|
مؤسسة الأوقاف
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 4313 - 2013 / 12 / 22 - 11:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فى عام 1991كان يعمل بتلك المؤسسة أكثر من مليون شخص من بينهم خطباء المساجد ، الذين يبثون سمومهم فى عقول شعبنا، مثل تحريم سبوع الطفل وشم النسيم إلخ. بل حتى تحريم مولد النبى محمد. وإذا كانت الجماعات الإسلامية التى كرّستْ للعنف والتعصب الدينى ضد أبناء الديانات غير الإسلامية، فهذا هو ما يفعله خطباء المساجد التابعة لوزارة الأوقاف لمنافسة خطباء المساجد التى يُسيطر عليها الأصوليون التكفيريون . وفى رسالة أرسلها قارىء للصحفى أ. محمد صالح ، أبدى أنّ مشكلته هى البحث عن مسجد يُصلى فيه. هل ذلك لقلة عدد المساجد؟ السبب كما كتب ((فى كل يوم جمعة يشغلنى سؤال أين أصلى ، وذلك بسبب إما بلادة وتفاهة الإمام أو رزالته فى الحديث أو هجومه على بعض أبناء الأديان السماوية الأخرى . وليته يعظ الأمة. ولكنه يُنكــّد على المسلمين ويحثهم على العصيان المدنى وارتكاب جرائم الحقد والتدمير)) (أهرام 2 يونيو92) جريمة أخرى يرتكبها خطاء المساجد عقب صلاة الجمعة ، فهم يدعون الله أنْ ينصر الإسلام والمسلمين . والسؤال الذى لم يخطر على بال أحد : لماذا لا يكون الدعاء : اللهم انصر مصر والمصريين . فبغض النظر عن البُعد الميتافيزيقى فى الدعاء ، فإنّ الدعاء للإسلام وللمسلمين فيه عنصرية دينية. ويتضمّن عدم الاعتراف بالمصريين المسيحيين . والأخطر أنه لا يعترف بمفهوم (الوطن) مصر، وإذا كان لكل ظاهرة تراكماتها ، فقد انتقل التعصب من الدعاء بالعزة للمسلمين إلى مرحلة العداء لغير المسلمين . ثم إلى مرحلة المُطالبة بالاعتداء على المصريين المسيحيين انتقامًا منهم لما حدث مع مسلمى البوسنة (التى أصبحتْ قاعدة أمريكية) وهو الطلب الذى صرخ به- كمثال- إمام أحد المساجد فى المُصلين (رسالة من مواطن لصحيفة الأهالى 1/7/92) إنّ ذلك الإمام الذى تباكى على البوسنة ابن الثقافة السائدة التى تحجب عنه المعلومات فالسؤال المسكوت عنه فى تلك الثقافة البائسة هو : ما مصلحة أمريكا (المسيحية) لتساند شعب البوسنة (المسلم) لدرجة أنّ أمريكا (المسيحية) ظلــّتْ تضرب البنية الأساسية لشعب الصرب (المسيحى) لمدة ستة شهور، فدمّرتْ الكبارى ومرافق المياه والكهرباء والمصانع إلخ وبعد أنْ تم لأمريكا ما أرادتْ نشرتْ بعض الصحف الأوروبية أنّ أغلب الأفلام التليفزيونية عن مذابح الصرب ضد شعب البوسنة مُلفقة ومصنوعة فى المعامل الأمريكية. وتأكدتْ تلك الحقيقة بعد معرفة أحد أسباب إصرار أمريكا على تمزيق دول البلقان ، فكان من بين الغنائم حصول أمريكا على قاعدة جوية فى البوسنة وتحويلها إلى مركز عمليات تحت مُسمى خادع (مكافحة الإرهاب) وأعلن مسئولون عسكريون أمريكيون أنّ أمريكا تعتزم الإبقاء على قاعدة جوية مهمة داخل أراضى البوسنة عقب إنتهاء حلف الناتو لمهمة (حفظ السلام) وأنّ أمريكا تسعى لتطوير القاعدة بحيث يُمكن استخدامها كمركز لإطلاق أية كتيبة فى حالة الحاجة إليها بالمناطق المجاورة (أهرام 14/7/2004) وهكذا نتأكد أنّ الدين لم يكن السبب الحقيقى للصراع . وأنّ ما حدث هو أنّ أمريكا وظــّـفتْ الدين وكتبتْ سيناريو الحرب بحيث يبدو (الدين) هو البطل لتلك الحرب. وهكذا وقع المصريون المسلمون فى الفخ الأمريكى فطالبوا بالاعتداء على المصريين المسيحيين انتقامًا منهم لما يحدث لمسلمى البوسنة. فهل تطمع أمريكا فى أكثر من ذلك ؟ أنْ يتحول أبناء الوطن الواحد إلى أعداء ؟ ومن بين جرائم وزارة الأوقاف مغازلة الأصوليين الإسلاميين القتلة. والمثال الناصع هو ما حدث مع جماعة التكفير والهجرة التى قتل أعضاؤها د. محمد حسين الذهبى وزير الأوقاف الأسبق. إذْ قبل اغتياله طلبتْ جهة سيادية من الوزير الرأى عن تلك الجماعة. فأعدّ الوزير مع الشيوخ العاملين معه تقريرًا فى كتاب صغير جاء فيه أنّ جماعة التكفير والهجرة ((فئة صالحة يلتمسون نقاء العقيدة وصلاح الدين)) (نقلا عن د. بنت الشاطىء- أهرام 18/6/92) فكان الدرس الدامى أنّ تلك الفئة (الصالحة) هى التى قتلتْ الوزير ومثــّـلتْ بجثته لأنه (لا يفهم صحيح الدين) أى أنّ طغيان اللغة الدينية سيطر على عقلية القتله وعقلية القتيل. وبعد ذلك الدرس الدامى خرج وزير الأوقاف الجديد على شعبنا فى شهر مارس 91بالقرار الكارثى الذى عرفنا منه أنه أنشأ (معهد الدعاة) أمام شباب مصر من أطباء ومهندسين إلخ وبعد تخرجهم جاء بأوائلهم ليتسلموا الجوائز من رئيس الجمهورية. وكأنّ مصر قد تربّعتْ على عرش العلوم الطبيعية- على حد قول أ. خليل عبدالكريم الذى أضاف أنّ العكس هو الصحيح ((والمسافة بين مصر والبلاد التى تعطى كل اهتمامها لتلك العلوم لازالت بعيدة ولذا فإنّ دعوة وزير الأوقاف ستكون نتيجتها الحتمية تجريف أرض العلوم الطبيعية)) (صحيفة الأهالى 20 مارس 91) أليس ما حدث هو قمة ما تسعى إليه الرأسمالية العالمية لتظل هى المحتكرة للعلوم الطبيعية وبالتالى السيطرة على الدول التى أعطتْ ظهرها لتلك العلوم وانشغلتْ بما لا ينفع البشر؟ وهل توقف الأمر على (معهد الدعاة والداعيات) الرسمى الذى أنشأته وزارة الأوقاف عام91؟ لقد أصبح فى مصر أكثر من معهد ، فتم افتتاح بعض المعاهد الجديدة لتلائم مستوى أبناء الأثرياء مثل الجامعة الإسلامية الأمريكية، والجامعة الأمريكية الإسلامية (لا يوجد أى خطأ طباعى ، فهما جامعتان مستقلتان تحملان نفس الاسم مع ملاحظة التقديم والتأخير فى كلمتىْ الإسلامية والأمريكية) وهاتان الجامعتان مسجلتان رسميًا فى أمريكا. ووقعتْ كل منهما بروتوكول تعاون مع جامعة الأزهر ((وهكذا نجد أننا إزاء جامعة أزهر قطاع خاص. أو جامعة أزهر أمريكية ، يستطيع الطالب أنْ يلتحق بها مقابل 40 دولارًا لكل ساعة دراسة. وستجد فى سجلات الطلاب القدامى أسماء مثل عمرو خالد وصفوت حجازى . أما إذا أردتَ أنْ تــُخمّن أسماء نجوم الدعوة الجديدة ، فعليك أنْ تبحث فى سجلات الطلاب الجدد الراغبين فى الدراسة فى جامعة الأزهر الأمريكية)) (وائل لطفى- ظاهرة الدعاة الجدد- مكتبة الأسرة- عام 2005- ص145، 206) فى لقاء أ. وائل لطفى مع عضوات نادى الروتارى ونوادى الأثرياء ، اكتشفَ أنّ كثيرات من الطبيبات والمهندسات تركنَ الطب والهندسة ودخلنَ معهد الداعيات. وحكتْ له إحداهنّ أنها ظلــّتْ لعدة سنوات غير مقتنعة بالحجاب. وأنه ليس فريضة. والذى أقنعها بذلك المستشار محمد سعيد العشماوى فى مجلة روزاليوسف. ولكن بعد أنْ دخلتْ معهد الداعيات قالت عن المستشار العشماوى وأمثاله ((قاتلهم الله)) (المصدر السابق – ص 166) أليس ما يحدث الآن فى مصر المنكوبة هو الحصاد المر لطغيان اللغة الدينية الذى استشرى مثل السرطان فى جسد الوطن ؟ والذى بدأ مع كارثة أبيب / يوليو52، حيث تعمّد الضباط الذين حكموا مصر (من عبد الناصر إلى السادات إلى مبارك) توظيف الدين لأغراض السياسة ، وكانت أداتهم فى ذلك المؤسسات الخاضعة لسلطان الدولة. الدولة المالكة منح الجاه والنفوذ والثراء لمن يُطيع ، والمالكة كل أدوات القمع لأقل صوت معارض . وكان من بين تلك المؤسسات مؤسسة الأوقاف نظرًا لما فيها من جيش من خطباء المساجد مهمّتهم ترسيخ الفكر الغيبى مع الابتعاد عن أى عمل وطنى . أما المهمة الأولى فهى أنّ الوطن للمسلمين فقط ، وعلى غير المسلمين الخضوع وقبول التفرقة فى كافة حقوق (المواطنة) أو ترك مصر. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نماذج من مؤسسات دولة البكباشية الدينية
-
الضحية والجلاد : علاقة مُلتبسة
-
تحويل الأزهر من جامع إلى جامعة (ضمن توابع يوليو1952)
-
تابع مرحلة ما بعد يوليو 1952 (2)
-
مرحلة ما بعد يوليو 1952
-
الثقافة السائدة قبل يوليو 1952
-
الوطن درع المواطنة
-
الدين والروح القومية قبل يوليو1952
-
الدور الحضارى لحكماء مصر القديمة
-
التعريف العلمى لهوية الوطن
-
جمال عبد الناصر ومحمد مرسى
-
القمع باسم العمال والفلاحين
-
ضباط يوليو والإدارة الأمريكية
-
الكوتة لا تحقق المواطنة
-
من سيسل دى ميل إلى يوسف شاهين
-
رد على الأستاذة أحلام أحمد
-
الحضارة المصرية ودورها الريادى فى الطب
-
مؤامرة صهيونية لإخراج رمسيس من مصر
-
التقدم العلمى فى علم الصيدلة فى مصر القديمة
-
التعليم فى مصر القديمة
المزيد.....
-
الكنائس المصرية تصدر بيانا بعد حديث السيسي عن تهجير الفلسطين
...
-
وصول المحتجزين الإسرائيليين أربيل يهود وغادي موزيس إلى خان ي
...
-
سرايا القدس تبث فيديو للأسيرة أربيل يهود قبيل إطلاق سراحها
-
سرايا القدس تنشر مشاهد للأسيرين -جادي موزيس- و-أربيل يهود- ق
...
-
قائد الثورة الاسلامية يزور مرقد الإمام الخميني (ره)
-
خطيب المسجد الأقصى يؤكد قوة الأخوة والتلاحم بين الشعبين الجز
...
-
القوى الوطنية والاسلامية في طوباس تعلن غدا الخميس اضرابا شام
...
-
البابا فرنسيس يكتب عن العراق: من المستحيل تخيله بلا مسيحيين
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: ندين المجزرة الوحشية التي ارتكبها العد
...
-
البوندستاغ يوافق على طلب المعارضة المسيحية حول تشديد سياسة ا
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|