|
اتفاقاً نووياً يطيح بالجامعة العربية
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4300 - 2013 / 12 / 9 - 01:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مروان صباح / بهدوء نابع من تعقل يبتعد قليلاً عن الضجيج الواقع الآن وبالتالي يتيح للمرء الإبصار من موقع سوء التفاهم لا الفهم بعد ما اُسدلت الستائر وأُسقطت الأقنعة بضربة واحدة لا اثنتين ، حيث بات العمل السياسي الدولي يحاك على الطاولة أمام عدسات الكاميرات دون استئذان أو اخذ خاطر لحليف أو تابع قطيع ، وبقرار أمريكي كان مرتقب ، تعيد إدارة اوباما علاقاتها مع إيران الثورة ، القوة الإقليمية ، لا العالمية ، وبحسابات دقيقة من كلا الطرفين ، تُمَّتَ الصفقة بغاية من الحنكة السياسية وفي ظل تشابك يتسم برعونة وتخبط ، إلا أنه يظهر عمق الخصومة التى ترتفع مؤشرها يومياً ، تارةً تُسجل ضمن اختلاف قومي ، وآخر مذهبي ، لكن ، ما نقلته السجادة الحمراء ، تدلل مدى ارتياح من وقف وفوقها عندما اعادوا إيران إلى الحضن الدولي أو بالأحرى إلى بيت الطاعة الأمريكي ، كارهةً ، دون أي مشاكسة يسجلها الإتحاد الروسي ، والملفت ، ليس فقط الانتباه ، بل ، يرّسم الآن دائرة حول فسحة التقييم عما يجري من تبادل للأدوار التى أعادت إيران ، الجمهورية الإسلامية إلى عام 1957 م عندما أُعلن عن اتفاق بين واشنطن وطهران الشاه ، بخصوص الطاقة الذرية تحت برنامج عُرّف في حينها باسم ايزنهاور ، الذرة من أجل السلام ، حيث قام الشاه محمد رضا بإنشاء أول مركز نووي بقدرة 5 ميغاوط والتى غذتها الولايات المتحدة ليس سواها بيورانيوم عالي التخصيب وألحقتها باتفاق يحقق غايات نووية على امتداد الجغرافيا طولاً وعرضاً من خلال بناء محطات عدة تصل ل 23 محطة نووية مع نهاية عام 2000 م ، لم تكن علاقة إيران قبل اتفاق اليوم أفضل حال في عهد رضا البهلوي مع المربع الغربي المسمى بالحلفاء ، إلا بعد ، الغزو البريطاني الروسي عام 1941 م ، لإيران كاملاً ، والذي وضع حد تقارب الشاه رضا بألمانيا عندما اطاح التدخل بالأب ليتيح للابن محمد رضا ، أمريكي الهوا تولي المنصب بعد نفي والده للخارج ، حيث ، أطلق رصاصة الظهر اتجاه هتلر والانتقال للوقوف بصراحة مع الحلفاء في حربهم العالمية الثانية ، وحتى نهاية الحرب أو بعدها بقليل ظلت الأرض الإيرانية مقسمة بين القوات البريطانية التى تمركزت بالجزء الجنوبي مقابل القوات السوفيتية التى بسطت سيطرتها على شمال البلاد ، كونها دخلت بجيوشها من جبهة القوقاز . اعاد الامام الخميني بعد أن أغلق ابواب المفاعل النووية ، بحجة ، الإسلام يُحرمها ، فتحها تدريجياً ، لكنها شهدت تسارع ونقلات كبيرة بعد غياب الإمام عن المشهد السياسي ، حيث استفادة المؤسسة الإرشادية من سنوات التشابك بين الولايات المتحدة والنظام البعثي في العراق من جهة وأفغانستان والقاعدة من جهة اخرى ، الذي مكنها ايجاد فسحة عريضة في إعادة انتاج القوة العسكرية التى تتمتع بها اليوم مغايراً لما حدث للعرب ، رغم الحصار الخانق ، شهدت المرحلة القصيرة ، تطوير البرنامج النووي بتقنية روسية غامضة النوايا ، لكنها أوفت بالعقود رغم ضخامة الضغوط الدولية التى قادتها الدولة العبرية على وجه الخصوص ، وقد يتقدم سؤال على النحو التالي ، رغم تعتقه ، أليس موافقة إيران ، العودة إلى تخصيب اليورانيوم ب 15 درجة أقل بعد وصولها إلى 20 ميغواط ما هي إلا ، بداية تراجعات يتبعها سلسلة شبيهة من التنازلات ، لكن ، في مواقع أخرى ، الذي عبر عنها التاريخ بعد تسجيله لها عندما قام محمد رضا بحركة براغماتية بنقد تحالفه مع هتلر ألمانيا ، مستبدلاً إياها بعلاقات أكثر وطادةً مع الحلفاء ، مما أدى إلى تغاضي فاضح عن سلوكياته اتجاه الخليج العربي إلى أن وصلت في عام 1971 م ، استيلائه على الجزر الثلاثة للإمارات العربية ، الذي اتاح لإيران اليوم أن تُحّكم قبضتها على دخول وخروج لمضيق هرمز ، دون أن يستفز الولايات المتحدة والغرب ذلك ، تماماً مغايراً ، لما جاء من تعامل ، قاسم ، للعراق عندما تدخل صدام حسين بالكويت عسكرياً وأعلنها تابعة للمحافظة التاسعة عشر ، وفي سياقات الظاهرة الذي انّتجهُ التاريخ من الاستعمارين البريطاني والسوفيتي لإيران ثم الفاصل الذي اتاح للإمبراطورية الأمريكية الصعود بعدئذ ، سعى الغرب على الدوام ضمن تبادل الأقنعة في حفلات تنكرية لا تعرف النوم ، إلى نفخ المربعين وتعزيزهما بنقاط التخاصم عبر قنوات تبدو بالية للمرء ، إلا أن في واقعها ، كما تشير الأحداث المتقطعة ، انها للأسف متأصلة وتتفوق على أي خلاف اخر أو نزاع عند شعوب المنطقة ، ولا تحتاج ، إلا ، كما جاء في التعبير الشعبي المصري ، انكش تولع . عندما قال شيراك الرئيس الفرنسي الأسبق ، أن العالم لن يتأثر بوجود قنبلة إيرانية إضافية على هذا الكوكب ، كانت رسالة واضحة ، ف ، المسألة ليست أكثر من عمليات ترويضية تحتاج إلى فترة زمنية تعيد توجيه البوصلة إلى الاتجاه المحدد ، استطاعت فعلاً ، بعد أن ظنّ الإيرانيون باستيلائهم على العراق ، ضمن تواطؤ عربي قبل أن يكون أمريكي ، الذي كشف بشكل جليّ عن ملامح اتفاق سري توصلت الاطراف في مساء ليلةُ العيد باتخاذ قرار سياسي بتعليق صدام حسين على حبل المشنقة وإقامة نظام طائفي بديل عن الدكتاتوري ، قائم على القتل والتنكيل وسلب الثروات وتغيير التوازن الديمغرافي من خلال دفع المواطنين إلى الهجرة خوفاً من المجهول ، بأن الانقضاض نحو ما تركه الأمريكي من فتات ، سيكون امتلاكه سهلاً ، دون دفع الفاتورة ، بل تبين أنها فاتورة باهظة الاستحقاق يريدها المستعمر . القتال الجاري في سوريا منذ ثلاثة سنوات وبعيداً عن التكلفة المجنونة واقتراباً من استقراء بسيط ، لكنه عصي على الخداع ، حين يتورط المربع الايراني ويملأ الفضاء بصيحات ، من النظام السوري مروراً بحزب الله ، إلى المالكي في المنطقة الخضراء ، زاعمين على لسان الغرب ، أنهم باتوا يعترفوا على استحياء وبشكل واضح في الغرف المغلقة بأن القاعدة كتنظيم مسلح ، يسيطر على اليوميات الثورة السورية ، ويزداد وضوحاً لتلك الإرادة الحقيقية للقاعدة بإنشاء الدولة الاسلامية على غرار ما حصل في العراق مع فارق الامكانيات وتدفق الأفراد نحو معركة يعتبرها المنخرط فيها أنها نصرة للشعب المظلوم ، مقابل اعتقاد انقاذي لمربع المقاومة ، كأن الولايات المتحدة ومن يقف إلى جانبيها ، انقسمت إلى جزأين ، تستوعب كلاهما دون تمييز ، رغم أنها ، لا تُفلّت واقعة دون استنكار ، لخطورة الجماعات التى تتبنى فكر أبن تيمية وتفاقمها ، باستثناء التدخل العسكري لحزب الله ، التى تعامت عنه بقصد كما تعامت عن فتح الحدود المجاورة لجغرافية سوريا ، تماماً حصل ذلك في العراق في ظل التواجد الأمريكي ألاستخباراتي الإيراني عندما تصاعد اسم القاعدة ، ليصبح التنظيم دولة داخل الدولة يقابلها دوليات تقودها مثيلة بالتكوين من احزاب شيعية ، مسلحة هي أخرى ، فيما تنهال الاعترافات من الجانب الأمريكي بضرورة القضاء على ارهاب القاعدة وتبرم الاتفاقيات مع المالكي في وقت تأتي نتائجها عكسية ، كأن كل ما يقال أمام الإعلام من تصريحات يُناقض ما يجرى على الأرض ، حيث بات الموت قضية أكثر من عادي ، والعداّد القتل عاجز عن تقديم ارقام صحيحة . قبول إيران ، الآن توقيع اتفاق بشروط الأمس ، يعنى أمر واحد ، أنها تنازلت عن استحقاقها الإستراتيجي بعد ما تنازل النظام السوري عن قوته التوازنية ، السلاح الكيميائي ، مما يكشف عن حقيقة تحقيق الأهداف الكبرى ، ما هي إلا مناورات السياسية تصب في قنوات قومية بحته ، رغم قدسيتها ، مقابل التمسك بنظام باتت جغرافيته مطاطية ومصيره مجهول ، لهذا ، فضل الجانبين اعتماد اتفاق محدد بفترة زمنية ، تجريبي ، يجرب كل طرف الآخر مدى جديته بتنفيذ بنود الاتفاق ، وعلى تلك الاسس ينتقل الجميع دون العرب إلى اتفاق أشمل ينهي قطيعة دبلوماسية عاشت على مصطلحات متبادلة ، كالاستكبار والشيطان الأكبر ، مقابل الشر وداعم الإرهاب ، وعلى ساحة أخرى ، يراهن الطرف الإيراني للمتغيرات التى يمكن لحزب الله بصحبة كتائب ابو الفضل العباسي احرازها بحسم معركة سوريا ، تماماً ، كما يراهن شريك اليوم عدو البارحة ( الأمريكي ) على استمرار المعارك ، بل ، توسيعها وإحداث انقسامات اعمق بعد ما مهدت الجامعة العربية لذلك من خلال تجميد عضوية النظام السوري دون أن تحرز اسقاطه كما كانت تتوقع الاطراف الراغبة بذلك ، حيث بات يتشكل بهدوء محور عربي اقليمي مضاد للتجمع الخليج اقليمي ، يُبدي بكل صراحة مخاوفه من تفاقم الجماعات المسلحة الاسلامية ، خصوصاً ، داخل الدول التى سقطت انظمتها في السنوات الأربع الأخيرة وتحولت إلى دوائر إستقطابية للفكر الاسلام الجهادي ، تهدد بشكل مباشر أنظمة مترنحة مقطوعة التواصل مع الجماهير ، هذا يقدم باختصار ملامح لتجمعات قد تنشأ في أي لحظة ، يعيد النظر بالجامعة العربية برمتها ، الذي يستدعي في وقت قريب ، وقف قنوات المالية المتدفقة من جهة دون الاخريات ، مازالت قادرة على اسنادها بالوقوف على قدميها المرتكزتيّن لعكاكيز ضربهم السوس منذ زمن بعيد ، لكن ، ينتظر المشهد لأول خلاف جذري يفجرّ المكبوت ، كأنه الإبرة التى تفقأ الدمل لإسقاطها ثم اغلاقها ، حيث ، يُنّجز الخلاف الأخير ، القسمة الكاملة للتجمعات القائمة ويتيح بسلاسة لتلك التى في طور التشكل ، بإعلان استقلاليتها والتبرؤ من جغرافية لم تعد قادرة على تحمل اعبائها وتداعيات كونها أصبحت مياهها الراكدة تُخرجّ ما يفوق من امكانية المعالجة . وهكذا ، للشرق أوسطي أن يهيأ نفسه وعلى التحديد العربي لاقتلاع أخر مسمار في نعشه بعد صبح قادم لا محالة ، فإيران ، باعتراف الغرب قبل العرب ، استطاعت ان تجد لنفسها مكان تحت الشمس الإمبراطورية الأمريكية ، رغم ثورتها المتأخرة عن ثورة العرب بفارق 27 سنة ، لأنها كانت أكثر جدية في استثمار عائداتها للنفط ، وجعلت جميع امكانياتها تصب في قنوات رفع مكانتها اقليمياً الذي اعطها احترام دولي . العربي يقف على مفترق طرق للمرة الأخيرة ، إما اعادة انتاج ذاته من خلال نهضة تشمل جميع الأصعدة وبترتيب سريع لمسألة النووي بعيداً عن الردح والبكاء أو ، لعله ، ينتزع ما تبقى من مبدئية وتعويضها بكامل البراغماتية الخالية من أي مبدئية كي يستطيع التأقلم مع المتغيرات القادمة من تحولات جذرية في المواقف ، حيث سيكون العدو حليف والحليف الطبيعي ، عدو . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اخفاق يشبه سلسلة اخفاقات
-
الطاقة البديلة
-
التعليم المنزوع من التربية
-
دولة الطوق
-
تأطير المثقف بطاقية أخفاء
-
الحقيقة المقلوبة
-
نظام تشليحي
-
المنعطف الأهم
-
الشاهد الوحيد ،،، أُعدم
-
المصالح القادمة بميزان القوة
-
حلاق القرية وسياسي المدينة
-
مقايضة تنتهي بابتلاع التمساح للطيور
-
كي تنجو
-
عصر ... بلا بيت
-
الإمبراطورية الغائبة بالتسمية ... الحاضرة بالأفعال
-
هجرة الفراشات والدرويشيات
-
سوء الفهم
-
ثورة ناقصة
-
المراوحة الثقيلة بين القومية العربية الاسلامية والقومية المص
...
-
عقوق الأبناء بحق ياسر عرفات
المزيد.....
-
كوبا تندد بإعادة واشنطن تفعيل -سجل القيود- وتصفه بـ-الاستفزا
...
-
من القاهرة.. بيان عربي يرفض تهجير الفلسطينيين ويؤكد ضرورة إع
...
-
إستونيا تحذر واشنطن و-الناتو- من خسارة أوكرانيا مكامن المعاد
...
-
السودان.. عشرات القتلى والجرحى إثر قصف لبعض الأحياء وسوق صاب
...
-
وفاة الرئيس الألماني الأسبق هورست كولر: أول رئيس ألماني دون
...
-
تسليم الرهينتين بيباس وكالديرون للجيش الإسرائيلي
-
الرهينة ياردين بيباس يعانق عائلته بعد 484 يوما في الأسر
-
الجفاف يدق ناقوس الخطر في لبنان. بحيرة القرعون في مشهد مخيف
...
-
الملف الفلسطيني والتهجير على طاولة -السداسية العربية- في الق
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونتسك
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|