|
بلاد الشيشان- مثوانا الحقيقي تحت الشمس
أمين شمس الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4293 - 2013 / 12 / 2 - 21:24
المحور:
مقابلات و حوارات
مقابلة مع رمزان أمبوكايف في احتفالات الذكرى السنوية العاشرة لدستور الجمهورية الشيشانية شارك رمزان أمبوكايف- عضو الشتات، الذي يعيش في أوروبا منذ فترة طويلة، منسق الشتات الشيشاني في أوروبا، عضو اللجنة التنفيذية لـ "المؤتمر العالمي للشعب الشيشاني". وقد تجول رمزان أمبوكايف في جميع أنحاء أوروبا، وعمل في المسائل المتعلقة باللاجئين الشيشان، ومع مختلف المنظمات الدولية. وهو معروف جيدا في أوروبا، وفي جمهورية الشيشان. وهو أحد أفضل الخبراء في المسائل المتعلقة بحياة الشتات الشيشاني. فيما يلي مقابلة له مع رئيس الإدارة الإعلامية- التحليلية لبرلمان الجمهورية الشيشانية، روسلان يوسوبوف: - رمزان، كيف يعيش الشتات الشيشاني الأوروبي ؟ ما الذي تغير في السنوات الأخيرة؟ - لقد تنفس الصعداء جميع الشيشان، بمن فيهم أولئك الذين غادروا وطنهم واستقروا في البلدان الأوروبية ولأسباب مختلفة، وظهر بعض الأمل في نفوسهم جراء انتهاء الأعمال العسكرية في أراضي جمهورية الشيشان، وبالمراحل المتتابعة في إقامة الدولة الشيشانية. لقد تابعنا الأحداث التي كانت تجري في الوطن ليل- نهار بانفعال وتاثر بالغين ونحن نفكر بالأقرباء وبالقرى والبلدات ومدن الجمهورية. وبدأت الأسئلة تنهار علينا بنفسها: هل يا تُرى هناك مكان في أفكار وخطط السلطات في الشيشان لإيلاء الاهتمام للشيشان الذين تشتتوا في أرجاء العالم نتيجة حربين مدمِرتين؟ ماذا يظنون عنا في غروزني، هل يعيروننا أهمية في القضية؟ وفي عام 2008، خرج أول نداء للرئيس رمضان قديروف لشتات الشيشان. وكان ذلك حدثاً بارزا بالنسبة لنا. ومَثّل رمزا لبداية العلاقات لحقبة طويلة لهجرة الشيشان عن وطنهم التاريخي الأم. وفي لحظات نهوض الجمهورية على قدميها، وضح قائدها بأننا لسنا في طي النسيان، ولسنا متروكين لرحمة القدر، وكان هذا في غاية الأهمية بالنسبة لنا. وخلال العديد من سلسلة الأحداث السياسية في الشيشان نفسها، أعتقد أن الناس لم يدركوا تمام الإدراك أهمية ذلك النداء. وبالنسبة لنا، نحن الذين نعيش بعيداً عن موطننا الأصلي، كان النداء- المرسوم يقارن تماما مع المرسوم الذي أصدره نيكيتا خروشوف، الذي سمح بعودة الشعب الشيشاني إلى الوطن من عملية إبعاد استمرت 13 سنة. إنه لشيء العيش في مناطق مختلفة من روسيا، وشيئ آخر أن تكون تحت الرعاية والحماية الاجتماعية للبلدان الأخرى (أي معتمدا عليها) مع وضع سياسي ذو صلة وضمن تبعية نفسية في البلدان الأخرى الذي يختلف جذريا بالنسبة للاجئين المهاجرين إلى المدن والقرى الروسية. كنا نواجه العديد من الحواجز والعقبات التي اعتبرناها ثانوية الأهمية عند سماعنا صوت الوطن بنداء رمزان قديروف للشتات، أي عندما فُتحت الطرق والأبواب، وأُضيئت أرواحنا المنهكة. هذا الصوت والذراع الممدودة حالت دون حدوث الأخر، حدوث وضع أسوأ من الأحداث، عندما استطاعت جهات سياسية مختلفة، ومنها الانفصاليون، والوهابيون، ودوائر أخرى معادية إسدال الستارة بيننا وما بين الوطن الأم، وأن تؤذي آلاف مؤلفة من الناس الأبرياء، الذين احتموا من الحرب والظلم، ولكنهم لم يتصورا ابدا أنفسهم بعادا عن وطنهم، وجاهزون للعودة في أقرب فرصة تسنح. ولو كنا قد نُعِتنا بكل الصفات السوداء كمن باع نفسه للغرب، وما إلى ذلك من صفات، كان من شبه المستحيل إزالة تلك اللطخات عنا. لكن السبق في أوروبا كان للنور، لبصيص الأمل، والذى حفظنا من الوافدين الأُخر، الذين طبخوا كل تلك الفوضى الايتشكيرية في الشيشان، والذين لا طريق عودة لهم. توجد في أوروبا الكثير من القوى لا تهمها بناء علاقاتنا مع الوطن الأم. من بينها مختلف الأحزاب السياسية المعادية لروسيا، ومافيا نقل الأشخاص بطرق غير مشروعة وغيرها.. واليوم حل محل العمليات العسكرية زمن إيجاد الوطن التاريخي، زمن العودة إلى قبور الأجداد. والآن فإن أصعب مرحلة من مراحل العودة بقيت وراءنا. وجميع الإجراءات الممكنة، والطاولات المستديرة، والبرامج التلفزيونية المكرسة للمسائل المتعلقة باللاجئين الشيشان في غروزني ألهمت قلوبنا بالتفاؤل والإحساس بالوطن. وفي هذا، وفي أمور أخرى، بالطبع، يعود الفضل الأكبر لقيادة الجمهورية التي خطت خطوة إلى الأمام، وأضاءت إشارة الضوء الأخضر المستديم في طريق عودتنا إلى الوطن. وعند عودتنا إلى الديار، وطأت اقدامنا على أرض أخرى، سلمية، وآمنة، ومنظفة تماما من آثار الحرب، حيث حتى في منتصف الليل يمكنك الذهاب إلى الزوايا النائية من البلاد دون الخوف على سلامتك. الموجه الأولى من المهاجرين الذين زاروا أحياءهم العزيزة عليهم، وحصلوا على انطباع إيجابي دائم، وعند عودتهم إلى البلدان الأوروبية، تغيرت جذريا مواقفهم تجاه الشيشان، ينشرون صورة حقيقية عن الأوضاع المرفهة والناجحة تماما في الجمهورية، وزاد عدد العائدين. إذا قبل 4 سنوات زار جمهورية الشيشان من ألف ونصف إلى ألفي شخص من مختلف البلدان الأوروبية، ففي عام 2011، شكل هذا العدد أكثر من 30 ألف نسمة، وفي عام 2012، أكثر من 50 ألف. - وكيف يتم جمع مثل هذه البيانات، رمزان؟ - في كل مدينة أوروبية، حيث يتجمع شيشان الشتات، كوارسو، برلين، باريس، أمستردام، فيينا، بروكسل، يعرف الشيشان جيدا من يترك المنزل، بما في ذلك ثاني وثالث أكبر المدن في جميع أنحاء المدن الكبرى. ويقرر الباقون اتصالاتنا الدائمة، بما في ذلك عن طريق الاتصالات الهاتفية وشبكة الإنترنت. - وهل هناك أي شبكة محددة أو مساعدين لكم لدراسة وتحليل أوضاع اللاجئين؟ طبعًا. وعلاوة على ذلك، توجد شبكة قديمة، تتشكل من عشرات الآلاف من الناس منتشرة في أوروبا مرورا خلال مكتب الشيشان في وارسو، لأن الدفعة الرئيسة عبرت خلال الحدود البولندية. كانت الظروف آنذاك صعبة في التغلب على جميع أنواع الحواجز السياسية والنفسية والجسدية، والقانونية، لذا نشأت علاقات فيما بيننا، واجتمعنا معا عدة مرات: في ألمانيا، والنرويج، والنمسا، وفرنسا، وإسبانيا، هولندا، إلخ مشاركين في مشاريع الاتحاد الأوروبي في دراسة وضع اللاجئين الشيشان. ومجموعتنا كانت تقطع بالعام الواحد 50-60 ألف كم. وكنا نعرف كم يبلغ عدد الشيشانيين في المدن المختلفة. - هل توجد هناك أي صناديق مالية، أو أي نوع من الدعم المالي، الذي بالتأكيد هو مهم جداً لتنفيذ طبيعة العمل الذي كرستم أنفسكم القيام به، رمزان؟ - للأسف لم يكن لدينا مثل هذا الدعم. دعم الله هو الأساس، وُجد متطوعون في كل مكان. عندما نخمد النار عند شخص ما، لا نفكر كم ذلك سيكلفنا. هكذا كان الأمر في عمليات الهجرة. كنا دائما نجد أناسا يلبون النداء، ويغمرهم الإيثار. أناس بضمائر حية ومسؤولية وطنية. الصعوبات قربتنا وجعلتنا صفا واحدا. وتشكلت لدينا بنية تحتية متكاملة من المعارف والأصدقاء، ناهيك عن عامل القرابة وما إلى ذلك. ومع مرور الوقت أنشأنا مراكز ثقافية شيشانية. وعلى مر السنين افتتحنا بشكل رسمي في مختلف البلدان 14 مركزا من هذا القبيل. كانت هذه مرحلة نوعية جديدة في حياة مجتمعنا. وخلال الحرب كان لدينا دَورا في تنسيق العديد من المسيرات المناهضة للحرب. إضافة إلى التظاهرات السلمية وعقد المنتديات في أوروبا. - وكم حسب اعتقادك بلغ عدد الشيشان العائد إلى بلاده بشكل دائم، مثلا، على مدى السنوات 4-5 الماضية ؟ - أستطيع أن أقول بكل ثقة أنه خلال هذه الفترة عاد أكثر من 15 ألف شخص من أجل البقاء وبناء حياتهم تحت سماء بلادهم. كثيرون أيضا ينوون العودة في السنوات المقبلة. ولكن أود أن أضيف أنه ليس من المهم فيما إذا كان شخص أو آخر عاد نهائياً من أول سفرة له. الشيء الأهم هو الثقة في الوطن، وهو التغلب على الحاجز النفسي، ووجود القدرة والرغبة في أن تطأ قدماه أرض وطنه، عناق الأحباء، وزيارة قبور الآباء، وبدء التخطيط للمستقبل. أي أنه توجد عمليات بأسرها في أذهان اللاجئين. إن الاضطرار إلى ترك الدروب المطروقة، وتراب الوطن، وهوائه العليل الذي يتخلل الأحاديث الشيشانية، ونمط الحياة، حيث الأسرة والأصدقاء يتقاسمون الفرح والترح، وفجأة، بعد سنوات من التيه والحنين، العثور عليها مرة أخرى- إن هذا لحدث عظيم .أن تأتي مرة واحدة وتأخذ نفسا بكامل رئتيك، والذي نسميه "نوختشالا"(العزة الشيشانية)، نعم، إحضار الأطفال إلى البيت، وتعريفهم إلى الواقع الشيشاني – إن هذا لشيء كبير. وكل هذا يمكن أن يكون موضوعا للبحث العلمي، حيث تمكنت من التحدث إلى علماء من أكاديمية العلوم للجمهورية الشيشانية بهذا الخصوص. وحتى أولئك، الذين يأتون من أجل الزيارة، يصبحون جزءا من التطورات الفعلية التي تجري في جمهورية الشيشان. على سبيل المثال، كل زائر يأخذ معه الحد الأدنى من المصاريف العادية، والتي تبلغ ألفي يورو. والذين توظفوا للعمل في المهجر، يحصلون على 5 ألف يورو وأكثر. وفي الوطن يقومون بتحسين بيوتهم أو شققهم. ففي السنوات الأخيرة تم سوق 2.5 ألف مركبة إلى الشيشان من أوروبا، ومن الطبيعي أنها استهلكت محروقات وخدمة. أي أن هذا يعني مشاركتنا في اقتصاد البلاد. بالمناسبة يقول الأوروبيون عن الشيشانيين بأنهم أكبر مجموعة سياحية. ففي عام 2012 وحده، نقل الشيشانيون من أوروبا حوالي 150 مليون يورو (6 مليار روبل)، وينبغي لهذا الرقم أن يغير موقف الشخص العادي أو المسؤول تجاه المواطنين الذين يعيشون في الخارج (الشتات). وهكذا، فإن إقامة علاقات مع المهجرين الشيشانيين ودعم ارتباطها بالوطن التاريخي، والذي اصبح ممكنا بفضل رمضان قديروف، وبفضل الدعم السياسي والإنساني لدوقواخا عبد الرحمانوف- ليست حملة تجارية أو اجتماعية. فالأمر أكثر جدية وأعمق، وجزء مهم جداً من السياسة الوطنية التي تنتهجها حكومة الجمهورية. - رمزان، كيف هي تصرفات شتاتنا في أوروبا؟ - هي بأشكال مختلفة. كبار السن الذين يتذكرون كيف أجبروا على مغادرة وطنهم، يتصرفون تبعاً لعقليتهم، بدون أن ينسوا من هم، ومن أين انحدروا، والحدود المسموح بها للشيشاني. ويتميزون بالاستقرار النفسي، وبالمسؤولية تجاه أعمالهم. والشباب أيضا ثابتون بشكل جيد. شيء آخر - الجيل الصاعد. فهو يدعو إلى القلق بشكل كبير، ونحن لا نستطيع العثور على أي وصفة لإنقاذه. ومعلم الرقص الشعبي، تخيل ما شهدناه، مخالطته مع الأطفال الشيشان تتم عن طريق وسيط. أنهم لا يفهمون اللغة الروسية أو الشيشانية. لا أقول أن هكذا الأغلبية، ولكن حتى لو دار الحديث عن أقل من نصف العدد، ألا يشكل ذلك تهديدا حقيقيا لهويتنا في الخارج؟!. فالانتعاش الذي يبدو عند البقاء في البلدان الغنية للعديد من الشيشان يمكن أن يتحول إلى انهيار عرقي. الكثير من الناس هنا وهناك تحت التنويم المغناطيسي في أوروبا: كل شيء على الطريقة الأوروبية. أولئك الذين تتجه أنظارهم اليوم إلى أوروبا بحثاً عن الرفاهية الاجتماعية، يشبهون عابري السبيل. فهذه الرفاهية مجرد وهم. وأعتقد أن هذه الشائعات حول تدفق هائل من الناس من الجمهورية مبالغ فيها إلى حد ما. إضافة إلى ذلك يؤججها أولئك الذين يرجون منها مكنونْ سياسي. في الخريف الماضي، عندما كان نفس الاندفاع من الشائعات على وجه التحديد ذهبت إلى دائرة خدمات الهجرة في بريست، تيراسبول. لم تؤكَّد الأرقام المحاكة من قبل البعض. إذا كن قد وصل قبل 4 سنوات عدد من عبر الحدود البولندية 50 شخصا يوميا، فإنه في تشرين الأول/أكتوبر 2012، كانوا من 8 إلى 15 شخصا يوميا، وهذا ما أشرتُ إليه من على منصة المؤتمر. أظهر تحليل الوضع على الحدود أن الجورجيين شكلوا المرتبة الأولى من بين الناس المغادرين إلى أوروبا والإنغوش المرتبة الثانية. أما الشيشان فقد شكلوا المرتبة الثالثة فقط. واليوم، يتطلب الوضع البحث والدراسة. ويُعزى هذا جزئيا إلى الناس الذين حاولوا أن يكشفوا للاجئين بأنهم على وشك أن تتدهور أوضاعهم في المخيمات البولندية، وبأنه لا آفاق قانونية أمامهم، لا سيما بعد إلغاء أحكام العمليات المضادة للإرهاب وتغير الآراء الدولية بشأن الشيشان. حاولنا إقناعهم بأن الشيشانيين لم يعودوا يُعتبرون مجموعة سياسية ملاحقة في أراضي روسيا، ويتم النظر في قضاياهم فقط على أساس فردي، أو إذا أثبت الشخص أنه شخصيا في خطر إما من قبل أجهزة الدولة، وإما من قبل حالات أخذ الثأر بالدم.. إلخ. والناس غادروا إلى أوروبا دون أن يدركوا هذا الأمر وبمقتضى العادة. نشطت المافيا. بدأ المحرِّضون عملهم من غروزني باستخدام أناس جُهّل. وبعد العديد من التوضيحات، بما في ذلك في التلفزيون الشيشاني، توقف التدفق إلى الخارج بشكل ملحوظ. لا يمكن اليوم اعتمادا على إعلان "منزل للبيع" عمل استنتاجات. هناك أشخاص يغادرون بلادهم من أجل علاج لم يجدوه في روسيا. وهناك من يرغب في زيارة أقاربه. وهناك من يغادر من أجل إنشاء أسرة (الزواج). وأخيراً، هناك السياح فقط. وهناك أولئك الذين يرغبون بتغيير مكان إقامتهم في الجمهورية أو في أي مكان آخر في خارجها. هنا، أيضا، سيكون التحليل الاجتماعي للمسألة في محله. الهجرة، حسب رأيي الثابت، يجب أن تكون مدروسة على مستوى الدولة، وخاضعة للإشراف كجانب من جوانب الأمن الوطني. وكل شخص يغادر أو يعود يُعَبر عن حالة الدولة، ولذلك فمن الأهمية بمكان رصد هذه التحركات. - يدور حديث في الأرجاء عن مسألة إلغاء تأشيرات الدخول لمواطني روسيا الاتحادية. هل هذا الأمر حقيقي؟ -لا أظن ذلك واقعيا في غضون العشرين سنة المقبلة. فدول الاتحاد الأوروبي بالكاد تحجم تدفقات الهجرة، فحزم أوروبا شديد جداً حول هذا الموضوع. - وإلى أي مدى صحة أن الدول الأوروبية تقوم بالضغط على الشيشانيين رسميا في بلدانها؟ - لا توجد حملات ضغط على هذا النحو ضد مواطني روسيا الاتحادية، لا سيما على أسس إثنية. وينبغي هنا النظر في حالات فردية معينة. ولكن في أوروبا، علقت أوضع عدة آلاف من الشيشانيين دون وجود آفاق سياسية أو إنسانية لتلك الأوضاع. - ما هو سبب زيارتكم الحالية إلى الوطن، رمزان؟ - لقد وصلتُ بناء على دعوة من "لجنة تنظيم" الاحتفال بالذكرى العاشرة لدستور الجمهورية الشيشانية والاستفتاء. وقد تشرفت بالمشاركة في الاحتفال الرئيس في قاعة المسرح والموسيقى، وكذلك في "المهرجان الدولي" للثقافة، والذكرى 75 لـ "مركز الفنون الوطني" في جمهورية الشيشان، وفي مؤتمر الشباب، وفي لقاء مع "برلمان الشباب" للجمهورية. وكنت محظوظاً بلقاء رئيس جمهورية الشيشان، رمضان قديروف، والاجتماع مع رئيس البرلمان دوقوواخا عبد الرحمانوف، حيث دار الحديث عن التطورات الإيجابية في البلاد، وحول العلاقات المثمرة مع الشتات الشيشاني، بما في ذلك الأوروبي، تلك العلاقات التي تشبه الأوعية الدموية في توفيرها الحياة والنشاط الحيوي للكائن الحي. لقد تحدثنا عن جدوى إنشاء تنافسية تتوافق مع الشروط الغربية للطلاب الشيشان الذين يدرسون في الخارج. فكما هو معلوم، بمساعدة قيادة الجمهورية، يتلقى تعليمه في أوروبا 200 طالب، ويصل هذا العدد جنبا إلى جنب مع طلاب أبناء أهالي الشتات إلى ما يزيد عن 1500 طالب وطالبة. وتبادل المعرفة والخبرات- هي متطلبات الزمن التي يجدر أخذها بعين الاعتبار. إن الهجرة في بدايتها هي مأساة للشعب. ولكن اليوم، بعد الواقع المفروض يمكن استخلاص فوائد منه. وأوروبا المستنيرة والمتقدمة في كثير من النواحي، لديها الكثير مما تقدمه لنفس هؤلاء الشباب، ونحن ما علينا سوى تقديم المساعدة اللازمة لهم. هناك فرق شاسع في كيفية امتثال السائقين والمشاة لقواعد المرور بين أي بلد أوروبي وما بين بلادنا. الثقافة العامة، احترام القانون والنظام. هناك الكثير من الأشياء جديرة بنقلها من الأوروبيين، وبنفس الوقت هناك أشياء غير مقبولة بالنسبة لنا. وعلى ما يبدو، لقد حان الأوان لتغيير حالة المهاجر (اللاّجئ) إلى وضع المشارك في عمليات التكامل الإيجابي من خلال الانضمام إلى تجربة العالم ومقدّراته. ومما لا شك فيه. نحتاج فقط إلى تطوير رغبة وهدف الشتات الشيشاني لنقل هذه الخبرة والمعرفة المتعمقة في خدمة بلاده وشعبه. عاجلاً أم أجلاً كل شيء سيعود إلى وضعه الطبيعي. والشيشانيون الذين تركوا ديارهم سيعودون إليها وإلى قبور أجدادهم. - هل فعلا يعتبر الذهاب إلى أوروبا من أجل المنفعة المادية أمرا واقعيا؟ -لا، على الإطلاق. وحتى لأولئك الذين ذهبوا إلى هناك قبل 10 سنوات، فضلا عن إتقانهم اللغة، وحصولهم على وظيفة تكاد لا تكفي للمعيشة. والشيء الوحيد الذي يمكن حفظه عدة آلاف يورو، والتي تكفي لصرفها عند السفر إلى الوطن مرة واحدة في سنة. ولذلك اقترح: اذهب إلى عمق روسيا. نعم، ما زال التوتر العرقي منذ ما بعد الحرب قائماً. ولكن إذا كان في مكان ما في روسيا، تحرش بالضرب على الرأس، فإن ذلك سوف يُذكر بأننا شيشانيون، أما في الغرب، ففي الربت أو المسح على الرأس يعتصرون منا شيشانيتنا. في روسيا، أطفالنا يتحدثون بالروسية والشيشانية، وهو أمر جيد. أما في أوروبا فبالمزيد والمزيد من اللغة الأجنبية. وماذ سيفعل في الوطن مع اللغة الوحيدة هذه؟! وأوروبا ليست تركيا ولا الأردن، حيث يعيش الشيشان متقاربون، باقون شيشانا في جميع أحاسيسهم وفكرهم. وفي البلدان الأوروبية نحن مبعثرون في أُسَر. - أليس للشيشان في أوروبا أحياء خاصة بهم ؟ - بلى، توجد، ولكنها قليلة جداً. ولذلك، وجهات النظر حول أوروبا يجب أن تعدل بشكل صحيح، وإﻻ-;- فإن اذّخار جيناتنا سيتهشم. وعند العودة من الغربة (أينما كانت) إلى الوطن، من المهم ليس فقط جلب رأس المال، ولكن، وقبل كل شيء حفظ الوجه، الوجه الحقيقي للشيشان. إذا كانت فيما مضى كل الطرق تؤدي إلى روما، فبالنسبة إلى الشيشان، المشتتين في جميع أنحاء العالم، فكل الطرق تؤدي إلى بلاد الشيشان – داي موخك، مكاننا الصحيح تحت الشمس. نحن، من نعيش الآن في أوروبا، لسبب أو لآخر، نحترم بعمق، كل الشيشانيين الذين لم يغادروا وطنهم، وننظر إليهم كأبطال. نظراً لأن وجودهم هناك حافظ على بيتنا المشترك. يوجد على هذه الأرض شعوب، تنظر إلى أوطانها بطيش واستخفاف، ومن بينها من فقدتها إلى الأبد. ما معنى شعب بلا وطن؟! كما السوبر ماركت الذي يمتص بشكل منهجي المحلات الصغيرة والأكشاك، وفي الجغرافيا السياسية تجنح الدول العظمى لالتهام الأقاليم الأصغر وشعوبها التي تقيم فيها. نحن بحاجة للحفاظ على أنفسنا في هذا العالم الكبير، لا سيما وأن العالم بأسره يُدرك وجودنا. ورغم أنه في البداية كانت هذه العلامة التجارية سلبية جداً، إلا أننا أثبتنا الآن قدرتنا على التكيف والعيش، بل أيضا أقنعنا العالم بأسره برغبتنا في السلام، وميلنا إلى العمل والإبداع، وأن لدينا الاكتفاء الذاتي كشعب متحمس ونشط . بالنسبة لنا، الشيشان، القيم العليا، والبحث الحياتي الفلسفي، والأفكار الوطنية- هي وطننا التاريخي. الجميع له وباسمه. وجميع مكونات هذا المفهوم في جمهورية الشيشان هي اليوم تتطور بنجاح- التعليم، الثقافة، الرياضة، اللغة، التقاليد. ومكوِّن التقدير والإجلال أصبح عملية البناء. إننا نشعر اليوم كيف تُدفِئ روحَنا ناطحاتُ السحاب! فقد ظهرت على شاشات التلفزيون في بلدان كثيرة من العالم، وفورا اقترنت معها فكرة عن جمهورية الشيشان، حيث كانت تحل مكانها حتى وقت قريب جداً، سلسلة متصلة من الدمار الشامل. وغالبا ما يكون لكل منطقة أو عاصمة رمزا أو مَعْلَما يميزها: قصر الثقافة في وارسو، مبنى الذَّرّة في بروكسل، برج إيفل في باريس، بوابة برانديبورج في برلين، وهلم جرا.. وليكن لدينا رمز- رمز الإحياء وإعادة البناء! فهذا ذروة الوطنية، إنه قمة فكرنا بعزيمته الجبارة. لا أريد أن أقول أن سكان الجمهورية ليس لديهم هذا الوعي. إنما فقط من بعيد يتم تقبل وإدراك كل هذا بخَلَجات وخَفَقات مخصوصة، مع تعاطف خاص وشعور بالفخر لأبناء شعبنا. وليس عبثا قالوا: "الشيء الكبير نراه من بعيد". - من الصعب أن نختلف معكم، رمزان أمبوكاييف. والشيء الجيد أن لدينا هذا الشتات الكبير في أوروبا المتقدمة، والمثيرة للجدل – شتات تحت رعاية شخص عاقل وحكيم مثلكم. نتمنّى لكم النجاح في جميع أعمالكم الخيرة! انقلوا تحياتنا القلبية لمواطنينا. وإلى لقاءات جديدة في غروزني. المصدر 10 а-;-п-;-р-;-е-;-л-;-я-;- 2013 Р-;-а-;-м-;-з-;-а-;-н-;- А-;-м-;-п-;-у-;-к-;-а-;-е-;-в-;-: «Ч-;-е-;-ч-;-н-;-я-;- – н-;-а-;-ш-;-а-;- о-;-б-;-и-;-т-;-е-;-л-;-ь-;- и-;- н-;-а-;-ш-;-е-;- и-;-с-;-т-;-и-;-н-;-н-;-о-;-е-;- м-;-е-;-с-;-т-;-о-;- п-;-о-;-д-;- с-;-о-;-л-;-н-;-ц-;-е-;-м-;-» Г-;-р-;-о-;-з-;-н-;-ы-;-й-;-- и-;-н-;-ф-;-о-;-р-;-м-;-/ П-;-а-;-р-;-л-;-а-;-м-;-е-;-н-;-т-;- ч-;-е-;-ч-;-е-;-н-;-с-;-к-;-о-;-й-;- р-;-е-;-с-;-п-;-у-;-б-;-л-;-и-;-к-;-и-;- П-;-е-;-р-;-е-;-в-;-о-;-д-;- н-;-а-;- А-;-р-;-а-;-б-;-с-;-к-;-и-;-й-;- я-;-з-;-ы-;-к-;-: Д-;-а-;-с-;-и-;- А-;-м-;-и-;-н-;- Ш-;-. О-;-к-;-т-;-.2013 А-;-м-;-м-;-а-;-н-;-
#أمين_شمس_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
روسيا في الشيشان- الشيشان في روسيا
-
القوقاز محط أنظار القوى الطامعة
-
أدانة برلمان الجمهورية الشيشانية لتصريحات فلاديمير جيرينوفسك
...
-
إيفان تسيسْكاروف (أول كاتب وأديب شيشاني)
-
معيار الثقافة الأخلاقي عند الشعب الشيشاني -قوناخلاّ-
-
من الفلكلور الشيشاني/ قرب العين
-
قصيدة من الشعر الشيشاني المعاصر/ الفتاة الجبلية
-
اكتشاف ظاهرة طبيعية لم تكن معروفة سابقا
-
روسيا تقوم بتجهيز منطقة ما وراء القوقاز لحالة حرب محتملة ضد
...
-
أكاديمية العلوم الشيشانية بين الأمس واليوم
-
باسم السلام والإبداع/ إحياء الإرث الثقافي الشيشاني
-
روسيا: الحوار هو المخرج الوحيد الممكن للخروج من الأزمة السور
...
-
حقيقة عن الأماكن المقدسة في بلاد الشيشان – إنجوش
-
قصيدة -شجرة الكستناء- للشاعرة الشيشانية رئيسا أخماتوفا
-
الافتراءات والأكاذيب في -الموسوعة الكبرى- الروسية
-
خانباشا نورالديلوف/ بطل الاتحاد السوفييتي
-
معيار الثقافة الشيشانية
-
قصيدة للشاعر الأردني الراحل الأستاذ شمس الدين عبد الرزاق الش
...
-
الشيشان ما بين الانفصاليين و-الإماراتيين-
-
الشيشان والإنجوش معا ضد الإرهاب
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|