|
العدالة للشعب الفلسطيني اولا
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 4305 - 2013 / 12 / 14 - 13:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العدالة للشعب الفلسطيني اولا
عندما دعا الرئيس عرفات كلينتون لحضور جنازته كان بهذا يرد على تهديد كلينتون إثر رفض عرفات العرض الأميركي ـ الإسرائيلي لتصفية القضية الفلسطينية في مباحثات كامب ديفيدعام 2000. تحضر ذكرى الواقعة بمناسبة معاودة كيري رحلاته المكوكية. يعاود كيري جولاته بعد ان سفه الطرف الفلسطيني اقتراحه بصدد تأكيد امن إسرائيل اولا . فما اكذب المسئولين الإسرائيليين ومناصريهم على الساحة الدولية إذ يدعون حاجة اسرائيل إلى ما يعزز أمنها بينما تملك الترسانة النووية والأسلحة التقليدية المتقدمة ولديها اضخم جيش في المنطقة. إسرائيل تنشد سرقة الأرض، والأمن في القاموس السياسي الإسرائيلي هو قضم المزيد من الأرض الفلسطينية. ومشروع كينغ وخطة براذر والطمع في اراضي الغور الخصبة هو مضمون البرنامج الأمني الإسرائيلي، وهو ما يشغل حكومات إسرائيل بدعم من أميركا. حتى أراضي الغور لم تشبع نهم نتنياهو واليمين الإسرائيلي؛ إسرائيل، حسب تقدير اوري أفنيري في مقاله الأخير، ترفض السلام وتتذرع بقوة إيران بما يثير السخرية المرة كما عبر عنها اوري أفنيري ، "لا يرضي نتنياهو غير دخول إيران في الحركة الصهيونية". فلماذا عاد كيري لمباشرة جولاته المكوكية؟ هل عاد كيري لاسترضاء الفلسطينيين من جديد بعد ان بلغ بهم الغضب أن اتهموه باسترضاء اسرائيل على حساب الفلسطينيين؟ هل عاد ليقول "فهمتوني غلط؟ أم أن كيري انتوى توجيه التهديد من جديد في مسعى لفرض "اتفاق إطار سيجر وراءه الموقف الأوروبي وربما الروسي، وبطرق مختلفة سيجر وراءه مواقف عربية"، مثلما استشرف النوايا أحد المراقبين من قيادات فنح ؟ وفي مواجهة المأزق المترتب على الخطوة الأميركية طرح المراقب نصيحة سوء من موقف انهزامي؛ إذ دعا لتجنب ما أسماه " عبارات نارية من قبل عديدين من الناطقين الرسميين او المتطوعين" ؛ فهذا الشعب "يتوق لرؤية مخارج فعلية من أزماته وليس مجرد عبارات إنشائية، ... ولن يصغي مجددا للشعارات غير القابلة للتحقيق". كلمات ملغزة غامضة توحي بالخنوع وقبول ما يعرضه الوزير الأميركي من حل مرحلي مزعوم ، حل يمنح الاحتلال المنبوذ عالميا طاقة تجدد بذريعة أن قضية الشعب الفلسطيني تجتاز مأزقا غير مسبوق ، أي أكثر انغلاقا وتأزما من زمن كامب ديفيد! فهل يراد قبول ما رفضه ياسر عرفات وتحت التهدبد ؟ لا، لن يكون ذلك ! . فقد مضى إلى غير رجعة زمن جولات كيسنغر المكوكية التي روضت العرب كافة للمشروع الصهيوني وأخضعتهم لبرامج التكيف الهيكلي التي ربطتهم اقتصاديا وسياسيا وثقافيا بالليبرالية الجديدة وبمشروع الهيمنة الكونية للولايات المتحدة.لا ولن تجوز على شعبنا فتوى السادات بأن الولايات المتحدة تملك 99بالمائة من اوراق حل المشكلة الفلسطينية. ما من سبيل للتخلص من الأزمات لتحقيق الأهداف الوطنية من خلال الوساطة الأميركية. فعبر الوساطات الأميركية دأب الوسيط الأميركي على انتزاع التنازلات من الطرف العربي وتزويد إسرائيل بما يعزز مواقعها, هكذا حصل في كامب ديفد بين السادات وبيغن، وحصل أثناء كمب ديفيد بين عرفات وباراك الى آخر المسلسل. وصدق اوري افنيري إذ سجل على الإدارات الأميركية انتداب أصدقاء إسرائيل للقيام بالوساطة المزعومة.وصدق مرة اخرى إذ قال مؤنبا حكام إسرائيل:" السلام عملية تتطلب بذل المساعي من اجلها والاستثمار فيها ، تتطلب شن حملة سلام مثلما تشن الحروب.وقد شن نيلسون مانديلا حملة السلام ؛ ولهذا حضر العالم بأجمعه جنازته، لربما لهذا السبب لم يحضر قادة إسرائيل." إنها النظرة المأزومة العاجزة عن رؤية موقع القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي؛ وهي الكليلة عن رؤية حركة التضامن الواسعة مع القضية الفلسطينية وضد الأبارتهايد. لعل المثال التالي يشعر الناعقين بالاستسلام لشروط كبري بالخجل: كا شمعون بيرس ضيف الشرف في معرض الكتاب بالمكسيك. جرت مظاهرات تستنكر الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الشعب الفلسطيني ، وتتضامن مع نضال الفسطينيين، ولكن خارج المعرض . غير أن "حصان طروادة " عبر وانتصب بوجه بيرس، حسب تعبير مراسل راديو بيلينغ،ماركوفينيسيو غونزاليس. والرواية حسبما رواها على موقع كاونتر بانش الروائي المكسيكي المشهور مالو هواكوجاديل تورو ، الذي دعي لإلقاء كلمته في المعرض فتلا باللغة الإسبانبة كلمة كتبها الكاتب اليهودي أيليوت سبيربر استهلها بالقول "ان تصمت يعني أن تكذب" والثقافة سياسية. وجاء في الكلمة التي اضطر شمعون بيريس لسماعها في معرض الكتاب يجب التمييز بين دولة إسرائيل وبين غنى التراث الثقافي اليهودي. ونقل الكاتب عن أوري أفنيري قوله إن اليهود يشكلون الأقلية بين السكان المقيمين في الأراضي الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية . ثم قال تحظى سياسات دولة إسرائيل يتأييد جمهرة كبيرة من اليهود خارج إسرائيلوداخلها ، لكن إعدادا لا تقل عن هؤلاء توجه انتقادات لاذعة لنهج إسرائيل. يجدر بمن يشتغلون بالسياسة أن يستشرفوا المستقبل ضمن الإطار الأوسع للوضع الدولي، ومن خلال التدقيق في مرامي الأطراف السياسة المباشرة. وعلى من يرصد مأزقا تتردى فيه الحالة الفلسطينية أن يلوم نهج التراجع امام ضغوط الامبريالية الأميركية . أميركا تقف مع الجانب المعتدي مثلما وقفت من قبل بجانب نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا. أميركا دعمت نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا بالمساعدات العسكرية والاقتصادية والسياسية . وكانت إسرائيل هي المورد الوحيد للسلاح إلى نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا، حين اضطرت دول اخرى للإذعان لقرار الحصار حول النظام العنصري. ولم يشطب اسم مانديلا وحزبه، حزب المؤتمر الوطني الإفريقي من قائمة الإرهاب إلا عام 2008. لكن هذا الدعم لم يمنع من تحطم هذا النظام بفضل صمود مانديلا ورفاقه على المواقف المبدئية لحركتهم الوطنية وحفاظهم على وحدة وتلاحم الجبهة الشعبية المناهضة للأبارتهايد. وقد اضطر الرئيس الأميركي مراعاة القيم الإنسانية في تراث المسجى امامه إلى النطق بوجوب"التصرف طبقا للعدالة". حيا اوباما مانديلا "عملاق التاريخ الذي نقل امة نحو العدالة". إن موت مانديلا ، يقول اوباما ، مناسبة أفضل ما تكون لتأمل الذات. ويرد الكاتب الحقوقي الأميركي لين واشنطون، أحد مؤسسي الشبكة الإليكترونية "ما كان هذا ليحدث "أن "ما يدعو الى السخربة أن تأمل الذات هو بالضبط ما يحتاجه رئيس اميركا إذا أراد تحسين سجله . قال الحقوقي الأميركي لين واشنطون "لم يتعلم الدرس الأول من تراث مانديلا : تجاوز البلاغة الرمزية إلى الفعل....لم تستطع بلاغة النفاق السياسي تغطية تقصير أوباما في الاعتذار عن إساءات اقترفتها الحكومات الأميركية وأفضت إلى وضع مانديلا في السجن" كما استنكر أوباما واقع " أنه ما زال رجال ونساء في جنبات المعمورة مسجونين بسبب المعتقد السياسي. في وداع مانديلا ". اكتفى اوباما بالقول أن الزعيم تحمل "فترة سجن قاسية". ومن باب النفاق ان يقول ما قاله، وبتجاهل آلاف السجناء السياسيين الفلسطينيون يكابد كل منهم "فترة سجن قاسية"، وأقسى مما كابده مانديلا ورفاقه ؛ فذهنية الفاشية تفتقت عن وسائل أشد همجية لم تخطر بالبال من قبل. لم يخرج سجناء من قبل مصابون بالسرطان أو قضوا بالمرض مثل الراحل ميسرة أبو حمدية. مانديلا وحزبه وشعبه، حفظوا الجميل ، وهم يقطفون ثمار الصمود وتلاحم الصفوف، لحلفاء وقفوا بجانبهم على الصعيد الدولي أثناء النضال القاسي ضد نظام الأبارتهايد. احتضن مانديلا ياسر عرفات لدى أول لقاء بينهما في موزمبيق، ولم يتردد في إعلان التماهي مع منظمة التحرير الفلسطينية وتضامنه مع نضال الشعب الفلسطيني ضد الأبارتهايد الإسرائيلي. كانت فلسطين ولم تزل في الجبهة العالمية للنضال ضد الامبريالية والكولنيالية والعنصرية والأبارتهايد. حقا فالوضع الفلسطيني ليس بالسوء الذي وصف به. وكل من يهتم بالعدالة في فلسطين يرى بمعنويات عالىة، القضية الفلسطينية تحظى بتأييد لا قبل للتحالف الامبريالي ، الإسرائيلي تجاهله. كتب صامويل نيلسون غيلبرت مقالة نشرت على موقع كاونتر بانش في العاشر من كانون اول /ديسمبر اورد فيها أن حركة التضامن مع الشعب الفلسطيني تتنامى في الولايات المتحدة ، خاصة داخل المؤسسا ت الأكاديمية .فقد اتخذ مؤتمر جمعية الدراسات الأميركية قرارا بالإجماع يؤيد حركة (بي دي إس)الرامية لمقاطعة إسرائيل وحصارها وسحب الاستثمارات من مشاريعها . اعتبرت الجمعية القرار "موقفا أخلاقيا يمثل مبدأ للتضامن مع العلماء والطلبة المحرومين من الحرية الأكاديمية(في فلسطين) وتطلعا لتوسيع نطاق الحرية للجميع بمن فيهم الشعب الفلسطيني. وهذا القرار اعتبره البروفيسور في الدراسات الأميركية، اليكس لوبين ، كسرا لما أطلق عليه إدوارد سعيد" التابو الأخير" وإفساح المجال داخل المجتمع الأميركي لاختراق الصمت المفروض بصدد الاحتلال الإسرائيلي. وقال البروفيسور المرموق ديفيد للويد، من جامعة كاليفورنيا ، وهي الجامعة التي حاضر فيها إدوارد سعيد، أن جميع المتحدثين بالمؤتمر عبروا بطرق عدة أن المقاطعة جوهرية بالنسبة لقضية العدالة، وتشير إلى مدى التحول داخل الأكاديميا الأميركية. وكتب البروفيسور لوبين عقب انتهاء المؤتمر " رغم أن الحركة الفلسطينية للتضامن تعمل منذ زمن طويل فإن تنامي نشاط حركة الطلبة من اجل العدالة في فلسطين( أس جى بي) عبر الجامعات الأميركية ساهمت أكثر من غيرها في توسيع إمكانيات النقاش للفلسطينيين داخل الجامعات الأميركية. أثناء زيارة اوباما لجنوب إفريقيا في شهر حزيران الماضي قوبل بمظاهرات حاشدة تطالبه التصرف طبقا لمبدأ العدالة العنصرية؛ وتعرض اوباما لهجوم من قبل الجمهور الغاضب من سياساته الخارجية القائمة على الغطرسة و اضطهاد الشعوب. حمل المتظاهرون على الحروب العدوانية وعلى الإبقاء على سجن غوانتانامو مواصلة دعم إسرائيل بسياسات القهر الشبيهة بالأبارتهايد المندثر في جنوب افريقيا. وبفضل نشاط المنظمات الطلابية من اجل العدالة في فلسطين بات النضال الفلسطيني جزءا من طيف أعرض يضم النضال ضد الامبريالية والكولنيالية والعنصرية والأبارتهايد. غدت فلسطين قصية محورية في نضال اليسار والتقدميين..كما أكدت البروفيسورة سنينة ميرا ، أستاذة الدراسات الأميركية بجامعة كاليفورنيا ـ ديفيس. العدالة في فلسطين مطلب قوى التقدم وانصار حقوق الإنسان. وهذا الاتجاه هو الذي سيضع النهاية العادلة للصراع حول فلسطين.
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤتمر من أجل شرق اوسط خال من أسلحة الإبادة الشاملة
-
مؤتمر دولي حول مخاطر مفاعل ديمونة النووي
-
في يوم التضامن مع شعب فلسطين
-
نظام الأبارتهايد إلى الفاشية
-
في ذكرى الوعد
-
واجهة لاستبداد الحكم تدعمه وتقنع فجوره
-
الأبارتهايد يوزع أسقامه على الجانبين
-
نتنياهو المرعوب من تداعي مواقع الحرب
-
المرأة والديمقراطية والثقافة
-
ماريون فيسنو كاستان
-
في الذكرى العشرين لاتفاق اوسلو
-
سبع دول منذورة للتدمير
-
خلف الأقنعة
-
استهانة بالعقل إفراز التعالي والعنصرية
-
ليبحثوا عن هيكلهم خارج فضاء فلسطين
-
لغز التماهي بين حركتين نشاتا في علاقة عداء
-
العالم يدرك سجل الحروب العدوانية للولايات المتحدة الأميركية
-
اضطراد التوحش الامبريالي
-
عدوان قادم ام تغطية على عدوان جار على قدم وساق؟
-
طقوس التحولات
المزيد.....
-
شاهد أول رد من رئيس وزراء كندا على فرض أمريكا رسوم جمركية عل
...
-
مستغربة طبع السعوديين وأسلوب تعاملهم مع الضيف والسائح ترويها
...
-
طائفة سرية أجبرت أتباعها من الأمهات حديثات الولادة على التخل
...
-
كيف علقت كندا والمكسيك والصين على فرض ترامب رسوماً جمركية عل
...
-
ستارمر يستقبل شولتس في مقره الريفي ويبحث معه حرب أوكرانيا
-
الولايات المتحدة.. انفجار وحريق هائل في مصفاة نفطية (فيديوها
...
-
قوات كييف تستهدف بلدة في كورسك بصواريخ -هيمارس- أمريكية (فيد
...
-
زاخاروفا تقترح تحويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى و
...
-
إجلاء 37 مريضا من غزة لتلقي العلاج في مصر
-
حاول الهرب فعلق أسفل جسر.. شاهد ما حدث لسارق تطارده الشرطة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|