أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هانى مراد - الراهب والرئيس















المزيد.....

الراهب والرئيس


هانى مراد

الحوار المتمدن-العدد: 4306 - 2013 / 12 / 15 - 00:59
المحور: الادب والفن
    


قصص الخيال السياسى
*****************
وإن كان أصحاب هذه القصص شخصيات حقيقية ومعروفة، إلا أن كل الحوارات والتفاصيل فيها خيالية.
فإنني لطالما حلمت بكتابة قصص لشخصيات حقيقية مؤثرة في التاريخ والسياسة، وقد تصورتها تتقابل مع شخصيات أخرى معروفة، وما يمكن أن يدور بينهما من حوارات، وما يمكن أن يقول كل منهماً للآخر.

1- الراهب والرئيس



الراهب: هو الآب متى المسكين.
والرئيس: هو أنور السادات.

لقد تقابل بالفعل الرئيس أنور السادات عدة مرات مع الآب متى المسكين، خاصة أثناء المشاكل الداخلية المتفاقمة في نهاية حياة السادات، وأزمته مع رأس الكنيسة القبطية.

كان يوماً مرهقاً بالنسبة للرئيس. فقد قضى أغلب يومه يستعرض تقارير عن حالة البلاد الإقتصادية، وتقارير من الداخلية، وما يقولونه عنه فى الجوامع. وتلقى مكالمتين من رؤساء دول أجنبية.

قبل أن يسمح للآب متى المسكين بالدخول إلى حضرة الرئيس؛ دخل إليه أحد مستشاريه الذي سأله السادات سؤالاً واحداً.

السادات: أنت متأكد إن البابا شنودة ما بيحبش الراجل ده.

المستشار: مش بيطيقه يا افندم .
ده كان مترشح قدامه من عشر سنين، وشنودة جه مكانه على رأس البابوية، وهو يعتبر أبرز خصوم البابا.

السادات: خلاص دخله .. دخله

يدخل الآب متى المسكين ببطء، متعكزاً على عصا، حاملاً معه هدوء الدير والصحراء.
جلس السادات ودعا الآب متى للجلوس.

السادات وقد بدا عليه الغضب وإنفلات الأعصاب:
شوف يا حضرة الأب، أنا هدخل في الموضوع دوغري، علشان معنديش وقت.
أنا قررت إنك تكون البابا مكان الأنبا شنودة.

تنفرج أسارير السادات بعد أن قالها، كأنه استطعم مذاق كلماته. وابتسم إعجاباً بنفسه وبأفكاره.

أحنى الأب متى المسكين رأسه وهو يقول:
للأسف يا سيادة الرئيس، قوانين الكنيسة ما تسمحش إن حد تاني يكون البابا غير الأنبا شنودة.

السادات غاضباً: يعني إيه؟؟ أنت بترفض كلامى؟!

متى المسكين: أنا مستعد أسمع كلامك في أي حاجة ما تتعارضش مع كلام ربنا.

السادات يستجمع أفكاره، ، ويبلع ريقه وكأنه يريد أن يغير الموضوع:
وبعدين الأنبا شنودة زعلني خالص ..
ده بيتحداني. بس أنا وقفته عند حده و...

ويتوقف ليضحك ثم يكمل: أنا حذرته .. تحذير حقيقي. أنا مش بهوّش وهو خاف ...
أه .. خاف مني .... طبعاً ما أنا رئيس الجمهورية ...

متى المسكين: يبقى غلطان لو كان خاف ....

السادات: بتقول إيه؟!

متى المسكين: أنت مش ممكن هتأذيه .. هو غلط فى إيه علشان تأذيه؟

السادات: لأ .. غلط
غلط في الرئيس بتاعه .. يبقى غلط . وراح يتحامى في كارتر.

متى المسكين: كارتر ده صديقك يا سيادة الرئيس اللى عملت معاه إتفاقية سلام مع إسرائيل.
مش البابا شنودة اللي عملها.


السادات: أنا مش فاهم أنت بتدافع عنه إزاي؟ ده مش بيحبك وبيحرض الدولة ضدك.
وكمان عاوز يقفل لك الدير، وأنا اللي وقفت له.

متى المسكين: المسيح علمنا نسامح يا سيادة الرئيس.
وفي الأول والآخر، ده برضه البابا اللي ربنا اختاره علشان يقود الكنيسة.

السادات: بس يكون في علمك إنكم هتخسروا بسبب تصرفاته دي.

متى المسكين: و ما له نخسر..هو برضه المسيح قال "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه .."
لازم نخسر حاجات علشان نكسب حاجات أهم.

السادات: وإيه الحاجات الأهم؟

متى المسكين: يعني مثلاً الواحد ما يخونش مبادئه علشان يحقق ذاته.

السادات: وإيه كمان؟

متى المسكين: وما يستغلش فرصة إنه يصفي حسابات مع حد أساء إليه.
لكن يسيب الحساب لربنا لأن دي مش شغلتنا.

السادات: وإيه كمان؟
متى المسكين: الوفاء بالعهد و...
السادات: طيب خلاص كفاية .. كفاية
بس كده مش هتوصلوا لحاجة.
أنا ممكن أديكم اللي أنتم عاوزينه بس تسمعوا الكلام.

متى المسكين: شوف يا سيادة الرئيس. المسيح ما كانش ليه في السياسة، رغم أنه بيملك كل شيء. وإحنا عاوزين نوصل للأهداف بتاعتنا بطريقة المسيح. مش بطريقة السياسة.

السادات: يعني إيه ؟ أنا مش فاهم حاجة أبداً.

متى المسكين: يعنى المسيحي مش مفروض يدّور على حقوقه في الدنيا، لأن المسيح نفسه قال إن مملكته مش من هذا العالم.
فلما المسيحي يعيش حياة روحية صحيحة
والمسيح يملك على حياته مظبوط، هيكون بيعمل اللي عليه،
ووقتها ربنا هيعمل للمسيحيين في مصر اللي ما يحلموش بيه.

السادات: يعني عاوز المسيحيين يكونوا ناس روحيين بتوع صلاة، ومالهومش دعوى بالسياسة؟ عموماً مش وحش أحسن برضه.

متى المسكين: الأصول بتاعة أي حاجة إن كل واحد يعرف حدوده،
والدور اللي ربنا عاوزه يقوم بيه،
ويبقى في سلام مع نفسه، ومع الله، ومع اللي حواليه.
أصل الأشياء في الإنجيل زي ما المسيح ما علمنا،
إننا نطلب أولاً ملكوت الله وبره وكل الباقي يزاد لنا.

السادات: أنت إنسان غريب فعلاً. بس أنت أقرب واحد فعلاً لتعاليم المسيح عليه السلام.
لكن تفتكر هتوصلوا لحاجة بالطريقة دي؟

متى المسكين: أنا شايف إن المسيح أقوى من أى ظرف ومن أى دولة.
والمسيحيين ما ينفعش يكونوا مجموعة بينافسوا مجموعة تانية، لكن ينفع يكونوا ناس بتنور للدنيا كلها وتشهد لكل الناس عن الطريق والحق والحياة ..
حتى لو خصومهم إعتبروهم منافسين وأعداء،
وأجبروهم على الدخول في النوعية دي من الصراع، لازم يقلبوا كل حاجة بمنطق الحب، منطق المسيح. ويخدموا الجميع لأن دي هي رسالتهم في الحياة، إنهم يحبوا الخير، ويحبوا كل الناس، حتى اللي مش بيحبوهم. وما يسمحوش للكراهية والحقد وعدم الغفران إنه ينتصر عليهم.
يا سيادة الرئيس، كل واحد بيملك المسيح على قلبه بيكون فعلاً ربح الدنيا كلها، لأن نفس الإنسان أغلى من أي حاجة تانية في الدنيا.

السادات: ازاى يعنى؟

متى المسكين: غريزة العودة الى الله هى من صميم خلقة الانسان
و تبدوفى صورتها المصغرة عند كل انسان فى العالم كحالة توبة الى الله
يشعر بها فى أعماقه أحياناً سواء استجاب لها أم لم يستجب


السادات ضاحكاً: طبعاٌ .. طبعا , لكن أنت إيه أسباب خلافك مع الأنبا شنودة؟ إن هو شخص سياسي وأنت شخص روحي؟؟


متى المسكين: البابا من أكتر الناس الغيورة على الكنيسة وعلى الشعب القبطي. وفى نفس الوقت هو شخص وطني وبيحب مصر جداً ، وفيه أوضاع ظالمة بيتعرض لها ولاده. فهو شايف إن من واجبه يتدخل عند الدولة علشان يترفع الظلم ده.

كان موقف متى المسكين صادما للسادات و مخيبا لأماله
( الذى كان يتوقع موقفا لمتى المسكين من البابا متطابقا لموقفه هو من عبد الناصر
فقد عاش السادات و شبح عبد الناصر يطارده فى كل مكان..و قد فعل السادات الكثير ليتخلص
من عقدة النقص التى لازمته منذ كان عبد الناصر رئيساً و هو مجرد عضو فى مجلس قيادة الثورة)
لذلك بدأ يثور و يفقد أعصابه و يهز رأسه بطريقة تعنى انه قرر اتخاذ قرار هام

و يوجه كلامه بغضب لمتى المسكين : أنا عاوزك تعرف أنى قررت ...
يحاول الأب متى الكلام و لكن السادات يشير اليه بيديه ألا يقاطعه..
..اسمع..أنا هعزل البابا شنوده و الرسالة دى مش له لوحده لكن لكل المسيحيين فى مصر.
لازم تعرفوا انكم عايشين تحت رحمتنا..
و لو حبينا نفعصكم و نخلص منكم كلكم نقدر نعمل كده بمنتهى السهولة ..
فيا ريت نعقل بأه و كفاية استفزاز..!!

ويبدأ يحتد و هو يكمل : لازم تفهموا ان البلد دى اسلامية و هتفضل اسلامية
و احنا الاغلبية و اللى بنحكم فى البلد و هنفضل نحكمكم..
أظن كلامى واضح ..
الأب متى المسكين و هو يتطلع الى نافذة امامه فى الغرفة : سيادتك خلصت كل اللى عندك ؟
السادات : و أحب اسمع اللى عندك

الأب متى المسكين : الرسالة وصلت يا سيادة الرئيس ..
و احنا كمان هنوصلها لأعلى حد عندنا ..
و هو بيعرف يرد امتى و فين ..
يحملق السادات فيه و لايتكلم
يكمل الأب متى : أما بخصوص عيشتنا فى البلد دى..
احنا اجدادنا قدموا شهداء كثيرين علشان يحافظوا على ايماننا..

و احنا لا هنقبل نعيش تحت رحمة حد من بره مصر و لا من جوه مصر
لأن احنا فعلاً تحت حماية اله حى حقيقى هو اللى بيدافع عنا.

اما موضوع الاغلبية و مين بيحكم ,
فده كلام مش جديد علينا
و احنا فيه من قرون طويلة
لكن اللى عندنا احنا اننا بنحب اخوتنا المسلمين فى الوطن
و هنفضل ندعى ليكم علشان بنحبكم
و نحب الخير ليكم و لبلدنا مصر
علشان احنا كلنا مصريين يا سيادة الرئيس...


يخرج الأب متى المسكين من المكتب الرئاسى و يأمر السادات ان تصطحبه سيارة من الرئاسة
الى الدير.
و يقوم السادات بعدها باصدار قرارات سبتمبر التى اعتقل خلالها جميع المعارضين من كافة
الاتجاهات السياسية و مثقفين و صحفيين و رجال دين مسيحيين و مسلمين..
و يصدر قراراً بعزل البابا شنودة فى خطاب تاريخى فى مجلس الشعب..
و لكن فى خلال شهر واحد من قرارات سبتمبر يتم اغتيال السادات و تحديدا يوم السادس من اكتوبر
عام 81 فى نفس يوم ذكرى انتصاره ووسط ضباطه و جنوده.



#هانى_مراد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية (قصة قصيرة)
- دروس شخصية من تجربة الاخوان فى الحكم
- التجربة الألمانية
- عفواً جماعة الأخوان .. لن تنجحوا.. لن تنجحوا !!!
- قصة قصيرة : رأيت في منامي ... المقريزي!!
- مصباح علاء الدين


المزيد.....




- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...
- -هاري-الأمير المفقود-.. وثائقي جديد يثير الجدل قبل عرضه في أ ...
- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هانى مراد - الراهب والرئيس