أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثقافةٌ غير بناءة














المزيد.....

ثقافةٌ غير بناءة


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4310 - 2013 / 12 / 19 - 08:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في تقاطع الثقافتين التقليديةِ والتحديثيةِ المحدودة صراعُ انهيار لا صراعَ بناء.
الثقافة التي تكتسبُ طوابعَ دينية تقرأُ حقيقةَ الوجود الخالدة في الماضي، فهناك الرموزُ والاشعاعُ والمستقبل. هذه هي الحقيقةُ المدرسيةُ الدنيوية المستمرة منذ التفتح وضرباتِ معلم القرآن. تكتسبُ صيغاً من التطورات المختلفة، وتحركُ الوعي اليومي في اتجاه التيارات السائدة، إذا كان ثمة تسييس.
حين تخالطها مجلداتٌ مدرسية وجامعية لا تغير اتجاه النظر ولكن تراكمُ معلومات ومحفوظات كثيفة.
تدفع هذه الثقافةُ الوعيَ إلى الوراء وإلى خارجِ التاريخ وتفكيك المجتمعات. لم يستطع هذا المنظورُ أن يرى الثقافةَ الدينية كجزءٍ من ثقافة العصور الوسطى، ذات السببيات المحددة. فمعرفةُ العصورِ وتعاقبها مجهولةٌ ومرفوضة، فالعصورُ والمراحل والأنوار تَنزلُ من العلا، لا تتداخل ومعاناة البشر وصناعاتهم، هي كتبٌ منسوخة وأحوالٌ مسبقةٌ ومصائر مرسومة.
لهذا تستمر صناعةُ التاريخِ إلى الوراء وتقوم بها نخبٌ مجهولة، أناسٌ تظهرُ في المدن، ولا تحتملها فتلجأُ إلى الكهوف، والصحارى، والانغلاق، حيث تطبقُ عليها ثقافةً لم تخضع لقوانين وبُنى سياسية محددة ومحكومة بشرياً.
انفصام الثقافتين التقليدية والتحديثية السطحية يشير إلى تناقض عميق بين العصرين القديم والحديث، فالثقافة الحديثة السطحية لم تستطعْ التحكمَ في الثقافة القديمة، وراحت هذه تصارعُها وترفضُها، وتخربُ المدنَ المشتركة، والبلدان الجامعة الوطنية.
رغم هشاشة الثقافة التحديثية فإنها سلطةٌ، أو تعبيرٌ عن سلطات هشة، لم تجذر وجودها في الطبقات والانتاج والبشر، وخلقت لها مصالح وخلقت تعليماً ومثقفين على مقاساتها، ولم تقم هذه الثقافة بواجبها التحليلي وقراءة مجتمعاتها في المرحلة التاريخية المحددة وبناها وقوانينها وأي فترة بشرية هي جزءٌ منه لهذا لعدم الحسم مع الثقافة الدينية التقليدية تغدو جزءًا منها أو بعضها، فهما قطبا التقليد ثقافة وسياسة.
ولهذا فإنها تعتمد على التجميع من أي مصدر ثقافي قديم أو حديث بدون اتساق، مثلما يحدثُ لكتب الدستور والقانون، تأتي من مصادر شتى متناقضة، مصدر يُعلي إرادة الحاكم بشكل مطلق، ومصدر يربطها بالناس بأشكال غير حاسمة. أو حين تُخلط بين فنون الغرب والشرق بلا اتساق ومن أجل الاحتفالات ولا تُجذر ثقافةً وطنية محددة، ولا تهتم بكتب المبدعين والمنتجين فلا ترسخ ثقافة شعبية ذات جذور محلية عريقة.
ومن الممكن هنا لسطحيتي الاستيراد من الماضي الديني أو من حاضر الفئات التحديثية أن تتصادما حيث كلا الشكلين الثقافيين غير المنتجين بعمق، بل عبر مظاهر خارجية ادعائية.
يُسوقُ بناءُ الدولِ الاستهلاكية التابعة للغرب ثقافةً تهاجم الواقعَ والتراثَ ومصالحَ الناس وتقاليدهم، فهي تريدُ بيع منتجات معامل المواد الخام، لا أن تُصنعَ الشعبَ وتحيله إلى قوى عاملة جماهيرية، ما تجلبهُ من منتجاتِ الغرب الثقافية سهلة، وهي كذلك موادٌ مصنعة خام مُباعة بأسعار عالية.
ويظهر مسوقو التراث المحافظ التمزيقي ويظهر مسوقو التحديث السطحي، كلٌ يدافعُ عن سوقه، وحين تبلغ أزمةُ البناء الاجتماعي السياسي ذروتها، يبدأ التفكيكُ في الأرض والخريطة السياسية.
مجيء العصر القديم غير ممكن، لكن تُختلقُ له شروط وأراضٍ ومواقعَ في المجتمع، وتُشن حروبٌ وتحالفات، وتغدو معركةٌ ثقافية في شارع كارثةً مناطقية عالمية، وما كان هجوماً على لحية طويلة يصبحُ غارةً جوية، وما كان نقداً لغياب حجاب يغدو مدينة ملأى بالإرهاب.
مستويات الثقافتين السطحيتين غير مكرسة للتحليل الموضوعي وتطوير المجتمعات بقدر ما هي تعابير عن مصالح عابرة، وهما تقولان إن (الهدم) هو من خارجهما، وإنهما بناءتان، لكن لا تقرآن النتائج التي حدثت خلال عقود، ولماذا كل هذا الدمار الذي وصلنا إليه؟
رؤيتان تقودان إلى خارج التاريخ الذي يصبحُ مدناً محروقة وهاربين ومعسكرات لاجئين!



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكاليةُ التوحيدِ
- الهروبُ من العلمانية!
- كلماتٌ عن المناضلِ الراحلِ محمد السيد
- بابكو ولحظةٌ تاريخيةٌ
- التغييرُ الديمقراطي ممكنٌ
- أوحدةٌ خليجيةٌ أم تفكّكٌ خليجي؟
- مانديلا والصراعُ الاجتماعي في جنوبِ إفريقيا
- السياسةُ الأمريكيةُ وتفكيكُ العربِ
- من الفئاتِ الوسطى إلى الطبقةِ الوسطى
- مانديلا وشروطُ التقدمِ الموضوعية
- التعسفُ وجذروهُ
- الوضع الإيراني والتحولات
- أتجمعٌ تحديثيّ أم تجمعٌ طائفيّ؟
- تلاقي المستغِلين فوقَ التضاريس
- التحللُ الفكري والانهيارُ الاجتماعي
- تآكلُ الماركسيةِ في البحرين
- إن لم تكنْ ثورةً فماذا تكون؟
- حول تقرير اللجنة الرقابية
- الجماعةُ السياسيةُ وتجاوزُ المذهبيةُ
- إنّهُ المثقفُ العضوي!


المزيد.....




- مصر والصومال.. اتفاق للدفاع المشترك
- ترامب يحذر من عواقب فوز هاريس في الانتخابات الرئاسية
- أربعة أسئلة حول مفاوضات الخميس لوقف إطلاق النار في غزة
- بايدن وهاريس يتلقيان إحاطة بشأن التطورات في الشرق الأوسط
- عزيز الشافعي يدعم شيرين ويوضح موقفه من إصدار أغنيتها الجديدت ...
- أمريكا تجدد دعوتها لسوريا للإفراج عن الصحفي -المختطف- أوستن ...
- قصف مدفعي إسرائيلي من العيار الثقيل يستهدف مجرى نهر الليطاني ...
- متهم بالعمالة للحكومة المصرية يتوصل لصفقة مع السلطات الأميرك ...
- في ختام اليوم 313 للحرب على غزة.. آحدث تفاصيل الوضع الميداني ...
- مصراتة الليبية تعلن إعادة تفعيل المجلس العسكري ردا على نقل ص ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - ثقافةٌ غير بناءة