|
ختان البنات، دراسة في تاريخ الختان عبر العصور
حسيب شحادة
الحوار المتمدن-العدد: 6485 - 2020 / 2 / 7 - 09:27
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
جامعة هلسنكي
تستعمل اللغة العربية عدة ألفاظ للتعبير عن الختان مثل الخفض والخفاض والإعذار وفي ---العامية ---يقال عادة طهور، ---تطهير. ---هناك بعض الإشارات التي ---تدل على أن المصريين القدماء في ---حقبة تاريخية معينة قد مارسوا ختان البنات. ---أما لدى اليهود فلا ذكر في ---الكتب المفدسة لمثل هذا الختان ويبدو أن التكفير على ذلك ---ينعكس في ---طول المدة التي ---تكون فيها الوالدة نجسة بعد الإنجاب لأنثى (---سفر اللاويين، ---الفصل ٢---١---). ---وليس من ---غير الممكن، على كل حال، أن ---يكون بعض اليهود في ---فترة تاريخية معينة قد مارسوا ختان البنت كما فعل جيرانهم مثلا في ---ألمانيا حتى بداية القرن الحادي ---عشر ولدى اليهوديات الفلاشا، ---من الحبشة، ---حتى ---يومنا هذا. ---ختان البنات واسع الانتشار في ---إفريقيا، ---حول الصحراء الكبرى، ---وفي ---الحبشة والصومال، ---أما في ---الدول العربية فهو موجود في ---كل من جمهورية مصر العربية والسودان والمملكة العربية السعودية واليمن والعراق والأردن، ---وإلى حدّ ---ما، ---في ---الجمهورية العربية السورية. ---
تجربة السعداوي
وقد كتبت الدكتورة المصرية المعروفة، ---نوال السعداوي، ---عن هذا الموضوع تقول:--- "---كنت في ---السادسة من عمري. ---نائمة في ---سريري ---الدافىء وأحلم أحلام الطفولة الوردية حينما أحسست بتلك اليد الباردة الخشنة الكبيرة ذات الأظافر القذرة السوداء، ---تمتد وتمسكني، ---ويد أخرى مشابهة لليد السابقة خشنة وكبيرة تسد فمي ---وتطبق عليه بكل قوة لتمنعني ---من الصراخ. ---وحملوني ---إلى الحمام. ---لا أدري ---كم كان عددهم، ---ولا أذكر ماذا كان شكل وجوههم. ---وما إذا كانوا رجالا أم نساء. ---فقد أصبحت الدنيا أمام عيني ---مغلفة بضباب أسود ولعلهم وضعوا فوق عيني ---غطاء. ---كل ما أدركته في ---ذلك الوقت تلك القبضة الحديدية التي ---أمسكت رأسي ---وذراعي ---وساقي ---حتى أصبحت عاجزة عن المقاومة أو الحركة. ---وملمس بلاط الحمام البارد تحت جسدي ---العاري، ---وأصوات مجهولة وهمهمات ---يتخللها صوت اصطكاك شيء معدني ---ذكرني ---باصطكاك سكين الجزار حين كان ---يسنه أمامنا قبل ذبح خروف العيد.--- وتجمّد الدم في ---عروقي. ---ظننت أن عددا من اللصوص سرقوني ---من سريري ---ويتأهبون لذبحي، ---وكنت أسمع كثيرا من هذه القصص من جدتي ---الريفية العجوز.--- وأرهفت أذني ---لصوت الاصطكاك المعدني. ---وما أن توقف حتى توقف قلبي ---بين ضلوعي. ---وأحسست وأنا مكتومة الأنفاس ومغلقة العينين أن ذلك الشيء ---يقترب مني. ---لا ---يقترب من عنقي، ---وإنما ---يقترب من بطني، ---من مكان بين فخذي .. ---وأدركت في ---تلك اللحظة أن ---فخذيّ ---قد فُتحتا عن آخرهما، ---وأن كل فخذ قد شدّت بعيداً ---عن الأخرى بأصابع حديدية لا تلين. ---وكأنما السكين أو الموس الحاد ---يسقط على عنقي ---بالضبط، ---أحسست بالشيء المعدني ---يسقط بحدّة وقوة ويقطع من بين فخذي ---جزءاً ---من جسدي.--- صرخت من الألم رغم الكمّامة فوق فمي. ---فالألم لم ---يكن ألماً، ---وإنما هي ---نار سرت في ---جسدي ---كله، ---وبركة حمراء من دمي ---تحوطني ---فوق بلاط الحمام.--- لم أعرف ما الذي ---قطعوه مني، ---ولم أحاول أن أسأل. ---كنت أبكي ---وأنادي ---على أمي ---لتنقذني. ---وكم كانت صدمتي ---حين وجدتها هي ---بلحمها ودمها واقفة مع هؤلاء الغرباء تتحدث معهم وتبتسم لهم وكأنما لم ---يذبحوا ابنتها منذ لحظات.--- وحملوني ---إلى السرير. ---ورأيتهم ---يمسكون أختي ---التي ---كانت تصغرني ---بعامين بالطريقة نفسها، ---فصرخت وأنا أقول لهم: ---لا، ---لا، ---ورأيت وجه أختي ---من بين أيديهم الخشنة الكبيرة، ---كان شاحباً ---أبيض كوجوه الموتى، ---والتقت عيني ---بعينيها في ---لحظة سريعة قبل أن ---يأخذوها إلى الحمام، ---وكأنما أدركنا معاً ---في ---تلك اللحظة المأساة، ---مأساة أننا خلقنا من ذلك الجنس، ---جنس الإناث، ---الذي ---يحدد مصيرنا البائس، ---ويسوقنا بيد حديدية باردة إلى حيث ---يستأصل من جسدنا بعض الأجزاء".---
الختان في ---الإسلام مما ---يجدر ذكره أن "---الختان" ---بالنسبة للذكور في ---الإسلام هو عبارة عن عرف وليس بفريضة قرآنية، ---وهو عادة ما ---يجري ---في ---طقوس متنوعة ما بين السن الخامسة والثامنة، ---في ---حين أن ختان الإناث ليس عرفا إسلاميا بل بمثابة تقليد محلي ---يقبله الإسلام إلا أنه لا ---يشجعه. ---وهناك في ---الواقع ثلاثة أنواع من الختان الأنثوي ---أو قطع البظر والبظر عند الأنثى ---يشبه القضيب عند الذكر:--- ١---) ---الاستئصال الدائري ---للغلفة البظرية وهو النمط الأخفّ، ---إذا ما تخطّت المرأة الصدمة النفسية، ---فلا عائق في ---سبيل التمتع الجنسي. ---وهذا النموذج من الختان شبيه بطهور الذكر ويسمّى الختان "---السنّي" ---وهو معمول به في ---المدن في ---صفوف الطبقات "---المستنيرة" ---نسبيا.--- ٢---) ---الختان القطعي ---وهو عبارة عن استئصال الغدّة البظرية، ---أو في ---بعض الأحيان، ---حتى البظر بأكمله. ---ويذكر أن هذا الختان معمول فيه بشكل خاصّ ---في ---مصر، ---وفي ---أماكن أخرى ---يتمّ ---استئصال ما ---يلاصق الشفتين الصغيرتين أيضا أو حتى استئصالهما كلية.--- ٣---) ---التخييط أو التشبيك أو الختان الفرعوني ---وهذا ---يشمل بالإضافة إلى استئصال البظر والشفتين الصغيرتين قسماً ---كبيرا من الشفتين الكبيرتين، ---وفي ---النهاية ---يخاط جزءا الفرج. ---هذا معناه، ---الإبقاء على فتحة فرجية صغيرة فقط، ---لتسرب البول ودم الطمث وفي ---غضون اندمال الجراح البيولوجية توضع قطعة خشبية للمحافظة على تلك الفتحة. ---وفي ---ليلة الدخلة تجرى عملية بسيطة لتوسيع هذه الفتحة، ---وفي ---حالة الإنجاب ---ينزع التخييط ثم ---يعاد من جديد بعد الولادة وهلمجرا. ---وهذا النوع من الختان ---يسمى بالتكميم أو الرتق أو ---غلق الفرج ---(infibulation) ---ومعمرل به في ---السودان خاصة ولذلك ---يطلق عليه المصريون اسم "---الطهارة السودانية" ---في ---حين ان السودانيون ---يسمونه "---الطهارة الفرعونية" ---أو "---الخفاض الفرعوني" ---وهو موجود في ---إفريقيا المدارية وفي ---إيريتريا والصومال. ---كما أن روما القديمة مارسته لمنع مزاولة الجنس بين العبيد.---
النتائج السلبية
وتشير الأبحاث الطبية الحديثة إلى أن هذا النوع الثالث، ---كثيرا ما ---يؤدي ---إلى عواقب وخيمة حقا، ---إذ أن تضييق الفتحة الفرجية قد ---يؤدي ---إلى العقم وإلى إصابات تناسلية أو بولية بل وسرطانات فرجية، ---ناهيك عن الصدمة النفسية الهائلة التي ---تنزل على البنت مسببة لها خوفا وهلعا لا حدود لهما، ---كما جاء في ---وصف السعداوي ---المؤثر أعلاه. ---أضف إلى كل ذلك، ---وهنا الطامة الكبرى بالنسبة للمختونة، ---برود جنسي ---كامل. --- ليس من العسير على المرء أن ---يخمّن ما وراء مثل هذه الأنماط الختانية من تبريرات، ---إذ أنها تتمحور في ---موضوع احترام العرف ودرء فسق البنت. ---وفي ---حالات معينة، ---كما في ---إثيوبيا، ---فالختان ---يُجرى لكي ---تجد الفتاة عريسا لها. ---وفي ---الكثير من البيئات الريفية في ---الدول العربية لا بدّ ---من إجراء هذا الختان أو ذاك لكل بنت حوّاء. ---وفي ---مصر، ---وبالرغم من وجود قانون منذ العام ٩---٥---٩---١------، ---يحرم هذا الختان إلا أن الواقع ---غير ذلك فالختان مطبق بشكل واسع وقلّما ---يحظى هذا الموضوع بالحديث أو النقاش العلني ---في ---أوساط النساء. ---وعادة ما ---يتمّ ---هذا الختان من قبل قابلة القرية والتخدير الجزئي ---بدلا من تلك "---السيدة المسنة" ---في ---الماضي. ---ويبدو أن المثقفات في ---القاهرة قد أقلعن عن ختن بناتهن منذ بعض العقود. --- حبّذا لو عمل الناس، ---رجالا ونساء، ---على ختان الشرّ ---والتملق والنميمة والطمع و... ---من قلوبهم وصدورهم ورؤوسهم!---
السكري، ---عبد السلام عبد الرحيم، ---ختان الذكر وخفاض الأنثى من منظور إسلامي. ---القاهرة، ١---٩---٨---٨---. http://www.elrayyesbooks.com/ http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=208 http://www.sami-aldeeb.com/articles/view.php?id=209 http://www.daralawael.com/book.php?bid=158
#حسيب_شحادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصّة المستحيل، قصّة أخلاقية
-
قوّة الكلمات
-
هل أنت كالعصفور؟
-
من نوادرالجاحظ وطرفه
-
كيف يتغلّب نيوتن على إديسون
-
أقصوصة- الصقر والحمامة
-
التغير اللغوي
-
تأثيل لفظة “الكحول”، المشروبات الروحية
-
لا أريد الذهاب لصلاة الجمعة
-
حلقة ثالثة - نماذج من شعر الأطفال التتار
-
حلقة ثانية من الشعر التتري للأطفال
-
أُحبّكَ يا حبيبي
-
نماذج من الشعر التتري للأطفال -١-;--
-
مقدسيلن
-
الضحك إكسير الحياة
-
ما اسمها؟
-
نظرة شمولية لواقع المرأة العربية
-
جندي في سلاح البحرية الأمريكية يعتدي على مهاجر إفريقي
-
ميثولوجيا ناقة صالح في -;-القرآن
-
بعد ثماني عشرةَ سنةًً من الزواج
المزيد.....
-
مسؤولون أوكرانيون لـCNN: قوات كورية الشمالية انسحبت من الخطو
...
-
عاجل| نيويورك تايمز: إدارة ترامب تخطط لمراجعة دقيقة لعملاء ف
...
-
ماسك يبدأ تنفيذ تكليف ترامب.. وهذا ما فعله بموظفي الحكومة
-
ترامب يعاقب عناصر -إف بي آي- المشاركين في التحقيقات بشأنه
-
من بينهم مصريون.. محكمة تحدد مصير -المحتجزين في ألبانيا-
-
رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو
...
-
قراءة الإعلام المصري لصورة السيسي في -جيروزاليم بوست- الإسرا
...
-
قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 119 مقذوفا في غضون 24 ساعة
...
-
وزير الخارجية الأمريكي ونظيره السعودي يناقشان مستقبل غزة وال
...
-
فوتشيتش يصف الاحتجاجات في صربيا بأنها محاولة لتدمير البلاد م
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|