أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أماني فؤاد - حكومة بلا خيال














المزيد.....

حكومة بلا خيال


أماني فؤاد

الحوار المتمدن-العدد: 4294 - 2013 / 12 / 3 - 01:57
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


حكومة بلا خيال
د. أماني فؤاد

يمارس العقل البشري علاقة الاختلاف مع الواقع بالخيال ، وبالخيال المستند علي الابتكار والإبداع يجدد ويطور الإنسان الواقع المحبط الذي يرفضه ، فهو يحرر الثقافة السائدة ولا يجعلها تكرر نفسها ، او تماثل الماضي المستمر بقوة وسطوة الاعتياد والجاهزية في الحاضر.
لم تعد الممارسات السلطوية الماضوية ، غير المستندة علي رؤية واسعة ، وحيوية خلاقة ، ملائمة للسياق الجديد الذي تعيشه مصر الأن في ظل مناخ ثوري ، وأوضاع ثقافية اقتصادية غاية في التدني ، و يتطلب هذا من أية سلطة تتولي أمور البلاد أن تنجو بنا من التكرار التقليدي الذي اكتوي به الشعب في العقود الكثيرة الماضية ، وتهرب من الموروث المنجز والمكرس له من سلطات سابقة ، اختلفت مسامياتها لكن لم تختلف مماراساتها القمعية والانتهازية ، فخرج عليها المصريون منددين ورافضين .
حتي هذه اللحظة لم تأت علي رأس السلطة حكومة تمتلك رؤية للمستقبل ، لديها منهج موضوعي ومدروس ، غير تقليدي ، قادر علي التفاعل مع اللحظة السياسية الحرجة ، وشغل المصريين بقضاياهم الحقيقية المتعلقة بالبناء والعمل ، ورسم خريطة مستقبل تهب أملا .
هناك كثير من الظواهر سأشير إلي بعضها في هذا المقال ، وجميعها تدلل علي أن البلاد تتولى أمورها حكومة بلا وعي سياسي ناضج ، غير مستوعب لمحددات المشهد المختلفة ، كما أنها تفتقد الحنكة والتمرس السياسي ؛ لاستيعاب القوي الموجودة بالشارع المصري :
ــ يتبدي أول مظاهر فشل الحكومة في أن يبقي القضاء مسيسا ، وأن تخرج عنه أحكام مثل حكم فتيات الإخوان المتظاهرات ، بمثل هذا التشدد ، لبنات لم تتعد أعمارهن العشرين عاما ، وفي ظل هذا السياق المحتقن الذي تعيشه البلاد .
ــ ظهور قانون التظاهر بهذه المواد ، والذي كان الغرض الرئيسي منه في هذا التوقيت الحد من مظاهرات الجماعة والمتعاطفين معها ، ثم رفض الحكومة طرحه للتعديل رغم الانتقادات التي وجهت له ، ورغم أنه يحتوي عوارا واضحا ، فهو لا يتعرض في أي من بنوده لشكل الجزاء الذي ينبغي أن يقع علي المؤسسة الأمنية لو أنها تجاوزت في حق المتظاهرين ، أو ألحقت بأي منهم ضررا ، كما أنه لا يقيد رد فعل الشرطة و ضرورة تناسبه مع ممارسات المتظاهرين ، دون مغالاة في إجراءات الفض ، كما أن اشتراط الحصول علي أذن من القضاء حال رفض الشرطة لإخطار التظاهرة يُقلم حق المواطن في التعبير عن رفضه ، بل ويجعل الأمر عبثيا ، فهو حق قد أُعطي بيد وحجب باليد الأخري .
ورغم أني أشجع صدور قانون ينظم حق المواطن في التظاهر إلا أنني أراه بحاجة إلي مراجعته وتعديل مواده ، ولو أن هناك حنكة سياسية وتشريعية لأجلت الحكومة ظهور هذا القانون لحين وجود مجلس النواب المنوط به التشريع ، فالإخوان لن يلتزموا به الأن أو لاحقا ؛ لعدم اعترافهم بالسلطة التي أخرجته ، كما أن التوقيت الذي ظهر فيه القانون جمع دون قصد بين الإخوان وقوي ضد الانقلاب مثل "حركة 6 أبريل" الفوضوية ، وهو مالا يجب أن يحدث في هذه اللحظة ، لو أن هناك فطنة إدارة الأزمات .
ــ يتبدي فشل الحكومة أيضا في أحد تجلياته في التقصير عن احتواء طلبة الجامعات بمشروع فكري ثقافي ، يشرح الموقف السياسي المصري ، ويطرح بدائل رؤيوية للمتشددين منهم ، خاصة وأن الجميع يعرف أن تلك القوة لايمكن ضبطها لمقتضيات السن واندفاعاته ، كما أنها غير مقيدة بضغوط العمل والالتزامات الأسرية ، لذا تعد قوي قابلة للاشتعال السريع .
ــ تدلل أحداث جامعة القاهرة يوم 28 نوفمبر، والتي راح ضحيتها طالب الهندسة الذي لا ينتمي لأي تنظيم سياسي ، علي حالة من الفوضي والسيولة في التنسيق بين أداءات مؤسسات الدولة ، رغم وجود الأمن أثناء الواقعة ، لو أننا حللنا هذا المشهد لوجدنا أنه لم تزل هناك استباحة لحرمة الدم ، كما تظل فزاعة الطرف الثالث الخارج عن السيطرة الأمنية ، وعدم تحديد هويته ، كما تستمر بعض الممارسات العنيفة للشرطة في فض هذه التظاهرات ، وهو ما سيعيد أزمة الثقة مابين الشعب والمؤسسة الأمنية مرة أخري ، بل ويضع علامات استفهام حول أداء ونزاهة الأمن حيال إراقة الدم .
لو أن هناك خيال لحكومة تشكلت بعد ثورة ومدها التصحيحي ، لشغلت الشباب لا بقوانين وأحكام ترسخ لاستمرار ما خرجوا في ثورتهم لرفضه من فقد الحرية والعدل والكرامة ، بل دمجتهم في مشاريع كبيرة ، توظف فيها طاقاتهم ، وتدر عائد علي الاقتصاد المصري الذي ينهار ، لأوجدت أو فعَّلت علي سبيل المثال : مشروع لاكتفاء الذاتي من القمح ، أو مشروع تنمية محور قناة السويس بطريقة الاكتتاب ، للتغلب علي أزمات التمويل وقلة الموارد .
لو أن هناك منهجا لمكَّنت الشباب من كوادر الصفوف الثانية ، في كل المؤسسات والمناصب ؛ لتكسبهم الخبرات التي يحتاجون إليها ، كما تستفيد من رؤاهم الجديدة والثورية ، لو توفر الخيال والدراسة لوجهت لمشروع تعليمي ثقافي ، يقضي علي الأمية والعشوائيات ، ويوفر المشروعات الصغيرة التي تحرك الركود الاقتصادي ، و تشجع التصنيع بصفة خاصة .
الإبداع في السياسة كما الفن ، مُنقذ للحكومات القادمة من الوقوع في شرك التكرار والتكريس للدولة القديمة ، بعناصرها التي لم تعد مقبولة ، ولا رؤاها التي لم تعد تُناسب السياق الاجتماعي الثوري الذي تحياه البلاد .



#أماني_فؤاد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقعد لا يمتلئ .. -قصيدة نثر-
- يبقي لنا من -ابن خلدون- فعل المجاوزة ..
- الغربة والنفط وتقنية المتوازيات في نص -العُرس- للروائي -فتحي ...
- قراءة لكتاب - الرؤية والعبارة مدخل لفهم الشعر - للشاعر عبد ا ...
- المريد المتصوف ينشد قصصه .. دراسة لمجموعة -عبد الحكيم قاسم- ...
- منطق التاريخ وسردية - تلك الأيام - للروائي فتحي غانم
- سرد دائري وصرخة ضد القهر وغياب العدالة في رواية -وحيد الطويل ...
- -في العائدون إلي الأرض -الموت حياة قراءة نقدية لخواطر د. سام ...
- قراءة لكتاب - النقد الأدبي بين القديم والحديث -
- في أقل من دقيقة.. -قصة قصيرة -
- بنية الانفصالات في سردية -قسمة الغرماء -للروائي يوسف القعيد
- تداخل النصوص في القصيدة المعاصرة ..ديوان -الشاعر والشيخ - لل ...
- شعرية الأشياء في ديوان -الفجوة في شكلها الأخير- للشاعر عاطف ...
- ثورة مصر .. رؤية يسارية لثورة 25 يناير يقدمها - سمير أمين -
- -المنطقة العمياء- سرد نسوي متحرر -مجموعة قصصية- للقصاصة أسما ...
- التوازي والتداخل في سردية -ترابها زعفران- للروائي إدوار الخر ...
- أنا ..أنت ..وهو ..مناورة الضمائر في سردية -الأنثي في مناورة ...
- التقنيات السردية المتجاورة في رواية -حرمتان ومحرم- للروائي - ...
- تكسر الدلالات اليقينية في ديوان - هو تقريبا متأكد - للشاعر أ ...
- الرؤية والتشكيل في رواية -سلام - للروائي هاني النقشبندي


المزيد.....




- الحكومة البريطانية تتولى إدارة آخر مصنع للصلب بسبب قرار لمال ...
- لندن.. تحذير من تراجع مؤشر الديمقراطية
- قطاع غزة.. رحلة البحث عن الوقود
- إيران وأمريكا تجريان محادثات -إيجابية- في عُمان وتتفقان على ...
- B?n c? long d??ng 789club – Cu?c phiêu l?u h?p d?n gi?a bi?n ...
- مراهق يضرم النار في مركز للتسوق في ضواحي موسكو مقابل المال
- ألمانيا.. الشرطة تعتقل شخصا قتل أحد السكان المحليين باستخدام ...
- مكتب زيلينسكي يزف أخبارا -غير سارة- للمواطنين
- واشنطن أم طهران.. من سيتنازل أكثر؟
- عراقجي: المفاوضات مع الأمريكيين كانت بناءة وجرت بأجواء هادئة ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - أماني فؤاد - حكومة بلا خيال