|
رؤية مستقبلية لمصر الثورة
محمد حسن خليل و كريمة الحفناوى
الحوار المتمدن-العدد: 4292 - 2013 / 12 / 1 - 16:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رؤية مستقبلية لمصر الثورة الحزب الاشتراكى المصرى تحدد خارطة الطريق مستقبل الاستقرار فى مصر باعتباره يعتمد على وضع الدستور والاستفتاء عليه، يتلوه انتخابات برلمانية ثم انتخابات رئاسية على أساس ذلك الدستور. وما زال الإخوان المسلمون يعتبرون نظامهم الساقط شرعيا لأنه كان لديهم رئيس منتخب وبرلمان منتخب بأغلبية من التيارات الإسلامية، وبالتالى يدينون ما يسمونه الانقلاب العسكرى. وبالطبع كان نظام مبارك، تماما مثل نظام الإخوان، يعتبر نظامه شرعيا لمجيئه رئيسا فى انتخابات عام 2005، وللانتخابات "الديمقراطية" لبرلمان 2010! كما أن المجلس العسكرى بعد الثورة مباشرة كان يرى أن دوره مؤقت، وأن الشرعية سوف تستعاد (رغم اختلافه فى تكتيك الانتخابات أولا) بعد انتخابات برلمانية ورئاسية! هل قامت الثورة من أجل هذا؟ فلنراجع شعاراتها: عيش، حرية، عدالة اجتماعية- أو تغيير حرية كرامة إنسانية. إذن شرعية الثورة ببساطة هى الحرية والعدالة الاجتماعية. وتضمنت مطالب الثورة التفصيلية، المتاحة على الإنترنت أثناء التحضير ل25 يناير 2011 تفاصيل الحرية والعدالة الاجتماعية فى مطالب تبدأ بإسقاط مجلس الشعب المزور ولا تقف عند حد حرية الأحزاب والاجتماعات والإضراب والتظاهر، وتتضمن حرية النقابات والجمعيات الأهلية. كما تتضمن حدا أدنى وحدا أقصى للأجور، وضرائب تصاعدية. ما العلاقة بين الرؤيتين؟ ولماذا الاختلاف؟؟! فى الحقيقة هذه هى قصة كل ثورة: الثورة تدعو إلى إسقاط النظام القديم لاعتراضها على أسسه، بينما يحاول النظام القديم، بمختلف الأساليب من القمع الصريح إلى المداراة والمجاملة، مرورا بالتبريد والخداع، يحاول احتواء الثورة وإعادة بناء النظام القديم، بدون تنازلات أو بالحد الأدنى منها. ثلاث محاولات لإعادة بناء النظام بعد تنحية حسنى مبارك على يد المجلس العسكرى، ثم الإخوان المسلمين، وأخيرا النظام الحالى وأهم ما فيه حكومة الببلاوى ولجنة وضع الدستور، ومازالت أهداف الثورة الأساسية لم تتحقق!! لماذا؟ بالقطع إن تحقيق أى هدف لا يعتمد فقط على عدالته، بل يعتمد على حشد القوى الكافية وراءه. إذن فإن الحديث عن ميزان القوى المجتمعية هو المفتاح لرؤية سبب ما تحقق وما لم يتم تحقيقه، وأيضا يعد حشد وتوعية وتنظيم القوى المجتمعية الكافية هو بالطبع الطريق لتحقيق أهداف الثورة. ومن المعروف بالطبع أن ميراث ثلاثة عقود من استبداد نظام مبارك، فضلا عما قبلها بالطبع، لم يكن ليسمح بحشد وتوعية وتنظيم أوسع الجماهير حول أهداف الحرية والعدالة الاجتماعية، سواء بسبب حريات التعبير المقيدة والمصادرة، أو بسبب مصاردة حق التنظيم المستقل فى مجال الأحزاب السياسية، والنقابات العمالية والمهنية، والجمعيات الأهلية. وبالتالى إن طموح الشعب لتحقيق برنامج الثورة عجز عن تحقيقه فى المدى المباشر بسبب يعود فى التحليل الأخير لعدم كفاية تعبئة وتنظيم الجماهير وراءه. ورغم هذا فإن هذا الشعب المذهل فى إصراره على النضال قد نجح فى الإطاحة بمبارك فى 25 يناير، وفى أنه اكتشف سريعا خدعة أن الإطاحة برأس النظام فى فبراير، واستكماله بالإطاحة برءوس الحلقة الضيقة حول النظام فى إبريل 2011 (زكريا عزمى وفتحى سرور وجمال وعلاء مبارك وأحمد نظيف وغيرهم من الحلقة الضيقة حول الرئيس)، لم تعن إسقاط النظام، بل فقط التضحية بالرأس فى محاولة إعادة بناء الجسم على نفس الأسس ضد الحرية والعدالة الاجتماعية. وثقت قطاعات هامة من الشعب فى فصيل المعارضة المنظم الأكبر أيام مبارك، وهو الإخوان المسلمين وأعوانهم، فنالوا حوالى 70% من أصوات مجلس الشعب، كما نالوا مقعد رئاسة الجمهورية. ويبدوا أن هذا هو ما سمح للدرس التاريخى أن يصل كاملا للشعب: فقد كانت تجربة سنة فى الحكم للإخوان أكبر دليل على عجز الإخوان عن تحقيق أى من أهداف الشعب الثورية، واتضح مستوى تبعيتهم للغرب وأعداء الشعب، وانحيازهم ضد العدالة الاجتماعية وضد الحريات، بل أيضا وضد كافة أجهزة الدولة من قضاء وإعلام وبيروقراطية الوزارات. وعلى هذا خرج تحالف واسع فى 30 يونيو 2013 من أجل إسقاط الإخوان. تحالف شمل كافة الجماهير الثورية التى فجعت لعدم تحقق أى من أهداف الثورة فى الحرية والعدالة الاجتماعية رغم تضحياتهم لمدة عامين ويزيد. كما شمل التحالف أيضا جهاز الدولة القديم بجيشه وشرطته وقضائه وإعلامه ووزاراته، الذى رفض الأخونة والتخريب وإبعاد "أهل الخبرة" وتعيين "الأهل والعشيرة" عديمى الكفاءة! ونجحت ثورة الشعب المستمرة فى إزاحة حكم الإخوان. ومن الطبيعى بعد نجاح هذا التحالف (الذى نشأ موضوعيا فى الشارع ولم يوثق رسميا) فى إزاحة الإخوان أن تعود ثانية الاختلافات بين الاستراتيجيات: استراتيجية قوى الثورة المصرة على تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية، واستراتيجية إعادة بناء النظام القديم بكل أسسه! فما هى مظاهر هذا فى اللحظة الراهنة؟ فلنستعرض بعض محاور الصدام بين الرؤيتين. ولنبدأ بالعدالة الاجتماعية. من العجيب أن يرتفع الحد الأدنى للأجور فى معظم الدول العربية ماعدا مصر! جاءت وزارة شرف بارتفاع فى البدلات حتى ما يقرب من 700 جنية شهريا، ولم يطبق على الجميع. ووعدوا بتثبيت كل المتعاقدين فى الحكومة الذين مضى على تعاقدهم ثلاث سنوات منذ وقتها، وحتى الآن لا يتم سوى تثبيت بعضهم كل فترة ولم يثبتوا كلهم حتى الآن. وبعد تزايد الضغوط على حكومة الببلاوى أعلن مؤخرا رفع البدلات (وليس أساسى الأجور) أول يناير 2014 ليصل إجمالى الأجر إلى 1200 جنية! وظل طويلا يردد حجج مبارك حول رفض الحد الأقصى للأجور خوفا من هروب الكفاءات (؟!) حتى صرح مؤخرا بتحديده ب35 ضعفا للحد الأدنى منذ أول يناير القادم أيضا! عندما أرادت الحكومة رفع مرتبات الشرطة أخرجت كادرا متكاملا يجعل الحد الأدنى للغفير الثالث 843 جنيها، وأمين الشرطة 1700 جنيها، والملازم أول 2400 جنيها، واللواء 12000 جنيها! أما عندما تريد استهلاك الوقت فى وعود قد تفى بها أو لا تفى فهى تسلك كما سلكت الآن! وفى مجال الحريات يأتى إقرار قانون التظاهر المعيب مع رفض إقرار قانون الحريات النقابية وتقنين حرية الإضراب وتنظيمها مع السلوك العملى الجائر فى قمع الإضرابات! فالوزارة كما يعترف الدكتور زياد بهاء الدين نائب رئيسها ليست وزارة ثورة، وفى الحقيقة فهى وزارة النظام القديم (باستثناء عدم احتوائها على رموز الفساد الشخصى الفج) ولا تنحرف قيد شعرة عن سياساته فى الخصخصة ورفض استلام وتشغيل المصانع المتوقفة والشركات المباعة التى رجعت بحكم المحكمة! وتأتى الجمعية التأسيسية للدستور كمثال هام على توازن القوى القائم: فهى قد احتوت على عدد لابأس به من القيادات الوطنية المعروفة بنضالها منذ أيام مبارك، كما احتوت ايضا على الكثير من القوى المحافظة. ويأتى مشروع الدستور (غير النهائى حتى تلك اللحظة) بالعديد من الإنجازات فى تقنين الحريات وأسس العدالة الاجتماعية، كما يأتى بالعديد من الاختيارات المحافظة. وبالنسبة للمستقبل تتعدد اختيارات الأطراف: فهناك الذين يعد شاغلهم الأول هو احتلال مقاعد المسئولية فى الرئاسة ومجلس الشعب! وهذا هو همهم الأول بصرف النظر عن البرامج والشعارات. أما قوى الثورة التى تضع نصب أعينها تحقيق أهداف الثورة فهمها الأول معركة الدستور وإلى أى مدى يعبر عن مطالب الثورة. كما تضع نصب أعينها أيضا استكمال معركة القضاء على الإرهاب الإخوانى وتحويلها إلى معركة مجتمعية فكرية وجماهيرية وليست مجرد معركة أمنية. أما قبل كل هذا وبعد كل هذا فسوف تظل معركتها الرئيسية استمرار النضال من أجل تحقيق أهداف الثورة فى الحرية للشعب والعدالة الاجتماعية، من خلال توعية وحشد وتنظيم جماهيره حولها. وبالطبع يتضمن هذا تشكيل أوسع جبهة شعبية من القوى الثورية المناضلة حقا من أجل تلك الأهداف. دكتورة كريمة الحفناوى دكتور محمد حسن خليل 28 نوفمبر 2013
#محمد_حسن_خليل_و_كريمة_الحفناوى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رئيس وزراء اليابان يخطط لزيارة الولايات المتحدة ولقاء ترامب
...
-
ترامب يعلق على تحطم الطائرة في فيلادلفيا: المزيد من الأرواح
...
-
الدفاعات الروسية تسقط 9 مسيرات أوكرانية غربي البلاد وتدمّر ز
...
-
-فوكس نيوز-: إيران تخفي تطويرها النووي تحت ستار برنامج فضائي
...
-
استخباراتي أمريكي سابق يتحدث عن حرب مع المكسيك -قد تتحول إلى
...
-
OnePlus تكشف عن هاتفها الجديد ومواصفاته المميزة
-
اكتشاف ارتباط بين النظام الغذائي وسرعة الشيخوخة البيولوجية
-
أول هجوم على قوات الاحتلال منذ بدء توغلها في سوريا
-
مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع في دارفور
-
جامعة أميركية تعلق عمل مجموعة مؤيدة لفلسطين عامين
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|