|
هذا مو انصاف منك
قحطان محمد صالح الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 4304 - 2013 / 12 / 13 - 01:48
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الأنصاف في اللغة، من أنصف ينصف إنصافا، فهو منصف. والإنصاف يعني: العدل، والحق ، والعدالة ، والقسط ، والمساواة، وهو ضد الظلم والبغي، والعتو، والاستبداد، وبهذا يعني أخذ حق المظلوم من الظالم.
ادخل من هذا المدخل في لغة الإنصاف، لأخرج منه الى حيث العنوان (هذا مو إنصاف منك)، وهذا ليس عنوانا لقصة، أو رواية، بل هو اسم لأغنية اشتهرت كثيرا ، ورددها وتغنى بها الكثير من العراقيين الذين يحبون الشجن ويفرحون به ،وهذه مفارقة لا توجد لدى شعوب العالم الأخرى.
الأغنية من كلمات الشاعر إبراهيم وفي ، ومن الحان الفنان صالح الكويتي، وغناء مطربة الرافدين سليمة مراد باشا، التي تعد واحدة من أروع وارق وابرع من غنى الأغنية في خمسينات القرن الماضي، وبقيت مبدعة ، متألقة في أدائها الى أن عجزت عن الغناء.
ومثلما كانت سليمة مراد متألفة، بقيت أغنيتها هذه (نشيدا) لكل المحبين للطرب العراقي الأصيل، وقد أدى هذه الأغنية العديد من المطربين والمطربات محافظين على لحنها الأصلي، كما غنتها فرقة الإنشاد العراقية وابدعت فيها، وتعد واحدة من أروع أغنيات هذه الفرقة. ولكن الأغنية لم تسلم من التشويه الذي عمّ الأغنية الفولكلورية العراقية تحت اسم الحداثة والتجديد، ففقدت هذه الأغنية ألقها وبريقها الفولكلوري كغيرها من الأغنيات العراقية الأخرى.
لقد اتفق الباحثون بأن ملحن هذه الأغنية هو الفنان صالح الكويتي، ولكنهم اختلفوا في شاعرها، فمنهم من نسبها الى الشاعر عبد الكريم العلاف، ومنهم من نسبها الى الشاعر ضاري إبراهيم، ولكن الحقيقة التي أكدها من له علاقة بشاعرها الحقيقي تقول: إنه الشاعر الغنائي إبراهيم وفي (أبو علاء).
ويروي بعض المختصين بالفولكلور الغنائي العراقي بأن وراء كتابة هذه الأغنية قصة حب عاشها الملحن صالح الكويتي مع المطربة السورية زكية جورج، ولكن هذا الحب لم يدم طويلا حيث ابتعدت عنه، وهجرته وسافرت، وهنا طلب الملحن العاشق من صديقه الشاعر إبراهيم وفي أن يكتب له أغنية تجسد له قصة حبه ووله وغرامه للحبيبية التي غابت عنه وطالت غيبتها، فأراد منها الإنصاف بعد طول الغياب. وكم تمنى الملحن أن تغني الحبيبة زكية هذه الأغنية، ولكنها لم تحقق له أمنيته، عندها قدمها على طبق من ذهب للمطربة سليمة مراد التي غنتها فأبدعت فيها وخلدتها، وخلدت أسم شاعرها، واسم ملحنها.
إننا حين نطرب لهذه الأغنية نسعد بها ونفرح ونطرب ونقول: شكرا لزكية جورج التي (زعلت) ورفضت أن تغني هذه الأغنية، فغنتها سليمة مراد، كما نقول في الوقت ذاته: شكرا لزكية جورج التي ابتعدت عن حبيبها الملحن، فلولا زعلها لما أبدع الشاعر بصياغة كلماتها، ولما أبدع العاشق المتيم في تقديم واحد من أروع الألحان الفولكلورية العراقية. وهكذا تتأكد لنا الحكمة من القول:" مصائب قوم عند قوم فوائد".
لقد سمعت هذه الأغنية في صباي، ولم تكن تعنيني لا الأغنية ولا القصة، لأنني لم أكن أدرك شيئا عن الحب والغناء، وفي شبابي، اصغيت الى الأغنية فطربت لها واستمتعت بها دون أن تهمني، بل لم أكن أعرف ما وراء كتابة هذه الأغنية من قصة حب، والأكثر من هذا لم أكن مهتما لا بسليمة مراد ولا بالملحن صالح الكويتي، فقد كنت كما هو جيلي من عشاق أم كلثوم ومن عاصرها من العباقرة الخالدين، ولأنني لم أكن أعاني ما عاناه الكويتي صالح.
واليوم وبعد أن أصبح عمر هذه الأغنية اقل من عمري بقليل، وبعد أن بلغت من العمر عتيا، وبعد أن اشتعل الراس شيبا، طُلبَ مني أن اسمعها، فما كان مني الا تلبية الطلب، لأن في نفس من طلب مني حاجات، ولأن في نفسي فطانة، فقد استمعت الى الأغنية، مصغيا لسليمة باشا لحنا، وكلمات، وأداء، فهزني كل ما فيها، عندها اقتنعت، ثم عرفت بفطانتي غاية من طلب. عندها رجعت الى قولي في قصيدتي (الحب والستون) ، لأقول لمن طلب :
أَرَدْتُ منها هَوَى حَـــوَاءَ فـــي غَنِّــجٍ قَالَـتَ سَــنَسْــبَحْ ُفيــهِ فَاحْــذَرْ الْغَرَقُــا
فَقُلْــتٍ يَا حُلْوَتِـي هَاتِيْ الَهَــوَى فَانــــا عَنْــدَي مَعَ الْحَــبً مِيْثَاقٌ وَمَـا خُـرِقَــا
يا غَـــادَةَ الْحَسَــنِ فًـي كِلَ الْقُلُوْبِ أَنْــا سَــــامٍ كَمْــا الْشَّمْسُ مُزَّهْــوَا إِذَا شَـرِقَا
أَنا ابنُ هَيتٍ عرفْتُ الْحُبَّ مِنْ صغَرِيْ فًـلَا تَخَافُــــيُ وَخَوْضِي حَيْثُمَا انْطَلَقَـــا
وبعد كل هذا لا بد من أن انصفكم واهديكم كلمات الأغنية مع كل الحب، راجيا ممن له القدرة على الإنصاف أن ينصف، ففي الإنصاف عدل، ومودة، ورحمة. هـــذا مو انصــــاف منك غيبتـــك هالــكد تطــــول الناس لو تنشـــدني عنـك شـــرد اجاوبهـم شـــكول والناس ألف حيف و الف وســـفه مثــلك يخون ويا ولفــــه لا تظــن اكًليبـــي يشـــفى والالـــــم عنــــــه يـزول والناس كلبـــي خليتـــــــه اتجـــوه بنــــار هجرانــــك تلــــوه هـــذي مـــو منك مــــروة لا ولا منـــــك اصـــــــول والناس توالـف العاذل بســــــرعه والوصـــل عنـــي تمنعـــه اضل جم دوب أجد وأسعى وغيري عالحاضــر ينول والناس ...... اود قربـــك تصـــــد عنـي وامتزج بالحســـــــرة وني ما أدرى صــابك ملل مني لو قــــرا بأذنك عـــــذول والناس .........
#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبد الغفور جاسم محمد عبيد
-
حقيقة أمينة العاصمة سعاد العمري
-
الليلة التي لم تنطق بها شهرزاد
-
الراشدي
-
بشرى
-
قصة مدرسة
-
دعوة الى الإستثمار
-
ليلة زكريا
-
إيمان مهدي
-
حبي جميل
-
حميدة
-
ضياء الخطيب
-
بيت الشايع الهيتي
-
حنان
-
اليها مع التحية
-
وداعا ابا حسان
-
نجلاء
-
رجال في ذاكرتي
-
يوميات طالب عامل
-
أل ابي الطيب الهيتي
المزيد.....
-
-خدعة لن تتكرر-..الأزهر يرد على مخططات ترامب لتهجير الفلسطين
...
-
استخدام الحشيش أثناء الحمل.. مخاطر خفية تهدد صحة الجنين
-
فنزويلا تتهم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بتمويل القوى
...
-
رئيس وزراء اليابان يؤكد التزام بلاده بإبرام معاهدة سلام مع ر
...
-
مشاورات لعقد قمة عربية طارئة في القاهرة لبحث -تهجير الفلسطين
...
-
-أكسيوس-: روبيو يخطط لزيارة الشرق الأوسط
-
الجيش السوداني يتقدم نحو وسط الخرطوم ويقترب من القصر الجمهور
...
-
الولايات المتحدة تصادر طائرة ثانية للرئيس مادورو (فيديو+صور)
...
-
ترامب يفرض عقوبات على الجنائية الدولية، ورئيس وزراء إسرائيلي
...
-
العلماء الروس يبتكرون منظومة للتحكم بسرب الطائرات المسيرة
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|