|
حماية تنافسية المقاولة المغربية توحد القيادات النقابية والباطرونة
الشاوي سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 4315 - 2013 / 12 / 24 - 00:20
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
I - القيادات النقابية تتفق على حماية مصالح الباطرونة أولا عرفت سنة 2013 توقيع اتفاق بين النقابات المسماة أكثر تمثيلية ( لم يعد لهذا التعريف معنى مند سنوات بسبب التراجع الكبير لنسبة التنقيب) و الكنفدرالية العاملة للمقاولات بالمغرب اي النقابة التي تمثل مصالح الباطرونة المغربية،دون مشاركة مباشرة لممثلين عن الدولة كما جرت العادة . يأتي هذا الاتفاق حسب المصرح به من طرف ممثلي النقابات المعنية أو الباطرونة من اجل توفير شروط تضمن تنافسية مستدامة للمقاولة المغربية التي تعبر منطقة اضطراب ناتجة عن الازمة الاقتصادية العالمية العالمية . الحقيقة ان ما يجري هو محاولة فرض السلم الاجتماعي وبالضرورة السياسي في مجال الشغل و تحميل الطبقة العاملة المغربية تبعات الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المغرب.خاصة انه لا يمكن انتظار أي خطوة ايجابية من باطرونة مفترسة متخلفة مخزنية في جزء كبير منها ، والتي تستفيد من دعم غير محدود من طرف الدولة يتمثل في اعفاءات متكررة من الضريبية سواء بخصوص الارباح او تأدية واجباتها اتجاه العمال المتعلقة بالتامين او الضمان الاجتماعي... والمعروفة بعدم احترامها لقانون الشغل على علاته، وبحربها المتواصلة على الحريات النقابية وكل الحقوق الشغلية . عندما نتحدث عن الحق في الممارسة النقابية بالقطاع الخاص،فان ذلك لا يتعدى تأسيس مكاتب نقابية – غالبا ما يرافق تأسيسها ماسي اجتماعية تتمثل في طرد المسؤولين النقابيين او حتى اقفال المقاولة - حيث ينحصر دورها في أحسن الحالات في التفاوض على مشاكل للأجراء طفح كيلها، لان سنوات القهر التي عاشتها /تعيشها الطبقة العاملة المغربية عودتها على الصبر الطويل حفاظا على مصدر الرزق ، مما جعلها تستطيع تحمل درجات مرتفعة من القهر والاستغلال ، ويكفي مراجعة بسيطة لساعات العمل وظروف العمل التي تعيش فيها الاغلبية الساحقة من العمال حتى نكتشف هول المعاناة وبالتالي قدرتها على التحمل ،خاصة انها عانت طويلا من خيانة القيادات النقابية واستعمالها كحطب النار من طرف الاحزاب السياسية.وهي اليوم تدرك بالتجربة انه حين تفرض عليها معركة نقابية تواجه مصيرها لوحدها ولا تجد في جانبها سوى ثلة من المناضلين الشرفاء، وبالتالي فهي تتجنب المواجهة مع اراب العمل مهما كان المشكل، إلا حين يكون خيارا لا مفر منه. خوض الإضراب أو الانخراط في نزاعات قوية على مستوى القطاع الخاص لا تحصل بالمغرب إلا في حالة الضرورة القصوى ، ويتم ذلك في الغالب عندما يكون هناك تهديد مباشر لقوت العمال وحقهم في الاستمرار في الشغل. لان نزاعات من اجل تحسين الدخل أو المطالبة بحقوق إضافية نادرة جدا وهي سمة للقطاع العام لأسباب مرتبطة بمستوى الوعي والتنظيم وهامش الحرية النقابية المتوفر، اما بخصوص القطاع الخاص فهي لا توجد إلا في المقاولات الكبرى المعروفة بالاستقرار النسبي في العمل، و عدد هذا النوع من المقاولات بالمغرب قليل ، وبالتالي فان وضعية الأغلبية الساحقة للطبقة العاملة المغربية تتسم بالتردي والتفقير، بالمقابل تحقق الباطرونة المغربية ثروات طائلة ، مدعومة من طرف الدولة التي توفر لها كل وسائل الضغط السياسية والقمعية. ادن في ظل هذه الشروط المعروفة ما هي دلالة هذا الميثاق الذي انخرطت فيه القيادات النقابات، والذي لا يمكن أن ننتظر منه أي فائدة للطبقة العاملة. II – القيادات النقابية تستسلم للباطرونة: وقع الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل يوم 7 يناير 2013 بالمقر المركزي بالدار البيضاء مع رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب اتفاقا تحت اسم "ميثاق اجتماعي من أجل منافسة مستدامة وعمل لائق" والذي يمكن تلخيص مضمونه حسب ما صرح به الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل في : • الوقاية من النزاعات ، • الحوار الاجتماعي وتشجيع الاتفاقيات الجماعية، • المطابقة الاجتماعية لعلاقات وظروف العمل، • وأخيرا النهوض بالشغل والتنافسية ونفس الميثاق مع اختلافات غير جوهرية وقعه كل من الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب بالرباط في نفس اليوم، وكذلك الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب الملحقة النقابية لحزب العدالة والتنمية.وليس مهما تتبع ما قاله الكتاب العامين لكل من الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب،لأنهما بكل بساطة نقابتين مرتبطتين بالدولة وبأحزاب رجعية جزء كبير من قاعدتها الطبقية من أرباب العمل،وبالتالي فلا يمكن أن ننتظر منها إلا الاصطفاف إلى جانب الباطرونة والدفاع عن مصالحها وجر الطبقة العاملة الواقعة تحت التضليل الإيديولوجي إلى تصديق هذا النوع من الادعاءات التي تروج إلى المقاولة المواطنة أو التعاون في الوقت الذي يزداد ربح الباطرونة ويتعمق فقر العمال. و تكتمل فصول هذا المسلسل بتوقيع الكاتب العام للكنفدرالية الديمقراطية للشغل ( ك.د.ش) والكاتب العام للفيدرالية الديمقراطية للشغل (ف.د.ش) يوم 4 يونيه 2013 بمقر الكنفدرالية الديمقراطية للشغل على اتفاق مماثل والذي تم الاتفاق خلاله على : ضرورة أن يكون هناك خطاب موحد بينهم ( الباطرونة والنقابات الموقعة )، الاستشارة في كل القرارات .كما أن هذا الاتفاق يجب أن يحكم العلاقة بين الأطراف مستقبلا. وقد طالبت الباطرونة بتحيين قانون الشغل وتنتظر إخراج قانون للإضراب يرضي رغباتها . الملاحظات الأولية التي يمكن تسجيلها على هذا الاتفاق الذي تم بين الباطرونة والمركزيات النقابية : 1. تغييب تام للأجهزة التقريرية لجميع النقابات في اتخاذ قرار بهذه الخطورة، حيث انه في أحسن الحالات تم التداول فيه بين عدد محدود من مسؤولي المكاتب التنفيذية للمركزيات. 2. خوف غير مفهوم على مستقبل تنافسية المقاولة المغربية من طرف زعماء النقابات الذين وقعوا على هذا الاتفاق لدرجة حصول تماهي بين الزعيم النقابي والباطرونة.حيث جميعهم عبروا على ضرورة توفير ظروف ملائمة لتنافسية المقاولة المغربية، وهذا يعني إعداد الطبقة العاملة المغربية للتضحية بجميع حقوقها ومكتسباتها لتعيش المقاولة. 3. الاتفاق في شكله ومضمونه عبارة عن أرضية تفاهم لا تقدم للطبقة العملة المغربية أي شيء اللهم جمل فضفاضة وتصريحات كاذبة تحاول الإيهام بان ما تم فعلا انجاز اجتماعي يخدم الوطن ، من قبيل "تعزيز التشاور وتعميق التفكير حول آليات وقواعد حق الإضراب، مع احترام الحرية النقابية وحرية العمل، بغية بناء علاقات اجتماعية جديدة، وخلق تعاقد اجتماعي جديد عادل من حيث الحقوق والواجبات بين كافة الأطراف المعنية" . كما تم إرفاق الاتفاق بخطابات حول الوطنية مثل إثارة الانتباه إلى "التحديات التي تواجه البلاد" وما يفرضه ذلك من "ضرورة اتخاذ مواقف وطنية واحدة لمواجهتها، جاعلين نصب أعيننا مصلحة الوطن والمواطنين قبل كل شي" كما لو ان الطبقة العاملة هي من يتحمل مسؤولية الازمة السياسية و الاقتصادية التي يتخبط فيها النظام المغربي . 4. الاتفاق يعطي الحق للباطرونة والحكومة معا الفرصة لتحقيق مراجعة لقانون الشغل الذي لا يطبق أصلا حسب التقارير الرسمية في الأغلبية الساحقة من المقاولات المغربية. كما انه بمثابة توافق حول قانون الإضراب الذي مازال يتعذر إصداره، و من خلال هذا الاتفاق يبدو انه حصل اتفاق ضمني من اجل السماح بمرور هذا القانون الذي طال انتظاره من طرف الباطرونة والحكومة المغربية . III - الشروط المحيطة بالاتفاق : الاتفاق الموقع بين الباطرونة يأتي في سياق اجتماعي وسياسي يتسم بهجوم متصاعد على حقوق ومكتسبات الطبقة العاملة المغربية في مختلف مواقعها بالقطاع الخاص أو العام من طرف الحكومة المغربية،وقد حاولت القيادات النقابية التعبير عن الحزم في مواجهة هذه التراجعات لكن قراراتها كانت عبارة عن تهديدات لا تتعدى جمل وكلمات ترمى في الفضاء سرعان ما يحملها الريح ويتركها بدون تأثير، لان حالة النقابات واخص هنا بالذكر الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ( ك.د.ش) والاتحاد المغربي للشغل (ا.م.ش) تتسم بعجز من الصعب التخلص منه والذي يتمثل في: 1. قيادة الك.د.ش تآكلت وفقدت جميع مبررات استمراريتها ، نظرا لطول المدة التي لم ينعقد فيها المؤتمر وقوة التحولات التي عرفتها القاعدة الاجتماعية والسياسية لهذه المركزية و لم تعمل على استيعابها تنظيميا ونضاليا .أما الا.م.ش فقد أنهكه الصراع الذي انفجر بداخله ، والذي يغذيه المخزن والعناصر الانتهازية الفاسدة بهذه المركزية .كل هذا إضافة إلى تراجع قيم النضال والتضحية لذا اغلب القيادات النقابية وتفشي الفساد والريع النقابي ، مما أفقدها كل قدرة على التصدي للهجومات المتواصلة والمستمرة للباطرونة والحكومة المخزنية على القوت اليومي للطبقة العاملة المغربية ، وبالتالي دفع بها إلى الارتماء في أحضان الباطرونة من اجل استجدائها بحثا عن سلم اجتماعي يخفف من معاناة الطبقة العاملة المغربية ، دون أن يكلفها عناء خوض نضالات لم تعد قادرة على خوضها . 2. حماية مصالح الطبقة العاملة بالقطاع الخاص يكلف النقابات كثيرا، نظرا لشراسة الباطرونة وعدم تساهلها مع كل محاولة عمالية للمطالبة بتحسين شروط عيشها او تطبيق القانون، لان عدم احترام قانون الشغل وخاصة كل ما يتعلق بالأجور وساعات العمل والعطل وكل ما له تأثير على الإنتاجية ، هو ما يعطي للباطرونة المغربية المتوحشة إمكانية المنافسة ، التي تعجز عن بلوغها في شروط أخرى .كل هذا يدفع بالقيادات النقابية إلى تفادي أي مواجهة مع الباطرونة تعرف مسبقا أنها خاسرة .كما أن هذه القيادات النقابية وفي ظروف الاستعداد للانتخابات المهنية، غير مستعدة لتعكير مزاج الباطرونة وحليفها الموضوعي المخزن ن خاصة عندما نعلم أن نتائج هذه الانتخابات هي من يحدد حجم المنح والتعويضات التي تمنحها الدولة لهذه النقابات ، وهي كذلك من يحدد عدد مقاعد المأجورين بمجلس المستشارين . خلاصة: الاتفاق بكل تأكيد غطاء للباطرونة المغربية لكي تفترس العمال كما تشاء وكيفما تشاء ، الاتفاق هو محاولة من القيادات النقابية تقديم صورة حضارية عنهم ، و التي ليست سوى تواطؤ مفضوح يدبح بموجبه العمال دون أن يكون لهم حتى الحق في الصراخ ، مقابل رضا هذه الباطرونة على هذه القيادات . الترويج للمقاولة المواطنة أو الشراكة ليست سوى تعابير إيديولوجية تعمل من خلالها النخبة المتحكمة في رقاب العمال على تضليلهم وتحييدهم من الصراع الاقتصادي المدخل إلى الصراع السياسي ، كما تستعمل هذه القيادات النقابية بالإضافة إلى ذلك مفاهيم " الدفاع عن الوطن " و " الغيرة عن الوطن " للعب على مشاعر العمال لتسهيل إلغاء أي تطلع لهم نحو التغيير وحماية لمصالح الباطرونة .
#الشاوي_سعيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما العمل حتى تستعيد النقابات بالمغرب وظيفتها في الصراع الطبق
...
-
هل من مستجدات للوضع النقابي بالمغرب ؟
-
بيان لقطاع الجماعات المحلية باقليم شفشاون
-
الجامعة الوطنية لعمال وموظفي الجماعات المحلية (ا.م.ش) نضال م
...
-
توضيح حول خبر صحفي
-
اضراب وطني بقطاع الجماعات المحلية بالمغرب
-
من يدفع الى الانشقاق و يضرب استقلالية الاتحاد المغربي للشغل
...
-
رسالة الى الحكومة المغربية
-
تقرير انجز من طرف المناضل النقابي عبد السلام بلفحيل حول الفس
...
-
بلاغ المجلس الوطني يوم 21 يناير 2012
-
لماذا يقدم الواقع العربي الحركات الاصولية بديلا؟
-
بيان الاضراب العام بقطاع الجماعات المحلية ايام 15/16/17 نونب
...
-
لماذا اضراب الجماعات المحلية بالمغرب يومي 14/15 يوليوز 2010
-
العمل النقابي وسط الجماعات المحلية بالمغرب - اي واقع
-
العمل النقابي وسط الجماعات المحلية - اي واقع
المزيد.....
-
حصيلة بقتلى العاملين في المجال الإنساني خلال 2024
-
4th World Working Youth Congress
-
وزارة المالية العراقية تُعلن.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر
...
-
بيسكوف: روسيا بحاجة للعمالة الأجنبية وترحب بالمهاجرين
-
النسخة الألكترونية من العدد 1824 من جريدة الشعب ليوم الخميس
...
-
تاريخ صرف رواتب المتقاعدين في العراق لشهر ديسمبر 2024 .. ما
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
يوم دراسي لفريق الاتحاد المغربي للشغل حول: تجارة القرب الإكر
...
-
وزارة المالية العراقية.. تأخير صرف رواتب الموظفين شهر نوفمبر
...
-
الهيئة العليا للتعداد العام للسكان تقرر تمديد ساعات العمل لل
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|