أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي حرك - رفع العَلَم - رفع عمود جد














المزيد.....

رفع العَلَم - رفع عمود جد


سامي حرك

الحوار المتمدن-العدد: 4322 - 2013 / 12 / 31 - 07:57
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


رفع عمود الـ "جد" هو طقس عملي يهدف إلى تحقيق بهجة الإحساس بالأمان, والإطمئنان للمستقبل في رعاية أوزير, لأن الرب حي, ولأن الرب موجود.
لذلك فإن من يقوم برفع عمود الـ "جد" يفتخر بذلك آملاً في أفضال يذكرها له أوزيريس وسيكافأه عنها حتمًا, كما توضح ذلك الآيات (1 و 3) من "سورة جد" (الفصل 155) في نصها:
" ...... أنا الذي يقف خلف عمود الـ "جد" (يسنده حتى يعتدل) في يوم صد الأهوال والكوارث, أنا فداءك يا أوزيريس".
كذلك في الآية (4) من "سورة جد", يقول النص:
"دعاء خاص بعمود الـ "جد" من الذهب الخالص (لون جسد رع), كلمات يرتلها الأوزير (المرحوم) "آني" المبرور:
إنهض يا واجع القلب (الخطاب لجثة المتوفي), أنت تشرق لنفسك بنفسك.
يا واجع القلب, ضع نفسك على جانبك الأيمن لكي أحضر.
يا متعب القلب, سأجلب لك عمود الجد من الذهب الخالص لتبتهج به وتعود سالمًا عفيًا".

الأختام العاجية من حضارات ما قبل زمن الأسرات, المعروضة في الصالة المواجهة لباب المتحف المصري بالقاهرة, تحوي نماذج رسوم لعمود الجد, بما يعني أنه طقس بالغ القِدم.
في مقالي السابق عن شعائر الحج إلى أبيدوس, أشرت إلى أن الموسم ينتهي يوم 28 كيهك بإحياء آخر شعيرة من المشاعر المقدسة, وهي رفع عمود الجد.
إذن كان رفع عمود الجد في نهاية أيام الحج, بمثابة الحفل الختامي للموسم المقدس, يحضره الملك والنبلاء وقادة الجيوش في الصباح, إذ تنتقل الحاشية الملكية إلى ميدان كبير مواجه لمقام رأس أوزيريس, وقد وضع به عمود خشبي كبير, ملفوفة ساقه بالحبال وشريط من القماش الأبيض, على هيئة مومياء, بينما جزءه العلوي ظاهر منه الشكل المميز لعمود الجد ذو الأذرع الأربعة تنتهي برأس خشبي, تلك الأذرع يحسبها أكثر الكُتاب تمثل جزءًا من العمود الفقري, وأراها جزء من الشجرة حيث نما فيها الجسد الأوزيري كامل اليدين والقدمين والرأس.
لدينا صور ونقوش حجرية عديدة تمثل طقس رفع عمود الجد, حين يقوم به الملك, لاااكن, لم تحفظ الآثار أي نسخ مماثلة للنموذج الأصلي المستخدم في ذلك الطقس الختامي لموسم الحج, بينما لدينا آلاف القطع المعدنية والحجرية الصغيرة الملونة المستخدمة كتمائم على هيئة عمود الجد, ولعل السبب في فقد النماذج الكبيرة هو تأثير عامل الزمن في خشب الأعمدة.

-2-
توضح النصوص فائدة تميمة عمود الجد في أنها تمنح حاملها القوة والخلود, بينما يكون رفع نموذج خشبي كبير في حضرة الرأس الأوزيري الشريف, في ختام موسم الحج, لكي يتفضل الرب الحي ويمنح شعبه عامًا كاملاُ من الإحساس بالأمان, ولعل زرع شجرة أوزيريس في بداية موسم الحج (15 كيهك) كان من أهدافه تجديد شباب الأوزير بمنحه عمود "جد" جديد.
ما إن ينحني جلالة ملك مصر ويبدأ في لمس الجزء الأسفل من عمود الجد حتى تتصاعد الصلصلات الحتحورية, وتزيد أصواتها مع إرتفاع درجة ميل العمود صعودًا, إلى أن يرتفع تمامًا ويعتدل العمود منتصبًا, حينئذ تنضم إلى الصلاصل ضربات الطبول ودقات الدفوف والمزاهر وبقية الآلات الموسيقية, كما يعلو هتاف الحجيج في بهجة وسرور:
أوزير أنست/ أريس أنست
أوزير حضر/ خلاص حضر
يوثق "سليم حسن" شكوى أحد كتاب الأسرة العاشرة (2100 ق.م) من أن عدم حضور الملك لطقوس رفع عمود الجد, هو السبب فيما يعانونه من شقاء وفساد للذمم, ويؤكد الكاتب:
"إن أوزير لن يطل على رعيته هذا العام, فتقبلوا ما يحدث لكم".
وفي نبوءة المرتل العظيم للربة "باستت" المسمى "نفر-روهو", نجد من ضمن علامات البشارة بالقائد العظيم "أمنمحات":
"أنه يرفع عمود الـ "جد" في موعده!"
في المنتدى الثقافي المصري حكى ليَّ السفير محمد الغمراوي, أنه أثناء تواجده في أفغانستان, رصد إحتفالية أفغانية شعبية دينية, إسمها "رفع العمود", وفيها يرفع أحد كبار الأئمة عمودًا خشبيًا مع التهليل والتكبير!
جزء أساسي من طقوس الموالد في أنحاء مصر, وجود "عمود الخيمة", وهو عرق خشبي طويل يُغرز وسط ميدان الإحتفال بالمولد, علمًا للمولد, تمامًا كما كان عمود الجد علمًا دالاً على إخلاص المصريين لربهم ووفاءهم لتراب وطنهم, بينما يكون إسمه لدى بعض الطرق الصوفية هو "عمود الإجتماع", أي إجتماع المريدين على حب أولياء الله الصالحين.
أما ما بقي من طقس رفع عمود الجد في تقاليد عالمنا الحديث, فإننا نشهده كل يوم مع رفع العلم, كل علم, لكل دول العالم تقاليد ثابتة لرفعه تفرض إحترامها بإعتباره يرمز لهيبة الدولة, كما أنه يلخص مشاعر الولاء للوطن ممثلاً في علمه, في طابور صباح كل مدرسة وكل كتيبة وسرية جيش أو شرطة, وفي الجنازات العسكرية وكذلك في عدد من المناسبات المختلفة.



#سامي_حرك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فعاليات موسم الحج إلى أبيدوس
- قصة شجرة الكريسماس
- لصوص ومسوخ الحضارة
- أفريقيا: بيت العيلة!
- عيد الأضواء .. شعب الله المجنون
- عيد الميلاد
- ذاكرة النجاح
- نعم لدستور الخماسين
- لعبة السنة
- آمون المستقبل .. الإيمان بالغيب
- عواصف دستور الخماسين
- التمييز الإيجابي .. بوليصة تأمين
- اللغة العربية في حالة الموت السريري
- بنتكلم مصري ؟
- مصر جزء؟؟؟ صياغة كارثية للمادة الأولى
- مصطلحات وأنواع الرياضة المصرية القديمة
- كتابة التاريخ بالإنجازات
- الكنانة: قصة التكوين
- -السُبوع- و-الأربعين-, مناوبة بين الربّات الحاميات
- الرقص


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سامي حرك - رفع العَلَم - رفع عمود جد