|
الفاسدين لايحبونَ الإحصاء
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4305 - 2013 / 12 / 14 - 19:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنتُ أتسائلُ بين الحين والحين : ( هل هنالكَ حقاً مَنْ لايُريد ، تطبيق علم الإحصاء ، في حياتنا الإقتصادية والإجتماعية والسياسية ، في العراق عموماً ؟ ) . ثم إكتشفتُ ان تساؤلي أعلاه ، ساذجٌ الى حدٍ كبير .. ففي الواقع ، ليسَ هنالكَ أحدٌ ، في الطبقة السياسية المتنفذة ، الحاكمة في العراق ، ببغدادهِ وأربيلهِ .. يُريد فعلاً ، القيام بإحصاءات علمية ، حول أي شئ على الإطلاق !. فكُل هذه الطبقة الحاكمة منذ أكثر من عشرة سنين ، تُريد إدامة الغموض ، وإستمرارية التعتيم ، وتكريس التشكيك في كُل شئ . * لا أحد يعرف نفوس العراق على وجه الدقة ، منذ 1997 ولحد الآن . فعلى أية حال ، كان النظام السابق ، على عّلاته ، يقوم دورياً بإجراء الإحصاء السكاني العام ، فلقد قام بذلك في 1977 و 1987 و 1997 . صحيح كان هنالك الكثير من الملاحظات السلبية ، ولاسيما بالنسبة الى حقل " القومية " ومُحاولات تغليب القومية العربية ، على الكُرد والتركمان ، لاسيما في كركوك والموصل وغيرها .. لكن " الجهاز المركزي للإحصاء " عموماً ، كان في الحقيقة ، مُؤسسة رصينة ، تعجُ بالخبرات الممتازة .. ومن خلال هذا الجهاز ووزارة التخطيط ، كان يمكن ، معرفة ، وبِدقة : عدد الذكور والإناث / الفئات العمرية / المراحل الدراسية / مُعّدل الأعمار / دخل الفرد السنوي / ساكني المُدن والأرياف / عدد المدارس بكل تفاصيلها / عدد المستشفيات بكل تفاصيلها / الاطباء والمهندسين والمحامين ... الخ / أطوال الشوراع المبلطة / القطارات والطائرات / الأراضي وأصنافها ومساحاتها / المصانع والمعامل والحقول / عدد رؤوس المواشي والدواجن ... إضافة الى العديد من الفقرات الاخرى . في حين ان الطبقة السياسية الحاكمة في العراق بعد 2003 ، لم تقُم بأي عمليات إحصاء جدية منذ أكثر من عشر سنوات .. ومنذ 2005 ، تتكرر نفس قصة " حصة الكُرد من الميزانية " ، وهل ان 17% ، نسبة عادلة وواقعية أم لا ؟ .. وأصبحتْ المسألة ، مجالاُ للمساومات المتبادلة ، بين جميع الاطراف المتنفذة .. في الوقت الذي كانوا يستطيعون ، إجراء تعداد سكاني عام ، وحتى لو تطلبَ الأمر ، تحت إشرافٍ دولي ، لوقف الإبتزازات والمُتاجرة بهذه القضية ! . فالذي يجري الآن ، هو الإعتماد على قوائم " وزارة التجارة " التي هي في الأساس [ مُزّورة ] منذ أواخرعهد صدام ، حيث قام متعمداً بزيادة النفوس بصورة كبيرة ، للحصول على أموال ( النفط مقابل الغذاء ) بشكلٍ غير مباشر ! ، وإستمر التزوير لحد اليوم . * قادة الإحتلال الأمريكي ، ساهموا بتكريس الفساد ومن خلال الطبقة السياسية الحاكمة ، التي طابَ لها ، ان تستمر في الفوضى المتعمدة ، في صادرات النفط منذ 2004 ولغاية 2009 ، حيث لم تكن هنالك " عدادات " يُعتمَد عليها ، في قياس كميات النفط المُنتَج ولا المُصّدَر .. وذهبتْ مليارات الدولارات في كل سنة وضاعت في دهاليز مافيات النفط العائدة لأحزاب الإسلام السياسي ! .. ولحد اليوم / وعلى الرغم من توقيع العراق على مواثيق منظمة الشفافية الدولية / إلا ان ملف النفط في بغداد ، ما زال فيه الكثير من الفساد . أما في أقليم كردستان ، فان القاصي والداني ، أصبح يدرك ، مدى الغموض الذي يلف جميع مراحل ملف النفط ، من عقود وتنقيب وتسويق وأسعار وسمسرة .. الخ ، وحجم الفساد المتوقع في كل ذلك ! . لا أحد من مسؤولي النفط في العراق ، يريد في الواقع ، الإلتزام بعمل جداول دقيقة عن الإنتاج وعن التسويق والتصدير ولا عن الموارد الفعلية وكيفية التصرُف بها .. فالتوثيق والإحصاء والتدقيق ، هذه العوامل الثلاثة : هي عدو الفاسدين !. * كل الوزارات والمديريات العامة والمؤسسات ، لها مواقع ألكترونية ومكاتب إعلامية .. ولكنها في مجملها ، شحيحة ب " المعلومات " فقرة ب " التفاصيل " ، ينحصر جل نشاطها ، في الدعاية للمسؤولين والاحزاب الحاكمة .. ويتعاملون مع المعلومة وكأنها من أسرار الدولة ، التي ينبغي ان لايطلع عليها أحد ! . فحُرية الحصول على المعلومة والشفافية ، هُما ما لا يريده السارقُ والمُحتال ! . .................................... نحن على أعتاب تشكيل حكومة جديدة في أقليم كردستان العراق ، هل ستستطيع الطبقة السياسية المتنفذة ، تحّمُل الرقابة والمتابعة والتدقيق ، في حساباتها ومواردها وأوجه الصرف ؟ هل ستتقبل المُحاسبة والنقد ؟ هل ستُقدم " الحسابات الختامية " الأصولية قبل إقرار الموازنة ؟ هل حقاً ان [ برنامج ] حركة التغيير والحزبَين الإسلاميَين ، الذي من خلاله ، حصلتْ على كل هذه المقاعد ، هذا البرنامج الطموح الهادف ، الى الحَد من الفساد والفصل بين السُلطات ، هل بإمكانه الصمود فعلاً ، بوجه المافيات المتحكمة بمفاصل التجارة والإقتصاد والمال في الأقليم ؟ .. نأملُ ذلك ، لاسيما إذا لم تُغّيِر السُلطة ، بإغراءاتها المتنوعة ، والنفوذ والوجاهة ، بإغواءاتها المختلفة .. من مبدأية المعارضة السابقة .. حيث من المُرَجَح ، انها ستلعب دوراً مهما في الأربع سنوات القادمة . لتبدأ حركة التغيير والإسلاميين ، بالتركيز على " الإحصاء " العلمي الرصين ، في كافة المجالات ، ونشر هذه المعلومات .. كبداية لمعركة الشفافية .
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أقليم كردستان و -بطيخة- السُلطة
-
بعض ما يجري في كركوك
-
كُلٌ يشبه محيطه
-
- كاوة كَرمياني - لم يصمُت ، فقُتِل
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -4-
-
الإنتقادُ والمديح
-
- نجمٌ - تهاوى
-
صراع النفط بين بغداد وأربيل
-
كلبٌ لِكُلِ مقهى
-
... إنْ لم تدركهُ ، ذَهَب
-
- بعض - اللاجئين والتحايُل على القوانين
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -3-
-
ألعَنْ أبو الحُبْ
-
التربية والتعليم أولاً
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -2-
-
إرهاصات تشكيل حكومة الأقليم -1-
-
إطلالة على زيارة البارزاني لدياربكر
-
البارزاني في آمَد . إقترابات
-
مشهورٌ ومعروف
-
مُتقاعدينا ... والكلاب الأسترالية
المزيد.....
-
-حماس- تُعلن رسميا مقتل يحيى السنوار: ننعى قائد معركة -طوفان
...
-
أفراد من القوات الأوكرانية يفرون من منطقة كورسك تحت ضربات ال
...
-
شيرين عبدالوهاب تحسم جدل لقب -صوت مصر- بعد مقارنتها بأنغام
-
أول تعليق من حماس على مقتل السنوار
-
كيف يؤثر انقطاع الطمث على دماغ المرأة؟
-
غداة اعترافه بمقتل 5 جنود بمعارك مع حزب الله.. الجيش الإسرائ
...
-
حماس تنعى رئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار
-
منفذا عملية البحر الميت.. من هما وما هي وصيتهما؟ (فيديوهات)
...
-
المشاركون في اجتماع صيغة -3+3- يدعون إلى وقف التصعيد في الشر
...
-
البرلمان الإيراني يفند تصريحات رئيسه التي أثارت غضب لبنان
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|