أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - مشوار














المزيد.....

مشوار


ضيا اسكندر

الحوار المتمدن-العدد: 4306 - 2013 / 12 / 15 - 15:50
المحور: كتابات ساخرة
    


لدى صعودي باص النقل الداخلي، فوجئت بأنه قليل الازدحام خلافاً للعادة. مسحت بعينيّ المقاعد بسرعة، فوقع نظري على مقعدٍ شاغرٍ في آخر الباص، توجّهت إليه فوراً وجلست. وقد صادف جلوسي إلى جانب امرأة بالعقد السابع من عمرها.
فجأةً ينهض السائق من مكانه ويتجه صوبي وقد اشتعلت عيناه بالشرر واكتسى وجهه بكل مظاهر الغضب! أُصبتُ بنوعٍ من الذعر، فقد قطعت تذكرة حسب الأصول. فما هو السبب في هجومه المحيّر هذا؟! لكن سرعان ما تبدّدت هواجسي عندما خاطب المرأة التي بجانبي وهو في منتهى العبوس:
- حجة انت وين نازلة؟
أجابت بحزن وارتباك وكأنها تدفع تهمةً عنها:
- بالموقف اللي جايي ولاه ابني..!
سألها بلهجة معاتبة وبنبرة من طفح الكيل لديه:
- بس يا حجة صرلك أكتر من تلات مشاوير وما نزلتي.. شو فاتحلك الباص أنا هون سيران!؟
أجابته بأسى بعد أن استعادت جأشها:
- خلاص ولك ابني رح انزل بالموقف اللي جايي.. يالله مشّيها..
برم بوزه ممتعضاً واستدار عائداً إلى مقوده وانطلق وسط همسات وضحكات مكبوتة من قبل الركاب القريبين منها والمندهشين من هذه المحادثة.
ويبدو أنها شعرت بأن دفاعها لم يلقَ قبولاً عند الجوار فاستطردت موضّحةً:
- العمى والله ما حدا بعلّق من كل الشوفيرية على مشاويري إلا هاد الشوفير..!
وكعادتي في اقتناص فرصٍ كهذه سألتها ممازحاً ملطفاً الأجواء:
- حجة لا تآخذيني بهالسؤال: هي أول مرة بحياتي بسمع أنو الطلعة بالباص تعتبر مشوار!
تفادت مكر السؤال وأجابت ممعنةً في دفاعها:
- يا ابني بيتي قبو.. ما بيشوف الشمس.. ما بصدّق من الله بخلّص شغل البيت حتى اطلع شمّ هوا.. وبركب بالباص ساعة ساعتين.. حتى ارتاح شوية..
سألتها من قبيل التسلية:
- شو عندك أولاد يا حجة؟
سحابة من الرضا والحبور عبرت فوق محيّا العجوز التعب تعبيراً عن امتنانها لتغيير دفة الحديث وأجابت:
- والله يا ابني عندي واحد بيشتغل بياع يانصيب والتاني بياع جرابات وقدّاحات.. (أضافت بعد صمت وقد امتقع وجهها) وفي اتنين شباب مابعرف وينُن، عم يقولوا العالم أنّو يمكن يكونوا بالحبس..
- خير شو عاملين؟
- والله يا ابني مابعرف.. يمكن لأنو بزمانن تظاهرو ضد الدولة.
- وزوجك حجة شو بيشتغل؟
- (زفرت بحرقة) ارتاح وريّح.. طلع لعند ربّه.. ضلّ المرحوم خمس سنين مريض.. الله يسمحله.. خدمتو اللي فيني عليه.
تصفّحتُ بسرعة وجهها المليء بالأخاديد، وفمها الذي غادرته أكثر من نصف أسنانها، وثيابها المهملة.. شعرتُ بالبرودة تسري في جسدي والارتجاف يغمر بدني.. قرّرتُ سريعاً الخروج من هذا الحوار المقيت وسارعتُ بقلب الصفحة من جديد:
- حجة والله ما عم تروح من بالي فكرة المشوار بالباص، يـعني..
- قاطعتني متهكّمةً بابتسام لا يخلو من المرارة: طيب في أرخص من هالمشوار بهالبلد؟ ولك يا ابني لا فينا نروح مطاعم، ولا نسوح برّات البلاد، ولا نتزقّم أكلة طيبة متل العالم والناس.. بيستكتروا علينا هالشمّة الهوا.. أي والله شي بطقّق!
ونهضت لدى وقوف الباص لتفي بوعدها مطلقةً تنهيدة ارتياح. ولا أدري إن كانت قد اكتفت بمشوارها هذا أم أنها ستكمله في باصٍ آخر..



#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روسيا تزداد تعملقاً
- أوباما.. يا بالع الموس عالحدّين!
- عالمكشوووف
- S.M.S إلى الرفيق قدري جميل
- خريف العمر
- من تحت الدلف إلى تحت المزراب
- البصلات المحروقة
- غاز.. غاز!
- حَدَثَ في -بوركينا فاسو-
- اللاءات الخمس و(النعمات) العشر
- الفاكهة المحرّمة
- الطبيب الذي لا يخاف
- قراءة في أعمال المجلس المركزي لهيئة التنسيق الوطنية
- رخصة بيع فلافل
- حكايات شخصية
- الثعلب
- حمامة وكوسا وأشياء أخرى...
- حين يتّسخ الضوء
- الجار قبل الدار
- سوبر ديلوكس


المزيد.....




- مهرجان -بيروت الدولي لسينما المرأة- يكرم هند صبري
- مهرجان -بيروت لسينما المرأة- يكرم هند صبري
- إطلاق خريطة لمترو موسكو باللغة العربية
- الدويري: كمائن غزة ترجمة لتحذيرات الاحتلال من تصعيد ضد قواته ...
- المكتبات المستقلة في فرنسا قلقة على مستقبلها في ظل هيمنة الم ...
- نساء حرب فيتنام في السينما.. حضور خجول في هوليود وأدوار رئيس ...
- -ذا سينرز-.. درس في تحويل فيلم رعب إلى صرخة سياسية
- عاجل | وزير الثقافة العراقي: سلمنا الرئيس السوري أحمد الشرع ...
- معرض أبو ظبي للكتاب ينطلق تحت شعار -مجتمع المعرفة.. معرفة ال ...
- الدورة الـ30 من معرض الكتاب الدولي بالرباط تحتفي بالشاعر الم ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ضيا اسكندر - مشوار