|
المسرح الوطني محمد الخامس في أمسية عرس زواج -الحرف بالوتر- بين الشاعرة إيمان الونطدي والفنان أحمد همراس.
عبدالكريم القيشوري
الحوار المتمدن-العدد: 4307 - 2013 / 12 / 16 - 13:31
المحور:
الادب والفن
عرف بهو المسرح الوطني محمد الخامس بالعاصمة الرباط نهاية شهر نونبر 2013حركة غير مسبوقة لتوافد العديد من المبدعات والمبدعين في شتى الأجناس الأدبية؛ وعدد من المسؤولين والمهتمين بشأن الثقافة يتقدمهم ذ عبدالحكيم قرمان مستشار وزير الثقافة وأساتذة جامعيون وفعاليات جمعوية وجمهور مواكب.. حج من جل المدن المغربية احتفاء بالمولود الشعري الجديد الذي يختلف مبنى ومعنى من حيث إصداره حيث أبدعت كل من الشاعرة إيمان الونطدي عضوة جمعية بيت المبدع والفنان أحمد همراس رئيس جمعية زرياب للموسيقى؛ في إخراجه كديوان ورقي / قرص مدمج ؛ توخيا من خلاله الخروج عن المألوف. وقد كان للقراءة النقدية التي تقدم بها كل من د محمد رمصيص ود أحمد زنيبر والباحثة في التراث ذ خديحة شاكر صدى طيبا على مستوى تشريح المنجز الإبداعي للشاعرة إيمان الونطدي " أمهلني.. بعض العبث" حيث تناوله كل منهما بالدرس والتحليل من خلال زاوية رؤيته ؛ وإن كان هناك توافق تام على مستوى أدوات الكتابة؛ حيث يقول د رمصيص المرأة ترى في كتابتها للشعر تطويعا للغة؛ من ثمة طرح إشكالا عريضا من خلال قوله : كيف للمرأة أن تكون حاضرة في الكتابة وهي غائبة في اللغة ؟ . من خلال مداخلته التي عنونها بــ "الكتابة والقلق"؛ يستشف من أن ما تضمنه الديوان من حيث الأفكار ينبي بقلق الشاعرة والذي لولاه وهذه الإحباطات التي تعترض سبيل حياة المبدع لما تبلورت الإرهاصات الأولية لقوة الشعر وجماليته..لذلك يرى الناقد رمصيص بأن الشاعرة تحمل هما وقلقا غامضا في مجتمع ضاجر بسبب ذكورته؛ هذه الذكورة التي سخرت لها كل الإمكانيات لتلامس قتلها ولو رمزيا ابتداء من العنوان . المذكر حاضر على مستوى الإيحاءة؛ لكنه غائب في القصيدة. تقول الشاعرة : أمهلني وقتي ..بعض العبث أرجع منك مصلوبة الظل أنا الأنثى .. فهي تؤنث المكان والزمان؛ وحين تتذكر ذاتها لم تجد إلا وجه الأم "فاطمة" أو وجه العمة "زينب". تقول في قصيدة فاطمة : " فاطمة تعويدة عشق أزلي" . هذا التوحد مع الأنثى في كل ما هو مؤنث يثير أكثر من سؤال. هل هو كره مجاني للذكورة ؟ أو هو كره يستحضر قيم المجتمع الذكوري؟ ماذا يعني أن تكره الآخر ؟ أليس الكره حبا معكوسا ؟ ما السبب في إقصاء الآخر المكمل لدورة الحياة ؟ ألا يثير هذا القتل للرجل في ألا تنتج الأنثى مجتمعا ضجرا لاستمرارها وحدها ؟. إن انتصار الأنثى عند الشاعرة إيمان الونطدي لا يقتصر على اللغة والقصيدة فقط؛ بل يمتد للأسطورة حيث استدعت "هيرا" دون ابنها "كيس" ولا زوجها " زول". " هيرا" عرفت أكثر من ابنها " هيركيل" هذا الإبن الذي أوقف الحرب بين المدن الإغريقية؛ وأسس للألعاب الأولمبية حيث التنافس الشريف والكل رابح؛ بخلاف الحرب حيث الكل خاسر. والشاعرة إيمان الونطدي بجمعها لكل هذا الكم من المبدعين على اختلاف اهتماماتهم تتموقع في خانة الإبن "هيركيل" حيث الكل رابح. في حين شكر د أحمد زنيبر في بداية كلمته القصيدة لأنها أنثى؛ وكل ما لا يؤنث لا يعول عليه كما يقول المتصوفة. مشيرا إلى الكثير من المشترك بينه وبين ما جاء في قراءة د محمد رمصيص؛ إلا أنه أشار أن قراءته ستكون على اعتبار أن الديوان ألبوم مشترك ( قرص مدمج) يجمع بين الحرف والوتر بين الشاعرة إيمان الونطدي والفنان أحمد همراس؛ لذا كانت مداخلته تحت عنوان : " الحرف والوتر وجهان لعملة إبداعية واحدة". حاول من خلال مقاربته لهذه التجربة التي تجمع بين الشعر والموسيقى أن يطرح أسئلة من قبيل. كيف تحول الديوان إلى قرص عبر عزف ووتر ؟ هل يمكن اعتباره إبداعا ثانيا يجسد العلاقة الوثيقة بين الشعر والموسيقى ؟ هل هو إضافة نوعية لتجربة كل منهما ؟ كيف تحقق لهما ذلك ؟ ماذا عن الحرف والوتر وأيهما كان صدى للآخر ؟. أسئلة وأخرى دبج بها الناقد أحمد زنيبر ورقته النقدية مستدعيا إجاباته من خلال قراءته لهذه التجربة التي جمعت بين شاعرة حالمة تنوعت مواضيع قصائدها وتعددت اتجاهات معالجتها بين رومانسية و سوريالية وبين ذاتية وموضوعاتية..أشعار مفتوحة على التأويل والاحتمال.. وبين فنان موسيقي عاشق للمقامات العربية؛ مقتف لآثارها؛ لتوظيفها على الوجه المطلوب؛ كي تنسجم مع النص المقترح حرصا منه على نقل التجربة بأكثر قدر من الموضوعية. الموسيقى المصاحبة لقراءات الشاعرة ترفع التحدي شعارا والعبث تمردا تقارع بهما ومن خلالهما عنف الحياة وسلطة الواقع؛ بما استطاعت من الحلم والانتفاضة ضد الموت والنسيان . ولا شك أن من اختيار التسمية وانتهاء ياختيار القصائد تحضر التجربة الصوتية لانسيابها مع الموسيقى انسيابا يليق بالشعر من حيث هو فسحة للتعبير الحر في كم قصيدة من القرص. فالإنشاد"الونطدي" والعزف "الهمراسي" المصاحب يقول الناقد أحمد زنيبر سار وجهين لعملة إبداعية واحدة. فالشاعرة تمشي قدما نحو الذات والآخر عبر لغة تمتح من الطبيعة حيث الريح والغيم والليل ..كما تمتح من الوجدان والأسطورة.. والفنان الموسيقي يمتح من المقامات العربية كمقام البياتي.. بحثا عن انسجام النص بالموسيقى. فإذا كان الحرف نداء الفكر والخيال؛ فإن العزف كان نداء الروح والمشاعر. بهذا المعنى يكون الحرف والعزف وجهان لعملة واحدة. وهذه العملة الواحدة هي التي مكنت ذ خديجة شاكر من خلال مداخلتها تسليط الضوء عليها باعتبارها أغنيات وجدت رسمها في اللحن ، الذي مكن الفنان أحمد همراس من تسلق أنامله سلم أدراج صفحة القصيد ، مناجيا ومغازلا حروف الشاعرة ، فنسج بعطره لحنا وصدحا متألقا يحق أن نسميه مشروع تشكيل احتفالي خصيب ،يتساوق فيه الخطاب الشعري الشفيف والحس الفني الموسيقي بشكل يحقق دفقا فنيا يفيض بمفاتن الكلم حين يتناثر معنى ومغنى ،تغار منه أنغام الصبا والريح إذا مدت كفها لتراود الطين عن نفسه في أزقة ثكلى . فهل تموت الأحلام والكلام يخترق الصمت جذوة ما خبت من رغبة هي مبعث الكتابة والجمال ،كما جمال روح الشاعرة ،يمد اليدين في علاقات إنسانية راقية ؟ وهل نمهلك بعضا من الصمت والعبث..؟ بهذا السفر الممتع في حافلة ديوان الشاعرة إيمان الونطدي " أمهلني..بعض العبث " عبر الحرف والوتر رفقة ثلة من النقاد المهرة : د محمد رمصيص ود أحمد زنيبر والباحثة في التراث ذ خديجة شاكر ؛ يكون قد تم اكتشاف ما تشكله الذكورة من عائق لدى الشاعرة وما يشكله الحرف والوتر من عملة إبداعية واحدة ؛وما يمثله العبث من نشوة عابرة .فكما قالت ذ خديجة " فالعبث فلسفة نحتاجه حين يجبرنا الواقع يحد من تمدد الحلم فينا ". هذه الأوجه وغيرها كشف النقاب عنها بقراءة الشاعرة لبعض من قصائدها عبر مصاحبة الموسيقى التي أفلح الفنان أحمد همراس في ترجمة تعبيراتها عبر الوتر. لقد كانت أمسية الاحتفاء بالديوان/ القرص "أمهلني ..بعض العبث" للشاعرة إيمان الونطدي والفنان أحمد همراس ؛عرسا احتفاليا بكل المقاييس ؛ حيث كل الأسر والعائلات تم لم شملها من استحضار الشاعرة لأمها "فاطمة" المفتقدة؛بحضور والدها ومختلف أفراد أسرتها ؛ ومن أسرة وأحباء الفنان أحمد همراس ومن أسرة بيت المبدع التي أشرفت على تنظيم اللقاء بتنسيق مع أسرة المسرح الوطني محمد الخامس؛ وبحضور أسرة الإبداع التي تشكلت أطيافها من جل جمعيات المجتمع المدني؛ ومن أسرة الفن التشكيلي والموسيقى ممثلة في شخص الفنان المراكشي حسن شكار؛ ومن أسرة التربية والتكوين..إنه بالفعل احتفاء واحتفال بعرس زواج الحرف والوتر.
#عبدالكريم_القيشوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مسيرة بيت المبدع الإشعاعية للأقاليم الصحراوية.
-
-الإعلام الجهوي ومتاعب الوصول إلى المعلومة- ملتقى دراسي بالر
...
-
القاص والروائي المغربي مصطفى لغتيري في حوار خاص.
-
-وجدة - الفيلم السعودي الفائز في منافسات المهرجان الدولي لفي
...
-
الكاتب الشاعر/الصحفي الليبي الفيتوري الصادق في حوار خاص
-
أسئلة القصة القصيرة مع د محمد رمصيص .
-
قصبة المهدية بالقنيطرة تحتفي بالشاعرة المتألقة خدوج الغزواني
...
-
بيت المبدع يسدل الستار عن موسمه الثقافي 2012-2013
-
حوار خاص مع -سليلة قرطاج- الشاعرة صالحة الجلاصي.
-
حوار مع الشاعرة المغتربة كريمة الحراق
-
باريس تحتفي بالشعر والشعراء في أمسية شعرية.
-
27 مارس - اليوم العالمي للمسرح - محطة للتقويم والتقييم.
-
-سوسيولوجيا الأعيان- ل عبدالرحيم العطري بالمكتبة الوسائطية.
-
الإذاعية والشاعرة فاطمة يهدي في حوار خاص.
-
ذكاء لص ..! -قص من الواقع-
-
حوار مع المبدعة فاطمة الزهراء المرابط
-
تحرش.. قصة قصيرة جدا
-
ذ ميراني الناجي . المفرد بصيغة الجمع .
-
فضفضة مع الشاعرة فاطمة المنصوري
-
بيت المبدع في رحلة إلى قلعة - فن العيوط-
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|