أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود سلمان الشويلي - السياب والذكريات الاولى















المزيد.....

السياب والذكريات الاولى


داود سلمان الشويلي
روائي، قصصي، باحث فلكلوري، ناقد،

(Dawood Salman Al Shewely)


الحوار المتمدن-العدد: 4321 - 2013 / 12 / 30 - 01:58
المحور: الادب والفن
    


اثناء دراستي المتوسطة التقيت بالشاعر بدر شاكر السياب على صفحات الكتاب المدرسي ( الادب والنصوص ) كما اذكر ، وكانت القصيدة المختارة قصيدة ( انشودة المطر ) التي يقول مطلعها :
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
او شرفتان راح ينأى عنهما القمر
عندها عرفت – بعد ان قرات الشعر الحر- ان هناك شعراء لا يكتبون كما كان يكتب الشاعر الجاهلي ومن جاء من بعده.
والسياب يعد من رواد الشعر الحر – شعر التفعيلة – اذ قام هذا الشاعر بمحاولات جاة في اخراج الشعر العربي من القمقم الذي وضعه فيه الشعراء التقليديون، وكذلك من رتابة القافية وقيدها القاتل والممل.
ان هذا الصنيع قد تضافرت عليه مجموعة من العوامل ليس اولها ما افرزته قراءات السياب للشعر الانكليزي، فجاءت محاولاته الجادة في الشكل الجديد ، الشكل الذي يعتمد التفعيلة لا البيت والعمود الشعريين ، ومن ثم ايمانه النهائي بان هذا الشكل – يتبعه المضمون الجديد بكل ما يحمله من اساطير ورؤى وموضوعات معاصرة – هو االشكل الذي يجب ان تكتب به القصيددة العربية – وما سياتي بعد ذلك - لكي تساير العصر الذي نعيش فيه ، عصر القرن العشرين ، الذي تقدم فيه التعليم وتطورت وسائل الاتصالات والمواصلات.
نقل السياب الشعر العربي من الذهنية العربية القديمة الراكدة ، و ما وصلت اليه القصيدة ،وتقديسها لكل ما هو قديم في الشكل والمضمون ، الى ذهنية جديدة وجدت في الحياة المعاصرة ضالتها ، فراحت تكتب بذائقة جديدة ، ذائقة القرن العشرين ، معبرة عما تعيشه من حقائق تفرزها حياتنا المعاصرة. ان الذي ساعد السياب في ان يكتب الشعر الذي كتبه هو ما كان يمور به الشارع العراقي من احداث سياسية ، وثقافية كذلك، وجرأته في الكتابة عن ذلك بروح جديدة، وانفتاح على الادب الانكليزي الذي اتاحته دراسته للغة الانكليزيه في الجامعة ،وذائقته الشعرية ،ذائقة النصف الثاني للقرن العشرين .
ان من مميزات شعر السياب هي:
- اعتماد نظام التفعيلة في بناءموسيقى الشعر ، وفي بناء البيت الشعري ، والثوب الجديد الذي لبسه الشعر العربي.
- التصرف الحر الى حد ما بالتفاعيل المستخدمة وحسب ما تمليه الذائقة الشعرية وقت كتابة القصيدة .
- التخلي الى حد ما من نظام القافية القديم الذي كانت افكار القصيدة تقودها القافية ، اذ اصبحت الافكار هي القائدة للقافية.
- استخدامه للاساطير الاغريقية والرومانية ومن ثم العراقية القديمة لتات قصيدته بافكار وعوالم جديدة رامزة للواقع الذي تتحدث عنه ، الواقع الذي راى السياب ان معالجته مباشرة غير صحيح.
- اعتماد المشهد الفكري في تقديمه للحدث الشعري ، واختيار اللفظة المعبرة عما يجيش في الواقع وفي النفس من ثورة متفجرة .
ان قصائد مثل ( انشودة المطر ) و ( غريب على لبخليج ) تحمل بين الفاظها وابياتها صوتا مميزا في الشعر العربي الحديث ،صوت له قدرة عالية في ان يكون مبدعا فيما يكتب .
ان قصيدة ( غريب على الخليج ) تصور معاناة السياب وهي معاناة كل عراقي مغترب لاسبابه الشخصية او لاسباب خارجة عنه ، فهي تنقل لنامعاناة الشاعر وهو مكبل بالمرض وخشيته من ان يموت بعيدا عن العراق .
يقول:
الريح تلهث بالهجيرةِ، كالجثام، على الأصيل وعلى القلوعِ تظل تُطوى أو تُنشر للرحيلِ زحمَ الخليج بهنّ مكتدحون جوّابو بحار
ويقول فيها: الرّيح تصرخ بي: عراق، والموج يعوِلُ بي: عراق، عراق، ليس سوى عراق! البحرُ أوسع ما يكون وأنت ابعدُ ما تَكونْ والبحر دونَك يا عِراقْ. بالأمس حين مررت بالمقهى، سمعتك يا عراقْ... وكنتَ دورةَ أُسطوانهْ ويقول كذلك: حُلُمٌ ودورةُ أسطوانه؟ إن كان هذا كلَّ ما يبقى فأينَ هو العزاء؟ أَحببتُ فيكِ عراقَ روحي أو حببتُكِ أنت فيه يا أنتما، مصباح روحي أنتما- واتى المساء والليل أطبق، فلتشعّا في دجاه فلا أتيه. ويقول: واحسرتاه، متى أنامْ فَأُحس أن على الوساده من ليلك الصيفيِّ طَلاًّ فيه عطرك يا عِراقْ؟ بين القرى المتهيِّباتِ خطاي والمدنِ الغريبه غنّيتُ تربتكَ الحبيبه، وحملتها، فأنا المسيح يجرّ في المنفى صليبه، ويقول: لتبكينَّ على العراقِ فما لديك سوى الدموعْ وسوى انتظارك، دون جدوى، لِلرِّياح وللقلوعْ!
رحم الله السياب الذي تمر هذه الايام مناسبة وفاته.

داود سلمان الشويلي
اثناء دراستي المتوسطة التقيت بالشاعر بدر شاكر السياب على صفحات الكتاب المدرسي ( الادب والنصوص ) كما اذكر ، وكانت القصيدة المختارة قصيدة ( انشودة المطر ) التي يقول مطلعها :
عيناك غابتا نخيل ساعة السحر
او شرفتان راح ينأى عنهما القمر
عندها عرفت – بعد ان قرات الشعر الحر- ان هناك شعراء لا يكتبون كما كان يكتب الشاعر الجاهلي ومن جاء من بعده.
والسياب يعد من رواد الشعر الحر – شعر التفعيلة – اذ قام هذا الشاعر بمحاولات جاة في اخراج الشعر العربي من القمقم الذي وضعه فيه الشعراء التقليديون، وكذلك من رتابة القافية وقيدها القاتل والممل.
ان هذا الصنيع قد تضافرت عليه مجموعة من العوامل ليس اولها ما افرزته قراءات السياب للشعر الانكليزي، فجاءت محاولاته الجادة في الشكل الجديد ، الشكل الذي يعتمد التفعيلة لا البيت والعمود الشعريين ، ومن ثم ايمانه النهائي بان هذا الشكل – يتبعه المضمون الجديد بكل ما يحمله من اساطير ورؤى وموضوعات معاصرة – هو االشكل الذي يجب ان تكتب به القصيددة العربية – وما سياتي بعد ذلك - لكي تساير العصر الذي نعيش فيه ، عصر القرن العشرين ، الذي تقدم فيه التعليم وتطورت وسائل الاتصالات والمواصلات.
نقل السياب الشعر العربي من الذهنية العربية القديمة الراكدة ، و ما وصلت اليه القصيدة ،وتقديسها لكل ما هو قديم في الشكل والمضمون ، الى ذهنية جديدة وجدت في الحياة المعاصرة ضالتها ، فراحت تكتب بذائقة جديدة ، ذائقة القرن العشرين ، معبرة عما تعيشه من حقائق تفرزها حياتنا المعاصرة. ان الذي ساعد السياب في ان يكتب الشعر الذي كتبه هو ما كان يمور به الشارع العراقي من احداث سياسية ، وثقافية كذلك، وجرأته في الكتابة عن ذلك بروح جديدة، وانفتاح على الادب الانكليزي الذي اتاحته دراسته للغة الانكليزيه في الجامعة ،وذائقته الشعرية ،ذائقة النصف الثاني للقرن العشرين .
ان من مميزات شعر السياب هي:
- اعتماد نظام التفعيلة في بناءموسيقى الشعر ، وفي بناء البيت الشعري ، والثوب الجديد الذي لبسه الشعر العربي.
- التصرف الحر الى حد ما بالتفاعيل المستخدمة وحسب ما تمليه الذائقة الشعرية وقت كتابة القصيدة .
- التخلي الى حد ما من نظام القافية القديم الذي كانت افكار القصيدة تقودها القافية ، اذ اصبحت الافكار هي القائدة للقافية.
- استخدامه للاساطير الاغريقية والرومانية ومن ثم العراقية القديمة لتات قصيدته بافكار وعوالم جديدة رامزة للواقع الذي تتحدث عنه ، الواقع الذي راى السياب ان معالجته مباشرة غير صحيح.
- اعتماد المشهد الفكري في تقديمه للحدث الشعري ، واختيار اللفظة المعبرة عما يجيش في الواقع وفي النفس من ثورة متفجرة .
ان قصائد مثل ( انشودة المطر ) و ( غريب على لبخليج ) تحمل بين الفاظها وابياتها صوتا مميزا في الشعر العربي الحديث ،صوت له قدرة عالية في ان يكون مبدعا فيما يكتب .
ان قصيدة ( غريب على الخليج ) تصور معاناة السياب وهي معاناة كل عراقي مغترب لاسبابه الشخصية او لاسباب خارجة عنه ، فهي تنقل لنامعاناة الشاعر وهو مكبل بالمرض وخشيته من ان يموت بعيدا عن العراق .
يقول:
الريح تلهث بالهجيرةِ، كالجثام، على الأصيل وعلى القلوعِ تظل تُطوى أو تُنشر للرحيلِ زحمَ الخليج بهنّ مكتدحون جوّابو بحار
ويقول فيها: الرّيح تصرخ بي: عراق، والموج يعوِلُ بي: عراق، عراق، ليس سوى عراق! البحرُ أوسع ما يكون وأنت ابعدُ ما تَكونْ والبحر دونَك يا عِراقْ. بالأمس حين مررت بالمقهى، سمعتك يا عراقْ... وكنتَ دورةَ أُسطوانهْ ويقول كذلك: حُلُمٌ ودورةُ أسطوانه؟ إن كان هذا كلَّ ما يبقى فأينَ هو العزاء؟ أَحببتُ فيكِ عراقَ روحي أو حببتُكِ أنت فيه يا أنتما، مصباح روحي أنتما- واتى المساء والليل أطبق، فلتشعّا في دجاه فلا أتيه. ويقول: واحسرتاه، متى أنامْ فَأُحس أن على الوساده من ليلك الصيفيِّ طَلاًّ فيه عطرك يا عِراقْ؟ بين القرى المتهيِّباتِ خطاي والمدنِ الغريبه غنّيتُ تربتكَ الحبيبه، وحملتها، فأنا المسيح يجرّ في المنفى صليبه، ويقول: لتبكينَّ على العراقِ فما لديك سوى الدموعْ وسوى انتظارك، دون جدوى، لِلرِّياح وللقلوعْ!
رحم الله السياب الذي تمر هذه الايام مناسبة وفاته.



#داود_سلمان_الشويلي (هاشتاغ)       Dawood_Salman_Al_Shewely#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذكريات مع الشاعر رشيد مجيد - 3
- الشعر خارج منطقته - ليس دفاعا عن الشاعر سعدي يوسف -
- هل مات مانديلا ؟
- ذكريات مع الشاعر رشيد مجيد - 2
- ذكريات مع رشيد مجيد
- - عاشوراء - الذكرى والتأسي
- رسالة حب الى المثقفين والادباء والفنانين
- رحلة في الذاكرة - ما الأدب ؟ - شهادة ابداعية-
- عيد بأية حال عدت يا عيد (المتنبي ومصيبة العراقيين)
- الاحزاب الدينية والحريات
- حرية الرأي - ج 1
- حرية الرأي - ج 2 - المناهج الحديثة في دراسة وتحليل ونقد النص


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داود سلمان الشويلي - السياب والذكريات الاولى