وزارة الثقافة العراقية ومناقصة النشيد و السلام الوطني

فائز الطيار

الحوار المتمدن-العدد: 1227 - 2005 / 6 / 13 - 07:37
المحور: كتابات ساخرة
    

وزارة الثقافة العراقية ومناقصة النشيد و السلام الوطني!
نشيد وطني ام مزاد حرامية
فائز الطيار*

يعاني العراق اليوم من أمراضٍ فتاكة, تكاد تطال كل شيء, ولم تسلم مؤسساتنا الثقافية من شرور هذه الأمراض, فقد تحول الإبداع ونشاط المبدعين الى مزاد علني , يتفق فيه المزايدون مسبقا ً على كل شيء , وعلى ضوئه ِ تمنح العطاءات, على طريقة اعطه من بيت مال المسلمين تصرفات وزارة الثقافه في طرح مناقصـة, عفوا, اقصد مسابقات النشيد الوطني والسلام الوطني, وما نشر يوم امس على بعض المواقع الألكترونية تحت عنوان " مسابقة اناشيد الدستور العراقي" تعيد الى الأذهان ما كان يجري ولازال يحدث في بلدان العالم المتخلفة ومنها بلدنا العراق في مجال المقاولات والمناقصات التي, تجريها وزارات الدول عند اقامة مشاريع للبناء او انشاء حقول دواجن وغيرها. فعندما تطرح مناقصة ما فان المناقصة تكون قد حسمت مسبقا لجهة ما, اما الاعلان عن المناقصات في الجريدة الرسمية واذاعتها في نشرات الاخبار المحلية فما هو الا غطاء زائف لذر الرماد في العيون وطرد الأرواح الشريرة, لا صلة حقيقية تربطه بموضوع المناقصة. ويبدو أن وزارة الثقافة, التي يفترض أنها لا تملك مناقصات ومضاربات تجارية, قد أبت إلا أن تسلك السلوك المريب ذاته, وتمارس التقليد المشين نفسه, ولكن على مناقصــات ابداعية هذه المرة!!!! ففي مسابقة تأليف النشيد الوطني والسلام الوطني التي أعلنتها وزارة الثقافة في العام الماضي, طرحت وزارة الثقافه اعلانا" للفنانين والكتاب الوطنين العراقيين, تحثهم وترجوهم باسم الوطن والديمقراطية والشعب العظيم! نشر في عدة مواقع وحدد شروط المسابقة, كما حدد موعد تسليم المساهمات وهو 15/1/2005, وبناء عليه واستجابة للنداء الوطني قام عديد من الكتاب والفنانين بتلبية نداء الوزارة وعملوا بتفان ووظفوا كل طاقاتهم بما يمليه عليهم حبهم لوطنهم وشعبهم, وارسلوا مساهماتهم الى وزارة الثقافه وبقوا ينتظرون النتائج. انتهت الانتخابات وشكلت الحكومة الجديدة, وتكونت الوزارات وما من خبر حول مسابقة النشيد والسلام الوطنيين. ولكن قبل أيام, في شهر ايار الماضي, فاجأتنا الوزارة الجديدة باعلان من على مواقع الانترنت يدعو فيه الشعراء والفنانين للاشتراك بمسابقة النشيد الوطني والسلام الوطني, دون التطرق الى المساهمات السابقة, على طريقة الناسخ والمنسوخ, وكأن العراق بازار وليس وطنا, وكأن صلة الوزارة بالمواطن تتحدد على أساس الولاء لمن يقود الوزارة, فجرى اهدار جهود عدد كبير من الفنانين والأدباء, متجاهلين بهذا الاعلان كل المساهمات السابقه واصحابها المساكين الذين وضعوا ثقتهم بالوزارة التي, يفترض فيها أن تكون تعتبر طليعة الوزارات, حيث انها تدعى وزارة الثقافة, وليست دائرة لتوريد المواشي او استيراد العلف الحيواني او وزارة لانجاز مشاريع عمرانيه وغيرها. كيف سيكون العراق الجديد ووزارة الثقافه تسلك مسلكا يتناقض تماما مع الأعراف الأخلاقية والمهنية والثقافية ؟؟كيف سيكون الجيل الذي تشرف عليه مثل هذه الوزارة ؟؟ اسئلة كثيره يمكنني ان اوجهها الى من يدعون النزاهة في التعامل والديمقراطية في المؤسسات الجديدة والشفافية في العمل وفي اروقة وزارة الثقافه !!! أهكذا تدار الشؤون الثقافية للبلاد؟ أبهذه الطريقة المهينة تقابل اسهامات المبدعين الوطنيين؟ وهل يحق لأحد أن يمهر نشيد بلاده الوطني بوصمة الاستخفاف بالثقافة والمثقفين, والاستخفاف بالوطن وبنشيده وبكتابه وملحنيه وموسيقييه. أي نشيد هذا الذي ستردده الأفواه ممهورا بميسم المناقصات السياسية التي تتعارض مع أدنى ثوابت الوطنية, وتتعارض مع كل قيم الثقافة؟ من هنا ادعو اخواني الشعراء والفنانين الى مقاطعة مثل هذا النداء ( الأعلان ), تضامنا معنا, نحن زملائهم الفنانين الذين قدموا اسهاماتهم الى الوزارة. أدعوهم للتضامن معنا لكي لا تغدو مثل هذه البادرة السيئة نهجا ثابتا للعمل الثقافي, ولكي يكون النشيد الوطني أكثر نظافة ووطنية, إضافة الى ذلك لكي لا تهدر المساهمات السابقة, لأن تجاهل المساهمات السابقه هو تجاهل لنا كمواطنين أولا, وكفنانين وأدباء ثانيا. لقد اختتمت الوزارة السابقة عمرها الوزاري بوصمة تضييع حقوق مؤلفين وملحنين وفنانين من دون أدنى إحساس بالمسؤولية المهنية والأخلاقية, وها هي الوزارة الجديدة تبدأ عهدها بإهدار ما تبقى من حقوق هؤلاء الذين لبوا نداء الواجب الوطني والثقافي فأهدوا وطنهم, ما ظنهوه, خلاصة أحاسيسهم تجاه وطنهم وشعبهم. أهكذا تقابل المشاعر النزيهة؟ أهكذا تكافأ الأعمال الخيرة؟ أهكذا تكتب أناشيد الأوطان يا وزارات الثقافة؟

#فائز_الطيار (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات