|
الرهان الخاسر !!
عمر الداوودي
الحوار المتمدن-العدد: 4304 - 2013 / 12 / 13 - 00:32
المحور:
كتابات ساخرة
كفري ..المدينة التي ولدت فيها هي مدينة قديمة جدا..بل جدا جدا ..البعض يعيد تاريخ تأسيسها الى زمن مراهقة حمورابي !!..والبعض يعمقها اكثر الى زمن سيدنا نوح بل ان هناك رهطا يعيدها الى ادم وحواء !!..ورغم ان هذه الامور لا تسمن ولاتغني عن جوع الا ان التاريخ شيء جيد..على الاقل لمن لايملكون أي شيء اخر ليتفاخروا به..كفري في الزمن العثماني كانت عبارة عن مدينة صغيرة وسط غابة قرب جبل باباشاسوار الشامخ وقد رسمها احد الرحالة الانكليز بريشته وجلس لايام فوق القمة ليرسمها ولوحته هذه تبهر الناظر في انها اشبه بصورة فوتوغرافية قديمة اكثر من كينونتها لوحة !!..هذه المدينة كانت مغلقة بمعنى ان جميع ساكنيها كانوا اقارب للبعض .. حين ذهب اليها أو هاجر اليها والد جدي !!..كانت المدينة عبارة عن خمسين بيتا فقط !!..سكانها هم بين كردي وتركماني وعربي وحتى بين هؤلاء كان هناك اليهود ،، بعضهم كان كرديا وبعضهم تركمانا ومنهم يهود جاؤوها من بغداد وتكلموا العربية..وكم بيت مسيحي ايضا !!!..يعني مدينة صغيرة بحجم العالم كما قلتها سابقا في مقال سابق لي...لم تكن هناك اية تفرقة أو تمييز بينهم كانوا اقارب جميعهم حتى ان هنالك جدات يهوديات لكثير من الناس عاشوا يوما ما في تلك المدينة وكانت الجدات امهات ابائهم أو امهاتهم ..هذا ما كنا نسمعها من افواه كبار القوم اقصد الكبار سنا فينا...جدي اختار عروسا تركمانية لا بل تركية وليست تركمانية فقط ..في تلك الايام لم تكن هناك اية محذورات من زواج كردي مسلم من كردية يهودية ولا من زواج تركماني بكردية ولا زواج كردي بتركمانية ولا زواج تركماني بمسيحية...المعيار كان الاخلاق والاديان تتفق مع الاخلاق ...وفي الحقيقة هذه المسائل واقصد بذلك مسائل التفرقة والعنصرية هي من نتاجات الحضارة الصناعية ومن ابتكار وحوش الحضارة...الناس في تلك الايام لم يكونوا يفقهون كنه العنصرية حتى..في تلك الاجواء المفعمة بالطيبة وفي احدى ايام العشرينات من القرن العشرين كان هناك رهانا من نوع خاص قد تم عقده بين مجموعة من الشباب المتصادقين والمجتمعين في احدى مقاهي المدينة وهم من مختلف المشارب والقوميات المذكورة..كان الرهان عبارة عن ان من يستطيع ان يذهب ليلا الى داخل المقبرة الكائنة عند اسفل الجبل ويدخل الى تلك الغرفة التي تحوي قبر الولي ويلامس القبر ويعود فأنه ينال الجائزة التي كانت عبارة عن فلس احمر واحد!!..الفلس ايضا يملك تاريخا !!..وايضا كانت لديه يوما قيمة!!!..تقدم احدهم وقال أنا اذهب الليلة ،،، انبرى له اخر... ستبلل سروالك قبل الوصول للمقبرة !!..قال المتحدي سأفعل...واتته الاجابه لن تستطيع!!..ها أنا ذاهب ..وهم بالذهاب فعلا..ولكن استوقفه الجمع وقالوا مالذي يثبت لنا قيامك بالوصول وملامسة القبر المقدس!!!.؟؟..واتفقوا على الحل..الحل بأن تدق هذا المسمار الكبير على الارض قرب القبر ونتأكد في الصباح من صدقك!!!..ذهب الهمام ودخل المقبرة تحت جنح الظلام ودخل ال (كومبت) ولكن ما هي الا لحظات حتى علت الصرخات والصياح العاليه منه وهو يركض من داخل المقبرة الى خارجها ويسقط اثناءها عدة مرات ليزداد صراخه وعويله التي انهضت الاعين النائمة في المدينة الساكنة الهادئة لتفزع بدورها من هذا الذي يركض من قرب الجبل من داخل المقبرة الى خارجها نحو المدينة وكأن احد الموتى قد خرج من قبره للتو!!!..استقبله الناس في ضوء الفانوس والمشاعل والجميع في فزع وانتهى الموقف بصفعات من الاب للشاب المتحدي الذي يبدو انه خسر الرهان !!..لقد شرح لاهل المدينة الحاضرين في تلك الليلة حوله كيف ان اياديا امسكت بتلابيبه وبملابسه وبرجليه وسحبته نحو القبر وكيف انه نجى بصعوبة منها!!!..اصيبت المدينة بفزع شديد !!..حتى الذين شككوا في قوله كان خائفا !!..وفي الصباح حيث النهار.. ونور النهار تمنح المزيد من القوة والجرأة !!!..قرروا و برفقة رجل الدين زيارة قبر ذلك الرجل الصالح الذي كان يوصف بأنه كان من اولياء الله الصالحين ودخلوا للغرفة التي تحوي القبر ورأوا بأعينهم المسمار المدقوق على قطعة قماش قديمة على الارض قرب القبر !!! وانطلقت فجأة صرخات الضحك الهستيري ..قهقهات ربما سمعها من في القبور حتى!!!..قهقهات ضحك هستيري لا تتوقف!!..ومن الجميع وفيهم من يضع يديه على بطنه من شدة الضحك الهستيري !!!..لقد ضحكت المدينة يومها بشدة..الجميع ضحك..بمن فيهم ذلك الشاب المتحدي الذي كان يرتدي دشداشة ممزقة من الاسفل !!!...اما أنا فلازلت اتذكر الحكاية ورواة الحكاية الماضين واقف عند شخوص الحكاية ولكن بدل الضحك ابكي..!!...واتمنى لو كان بأستطاعتي النسيان...نسيان كل الحكاية.
#عمر_الداوودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سهم الفقراء الحالي...عالي وغالي !!!
-
لاوطنية الوطنية...ووطنية ال لا وطنية !!
-
الظل وظل الظل !!
-
حين تصبح انت القضية....ستضيع القضية!!!
-
الوطن في شواربكم!!
-
فاشل دراسيا....ناجح سياسيا !!
-
الانسلاخ والانسلاخ من الانسلاخ
-
لكل منا ..توباد
-
قلبي...وقلب نظام الحكم!!
-
لازالت الجدران تحفظ بصماتك يا ابي
-
الدولة المقيمة والدولة العقيمة !
-
زينب..زينب؟!...ماذا تعمل الان؟!
-
اليوم رأيت البقرة السعيدة!!! ولهذا انا تعيس اليوم!!!.
-
كفري.... احلام من الباطن
-
ارفع السبابة عاليا ...وكن سعيد وفخورا ايها العراقي
-
مصباح علاء الدين او الحظ وحده.. لاشيء آخر!!
-
كفري مدينة بحجم العالم....كفري في قلبي....اذا العالم في قلبي
...
-
الخلفيات الحضارية وكراسي الخلفيات!!
المزيد.....
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|