نافذ الرفاعي
الحوار المتمدن-العدد: 4310 - 2013 / 12 / 19 - 13:59
المحور:
الادب والفن
في ليلة انتظار الثلج والمنخفض القطبي العميق ، اشعلت المدفأة وبحثت عن كتاب اقرأه مع صفير الريح وهدير العاصفة الثلجية القادمة، قلبت اكثر من عشرة كتب ما بين الشعر والرواية والفكر، بعدما قررت ابعاد كتب السياسة لانني مللتها، امسكت بكتاب للشاعر نزيه حسون "لآليء الكلام" فاجئتني الصفحات الاولى حيث يقول: "الشعراء والعشاق وحدهم يجعلون ظلام الليل نورا" ومن ثم عبارة لاحقة " قد ينتظر العشاق المطر اكثر مما ينتظره الفلاح" وتابعت البحث عن عبارات تصيب عمق اهتمامي وتدغدغ مشاعري القلقة لهذا الليلة ، وغمرتني عبارة" كم سررت عندما سرقت من عندي بعض الكتب" واذهلتني " اجترار الماضي هزيمة المستقبل" وشاعرنا يحس ان المواطن العربي بحاجة الى الحكمة من جديد.
ان الكتاب والفقهاء والاكاديميين والانتلجنسيا تحب التشدق باقتباسات من فلاسفة ومفكرين ولكن المعظم غربيين او اجانب، وكأن الحكمة قد مضى عهدها وانقضى منذ سنون بعيدة بل اراها موغلة في المدى، وكاننا امتلكنا الحكمة، واذا اردناها نستشهد بالحكماء، وجل الاستعراض الثقافي والمعرفي لفيلسوف اجنبي ، واضحى ابن رشد وغيره اسماء لا نحفظ من حكمها الا القليل ، والقليل يقتبس من جبران خليل جبران علما ان الغرب يقدس كلماته، وحتى جلال الدين الرومي هناك مئات الاف المواقع تحكي عنه ونحن لا نمر عليه سوى مرور الكرام .
نزيه حسون يخوض غمار المغامرة ، ويملا صفحات كتابه لاليء الكلام بالعبارات ذات البعد الفلسفي ورؤيته للعالم والاشياء، لا يضاهيها الا الحكم والامثال العميقة التعبير والدلالة، لم يختار موضوعا واحدا ينتقل ما بين المطر والفكر والموج والروح والحب والعاصفة، ركضت معه في عباراته متنقلا احاول التوقف ، لم يسمح لي الكتاب بذلك، لاني صرت ارمح معه ما بين العبارة والعباره، كنت اتوقف لاتذكر لقمان الحكيم وحبران وايليا ابو ماضي والحلاج.
في هذا الليل البهيم الذي تعوي فيه الريح وجدت ضالتي من الحكمة والخلق ، وتذكرت قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم:" بعثت لأتمم مكارم الاخلاق" ، وفي القران الكريم" وانك لعلى خلق عظيم" صدق الله العظيم.
نزيه يبحث في الحكمة عن رؤيته للعالم المليئة بالحب والفكر والقراءة والوعي ، عن أخلاق وضعها في لآليء لينثرها في العالم العربي،الذي يحتاج الآن الى جرأة رجل باحث عن مكارم الاخلاق وعن الخلق العظيم.
في ليلتي هذه كان نزيه حسون الشاعر يتحدث لي مع طير فريد الدين العطار الذي يقطع سبع اودية بحثا عن الحكمة، كان البرد المختبأ في ثنايا العاصفة قد ادخلني الى عالم القراءة فشعرت بدفأ الكلمات، وشعرت كم يحمل الكاتب المسؤولية الانسانية بحثا عن رقي الروح والسلوك والتصرف.
كم يكون الكاتب معذبا بالتخلف الذي يعصف بمجتمعه ، ويبحث عن طريق ايصال لأحلامه الكبرى من اجل نشيد الحرية والنهوض للدور الحضاري الموعود لامته العربية العاربة.
#نافذ_الرفاعي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟