|
عن المعارضة العلوية السورية
رياض خليل
الحوار المتمدن-العدد: 4305 - 2013 / 12 / 14 - 15:57
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
المعارضة العلوية كانت دائما جزءا لايتجزأ من المعارضة السورية التي لها الخصائص ذاتها ، من حيث الشكل والمضمون . ولاتوجد معارضة علوية محضة .. ولامعارضة علوية من منطلق ديني أو مذهبي أو طائفي أو أي شكل خاص بالعلويين . وكانت المعارضة السورية بأنواعها تضم معارضين من سائر المكونات الاجتماعية السورية ، لأنها لم تقم على أساس التمييز الديني أو الإثني أو الطائفي أو أي شكل من أشكال التمييز اللاسوري . والاستثناء الوحيد لهذا هو استحالة تأييد المعارضة العلوية للمعارضة الإسلامية وتجلياتها المختلفة ، وفي مقدمها حزب الإخوان المسلمين ، الذين كانت سائر الأقليات السورية تتوجس منه ، ومن توجهاته وخططه ومواقفه ، وتعمل ضده بكل ماأوتيت من قوة وبأس . شهدت سوريا منذ الخمسينات والستينات ، تناميا متسارعا للقوى والتيارات القومية والاشتراكية ، مقابل تقهقر القوى الليبرالية الديمقراطية ، وانتهى هذا التطور بسقوط السلطة الليبرالية الديمقراطية التقليدية ، واستيلاء القوى القومية الاشتراكية عليها بدءا من عهد الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 – شباط . وبعده عهد حكم حزب البعث السوري وحلفائه ، الذي استمر حتى الآن ، بعد أن تحول حكم حزب البعث سريعا إلى حكم الديكتاتور حافظ الأسد وابنه من بعده ( بشار ) ، والذي كافح وقمع بشدة كل القوى القومية الاشتراكية المعارضة له ولسياساته الديكتاتورية طوال أربعة عقود . وكما تشتت شمل الليبراليين السوريين ، حصل نفس الشيء لليبراليين العلويين ، مقابل الظهور والحضور القوي للمعارضة القومية والاشتراكية السورية والعلوية ، والتي لم تقم لها قائمة قبل الثورة ، وعانت ماعانته من القمع والاعتقال والقتل والملاحقة . إن المعارضة العلوية الحالية هي امتداد للمعارضة السورية السابقة والراهنية ، وهي من حيث المضمون العقائدي لاتختلف عن المضمون العقائدي لحزب البعث السوري الحاكم ، سوى في اعتراضها على احتكار السلطة والحكم ، وتحصين ديكتاتورية الحاكم الفرد المطلق ، الذي حول الحزب إلى منظمة مافيوية لحماية الديكتاتورية . أما المعارضة العلوية الليبرالية فليس لها وجود وتأثير على الساحة حتى الآن ، إلى بقدر تحول الكثير من المعارضين العلويين التقليديين من القومية والاشتراكية إلى نوع مقبول من أنواع الديمقراطية ، حيث اكتشفوا من خلال خبراتهم السياسية التاريخية ، أن طريق الديمقراطية هو الخيار الوحيد والحل الأمثل لحكم سوريا ، وهو الخيار الوحيد لتأمين حقوق العمل السياسي والمشاركة بتقرير الشان السوري العام . المعارضة العلوية لاتزال تعاني من الضعف الذي تسبب به النظام السوري الأسدي الحاكم . ولايزال حضور تلك المعارضة في الوسط العلوي ضعيفا ، ولم تتمكن من كسب تأييد الشارع العلوي المدجن والمصنع لتأييد سلطة آل الأسد وخدمته والدفاع عنه بأي ثمن ، وهؤلاء العلويين العاديين انخرطوا مع آل الأسد لدوافع وأسباب عديدة : عقائدية وانتهازية وارتزاقية ... وحتى لو وجد القليل من المعارضين العلويين في الوسط العلوي ، فهؤلاء سلبيون .. صامتون .. خائفون .. ليس لهم أي حاضنة تحميهم . ولايملكون أية وسائل وشروط مواتية ليتخذوا موقفا فاعلا . وكل الشروط الموضوعية غير مواتية لهم في ظل سيطرة آل الأسد وأتباعه على الشارع العلوي بقوة ، بطرق الترغيب والترهيب المعروفة . لايمكن للمعارضة العلوية الراهنة أن تكون معارضة علوية ، بل جزءا لايتجزأ من المعارضة الديمقراطية السورية ، وضد أي شكل من أشكال المعارضة الإسلامية ، لأنها تهددهم كأقلية طائفية ومذهبية كما تهدد المكونات والأقليات السورية الأخرى ، ولايسع العلويين إلا أن يقفوا ضد الإرهاب والتطرف والتمييز العنصري الديني والمذهبي والطائفي ، بالتعاون مع القوى العلمانية والديمقراطية السورية عامة ، والإسلامية ( السنية ) خاصة . ولايسع المعارضة العلوية أن تعمل وحدها وبمعزل عن المعارضة السورية ، لأنها في فكرها وسلوكها مع الوحدة الوطنية السورية ، ومع احترام حقوق الإنسان ، ومع الدولة المدنية الديمقراطية . ولهذا كله تعتبر المعارضة والمعارضون العلويون رافدا قويا ومضمونا للمعارضة السورية العلمانية والديمقراطية من سائر المكونات السورية . ولها كل المصلحة في قيام الدولة المدنية التعددية الديمقراطية التي تعلي مبدأ المواطنة على سائر المبادئ ، والولاء للوطن والشعب هو الأولوية ، وله الأفضلية على أية ولاءات أخرى . لايوجد أي تنظيم سياسي على غرار " الإخوان المسلمين " في الطائفة العلوية . ولايمكن أن يحصل هذا . ولامصلحة للعلويين في تنظيم طائفي سياسي . وتقوية المعارضة العلوية تصب في مصلحة تقوية المعارضة السورية المناهضة للمعارضة الدينية المتطرفة من أي نوع كان . لايزال الشارع العلوي تحت تأثير ونفوذ وسيطرة آلة السلطة الأسدية الديكتاتورية ، ولايزال تأثير المعارضة العلوية على ذلك الشارع العلوي في أدنى حدوده ومستوياته . ولن تتغير تلك المعادلة مالم يحس العلويون بانهيار وسقوط حكم آل الأسد ، ويصبحوا أمام استحقاقات سياسية مختلفة تفرضها عليهم المرحلة المقبلة التي لن يكون فيها لآل الأسد أي دور أو مكان في المشهد السياسي السوري . حينئذ ، سيعود معظم العلويين لحالتهم الطبيعة من العيش المشترك مع الآخرين ، وستسقط أوهام الخوف التي دأب الأسد على زرعها في أذهانهم لتجنيدهم في حربه الظالمة ضد الإنسان السوري والعلوي سواء بسواء .
#رياض_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول التدخل لحماية الشعب السوري
-
من يعاقب المجرم بشار؟
-
إلى بشار الخائن
-
ثقافة الموت
-
دمشق رئة المشرق العربي
-
المعارضة الافتراضية
-
سوريا : سيناريوهان أحلاهما مر
-
سوريا بين مفترسين
-
بيان لجنة المتابعة لمؤتمر: - كلنا سوريون -
-
فيسبوكيات رياض خليل : (4/5/6)
-
فيسبوكيات : (1/2/3)
-
الكذب القاتل: نخاسو الوطن والشعب
-
سورية الثورة (9): نظرية لافروف
-
سورية الثورة (8): كل عام والثورة منتصرة
-
عن المرأة : (2): حق العمل
-
عن المرأة: ربة المنزل
-
سوريا الثورة : (7) :
-
سوريا الثورة : (6): عن مخاطر انحراف الثورة ......
-
سوريا الثورة:(5): منطلقات في التطبيق والعمل الميداني
-
سوريا الثورة :(4): تتمة : مفاهيم نظرية أساسية
المزيد.....
-
الفصائل الفلسطينية تفرج عن دفعة جديدة من الأسرى بينهم أربيل
...
-
تسع خطوات عاجلة لـ 10 نقابات مهنية مصرية ضد تهجير ترامب للفل
...
-
انتهاء إضراب “النساجون الشرقيون”.. وهيكلة المرتبات خلال 15 ي
...
-
وقف إطلاق النار في غزة.. نصر فلسطيني جزئي بعد خسائر لا يمكن
...
-
خواطر واعتراض واحدة من “أطفال يناير” على ميراث الهزيمة
-
الانتخابات الألمانية القادمة والنضال ضد الفاشية
-
م.م.ن.ص// رقم إضافي لقائمة حرب الاستغلال البشع للطبقة العامل
...
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي تدعو إلى التعبئة قصد التنزيل
...
-
غضب صارخ عند النواب اليساريين بعد تصريحات بايرو عن -إغراق- ف
...
-
النهج الديمقراطي العمالي يحيي انتصار المقاومة أمام مشروع الإ
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|