عبد السلام الزغيبي
الحوار المتمدن-العدد: 4298 - 2013 / 12 / 7 - 00:58
المحور:
الادب والفن
العودة للكانون في شتاء أثينا التقشف..
أستيقظت مبكرا على غير العادة، في ذلك الصباح الشتوي البارد.
لم أدر لم أستيقظت مبكرا، ولم أعرف ماذا علي أن أفعل، قلت أذهب الى المكتب، ليس لدي شيء أفعله هنا في البيت، وصلت المكتب.. جلست على الكرسي أمام جهاز الكمبيوتر، شيئا فشيئا، بدأت أشعر بالبرد، ريح باردة تتسرب من كل مكان، سرت في الممر، فكرت أن أخرج للشرفة، لكن برد الشتاء القارس منعني.. رجعت للكرسي، أسمع ضربات أقدام تقترب من باب شقة المكتب، توقفت أمام الباب مباشرة، ومن تحت الباب دست فاتورة خدمات العمارة، من تشغيل الاسانسير وأضاءة سلالم العمارة، وتنظيفها وغيرها، حساب الخدمات كان قليلا مقارنة بالسنوات السابقة، بعد حذف تكلفة وقود التدفئة ، تيقنت أن ليس هناك تدفئة في العمارة للعام التالي على التوالي وليدبر كل ساكن أمر نفسه!!.
انها الأزمة الاقتصادية التي ضربت اليونان، وقللت من الرواتب والاجور وبالتالي الاستغناء عن اشياء كثيرة حتى الضرورية منها، وأضطرت المواطنين الى أستخدام الاخشاب والحطب، من أجل التدفئة، وذلك لأن سعر وقود التدفئة تضاعف في غضون عامين
ماذا افعل الان أمام هذا البرد القارس الذي يتسلل الى اطراف الاصابع يجمدها؟
أصبحت الان أبحث عن الدفء لا شيء أخر..
بدأت الان افكر بطريقة ايجابية والتفكير بالدفء اكثر من الاستسلام للبرد.
وأنا على هذا الحال، بدأت تقفز الى مخيلتي صورا قديمة، ترجع بي الى الايام الماضية، الى سنوات الطفولة .. سنوات حية واضحة دافئة، تجتمع فيها الاسرة الليبية حول كانون النار الذي يُصنع من الطين أو من الحديد وله عدة أرجل ، يوضع فيه الفحم وعندما يتحول إلى جمر يتم إدخاله إلى داخل البيت حيث يجتمع حوله أفراد الأسرة ليشعروا بشيء من الدفء..
الكانون كان وسيلة التدفئة الوحيدة في الشتاءات القارسة يومها، وكان يعني اللمة والهدرزة مع حكايات الجدات والامهات وطاسة الشاهي بالنعناع واللوز والكاكاوية والقسطل..
كان الناس في ليبيا، يتأقلمون معه ولا يجدون بأساً في استخدامه.. أما اليوم وبعد كل هذا التطور والتكنولوجيا ثمة إشكالات في استخدامه، لكن عندما تنتفي كل سبل التدفئة التي كانت متاحة قبل الأزمة التي تضرب اليونان الان ، لابد للإنسان أن يتأقلم مع الواقع الجديد، يشتري دفاية تعمل بالغاز، بالحطب، المهم أن تشعر الأسرة بالدفء وخاصة الأطفال الصغار..
هل نرجع الى أستخدام الكانون في شتاء أثينا القارس، شتاء أثينا التقشف.. ربما ليس لنا من وسيلة اخرى..
#عبد_السلام_الزغيبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟