أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (5)















المزيد.....


في علم الاجتماع القبلي (5)


وديع العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 4296 - 2013 / 12 / 5 - 17:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وديع العبيدي
في علم الاجتماع القبلي (5)
النظم العلائقية ومبادئها..
أمام افتقاد المكان والعائلة، وتراجع العلاقة بالأم والحاضنة الاجتماعية، ما هو منظور العلاقات الاجتماعية وفي مقدمتها علاقة الصداقة؟..
تنبع العلاقة من واقع الحاجة، والأخيرة تتحدد بوجود طرفين: سلبي وموجب، طرف محتاج مستلم وطرف مانح. وعلى مدى التاريخ القديم جدا، شكلت الطبيعة الطرف الواهب المانح لكلّ طفيليات الوجود. ولكن مع تنامي وعي الانسان واستخدام عقله ويديه [كانت بداية ذلك في الحيوانات العلبا ومنها القردة] بدأت مرحلة جديدة من التاريخ تشهد دأب الانسان السيطرة على الطبيعة وظواهرها والتحكم بها وتسخيرها لإرادته، والتي ما نزال في فضائها، مع كلّ التهديد الناتج عن تمادي الانسان في التجاوز على الطبيعة بشكل يصعب معه التنبؤ بالمخاطر الناتجة عن ذلك ومدى امكانية السيطرة عليها.
تدجين الحيوانات واستزراع الحبوب واستخدام النار للطبخ والتدفئة وحرق الفضلات مثل الخطوات الأولى لامبراطورية الانسان والعتبة الأولى للتحضر والعلاقة بالمكان. ولادة المكان الحضري قدم بديلا للطبيعة كحاضنة رئيسية أولية للكائنات الحية على الأرض ومنها البشر. ترتب على المكان الجديد وجود مجموعة/ مجموعات من البشر في مكان واحد، يشتركون في عدد من الأنشطة للمحافظة على المكان واستمرارهم فيه.
العلاقات المادية تبدو هنا هي القاعدة والمبتدأ في علاقة الانسان بأخيه الانسان. فقيام الأفراد بأعمال مشتركة أو متداخلة، يترتب عليها نوع آخر من علاقات انسانية تلعب فيها الأفكار والمشاعر دورا يتجاوز مجرد علاقات العمل والانتاج الاساسية.
اذا كانت علاقات العمل محكومة بظرفها وطبيعتها القابلة للتغير والحركة، فأن العلاقات الانسانية المستندة على التماثلات والتكاملات النفسية والفكرية والتقاريات الشعورية أوفر حظا في الدوام والاستمرار.
وكما شكلت علاقات العمل قاعدة طيبة لعلاقات انسانية حميمة، فأن الأخيرة يمكن أن تقدم قاعدة مناسبة لمشاريع اقتصادية أو اجتماعية مشتركة، ولكن ليس بالضرورة والشرطية.
يمكن اعتبار عنصر الجيرة (السكن المتقارب في المكان الواحد) عاملا آخر تقوم عليه علاقات (جوار) قد تتطور إلى علاقات شخصية أكثر قوة وتوافقا.
إذن، العمل المشترك أو المكان المشترك وما يترتب عليهما، هو المنشأ الأساس لمعظم العلاقات الاجتماعية، أفرادا أو جماعات. – يوفر الانترنت فرصة أخرى لتعارف البشر عبر [facebook, twitter, chatting] للتسلية وتزجية الفراغ، هو أقرب لفكرة المقهى أو الكافيه الأثيري-. وفي الاقتصاديات الحديثة ثمة اتجاه متنامٍ لاختزال المكان وتوفير المصروفات الرأسمالية (الثابتة) دون أن يؤثر على سيرورة العمل أو عوائده. هذه الثيمة الاقتصادية انعكست في الجانب الاجتماعي وتزجية الفراغ، دون مغادرة جدران الحجرة.
لدى المطابقة بين الواقع التكنولوجي المادي وواقع حياة البداوة، نفتقد أبرز عنصرين: المكان، العمل.
فالبداوة هي نقيض الاستقرار في المكان، والبدوي يحتقر العمل. وبالتالي، لا يمكن تصور قاعدة حقيقة سليمة لعلاقات اجتماعية داخل جماعة البدو.
قد يسأل البعض عن طبيعة الرابطة القوية التي تجعل الجماعة البدوية تغزو وتقتل وتسلب دون تخلف أحد عناصرها أو تخاذله أو انقلابه على جماعته. وهل يعكس ذلك نوعا من علاقة يمكن أن تترتب عليها علاقة انسانية أو شخصية متكافئة؟..
العنف هو محور مركزي للجماعة البدوية، وكلّ متعلقات الحياة البدوية وقيمها تنطلق وتتمحور حول العنف. كيف يكون العنف أساس العلاقة؟
العنف حاضنة رئيسة للخوف، والخوف أساس ارتباط تبعي قهري، هو صورة تلك العلاقة.
وماذا وراء الخوف والعنف؟..
وراء الخوف والعنف.. العبودية!..
فالفرد داخل جماعة البدو مقهور على الطاعة والخضوع والانقياد وتنفيذ الأوامر والتعليمات وعدم المجادلة أو الاعتراض أو الاعتذار أو التخاذل، أو التحريض بالضدّ. انه مقهور على كبت مشاعره وخلجاته وأفكاره وقلقه وألمه وخوفه وحبه وكرهه إن خالفا هوى الجماعة. فلا وجود للخصوصية، ولا خروج على الاجماع. (فكرة اجماع اهل السنة والجماعة أو اجماع المشايخ والمراجع، هي جزء من صور البداوة إلى جانب جملة القواعد والأحكام الاجتماعية المطبوعة بالدين).
لا توجد عند البدو محاكم ولا قضاة ولا مجالس نقض. زعيم الجماعة هو الحاكم الأوحد في اتخاذ القرار وحسب لحظته، وفي لحظة يمكن للضحية فقدان حياته أو جزء من جسده، أو الحصول على عفو مشروط.
لذلك يفضل بعضهم الموت في الغزو على قتله غيلة أو بتهمة الخيانة أو التخاذل. وكما سبق القول، لا قبل للقبيلة باحتمال المرضى والضعفاء.
احد خصائص العلاقة الشخصية هو السريّة وصيانة الأسرار..
ولا وجود للسريّة والخصوصية والفردية في الحياة القبلية.. هناك حيث لا توجد بيوت، كذلك لا توجد أبواب.. ولا حراس.. فالحياة والبيوت والقلوب كلّها مفتوحة.. ولا يسمح لأحد صيانة سرّ، والا اعتبر خائنا أو متربّصا بالجماعة.
ومن آثار البداوة وانعكاساتها في حياتنا، عدم اغلاق أبواب البيوت حتى الليل ما قبل السبعينيات، وطابع العلاقات الجماعية المفتوحة، والطابع المشاعي في تداول الأدوات وتبادل الخدمات الاجتماعية. الناس يتبادلون الزيارة في أي وقت، وتدخل جماعة على جماعة دون استئذان أو مراعاة للخصوصيات.
الجماعية والمشاعية تتعدى الأشياء والأشخاص والعلاقات إلى واقع القيم والأخلاق التي لا تخرج عن المنظور الستراتيجي الجمعي للقبيلة. فالاخلاص والوفاء والصدق والشجاعة والايثار والحبّ والولاء تبقى رهينة بإطارها الجمعي للقبيلة، ولا مكان للفرد والشخصية الفردية في بحر ذلك.
هنا يظهر مفهوم الوشاية، عندما يقع أحدما ضحية علاقة شخصية مع أحدهم، ويكتشف أن صديقه المزعوم وشى به لدى جماعته، ليس باعتباره خائنا، وانما بحكم كون ولائه لجماعته أقوى من علاقته بشخص. تراتبية الولاءات وأثرها السلبي على العلاقات الاجتماعية والشخصية، قليلا ما تخطر على البال، ولكنها مسئولة عن كثير من الخراب الاجتماعي الذي يبلط المجتمعات الشرق أوسطية.
ومن انعكاساتها كذلك استمرار ولاية الفتاة لعائلتها أو قبيلتها بعد الزواج، مما يبرر لها التفريط بحياة زوجها وخصوصياته مع عائلته خدمة لأحد أخوتها وأقاربها. الأمر الذي جعل صورة الزواج مجرد صفقة تجارية أو ثأرا قبليا، بحيث تستمر أجواء الكراهة والمنافسة والغدر بين العائلتين. ولا يكاد الانسجام والمحبة تجد لها مكانا بين أطراف الزواج، بشكل أشاع أمنية مستحيلة أن يتزوج المرء فتاة (مقطوعة) مات عنها أهلها حتى ينجو الزواج من التجسس والتدخل في حياته.
في تقاليد البداوة لا توجد صداقة أو علاقة شخصية تربط بين اثنين، لا داخل العائلة ولا داخل القبيلة. ولذلك لا توجد قيمة للانسان الفرد في ذاته وانما مدى خدمته للقبيلة وولائه لها. فالمرأة تطلق في لحظة، والرجل يقتل أو يطرد خارج القبيلة لمجرد سوء ظن أو وشاية، أو رفض تنفيذه الأوامر.
ولا تزال آثار وانعكاسات كثير من تلك القيم تحرث في حياتنا المعاصرة، وتتحكم بها. ومن هذا المنظور ينبغي النظر للاسلام السياسي والسلفية والجماعات الجهادية في خطابها وسلوكها، كاستعادة لقيم وطرز بدائية بدوية بائدة.
ان الصداقة والعلاقات الاجتماعية قيم فردية، ارتبطت بالتطور المدني والثقافي العام، مما لا مكان له في ظاهرة البداوة. رغم أن أقدم نص شعري مدون، يشيد بالصداقة الانسانية كقيمة عليا.. غير بعيد عن موطن البداوة، صداقة جلجامش وأنكيدو في أور السومرية.



#وديع_العبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في علم الاجتماع القبلي (4)
- في علم الاجتماع القبلي (3)
- في علم الاجتماع القبلي (2)
- في علم الاجتماع القبلي (1)
- مصر ونظرية الأمن القومي الستراتيجي
- أوراق شخصية (5)
- هل الدمقراطية كلمة عربية؟!..
- أوراق شخصية (4)
- الدين (و) الاستعمار
- أوراق شخصية (3)
- أوراق شخصية (2)
- مصر (و) أمريكا.. من يحتاج من؟..
- أوراق شخصية
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (5)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (4)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (3)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (2)
- اسألوا الشعب ماذا يريد: اشتراكية.. أم دمقراطية – (1)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (3)
- الدمقراطية الشعبية.. والدمقراطية الشكلية (2)


المزيد.....




- ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
- تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
- نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
- شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي ...
- مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
- صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
- اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من ...
- السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال ...
- دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو) ...
- واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - وديع العبيدي - في علم الاجتماع القبلي (5)