|
حجر الفلاسفة
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4309 - 2013 / 12 / 18 - 23:07
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حجر الفلاسفة مروان صباح / قد يكون تربصّ بعض عُلماء الولايات المتحدة الأمريكية لمدة أربع سنوات عائد لذات المحاولات التى قام بها ابن حيان الفيلسوف ، حين سعى جاهداً إلى تحويل الحجر والمعادن الخسيسة إلى ثمينة ، كذهب والياقوت وغيرهما ، والأرجح من اعادة البحث ، يأتي بعد اكتشاف أصل الألماس بأنه فحميّ ، قبل أن يتعرض الأخير إلى جملة ضغوط وتقلبات شديدة في باطن الأرض رغم تَحلّيِه بالصمت ، فلم تُسمع آلامه او حتى أنينه ، هذا ، تماماً ، سجل التاريخ العلمي لِفلاسفة اغريقين وغيرهم محاولات مبكرة تهدف إلى ذات الغايات لكنها باءت مكللةً بالفشل ، لم يكن تربص فلاسفة الحجارة بأي حال من الأحوال عام 1957 م له علاقة بالتجربة التى جرت ، عندما وُضعت القنبلة النووية في أحد سراديب جبال نيفادا ، الذي جعل قلة أن يتسللوا داخل السراديب عام 1961 م بعيداً عن أعين الآخرين ، ثم فتحها والبدء بالبحث عن ماذا احدث الانفجار الضاغط ، والحرارة الشديدة بالصخور التى تعرضت إلى كتل حرارية عالية الاحتراق ، لعل ، ظنونهم لامست أمانيهم بتغيرات جيولوجية تؤدي لإفرازات ألماسية وياقوتية وأيضاً ، ذهبية نتيجة الحرارة الرهيبة . إن كانوا الفلاسفة منذ القدم فشلوا في احراز مبتغاهم ، هاهم الأحفاد نجحوا بطريقة أو بأخرى ما اخفق به الأجداد عندما حوّلوا الخسيس إلى فسيفساء كاذب ، بل ، أتضح أنهم يملكون ذكاء خبيث عندما أقروا عجز محاولاتهم بقلب المعادن الوضيعة إلى عظيمة ، لهذا ، انتقلوا بخفة نحو ابتكار مواد ضرورية للإنسان ، ومن أهمها صناعة الدواء ، لِما ادركوا مدى اهميته ، خصوصاً ، عند الحاجة الذي يستوجب شرائه مهما ارتفعت اسعاره ، من هنا جاءت الفكرة الجهنمية في ضرورة تصنيعه بمقادير تشابه قياسات الذهب ، وبتحديد ، بالغرام الصافي ، لتصبح علبة معالج دواء مرض السكري تعادل 50 دولار أمريكي التى تحتوي على ثمانية وعشرون حبة ، أي بمعنى ، في نهاية الأمر يصل كيلو الاجمالي قبل أن تُقطع إلى حبيبات صغيرة وتعلب للبيع بحدود 33 ألف دولار ، إذ ما ضربة الغرامات بعملية حسابية بسعر اجمالي المحدد للعلبة ، بيد أن ، كما هو معروف من الناحية العلمية بأن التكلفة الحقيقية للمنتج ، متواضعة جداً ، كونه لا يحمل في محتوياته التكويني أي نوع من الفيتامينات ، بل ، هو عبارة عن مادة انسولونية ، هرمونية تفرز من البنكرياس ، ف ، هذا الهرمون اساسي لدخول الجلوكوز( السكري ) إلى خلايا خوفاً من تراكم الجلوكوز في الدم مما يساعد على التخلص من الجلوكوز الزائد ، نقطة . أنها مخاطرة أن يطرق المرء باب قد توارى خلفه منّ احتكروا المعلومة الطبية دون غيرهم ، فأصبحوا باختصار المتحكمين بالصحة البشرية عن طريق صناعة الدواء ، أمام جهل العّامة في تركيبته وتكلفته الحقيقية ، تماماً ، الذي جعلهم أن يمتلكوا حجر الفلاسفة في عصر استطاعوا تحويل الرمل إلى ذهب ، لكنه ، ليس بلون المعتاد الأصفر بقدر ما حرصوا أن يقدموا تنوع بالألوان كي لا يشعر أو يصاب الإنسان بالملل ، بل هناك نمطية ، اشبه بالحصار يضربه المريض ومن يلتف حوله دون دفع الآخرين ، نابع من تعلقه بالحياة ورفضه للمجهول وهو أقرب أن يكون استغراقي عندما ينّتكس عضو من أعضاء الجسد الذي يتيح لهؤلاء ، فئة المريول الأبيض واللباس الأخضر ، التضليليين ، ممارس السادية باستمراء وتعذيب الآخرين ، يقابله انعدام تفكيري واستسلام كُلي لطرف قرر ضمنياً أن لا يرحم من يقع تحت يديه ، كأنه ، ينتظر الذبيحة تلو الأخرى ، بعد أن تضخمت من العلف الدوائي وأصبحت جاهزة للسلخ الجراحي كي يتفرد بها ويبدأ الاستنزاف المالي من مجموعة فعلاً اقتلعت الضمير وقذفت به إلى حاويات الزبالة الملقاة على الأرصفة . هذا الاختراق البشري لم يحصل من قبل إلا بعد ما تسلقت جِدران المستشفيات ومصانع الأدوية تنميطات يتسابق من فيها على امتصاص البشر حتى آخر قطرة دم تجرى بالعروق . السيميائيون ، انتساباً ، للسيمياء ، أي بمعنى ، الكيمياء القديمة ، كانت غايتهم تحويل المعادن الخسيسة إلى ذهب والأمر الذي يلّيه ، البحث عن اكتشاف يؤدي إلا علاج كُليّ للمرض وإطالة الحياة ، مفيد دائماً قراءة التاريخ لجمع واستعراض الشريط وبالتالي من وقائع الحياة نستنتج وجه التشابه ، رغم الإخفاق المسجل في قاع التاريخ ، مقابل نجاح أعرج جاء على ظهور البشر ، يقدمه تحالف قائم بين فلاسفة الحجارة وكّاتبين وصفات الدواء ، كونهم استبدلوا محلات المجوهرات والفنادق بالصيدليات والمستشفيات ، بل كما يبدو تجاوزوا كلاهما بمراحل حتى باتت تلك المتاجر والفنادق حالهما ، الشكوى والتراجع لقلة الحيلة التى دفعت الثانية إلى التنافس الجريح نحو لّجوء للخيام الحمراء. نقف بعجّزنا أمام حقيقة ملموسة لتفكيك شِيفرة منّ يتوارى خلف هؤلاء ، أدوات جشعة ، لأننا مدركين حق الادراك ، تماماً بأن من أمتلك الحجر ، هم فلاسفة العصر ، المتحكمين أولاً بِمعّدة الشعوب وثانياً بالغرائز المنفلتة دون ضوابط او كوابح . فهل من سبيل أن نتحرر من عجزنا ونقتلع من بين أيديهم الخبز والدواء . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اتفاقاً نووياً يطيح بالجامعة العربية
-
اخفاق يشبه سلسلة اخفاقات
-
الطاقة البديلة
-
التعليم المنزوع من التربية
-
دولة الطوق
-
تأطير المثقف بطاقية أخفاء
-
الحقيقة المقلوبة
-
نظام تشليحي
-
المنعطف الأهم
-
الشاهد الوحيد ،،، أُعدم
-
المصالح القادمة بميزان القوة
-
حلاق القرية وسياسي المدينة
-
مقايضة تنتهي بابتلاع التمساح للطيور
-
كي تنجو
-
عصر ... بلا بيت
-
الإمبراطورية الغائبة بالتسمية ... الحاضرة بالأفعال
-
هجرة الفراشات والدرويشيات
-
سوء الفهم
-
ثورة ناقصة
-
المراوحة الثقيلة بين القومية العربية الاسلامية والقومية المص
...
المزيد.....
-
إسرائيل تُعلن تأخير الإفراج عن فلسطينيين مسجونين لديها بسبب
...
-
الخط الزمني للملاحقات الأمنية بحق المبادرة المصرية للحقوق ال
...
-
الخارجية الروسية: مولدوفا تستخدم الطاقة سلاحا ضد بريدنيستروف
...
-
الإفراج عن الأسير الإسرائيلي غادي موزيس وتسليمه للصليب الأحم
...
-
الأسيرة الإسرائيلية المفرج عنها أغام بيرغر تلتقي والديها
-
-حماس- لإسرائيل: أعطونا آليات لرفع الأنقاض حتى نعطيكم رفات م
...
-
-الدوما- الروسي: بحث اغتيال بوتين جريمة بحد ذاته
-
ترامب يصدر أمرا تنفيذيا يستهدف الأجانب والطلاب الذين احتجوا
...
-
خبير: حرب الغرب ضد روسيا فشلت وخلّفت حتى الآن مليون قتيل في
...
-
الملك السعودي وولي عهده يهنئان الشرع بمناسبة تنصيبه رئيسا لس
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|