حرّيتى .. أطلق يديّا
- وتعطَّلت لغة الحوار الوطنى
- هل أُلفت حركة النهضة بين التونسيين؟
- «حقّ مجاهدات النكاح فى هبة أجسادهن للثوّار»
- رجعونا الماضى بعذابو وبقساوته..
- السياسة والحجاب
- السياسة كده
- عن أي ربيع تتحدثون وبه تفتخرون؟
- إنّ غدًا لناظره قريب
- رداء الدين خير «ستار» للعيوب
- ما عاد «الشعب» قطيعًا يساق قسرًا إلى «بيت الطاعة»


المزيد.....




- مصر.. قرار للنيابة بحق -سوزي الأردنية- في تهمة الانضمام لجما ...
- أسطول البحر الأسود الروسي يحصل على زوارق مسيرة ودرونات انتحا ...
- تركيا تطالب بإجراءات حاسمة ضد تصرفات إسرائيل التوسعية في سور ...
- من دولة نفطية وازنة إلى لاعب دبلوماسي رئيسي: كيف برزت السعود ...
- ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا تدعم الخطة العربية لإعادة ...
- -لم يلتزموا بالضمانات وخرقوا الاتفاقيات-.. الكرملين يرد على ...
- الأمن العراقي يطيح بمسؤول التمويل والدعم لعناصر -داعش- في صل ...
- فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا ترحب بالخطة العربية لإعادة ...
- إعلام: -الناتو- يناقش عواقب وقف تبادل المعلومات الاستخباراتي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عنصر من حزب الله في غارة على ج ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - الإحراج والعار