أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - ثقافة -إنت مال أهلك- المفقودة-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.













المزيد.....

ثقافة -إنت مال أهلك- المفقودة-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 4303 - 2013 / 12 / 12 - 15:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (48).

للزميل "حازم " الملقب بعاشق للحرية له الكثير من المداخلات التى يصرخ ويلح فيها على الحرية معبراً عن فطرته التواقة لها ,فمن إلحاح "حازم " يخيل لك أن الحرية مفردة جينية تهيمن على وجوده وهى بالفعل شفرة رقىّ الإنسان فلا تطور بدون حرية ليكون نهجها وممارساتها قاطرة الإنسان نحو التطور من البدائية إلى المدنية والتحضر .
الحرية ليست شعارات جميلة ولا ميل نحو الرفاهية والترف ليمارسها المترفون ,فتخلفنا الحضارى والإنسانى نتاج أننا إفتقدنا مفهوم هذه الكلمة السحرية فى مفردات حياتنا ووعينا ,وبإفتقادنا إياها لا تتوسم أى أمل فى الخروج من شرنقة التخلف .
الحرية التى نعنيها هى حرية عقل فى الأساس قادر ان يعبر عن ذاته وإستقلاليته ووجوده وسلوكه وقدرته على الفعل والإبداع والحراك بدون قيد يكبله ,لذا أرى أننا فى حاجة للبحث عن حريتنا المفقودة , ولماذا هى غائبة عن وعى شعوبنا , و لماذا لا تعنينا ,وما سر قبولنا بإنتهاك حريتنا .
علينا ان نخوض بجدية فى البحث عن سبب إختلال جيناتنا الثقافية التى أدت لفقد جين الحرية وإدماننا للإنتهاك ,فالأمور ليست قدرية ولا يكون علاجها بتوصيفها والصراخ ولعن حظنا البائس ,فمن السهولة بمكان أن نصرخ ونولول وننعت أنفسنا بالتخلف لنتحسر على حالنا وليتماهى البعض فى جلد الذات ولكن من الأهمية بمكان الكشف عن فيروس هذه الحالة ووضع أصبعنا على العصب المتوتر الذى يكمن فى داخله هذه الحالة المزمنة من إفتقاد الحرية فى ثقافتنا وحياتنا .

لن أكون مغالياً عندما أقول أن سر إفتقادنا لمفهوم الحرية وعدم إدراكنا إياها وضياع أى حرص عليها يأتى من تسلل مفهوم آية سورة آل عمران " كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} ليضاف لها حديث محمد "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " لتشكل الآية مع الحديث حجر الزاوية الذى يتأسس عليه منظومة إنتهاك حريتنا وكرامتنا .
لا يكون تقييمى لفعل الآية والحديث نتاج حالة فكرية تناهض الموروث الدينى فمن الغباء عداء تاريخ وفكر إنسان قديم إجتهد وأبدع وأخلص لفكرة تحمل تطلعاته ورؤيته ومعارفه ومصالحه ومنها صاغ مجتمعه ونظامه ولكن تأتى إدانتنا من إسقاط الموقف التاريخى والحالة الفكرية والنفسية والسلوكية لإنسان هذا الزمان على واقعنا كثقافة حاضرة تسقط بظلالها الكثيفة على واقع مغاير فتصبغه بنفس صبغة القديم بسلوكه ونهجه ورؤيته الحادة .

تعالوا نتأمل الآية والحديث التى تجد إعتزاز لدى المسلم ككلام يدعو للحث على الفضيلة والبعد عن المنكرات ,فالقراءة المتسرعة العمياء ستصدر هذا المعنى لكن القراءة المتأنية وتأثيرها على الواقع ستدمر الحرية والسلوك الحر فى شخصية الإنسان لتسمح للآخرين بإختراقه فى أموره الحياتية وفرض منظومتهم عليه .
لاحظ قول " تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ " التى نرددها كثيرا ونستحسنها ونعتبرها من الآيات الثريا فى الدين بينما هى تنتهك إنسانيتنا وتصفع أى إنسان يمتلك قسط بسيط من الحرية والكرامة ولكن من يفطن فى ظل مجتمعات أُنتهكت وأدمنت الإنتهاك .. انظر لكلمة "تأمرون بالمعروف" فالمعروف يأتى هنا بالأمر وما تحمله كلمة أمر من معانى تعنى الهيمنة والفرض , فالآمر يفرض أوامره بدون جدال ويمتلك السطوة لتجعل كلامه "أمر" فلا يرده أحد ..فهل يقترب هذا من أى إحترام لحرية الإنسان أم ينتهكه , الغريب إنصراف مبدع النص عن صيغ تعبيرية أقل حدة كقول الدعوة للمعروف أو الحث إليه أو العظة أو جادلهم بالتى هى أحسن ليلقى بهم ويعتنى بالأمر فأنت ستفعل المعروف مأموراً رغماً عن أنفك .
لن تجد من يقف مستنكراً قائلا لا أقبل أن تأمرنى بعمل المعروف فليس هذا من شأنك ,فالمؤسف عدم وجود أى إحساس بما تحمل كلمة " تأمرون "من مهانه وانتهاك ,فهل هذا يرجع لأن جلودنا سميكة أم حجم تاريخ إنتهاكنا كبير أم إستحساننا لكلمة "تأمرون" تعنى أن هناك خلل فى تركيبتنا الشخصية والنفسية!
تأتى كلمة "تنهون" فى نفس السياق الفارض فلا يكون طلب الإبتعاد عن المنكر بالموعظة والإرشاد بل بالنهى وما تحمله الكلمة من معنى قاهر ليأتى الحديث النبوى محدداً الصورة بشكل جلى وفج "من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان " فالمنكر يتغير بالقوة والقهر كأقوى مرتبة من مراتب الإيمان ثم يأتى فى المرتبة الثانية اللسان والذى يعنى الزجر والتوبيخ وإغلاظ القول لينتهى الحال بالقلب أى يحمل المرء ضغينة وإستياء من صاحب المنكر .

ماذا تعنى هذه الصور.. تعنى أن من حق المسلم أن يخترق حرية الآخر بفعل "تأمرون" و"تنهون" و" تغيرون" فلا تسأل عن حرية شخصية تأبى أن يخترقها أو يتطفل عليها أحد ,فالكل معنيون بإختراقك وفرض رؤيتهم عليك ولعل هذا الفيديو الذى شاهدته من عدة أيام يعطى رؤية كيف تؤول الأمور عندما تتفعل "تأمرون" بالمعروف و"تنهون" عن المنكر باليد فى الواقع .
http://www.youtube.com/watch?v=HwEfNMIm3As
الشريط للشيخ صالح الفوزان كبير علماء المؤسسة الدينية بالمملكة السعودية ومن موقعه على اليوتيوب يجيب على سؤال لسائل يسأل عن جواز تهديده لزميل له بالوشاية لرئيسه حتى ينقله من مكان عمله إلى مكان بعيد كونه لا يصلى .. فماذا تتصور رد الشيخ فوزان , فهل تتوقع أن ينهر هذا السائل ويقول له " ما شأنك " أو " إنت مال أهلك " حتى تحشر أنفك فى البحث عن كونه يصلى أم لا , وما الذى خولك أن تؤذيه على فعل ليس لك أن تتدخل فيه , فالصلاة بين الإنسان وربه فيكفيك أن تنصحه وترشده إذا قبل منك هذا , ليجئ رد الشيخ فوزان برفع أسقف الإنتهاك فإعتبر هذا الذى لا يصلى كافر ولا يكفى إضراره بالسعى نحو نقله من عمله بل يجب عزله عن الوظائف كما يجب قتله إذا إستتاب ولم يصلى .!
ماذا تقول عن هذه الشريعة وتلك الثقافة فالصلاة رغم أنف اللى خلفوك وليست علاقة خاصة مع الله حيث الحساب لديه ,ولا هى فعل يتم بحرية لا ينازعك أحد عليه بل أنت مأمور بالصلاة وإلا نلت حظك من إضطهاد ومضايقة وتكفير وما سيصاحبه من إهدار دمك .
أريد التركيز من هذا المشهد على تلك الرخصة التى سمحت لهذا المسلم السائل ليفتش فى سلوك زميله المسلم كونه يصلى أو لا يصلى ,ولا يكتفى بدس أنفه بل يضغط عليه ويهدده بالوشاية إلى رئيسه ليلحق به الأذى فمن أين جاءته الجرأة أن يخترق حرية زميله ويسعى إلى قهره وإرغامه على الصلاة فى شأن ليس له أن يقترب منه فأليس هذا من " تأمرون" بالمعروف و" تنهون" و" تغيرون" المنكر باليد .. ألم تأتى من تلك الثقافة .

مشهد الفيديو الذى إستمعنا له يعطى صورة قاتمة وفجة لواقعنا المخزى نجد حضوره القوى فى مملكة التصحر ومؤسسته الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ولدى أصحاب التيارات الإسلامية السلفية والجهادية والتكفيرية التى تتشوق لهفةً لتطبيق شرع الله والمؤسف أن هذا يتواجد فى كل الشعوب الإسلامية بدرجة أو بأخرى فلا ينعدم كون ثقافة " تأمرون ,وتنهون ,وتغيرون المنكر" متجذرة حاضرة فى الوعى والفكر الإسلامى لتنتج لنا بشر متسلطون ومهترئون لا يجرؤ أحد أن يقول " إنت مال أهلك " فى وجه من يخترق حريته وإنسانيته ,فالكل يسمح للآخرين بإختراقه وفرض تطفلهم ودس أنوفهم فى حياته ليفرضوا رؤيتهم فلا تكون الصلاة والصوم حرية شخصية بل سامحة لكل متطفل أن يدس أنفه فى حرية وسلوك الآخر .

هذا الإقتحام والسطوة التى تنتهك حرية الإنسان بكل صلافة تخلق خوف يتغلغل بين الضلوع ,لأتذكر مشهد من الفترة الجامعية حينما كان يأتى أصدقائى المسلمون يأكلون ويشربون الشاى ويدخنون السجائر فى بيتى بشهر رمضان لتندهش أمى وتقول : هوا إِنت معندكش اصحاب مسلمون يصومون رمضان أبدا! .. فى الحقيقة كان أكثر من نصفهم شيوعيين وبغض النظر عن كونهم شيوعيون أم غير شيوعيين فكلهم كانوا حريصون كل الحرص على إبداء أنهم صائمون أمام ذويهم بل ينكرون بشدة إفطارهم لأستغرب هذا السلوك فأنا لا أصوم الأصوام المقدسة ولا أخجل من إعلان هذا أمام أحد .
هذا الخوف المتغلغل فى الضلوع من سطوة الآخرين على حريتنا جاءت من رخصة " تأمرون , وتنهون ,وتغيرون المنكر" المتغلغلة فى الأعماق سامحة لكل من هب ودب أن يخترق حريتنا وكرامتنا فلا نقول له "إنت مال أهلك" بل نعمل حساب دس أنفه .

ظاهرة دس الآخرين أنوفهم فى حياتنا وفرض سخافاتهم وسطوتهم لا تتوقف على الصلاة والصيام بل تمتد لتمظهرات وسلوكيات كثيرة كلنا نعيشها تتنشط بتصاعد الهوس الدينى ولكنها تتفاوت بالفعل من مجتمع لآخر بل داخل المجتمع ذاته ولكن لا تقل انها تلاشت وإندثرت أو فى سبيلها لزوال فهى فى داخل الجين الثقافى المجتمعى ليمكن لها ان تتوارى وتخبو حيناً لتتحول فى أضعف مستوياتها إلى الفضول السخيف وإحساسك أنك مراقب من خلال تفعيل دفع المنكر بالقلب واللسان .
نحن شعوب لديها فضول غريب تعشق دس أنوفها فى شئون الأخرين لتتبع سلوكياتهم باحثه عن أسرارهم والنبش فيها ويأتى هذا الفضول القمئ بما هو متاح من تفعيل دفع المنكر فقد لا يكون دفع المنكر باليد سانحاً لحدود إمكانياتى وظروفى وإمكانيات الآخر فلأستغل ماهو متاح من رخصة "دفع المنكر باللسان والقلب" لأمارس فضول أخترق به حرية الآخرين ولا مانع من الإدانة التى تبدأ بالتقريع والتأنيب والتوبيخ والتحقير لتتدرج إلى المضايقة متى أتيحت الظروف .. نحن شعوب لا تعرف ثقافة " إنت مالك أهلك ".

لن تجد فى شعوب العالم هذا النهج من المراقبة والتفتيش ودس الأنوف فى أمور شخصية للبشر لتتفرد شعوبنا العربية الإسلامية بهذا النهج فلن تجد من فى الغرب من يسأل عن نوع العلاقة لتلك المرأة التى تسير مع هذا الرجل .. لن تجد من يعتنى بالبحث الدؤوب عن هوية دين وفكر أحد .. لن تجد من يراقب هذا الذى يصلى وذاك الفاطر فى رمضان .. لن تجد من يتلصص ليعرف ماتخفية من خطط ومشاريع .. لن تجد من يبحث عن سر فك خطوبة فتاة من خطيبها ولماذا طلق الرجل الفلانى إمرأته فنحن فقط من نعتنى بهذه الأمور .
نفسر هذه الحالة من ترسيخ " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان" فمنها وبها فتحت المجال لكل إنسان أن يفتش فى أحوال الآخر ليدس أنفه ويقيم سلوكه ويفرض عليه التدخل فى شئونه لتشيع ظاهرة الفضول القمئ التى تكتفى ب" قلبه" و " لسانه" عند أقل مستوى لتتصاعد إلى الصد باليد فى حالة إمتلاك القوة والسطوة وضعف من نقتحم حياتهم .

ليس من حق أحد أن يأمرنا بالمعروف وينهينا عن المنكر .. ليس من حق أحد أن يغير منكرنا بيده طالما لا أضيره بفعلى فهذا إنتهاك لأبسط الحريات الشخصية فلا شأن لك إن كنت أصلى أم لا فهذه ليست قضيتك بل شأنى وحريتى الخاصة التى لا تنال منك لذا من حقى أن أصرخ فى وجهك وأقول لك :" إنت مال أهلك ".
ليس من شأنك أن تتطفل وتسأل عن علاقة حب بينى وبين إمرأة لتأمرنى بالإنصراف عنها , وليس لك أى حق ان تسبنى وتتطاول على بيدك لعلاقتى مع تلك المرأة فهذا إنتهاك يعاقب عليه لدى الشعوب المتحضرة بينما لدينا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر .!

الفزاعة التى ترهبنا وتجعلنا نرضخ لكل من ينتهك حريتنا هو التلاعب على وتر أعصابنا المشدودة ومواريثنا المستبدة فعندما تعلن إستياءك عمن يدس أنفه فى حريتك وحياتك الشخصية وقبل أن تصده بقولك " إنت مال أهلك " سيباغتك بالقول : أنت إذن لا تقبل النهى عن المنكر فهذا يعنى انك لا ترى غضاضة فى ان تقيم اختك علاقة مع شاب بدون أن تنهرها ليتقزم الجميع أمام هذا الحرج الذى يتلاعب على هموم الجنس والشرف ليخجل أمام حرجه فهو لا يستطيع ان يصرح بحريتها , فداخل كل منا طاغية ووصى ومطوع ينهى عن المنكر ليحقق وصايته وقهره وينسى الجميع أن هذه العلاقة ليس لأحد ان يتدخل فيها فهى حياة وحرية رجل وإمراة لا تتم فوق رؤوسهم كما أن النهى عن المنكر لم يحصن ولم يمنع تك العلاقات فى المجتمعات التى تدفع المنكر باليد ,فالموبقات والفواحش تنتشر بها بشكل مسرطن فمن داخل الأسوار المحكمة تنتج منكرات لا تستثنى الشذوذ .

" أنت ترضى ان تقيم اختك علاقة حب مع شاب" تفضح كل من يتشدق بالحرية ليطفو ما فى داخله من منهجية الوصاية والقهر والإستبداد فنتوارى خجلاً ولا نستطيع إستكمال دفاعنا عن الحرية فقد تعرينا أمام منهجية القهر والإستبداد والوصاية الكامنه فى جيناتنا الثقافية .
نحن شعوب اصحاب ثقافة قهر لا تدرك أى مفردة من مفردات الحرية فلا تعتنى بالمقولة الشهيرة أن حريتى تنتهى عند حرية الآخرين ليتعضد القهر وفرض الإرادة على حرية الآخرين منتجة منهج الوصاية الذى هو الوليد الطبيعى للقهر أو قل الجين الثقافى المستنسخ منه ليتولد داخل كل واحد منا إعتقاد بحق الوصاية على الآخر .فأنا لا أحترم حريتك فى أن لا تصلى أو لا تصوم أو ترتدى ما تريد من ملابس لأعاقبك عليه ولتتدرج مستويات العقاب والإدانه وفق كل مجتمع بدءاً من الإساءة والتجريح إلى دفع المنكر باليد .
عندما تجد من يعلن أنه يقبل مبدأ أن حريتى تنتهى عند حرية الآخرين فهو إما مرواغ أو مدعى أو يفهم الأمور بمنظوره ومقاييسه الخاصة بمعنى إفساح المجال لما أحدده أنا من إلتزامات .. نعم لا توجد حرية بلا إلتزام وإلا الفوضى ولكن أى حدود من الإلتزام نتقيد بها ليتفنن إنساننا الشرقى فى كتم أى نسمة حرية بخطوط إلتزام كثيفة لم تترك هامشاً للحرية نتاج صلفه وتعنته وعدم إيمانه بالحرية ,فلم يبقى لك حرية فحياتك كلها إلتزامات .

فى القرن الواحد والعشرين ومع شيوع شعارات الديمقراطية وحرية الفكر والإعتقاد وتعدد الأراء وثورات الربيع العربى والهباب الأزرق لن أقبل من أخى ولا جارى أو صديقى ان يرتد عن دين الإسلام لأطالب بالحجر علي حريته وإقامة الحد عليه ولأمهله إستتابة يرجع فيها للإسلام رغماً عن أنفه وأنف اللى خلفوه وإلا السياف عند باب الغرفة .. لم يجرؤ احد من المثقفين والليبرالين والديمقراطيين المتشدقين بالحريات أن يقولوا و"إنتو مال أهاليكم " كونه يرتد أو لا يرتد بل يطاطأ الجميع الرؤوس من خوف أو من ثقافة حرية عرجاء مشلولة تتلحف فى داخلهم بموروث القهر والوصاية أو قد تكون الحرية لديهم مثل مقاسات الأحذية .

نحن ضحايا ثقافة خلقت فى كل واحد منا مُستبد وطاغية ووصى يتماهى فى قهر الآخرين وفرض وصايته عليهم ليمارس سلوك سادى ومازوخى فى نفس الوقت فالسادية من الرغبة فى التحكم والهيمنه لمن تطوله أيادينا ومن نتلمس منهم ضعفاً .والمازوخية عندما نقبل بأن تدور الدوائر لينالنا قهر ووصاية وإستبداد الآخر فنتقبله ونبلعه بما فيه من مهانه , لذا نحن شعوب سهلة القيادة فيكفى ان تكون قويا لتخترق الآخرين بدون أن تجد ممانعه ,فنحن شعوب تعودت على الإختراق وبالروح والدم نفديك يا مخترقنا وعندما ننصرف عنه نأتى بمخترق آخر يكون أبشع إختراقاً.
سنظل فى شرنقة التخلف طالما نفتقد لأى معنى من معانى الحرية فنُنتهك ولا ندرك أننا مُنتهكون , ونُخترق فلا نفطن لإختراقنا ليصل الحال بنا اننا نستعذب إنتهاكنا ونرى منتهكينا أصحاب حق .. عندما يفقد الإنسان حريته ويسلم قيادته للآخرين كرهاً أو طوعاً فلا يصرخ منادياً بحريته فإعلم هنا انه يحفر قبره كإنسان.

التخلف لا يسقط من السماء بل نتاج فعل ثقافة تطرح تخلف ليكون التخلف والتداعى الإنسانى من طبيعة نهج تفكير وسلوك تجذر فى الأرض ليكون ثماره تخلف , لذا عندما تريد أن تبحث عن سبب تدهور شعب فلتفتش فى ثقافته ومفرداتها الحاضرة التى تكون بمثابة الجين الذى يحمل شفرة سلوكه وحياته .

عندما نستطيع أن نقف بقوة أمام من يخترق حريتنا لنقول له بصوت عال " إنت مال أهلك " ومن جعلك وصياً على سلوكى فحينها يكون هناك أمل التحرر من شرنقة التخلف .. حينما لا نمجد "الآمر" بالمعروف و" الناهى " عن المنكر فهناك سبيل للنجاة .. حينما نكسر من يحشر أنفه فضولاً فى حياتنا وحريتنا ونشل يد من يرى أننا على منكر يريد فخامته ان يغيره بالقوة فهنا نكون قد أدركنا الحرية وكيف ندافع عن حقنا فى الحياة .
لن نرى تحضر ولا إنسانية ولا كرامة طالما نفتقد لثقافة "إنت مال أهلك" .. حينما نستطيع أن نصرخ بقوة وشجاعة لنقول " إنت مال أهلك " فحينها سنعرف طريقنا فى درب التحضر والإنسانية ونودع مجتمع القطيع ومعه القهر والوصاية والإستبداد .

دمتم بخير .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فى المعنى والقيمة والغاية-نحو فهم للوجود والحياة والإنسان.
- قضية للنقاش–الإسلام جانى أم مجنى عليه.
- قضية للنقاش-الإسلام الوسطى أكذوبة أم خالق توازن أم منسق أدوا ...
- سأكتب لكم خطاياكم-الأديان بشرية الفكر والهوى والهوية.
- القبح ليس سلوك شخصى بل ثقافة –الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.
- تنبيط –خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.
- وهم العدالة والرحمة الإلهية-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- شرعنة النفاق والإنتهازية والوصولية والزيف-الدين عندما ينتهك ...
- نحو فهم للوجود والحياة والإنسان-ماهية العقل والفكر.
- إيمان وثقافة مُدمرة–الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (45).
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان–تصحيح مفاهيم مغلوطة.
- هوا مفيش عقل خالص- هوان العقل الدينى(2)
- نحو فهم الوجود والحياة والإنسان بعيداً عن الخرافة- المادة وا ...
- إيمان يحمل فى أحشاءه عوامل تحلله وهدمه-خربشة عقل على جدران ا ...
- هوا مفيش عقل خالص(1)- لماذا نحن متخلفون.
- من دهاليز الموت جاءت الآلهة – لماذا يؤمنون؟
- الحرية والإمتلاك – لماذا نحن متخلفون .
- أتتوسمون أن نكون شعوب متحضرة–لماذا نحن متخلفون .
- فكرة تمددت فأصابها الإرتباك والعبث-خربشة عقل على جدران الخرا ...
- إنهم يفتقدون الدهشة– لماذا نحن متخلفون .


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - ثقافة -إنت مال أهلك- المفقودة-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا.