عبد الله مهتدي
الحوار المتمدن-العدد: 4319 - 2013 / 12 / 28 - 20:44
المحور:
الادب والفن
قصة قصيرة
بعينين شاردتين، كان يتأمل صورته بين يديه.
- يا أنا ها أنت،وقد غطى الشيب شعر رأسك،ضاقت حدقتا عينيك،والتجاعيد شنت حربها على محياك، ها قد كبرت، نعم كبرت،لعب الزمن معك لعبته كما يلعبها مع الآخرين ...،أما كبت خيولك التي ركبتها و ما ترجلت ؟أما قطعتك الطرق وشردك التيه ؟أما يبس صوتك الداخلي وجف ريق حلقك وأنت تقرع نواقيس الصمت ؟ أما تيهك إيقاع أنفاسك اللاهثة خلف أطياف سكنتك ويتمتك ؟... أيتها العينان الماردتان،أما تعبتما من التحديق صوب أسراب الضوء الطائرة؟ وأنت أيها الرأس، يا رأسي الذي ما تعب من السؤال، يقولون :
- الراس اللي ما يدور كدية !
وأنت رفضت الدوران،بل أمعنت في الرفض،وظللت تحلم أن ترسم على شفة الليل بسمة الشمس ليبدو وسيما،نعم ظللت تحلم رغم الغثيان،أن تعير أجنحة الملائكة للشجر حتى يحلق في أعماق غمرها اليباس،تحلم أن تقبض الزمن بين راحتي يديك،ستجعل له أنفا طويلا مكان أنفه الحلزوني،وأحمر شفاه على وجنتيه،ليبدو كبهلوان يوزع الصدف الجميلة على المسحوقين بلهيب الألم،ويرسم البسمات على الوجوه التي أرقها التيه،نعم ظللت تحلم أن تروض الأمل،لينقاد لك ،فتقود الريح إلى حيث تشاء،وتجعل الأفق أرحب مما كان،نعم ظللت تحلم أن تجعل الناس يتنفسون الشعر بدل الهواء المثقل بالصدأ،وأن يحكم الأطفال الكون ،باسم الأحلام المؤجلة،وباسم المجد الذي خانهم،وباسم الأنفاس المشتعلة بدواخلهم ،لتصبح الأرض أنقى.....
انتبه إلى صورته على شاشة التلفاز،مع تعليق يقول :
" وما زال البحث جاريا على قدم وساق، عن صاحب الصورة بتهمة الحلم بقلب النظام."
#عبد_الله_مهتدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟