كريم الشامي
الحوار المتمدن-العدد: 4310 - 2013 / 12 / 19 - 19:48
المحور:
الادب والفن
أَيُّها الألم
اذهبْ في نُزْهةٍ قصيرة
أوْ تَمشَّ في الشّارعِ قليلاً
روِّحْ عنْ نَفسِكَ، أيُّها الألم
أما مَلِلْتَ المكوث معي
كُلَّ هذا الوقْت الطّويل؟
اقْضِ وقْتاً في الهواءِ الطّلِقِ
ثُمَّ عُد
ريثما أكْتُبُ هذه القصيدة الصغيرة.
أَيُّها الألم
خُذْ وَقْتكَ
انصتْ للشتاءِ العراقيِّ
وهوَ يترصّد المارَّة
كما لوْ كانَ حزاماً ناسفاً
يبْحث عنْ قتلاه.
اذهبْ إلى المقهى المجاورِ
اشْربْ شاياً
وانظرْ إلى الشِّتاءِ العراقي
وهوَ يدْخل عِظامَ المارَّة
مثْل حزامٍ ناسفٍ
يُبعْثر على أرْصفة الكارثةِ
أجسادَ المارَّة
ثُمَّ يبتسِم، دونَ أنْ تراه.
لا لا
خُذْ وقْتكَ تماماً
ولا تنْشغل بي
فلديَ الكثير منَ الورقِ
ونصْف دزينة منْ أقلامِ الرصاص
وحُزن كامل وثقيل
سوفَ يكون كافياً
لِمنْعي منَ الهربِ
حتّى تعود
وقد أكملتُ...أنا
هذه القصيدة الصغيرة.
آآآآآه
لقد اصبحتَ سميناً، ايُّها الألم
هذا من طول مكوثكَ معي
ينبغي أنْ تتمشى كثيراً
لِيخفَّ كرشكَ الكبير هذا.
اذهبْ، مثلاً
إلى شارعِ السعدون
إنَّهُ ليسَ بعيداً
خُذْ تاكسي
ستصل بعد ساعتين
رُبَّما أكثر بقليل
ولكنّكَ ستصل حتماً
قِفْ في ساحة النصر
وتصفَّحْ تاريخ الكارثة
سترى حُفاةً كثيرين
يذرفونَ دموعهم
على التّمثالِ الأسودِ هناك
دَعْهم
سيحتاجونَ، في الغالبِ
إلى وقتٍ طويل
طويل جداً
قبلَ أنْ يتعرَّى لهم غلطهم
إنَّهُ مُجرَّد تمثال
أيُّها الألم
وليسَ إماماً
أو قدّيساً
أو عبداً صالحاً
لِيُشافي العِلَل
ويُحقّق الأمنيات.
قِفْ في ساحة النصر
وانظرْ، ايُّها الألم، ماذا ترى؟
الحشود، وهي تهدر كالرعد!
ماكسيموس .. ماكسيموس .. ماكسيموس
ماكسيموس .. ماكسيــ
القاتل .. النبيل .. الرحيم
القائد .. بالروح .. بالدم ..
............
أنتَ لا تكترث .. طبعاً
تعرف انها الجماهير
وبيدكَ مسالك مَقاتِلِها
الحشود النابتة على الأرض
مثل قصبٍ رُباخ
ستغدو رماداً
بعدَ عودِ ثقابٍ واحدٍ فقط.
لماذا يعتقد ماكسيموس
بانَّهُ قائد فيالق الأحرار
فيما هو القاتل الأبرز في فيالق العبيد؟
وأنا..
لماذا أقولُ ذلك؟
رُبّما لانّني
كُلَّما رأيتُ ساحة النصر
تذكّرتُ الهزائم كُلِّها.!!
#كريم_الشامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟