|
التطبيع ليس وجهة نظر
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1226 - 2005 / 6 / 12 - 08:59
المحور:
القضية الفلسطينية
يبدو أنه في هذا الزمن الحراشي، وفي ظل إنعدام المساءلة والمحاسبة، وغياب المرجعيات الملزمة والواضحة، وترك الحبل مفلوتا على غاربه، والباب مفتوحا على مصرعيه، جعل الأمور تصبح كما الحال في المزاد العلني، كل شيء معروض فيه للبيع من بضائع وقيم وأخلاق ومبادىء وحتى الإنسان نفسه، وتحت يافطة عدم إقصاء الآخر، وحرية الرأي.. وفي ظل إشتداد الهجمة الإمبريالية على الشعوب وحركات التحرر ووصف نضالاتها "بالإرهاب" والتي جعلت الكثيرين وفي إطار سياسة حماية الذات والمصالح يهرولون ويقدمون التنازلات المجانية..
ولك أن تتصور أمه بأكملها يستدخل قادتها الهزيمة ويصفقون لها تحت يافطة ما يسمى بالسلام والواقعية ومحاصرة إسرائيل وكشفها أمام الرأي العام العالمي.. وفي هذا السياق فإن القمة العربية الأخيرة، شرعت التطبيع ورسمته، وربما تطلب من وزراء الداخلية العرب الشروع بسن قوانين لمحاربة مناهضي التطبيع، لكون ذلك "يتعارض مع المصالح العليا للأُمة والوطن" ويصبح كل من يحرض أو من يدعو لمحاربة التطبيع "خارج عن القانون" ويعاقب بالحبس أو بالقبر..
والشيء المخجل أن النظام الرسمي ليس منهارا فقط، بل أخذ يشارك في الضغط على الجانب الفلسطيني للإستجابة للشروط والإملاءات الإسرائيلية. ورغم أن هذا الأمر يثير المرارة في النفس، الإ أن هناك من يفقأ المرارة نفسها، وهو ما تقوم به بعض الجهات الفلسطينية من ممارسات تطبيعية تحت حجج وذرائع خبيثة ومضللة بأن ما تقوم به "يصب في، ويخدم المصلحه العليا للشعب الفلسطيني" ولكن أرض الواقع تعاند ذلك، وتقول أن ذلك كذب وتزوير لإرادة الشعب، وهدرا لحقوقه.. فما معنى أن يقوم البعض بعقد إتفاقيات مع الجامعات الإسرائيلية، في الوقت الذي تتخذ فيه الجامعات الأوروبية وتحديدا البريطانية قرارا بمقاطعة وتعليق التعاون مع الجامعات الإسرائيلية لعنصريتها ومواقفها الداعمة للإستيطان والإحتلال؟ أليس هذا عبث غير مبرر؟
وكما أنه لا يجوز لأي كان أن يعبث بمرتكزات البرنامج الوطني، أو أن يجتهد في النصوص، لأن ذلك مضر ومدمر ويلحق أفدح الضرر بالنضال والمشروع الوطني الفلسطيني وحقوقه الثابتة، فمرة يخرج علينا البعض بتخريجات وحلول وإجتهادات لحق العودة، ويحاول ان يوهم شعبنا بأنه بفهلوته وحذلقته إخترع لنا حلا سحريا لحق العودة، تحت ما يسمى بوثيقة جنيف، هذه الوثيقة التي عبثت بالقرار الدولي رقم 194 والخاص بحق العودة، كما أنها شكلت تنازلا مجانيا من طرف فلسطيني رسمي لطرف إسرائيلي غير رسمي، والسلطة الفلسطينية بدلا من أن تدين وتستنكر وتمنع ذلك، أرسلت أحد وزرائها للمشاركة في حضور التوقيع على الوثيقة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى هناك السوق المفتوحة على غاربها أمام ما يسمى بالمؤسسات والمنظمات غير الحكومية، وتحديدا في نسج العلاقات وتلقي الأموال مع ومن مؤسسات بعضها تطبيعي مئة بالمئة وأهدافه وأولوياته تتعارض مع الأهداف والمصالح العليا للشعب الفلسطيني..
فعلى سبيل المثال لا الحصر، شمعون بيرس زعيم حزب العمل الإسرائيلي وأحد قادة الإستيطان في الضفة ومرتكب مجزرة قانا، أصبح بين ليلة وضحاها حمامة سلام، ويداه لم تتلطخ بدم عربي ولا فلسطيني، وأسس ما يسمى مركز بيرس للسلام، حيث أن هناك الكثيرين ممن لديهم علاقات ويتلقون الدعم من هذا المركز!! وأيضا هناك مؤسسات تمارس نشاطاتها التطبيعية علنا وجهرا تحت يافطة وعناوين مشاريع وثقافة السلام وحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، فأنت تسمع عن مشاريع شعب لشعب، من القلب الى القلب، مشاريع رياضية مشتركة، مشاريع نسوية مشتركة، مخيمات صيفية مشتركة، رحلات مشتركة، وغيرها الكثير الكثير، وطبعا لا أحد يحاسب أو يسائل، عن مثل هذه التصرفات والممارسات، حتى وصل الأمر بعض الجهات الداعمة أخذت تستغل أموالها من أجل التأثير على الوضع الداخلي الفلسطيني، وعند فقط المحاولة لإستجواب البعض، او الطلب منه كشف مصادره المالية أو علاقاته، فإنه يسارع الى الإستقواء بمموله الأجنبي، والذي بدوره يحتج ويحرض علىذلك بأنه عدم إحترام للديمقراطية وحرية الرأي، ولكم أن تتصورا أن هناك مؤسسة تشترط لتقديمها الدعم للمؤسسات الحكوميه وغير الحكومية، التوقيع على وثيقة ما يسمى بنبذ "الإرهاب" ورغم كل ما يحمله مثل هذا التوقيع من إهانة وإدانة لمشروعية النضال الوطني الفلسطيني، الإ أنه لم يتم إتخاذ موقف واضح ومحدد من التوقيع على مثل هذه الوثيقة لا حكومي ولا غير حكومي، رغم أن العديد من المنظمات غير الحكومية رفضت تلقي الدعم من هذه المؤسسة ورفضت التوقيع على الوثيقة، وبقيت الأمور في إطار اللا موقف، مما جعل البعض لا يكترث ويقدم على إقامة أنشطة ومشاريع تطبيعية، وبالتالي فإن المطلوب أن لا يصبح التطبيع وجهة نظر، بل بالضرورة أن تكون هناك مواقف واضحة وحازمة تجاه من يمارسونه قولا وفعلا، لأن ذلك يخلط الأوراق ويضر بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مثقفوا الأحزاب بين القبلية والحزبية
-
هل تتدارك قوى - الحاله الديمقراطيه - أخطاءها في الانتخابات ا
...
-
اسدال الستارعلى قوى اليسار الفلسطيني!!
-
مرحلة العري العربي!!!
-
عفوا نانسي عجرم..!
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|