|
القرداتى
نبيل محمود والى
الحوار المتمدن-العدد: 1227 - 2005 / 6 / 13 - 07:35
المحور:
القضية الفلسطينية
من الناحية الرسمية الدولية فلقد حسمت القضية الفلسطينية منذ صدور قرار التقسيم عام 1947 الذى وافق على إنشاء دولة فلسطينية على كامل أراضى الضفة الغربية وقطاع غزة وحيفا ويافا مع تدويل القدس القديمة ومنذ ذلك التاريخ والى اليوم يعانى ويكابد الشعب الفلسطينى بالداخل والخارج قسوة الظروف وشظف الحياة وإنعدام أى أمل فى روية بصيص نور فى نهاية النفق المظلم لتحقيق الحلم وتأسيس دولة فلسطين وغالب الظن أن الفلسطينين سيظلون يعانون هكذا لقرن قادم من الزمان وفقا لأحسن النقديرات تفائلا بعد تزعم الولايات المتحدة الأمريكية السياسة الدولية ولأمد غير منظور واستمرار النظام العربى فى التهرب من استحقاقات قضايا الأمة القومية .
فالنظام العربى الحاكم وعدد لابأس به من القيادات الفلسطينية النافذة الأموات منهم والأحياء ساهموا بقدر هائل بل كانوا حجر الأساس ولايزالون فيما يتعرض له الفلسطينيون بدءا من رفض قرار التقسيم ومرورا برفض مبادرة المجاهد الأعظم الحبيب بورقيبة الرئيس التونسى فى أوائل الستينيات من القرن المنصرم ومبادرة الرئيس محمد أنور السادات إبان زيارته للقدس عام 1977 من ذات القرن ووصولا لمبادرة الرئيس الأمريكى فى كامب ديفيد الثانية فى ظل ثقافة أعداد الجيوش لحماية العروش والكروش وأصبح الإتجار بالقضية الفلسطينية هدفا فى حد ذاته لتحقيق المنافع والمكاسب لكل هؤلاء ، وبسياسة الأمر الواقع توسعت اسرائيل كما وكيفا على الأراضى الفلسطينية عما كانت عليه عند صدور قرار التقسيم وصار من المستحيل نظريا وعمليا العودة الى قرار التقسيم وأصبحت القضية الفلسطينية تعرف اليوم فى المحافل الدولية بقضية الفرص الضائعة وفى ظل هذا المناخ وعلى مدى أكثر من نصف قرن من الزمان كان ولابد من القاء اللوم والتبعة على القوى الإمبريالية والإستعمارية وبالطبع تأتى أمريكا واسرائيل على رأس القائمة ولم يفكر مسؤل عربى واحد فى مجرد اعلان أن التقصير والإهمال بل إرتكاب الجرائم فى حق الشعب العربى الفلسطينى قد تأسست على أخطاء من تاجروا بهذا الشعب إبتداءا .
عندما كان مصطفى باشا النحاس زعيم حزب الوفد رئيسا لحكومة مصر إبان عهد الملك فاروق الأول ملك مصر والسودان كنا صغارا وكنا نتسلى كثيرا ونفرح عندما نشاهد القرداتى الذى كان يجوب مصر من أولها لأخرها لجلب الأموال والإسترزاق وإمتاع النظار وكل رأسماله القرد والدف والسلسلة وعدد من المساعدين فمن ناحية كان يحكم الطوق على رقبة القرد بالسلسلة بكلتا يديه القويتين ليمنعه من الهرب وللتحكم والسيطرة فالقرد يشكل مصدر الرزق الوحيد بل مستقبل القرداتى إجمالا وسبب بقائه على قيد الحياة بينما يمسك مساعديه بالدفوف التى يضربون عليها بكل قوة محدثين جلبة وضوضاء وأصوات وأنغام تجذب المتفرجون بينما يرقص القرد مذبوحا من الألم الذى يسببه الطوق الحاكم على رقبته أثناء حركته على أنغام و ضربات وإيقاع ضاربوا الدفوف ويتجمع المشاهدون ليستمتعوا بالعرض وتبدأ الأموال فى التساقط فى حجر القرداتى الذى مالبث أن ذاع صيته وتفاقمت شعبيته وتوسع وانتشر فى كافة أنحاء الوطن العربى بل خارجه أيضا بحثا وراء المذيد من ألأموال والمتفرجين وبعد ذلك اكتسبت القرود المكانة اللأئقة وصاروا نجوما فى الفضاء الخارجى .
وبعد قيام ثورة يوليو 1952 وانتشار المد الثورى التحررى الإشتراكى الوحدوى فى المنطقة العربية والذى جاء على موعد مع القدر ليعلمنا الكرامة والعزة وبعد أن تم القاء اللوم والتبعة على الأنظمة الملكية الفاسدة الرجعية التى تسببت فى هزيمة 1948 و ضياع فلسطين والأتجار بالقضية ثم انضمام عديد من الدول العربية الى نادى الأحرار الثوار الأشاوس حماة البوابة الشرقية والغربية للأمة العربية بعد القضاء على العديد من الملكيات البائدة فى مصر والعراق واليمن وليبيا وغيرهم كنا قد كبرنا وبدئنا نفهم ونتعلم ونستوعب وتصورنا ان مهنة القرداتى وضاربوا الدفوف قد انتهت مع العهدالبائد وأننا كشعوب عربية سنشاهد ونرى عروضا أخرى أفضل تختلف شكلا ومضمونا عما كنا ألفناه على الأقل فيما يتعلق بحقوق شعب عربى شقيق مظلوم يدفع ثمن جريمة لم يقترفها ولكن بكل أسف فإن الصورة لم تتغير على مدى نصف قرن بل إذدات ألما وبؤسا وشقائا قادنا اليها الثوار الأحرار الإشتراكيون فى العالم العربى وذلك مالم تفعله الملكيات الرجعية فالقرداتى لايزال على قيد الحياة يمارس هوايته المفضلة فى اللعب بالقرد ميمون والمتفرجون معا بوسائل حديثة ومبتكره لايزال الشعب الفلسطينى يدفع على إيقاع ضربات دفوفها الثمن مضاعفا .
#نبيل_محمود_والى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أحلام المصريين
-
فلسفة 23 يوليو 1952
-
!!! نحن المصريين ليس لنا لابابا ولاماما
-
التحديات العراقية
-
الإستبداد ودوره فى انحطاط المسلمين
-
الطريق الى يونيو67
-
المصاحف المفخخة
-
الإصلاح إذعان و خوف أم استجابة؟
-
إعلام الريادة ...أضلوا مصر وضللوها
-
! مصاحف جوانتانامو
-
مليار جنيه فى صحة كأسك ياوطن
-
الماركسية بين النظرية والتطبيق
-
المسكوت عنه فى الصحراء العربية 4
-
الطيور المهاجرة فى عهد مبارك
-
حتى لاننسى مهرجانات مايو للطبل والزمر
-
الفيلد مارشال وأوراق مصرية
-
! مين إللى عليه الدور فى الخلع
-
اللعب على كل الحبال
-
المسكوت عنه فى الصحراء العربية3
-
!!! أكذوبة القرن
المزيد.....
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|