سامي عبدالباري
الحوار المتمدن-العدد: 4313 - 2013 / 12 / 22 - 13:18
المحور:
المجتمع المدني
الحسيون بين الذكاء الإجتماعي و السلام الداخلي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
العطايا الحسية التي بها نرى كل جمال العالم ، إن لم يكن حسي فهو لا شئ ، صورة ملونه فائقه الدقة في حائط سجن ! .
لذا لا أتصور بأن هناك (حسيون و حدسيون و سمعيون و بصريون ) كما تأتي بذلك غالبية دروس التنمية البشرية و بالأخص البرمجة اللغوية العصبية ، أما علم الطاقة فأنا لم أكتشف ماهيته و لم أتعرف على حدوده الكاملة بعد .
فعلامَ الدروس إذاً ، يعترفون بتطوير المهارات الفردية بدروسهم ، و يفندون خطاباتهم ، مثلاً للحسي فقط لتعليمه كيف يصبح ماهر في عمله و مجتمعه مع الآخرين ؟! ، و دواليك يبحثون عن القصور لدى " السمعي " و " البصري " ، ينجحون بجدارة حقيقة في إظهار القصور لدى الشخصيات المختلفة و السعي لمعالجته .
و القراءة في البرمجة اللغوية العصبية من أمتع فوائد الدراسات الحديثة ، ممتعة لأنها مفيدة ذهنياً أكثر منها واقع كامل و حقيقي .
لكن إعتقادي بأن البشرية و العالم الخاص بها ، حسي للغاية و ألا جمال فيه إلاّ بحسياته ، هو قولي بصريح العبارة الإنسان حسي ، يعني إعترافي بإنسانيتنا المبدعة ، فالإنسان مبدع و قد ذكرت الفرق بينه و بين " الحيوان " في منشور سابق ، بكلام مختصر هنا أستطيع أن أقول الفرق الوحيد هو " الإبداع في التفكير " ، فكيف و هل يجرؤ أحد " على حسب قناعتي تلك " : أن يصف الإنسان " الحدسي " [بتصوراتهم ودروسهم اللغوية ] بأنه المبدع دون غيره ؟!
إبداع إنسانيتنا ليست عبارة عن إنتاج ملموس وحسب ، ما فائدة العيش في قصر عظيم فسيح بكل إمكانيات الجمال الملموس " مسابح بارده و ساخنه و حمامات مرفهة ـ ورود نادرة ـ سيارات داخلية فارهة " ، و أنت أيها الإنسان لا تشعر بالسلام ، بالفرح ؟! .
القصر مع حواء القصر تشعر بك ، و تحبك لأنك تحبها .
الإعتراف بالإنسانية المبدعة لا يلغي إعترافي بالإنسانية ذات المصلحة الجسدية " الشهوانية " ، أو يلغي وجود " المصلحة الإجتماعية " الطبيعية و الضرورية في الحياة ، أخذ و عطاء على حدود المادة و الفائدة .
بل بالأساس يعطي الإنطباع الكامل بماهية المجرم / القاتل / البشر الشيطاني في قاموسي .
شخصياً أتعلم من صديقي البدائي في نظر " العلم و الثقافة " ، ربما لا يشعر بذلك أحايين كثيرة ، و لا يستمتع بجزالة مدحي ، لكني أحترم إنسانيته ، بإعترافي بإبداعه و تعلمي منه ، هذا يرضي ضميري ، و يكفي أن أقدم له " شوكولاته " يحبها ، لا داعي أن أشحن رأسه المشغول بالفرح و البحث عنه ، بما لا يفهمه ولن يحاول فهمه ! .
" أتصور " كل بشري حسي ، و الإحساس لا دخل له بالعاطفة و الإستنتاجات العلمية بعضها تبنى على دراسة شخص عاطفي ظل كما هو لا يدرب مهاراته ، بالأصح لا طريق متاح ولا طريقة يؤمن بها ، و ظلت عاطفته تعذبه بين الآخرين العاطفيين أيضاً ! ، لكن ليس بطريقته المعقدة .
أنا عاطفي جداً و رومانسي ، آخر كوميدي و ساخر ، هل العاطفي لا يضحك للأبد ، و هل الكوميدي الساخر لا يبكي ؟! ، ربما نختلف بالتعبير عن الحب و الحزن ، ليس إلاّ ,,
أتكلم عن الأصحاء " نوعاً ما " ، أقصد غير المرضى النفسيين في الحالات الحادة و المزمنة .
المسألة في تطوير المهارات و التحكم بالأعصاب ، و هذا في رأيي يعتمد على السلام الداخلي أولاً ، و من ثم إمكانية و فرصة التدرب ، التدريب بعد السلام ، لأن السلام فهم عميق للجسد و الروح .
,, ماذا عن الذكاء الإجتماعي ؟
الذكاء الإجتماعي ليس أن تخدع الناس ، بل أن تتعامل مع الناس ، فالحسيون " الناس " ، لا يمكن خداعهم إلاّ وقت خروجهم من العالم " الحسي " ، أن تنسى و لا تتعرف على الطريق ليس لأنه تنقصك المهارات في التدقيق ، بل لأنك فقدت التركيز ، إما تعتمد على السائق / الرفيق ، و إما أنك قلق مضطرب ، و في كلتا الحالتين أنت خارج العالم الحسي في تلك الأثناء ، لأنك تفكر في البعيد ما ليس في متناول اليد و المعاش .
و بالتالي اللص الذكي يترقب فقط خروج الناس و لو للحظات من العالم الحسي ، يجب أن تنتبه أن تعيش كل لحظه بمتعتها ، و المتعة لا تجتمع مع القلق ، إذا آمنت بأن الحياة عطية لنستمتع بكل حس فيها كل لحظه لن تنسى ، صحيح نحن بشر لسنا آلات إلكترونية ، لا أطلب منك أن تصبح آلة ، أطلب منك أن تستمتع و تدرب نفسك على الإستمتاع اللحظوي بالحياة ، الداعية المهذِبة " جويس ماير " لديها برنامج " إستمتع بحياتك كل يوم " ، ربما أكثر منطق من حديثي ، تهذبت منها و تعلمت الكثير و لا أزل ، لكني أفضل التدرب على الإستمتاع اللحظوي بالحياة ، فالكفاح و الصبر الجميل أيضاً مريح ، ربما ، فهل يشعر الرياضيون الدقيقون برضوض في أجسادهم فضلاً عن أرواحهم ؟! ، فهم يبذلون طاقة و مجهود و أسأل " الرياضي " ، أين هي متعتك ، لن يرد عليك سيذهب للملعب ، فقط التعب الجسدي من يحتاج للعلاج و الراحة ، كما النفس تحتاج للراحة بين كل مجهود ذهني و آخر ,, ليس من السهل لكن القناعة وحدها ستساعدك على التدرب ,,
الذكاء الإجتماعي الوحيد ، من يغمرك بالسعادة والفرح ، ليس الذكاء للبيع و التسويق ، أو بيع الكلام من أجل المصلحة و الغاية و الهدف ، تظن أنك تخدع عقول موظفيك " البشر الحسيون " على سبيل المثال ، حتى تستفيد من طاقاتهم ! ، بينما لا تدرك أنك لا شئ بدونهم ، إنما هم يتنازلون من أجل المصلحة المادية برغم خداعك ، بل الذكاء الإجتماعي المقصود ، المبني على التعامل مع الناس بمحبة صادقة .
ـ الذكاء الذي أقصده ، ما يدعم سلامك الداخلي و يضمن لك في الوقت ذاته ( ألا يثور عليك أحد ) ,,
فالثورة تمرد على الخداع ، الثورة بمعنى : دعوني أصرخ في وُجُوهِهِمْ اللعينة ,
أن تصبح نبيلاً ، لا علاقة لك بالأصول و الأعراق ، فإنسانيتك ترفض منطق التباهي لمجرد البلد ، العرق ، و تاريخ الأسرة الضارب في القدم ! ، فلا هيأة " كيان " ولا لون و لا أسرة ولا حتى " إسم " إخترته بنفسك ، إلاّ أن تتجرد الإنسانية من الحقيقة كما لدى البعض بإعتقاد أن المبدع / الخالق غير عادل !
، دعوا العلمانيين فبعضهم تكفيري أيضاً و غير مسالم و يرفض الآخر و يستهزئ ، أي لا يتعامل مع الناس بحسبان إنسانيتهم البديعة ، لا أريد الخوض في الدين و السياسة على الإطلاق في حياتي ، ليس الكتابة وحسب ، بل الممارسة و التفكير ، في الدين الممارسة و التفكير المكرور ، المكرور بالممارسة دون تعبد و إيمان ، و المكرور بالفكر بلا نهايات ,,
العلامة الكبرى للسلام الداخلي : حسيات لحظوية بشعور الطفولة ، حسيات الطفل ، بتجارب و تفهم الكبير .
و العلامات الصغرى الأخرى ، على سبيل الذكر الوعي : المُحدث لطفرة في الفكر حول كل موضوع في الحياة ، خاص كان أم عام ، الحرية : بتحرر الفكر .
و السمات التي بإمكانها حجب السلام عن داخلك ، ما يفقدك متعة الحياة ، كسمات مثل الخجل أو التحدي ، كبديل عن السلام : الثقة و المنافسة ، لا منافسة غير شريفة ، المنافسة : شريفة دائماً ، التحدي هو فقط منافسة غير شريفة " بإعتقادي " ,,
" أتصور " : المبدع / المفكر ، هو أكثر من يتعرض لحرب داخلية شنيعة ، يضرمها بخلوته مع نفسه ، هناك فرق ، خيط رفيع لكنه محوري ، بين الحرب الداخلية لمجالس النفس و قاهرها لمجرد التعذيب ، و لمجالس نفس من نوع آخر ، المفكر ، هذا المقصود فيه ، ليس بالضرورة أن يكون المفكر ، المبدع / الكاتب أو الروائي بالتحديد ، كونه أكثر الشخصيات المفكرة على الدوام ، فقد عُرف على سبيل المثال عن الروائية الشهيرة " أجاثا كريستي " أنها كانت تكتب وهي " في البانيو " تستحم ، أي أنها كانت تفكر طيلة الوقت .
أي ما أقصده الإنسان المفكر بطبعه ، المتعمق في التفكير ، ذاك ، الإنسان العادي المغمور غير المشهور ، هو أيضاً يقع تحت طائلة الحرب الداخلية و التصارع للأفكار ، و كثير من المغمورين " الناس العاديين " ، بالأخص من يعيش تحت خط الفقر ، لا ينتبه الا و قد قُتل في معركته الخاصة ، بعدما يقضي سنوات طويلة قاهر لنفسه بعد أن أجبرها على اللانهايات للأشياء التي تدور في رأسه ، فظل منكساً لهامته ، لا يفهم شئياً ، فقط لأنه لا يكتب النهايات ، لا يوقف حربه ! ,,
و في الحقيقة يخطر ببالي الآن شئ خطير ، هل كانت ـ السيدة كريستي ـ تقطن العالم الحسي الخاص بها ، أم أنها تجردت لحسيات التفاعل من فرط ولعها ، فالفكر المحاصر بتفاصيل دقيقة طيلة الوقت لا أظنه يمنح الشخص حرية التنفس بحسياته الخاصة .
الإحساس و العيش بجمال العطايا الحسية طيلة الوقت ، بالتفكير باللحظة المعاشه ، و تأجيل التفكير بالأشياء في أوقات معينه هادئه ، تأتي لوحدها ووقتها ، بالتأمل ، لا يأتي التفكير بموعد و ترتيب مسبق ! ، و بترك تكرار الألم في النفس ، و تكرار الكلام أيضاً في الفم ، و تكرار الأفكار في العقل بلا نهايات .
كل ذلك : العودة لإحساس الحياة الفطري و التدرب على الخلود فيه ,,
جربوه إنه لإحساس و لشئ عظيم ,,
#سامي_عبدالباري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟