|
أيها الساسة تبرعوا بخمس حراسكم لحماية أطباء و علماء البلاد
أحمد عبدالعال الصكبان
الحوار المتمدن-العدد: 1224 - 2005 / 6 / 10 - 09:17
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
من يحمي ثروات العراق البشرية من الموت المجاني ؟ أيها الساسة: تبرعوا بخمس حراسكم لحماية أطباء و علماء البلاد نريد تكريم الأطباء في حياتهم و ليس بعد استشهادهم
لا أريد التعرض هنا للإنفاق الضخم على مقار و مساكن المسئولين بالعراق فالأمر شرحه يطول، و لا حتى على حراسة بعضهم المبالغ فيها فكلنا يعلم استهداف الكثيرين منهم،و لكن أزعجني للغاية أن اقرأ مؤخرا تقريرا عن الهجرة المتوالية للكوادر المتخصصة بالبلاد من أطباء و أكاديميين و علماء بسبب الأوضاع الأمنية و استهدافهم بعمليات خطف أو قتل لمجرد أنهم يقومون بواجبهم في عملية إعادة إعمار العراق وبلا تفريق على أساس طائفتهم أو مذهبهم، و عجبت أنه رغم جدية المخاطر التي يتعرض لها هؤلاء و كثير منهم غير منتم لحزب أو حركة ما فإنني لم أجد في الخطة الأمنية المعلنة من قبل حكومة السيد الجعفري أي برنامج عمل واضح لحماية هؤلاء باعتبارهم ضمير الأمة و ساعدها للتنمية، فمنهم الجامعي الذي ربما قضى عشرات الأعوام منكبا على تخصصه و منهم من استمر في دوره حتى في زمن الحصار الاقتصادي و واصل مهامه دون تململ، و منهم الطبيب الذي يفترض أن يمارس عمله في ظروف طبيعية و هو غير مستشعر بخطر على حياته و حياة ذويه لكي يداوي المريض و الجريح،و المهندس الذي يُتوقع أن يحظى بأمان و صفاء ذهن ليخطط و يبني ما بوسعه ليصب في مشروع العراق الجديد الخارج من حروب و متاهات.
لقد أزعجني أيضا أن الأوضاع الأمنية بالبلاد جعلت منظمة عالمية مثل "أطباء بلا حدود" توقف نشاطها في العراق في العام الماضي، و ذكرت في تقريرها حجم المخاطر التي تواجه العاملين في مجال الصحة بالعراق و استهداف مقار عملهم أو استهدافهم شخصيا من الجماعات الإرهابية التي يعز عليها أن تقوم بتفجير فينجو منه جريح و يُداوى على يد الأطباء و العاملين بالحقل الصحي، و لكن رغم فرار الأطباء الأجانب و بالطبع حرمان العراق من التفاعل الذي كان يتم بين خبراتهم و الأطباء المحليين فإن أحدا من المسئولين لم يعلق على الأمر،و لا طالب بحماية لأطباء العراق مثلاً و كأنهم استراحوا من العبء النفسي لوجود أطباء أجانب بالبلاد و احتمال استهدافهم،لكن أطباء العراق فلهم الله . و وصل الاستهانة بأهمية و سمو مهنة الطب بالعراق إلى أن شن ً بعض منتسبي الحرس الوطني هجوما يوم 2005-03-02 بالقول و الفعل على مستشفى اليرموك وسط بغداد ،"و انهالوا بالضرب والشتم على الأطباء و العاملين به خلال انهماكهم في عملية إنقاذ المصابين جراء انفجار إرهابي ببغداد و قام المعتدون بتجميع الأطباء وانهالوا عليهم بالضرب المبرح والسب والشتم إضافة إلى استخدامهم للعصي الكهربائي وسط دهشة وذهول الجميع مما حدا بأحد الأطباء إلى أن يفقد أعصابه ويصرخ بوجه الضابط في الحرس الوطني أن مراجلكم لا تستعرضوها علينا نحن المجاهدين في الجانب الصحي بل اخرجوا مراجلكم على من يقوم بهذه الأعمال التفجيرية واستعرضوا قوتكم أمامهم " و لست أعلم للآن هل اعتذرت قياده الحرس الوطني عن هذا التصرف أم لا.
و قد نشرت نيويورك تايمز نهاية آيار الماضي تقريرا يقول أن أفضل أطباء العراق يفرون من المستشفيات ويهاجرون إلى الخارج خوفا من القتل و أن خاطفين "أعطوا طبيبة مسدسا وطلبوا منها قتل سائقها وهددوها بقطع يدها وإرسالها مع جثته إلى ابنها" و أن رسائل مجهولة المصدر وصلت للمستشفى الرئيسي لأمراض القلب في بغداد أواخر نيسان الماضي تهدد كبار أطباء المستشفى وتحذرهم بوجوب ترك وظائفهم في الحال. و لأن أحدا لم يبادر لطمأنة الأطباء و توفير حماية كافية لهم و حتى لأسر المهددين بالخطف و المساومة على أرواحهم أو استمرارهم في عملهم النبيل، فحدث ما كان طبيعياً، إذ توقف أربعة من كبار جراحي المستشفى عن الذهاب إلى العمل. بالإضافة ستة من كبار أطباء القلب، وبعضهم غادر البلاد.
و قد قتل مدير مستشفى في 17 آيار الماضي و هو بطريقه للعمل، وخلال العام الماضي غادر أو أرغم على مغادرة العمل حوالي 10 في المائة من إجمالي قوة العمل الطبية في بغداد البالغة 32 ألفا من الأطباء المسجلين، وفقا لمعلومات الجمعية الطبية العراقية.
و الأمر لا يقتصر على معاناة الأطباء فقط في العاصمة بغداد،بل و حتى في مدينة كالبصرة - الهادئة مقارنة بمدن أخرى بالعراق، لم ينج الأطباء و أساتذة الجامعات من القتل المجاني، فقد قتل مثلا عميد كلية الصيدلة السابق الدكتور محمد حسن الحكيم، وعميد كلية الهندسة وآخرون. و ذكر تقرير إخباري أن المدينة تشهد "باستمرار اغتيالات تستهدف الكوادر العلمية المتخصصة، خصوصا الأطباء وأساتذة الجامعات، وسـُجلت عدة حالات اغتيال دفعت بالعديد من الأطباء إلى الهجرة أو التوجّـه صوب كردستان العراق، أو إلى خارج البلاد".
لقد أسعدنا ما أعلن عنه مؤخرا الأخ وزير التعليم من خطة لاستقدام الأساتذة العراقيين من الخارج ومضاعفة الرواتب الموجودين حاليا بالبلاد، و رغم مضاعفة حدود الراتب الهزيل للأستاذ الجامعي ( 130-550 دولار ) فإن هذه الفئة بانتظار المزيد من التمكين المادي و الأمان الفعلي لتنهض بواجباتها و تحصل على ما تريد من مصادر و مراجع غالبها مكلف،كما أن وزارة التعليم العالي لن تستطيع أن توفر بنفسها الحماية اللازمة لأعضاء هيئات تدريسها، و كان من بابا أولى أن تعلن وزارة الداخلية العراقية من تلقاء نفسها توفير طاقم حراسة خاص لهؤلاء..باعتبار أن الوزارات تتعاون فيما بينها و لا تنتظر تكليفا أو طلبا رسميا لذلك.
إننا نتوقع أن تسارع الجهات المسئولة عن الوضع الأمني بالعراق لبحث هذه المشكلة الخطيرة المتمثلة في الاستهداف المنتظم للكوادر العلمية و المهنية و التي لا ننكر أنه بدأ منذ سقوط النظام،بالطبع سعدنا بالقرار الذي صدر باعتبار كل طبيب يستهدف و يتقل على يد الإرهابيين أو عصابات الخطف و السطو شهيدا، لكن أليس هناك حل آخر لحماية الأطباء بدلا من تكريمهم بعد استشهادهم؟ و ربما لا نمازح إذا طالبنا كل مسئول بالحكومة بالاستغناء عن 20% من حراسه - و لا أقول ميليشيات أحزابكم - لحماية مستشفى أو معمل أو جامعة، فمن يسكن هذه الأماكن ثروة بشرية لا تقتصر على عمر حكومة أو دورة تشريعية، إنهم باقون لخدمة العراق و نذروا أنفسهم لهذا الغرض و ليست أرواحهم بأقل أهمية من أرواح بعض الساسة المتنافسين على الكراسي و المناصب و نسوا أن هناك دم لازال يراق بالبلاد.
#أحمد_عبدالعال_الصكبان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عندما تطالب المرأة العراقية بالحق في ضربها !
-
هدايا مستشار وزارة الكهرباء للزرقاوي
المزيد.....
-
بعد سنوات من الانتظار: النمو السكاني يصل إلى 45.4 مليون نس
...
-
مؤتمر الريف في الجزائر يغضب المغاربة لاستضافته ناشطين يدعون
...
-
مقاطعة صحيفة هآرتس: صراع الإعلام المستقل مع الحكومة الإسرائي
...
-
تقارير: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله بات وشيكا
-
ليبيا.. مجلس النواب يقر لرئيسه رسميا صفة القائد الأعلى للجيش
...
-
الولايات المتحدة في ورطة بعد -أوريشنيك-
-
القناة 14 الإسرائيلية حول اتفاق محتمل لوقف النار في لبنان: إ
...
-
-سكاي نيوز-: بريطانيا قلقة على مصير مرتزقها الذي تم القبض عل
...
-
أردوغان: الحلقة تضيق حول نتنياهو وعصابته
-
القائد العام للقوات الأوكرانية يبلغ عن الوضع الصعب لقواته في
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|