|
في يوم التضامن مع شعب فلسطين
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 13:45
المحور:
القضية الفلسطينية
في يوم التضامن الدولي مع شعب فلسطين الصراع تحرري مناهض للاحتلال وليس دينيا استضافتني مشكورة فضائية القدس في برنامجها الإخباري الساعة التاسعة من مساء 29 نوفمبر المصادف يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني وذكرى تقسيم فلسطين. كان اول ما خطر ببالي أن أوجه النصيحة للإخوة الحمساويين ـ والدين النصيحة ـ بان يعيدوا القضية الفلسطينية إلى طبيعتها قضية تحرر من الاحتلال.فكل الدلائل تشير إلى ان اليمين سادر في حملته لتشويه طبيعة الصراع، وان صوته هو الأعلى ويحتفظ بالمبادرة بينما الطرف الفلسطيني سادر في ملهاته والعرب مشغولون بمشاكلهم التي تصدرها إسرائيل واليمين الدولي. كنت على بينة من ان المذيع في استوديو البث يقطع علي الكلام كلما توجهت نحو مقصدي؛ لكنني تمكنت من نفي أسطورة تحرير قطاع غزة عن طريق المقاومة المسلحة والتركيز على ضرورة المقاومة الشعبية المتنامية والمستدامة بدل بدعة الانتفاضة. فكل الدلائل تؤكد نهجا يمينيا لحرف الموضوع الفلسطيني إلي قضية صراع حضاري تخوضه أديان، ومن طمس واقع الاحتلال والنضال التحرري المناهض له. والنهج قديم تضمنته سردية هيرتزل للدولة اليهودية حيث قال انها خط المواجهة مع البربرية الإسلامية. في صبيحة يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني وجدت على بريدي رسالة من الدكتور حمامي تهاجم السلطة وتسخف موضوعة التضامن وتدمجها ضمن المؤامرة المستدامة على القضية الفلسطينية؛ كما طالعت عدة مقالات تلقي الضوء على جهود نتنياهو واشياعه لنقل معركتهم إلى الساحة الأميركية، وبالذات داخل الكونغرس كي يوقف توجه السياسة الأميركية نحو الحلول السلمية. فيقول اوري أفنيري " نجح وزير خارجية اميركا في دفع نتنياهو إلى ’مفاوضات الحل النهائي‘ ( فلا احد يجرؤ على تلفظ كلمة السلام . لا سمح الله)... سيناتور إثر سيناتور ينبرون لمساندة نتنياهو ضد رئيسهم... على المكشوف ، في عرض كله فجور سياسي يعلن عدد من أعضاء الكونغرس أنهم تلقوا مختصرات من معطيات الاستخبارات الإسرائيلية، ويثقون بها أكثر من ثقتهم بالاستخبارات الأميركية . لم ينبر واحد يقول عكس هذا." ويقول تقرير أعده نورمان سولومون، مؤسس مركز مراقبة الدقة والنزاهة في الميديا الأميركية،" إن نتنياهو وأشياعه في إسرائيل ، وكذلك مجموعة الضغط أيباك وأعضاء بارزين في مجلس النواب الأميركي، يعبرون عن خشية من تضاؤل قدرة إسرائيل في التحكم بصناع السياسة في الولايات المتحدة "؛ وينقل كلام وزير مالية إسرائيل، يائير لبيد، لمحطة إذاعة الجيش يوم الأحد 24 تشرين ثاني ،" مهمتنا ان نحذر . نحن بحاجة لحمل الأميركيين على الإصغاء لنا مثلما كانوا يصغون في الماضي". كما يقول سولومون ، "قال العديد من المسئولين والمحللين هنا ان إسرائيل سوف تشن حملة استخبارية يمكن ترجمتها أن إسرائيل سوف تعمل ما بوسعها كي تقوض المرحلة التالية من المفاوضات وتمنع الحل السلمي للنزاع حول البرنامج النووي الإيراني." وطبيعي ان كل ذلك يتم من اجل الحيلولة دون الالتفات إلى التسوية السلمية للصراع حول فلسطين.اليمين الدولي، كي يهرب من السلام، ليس استجابة لإلحاح نتنياهو، إنما استجابة لإلحاح الصناعة الحربية وتجمعها العملاق في الولايات المتحدة الأميركية. تجمل رسالة دعاية اليمين الأميركي ونتنياهو مقارنة اتفاق جنيف مع إيران بخيانة ميونيخ ، حيث إيران تمثل النازية واوباما يكرر بلاهة تشمبرلن ، بينما نتنياهو يبعث حصافة تشرشل؛ لكن إحدى المقالات تفند المقارنة وتجزم ان نتنياهو والمحافظين الجدد " يتحولون إلى دعاية التخويف ويشوهون بفظاظة المقارنات التاريخية . في الحقيقة المحافظون الجدد ونتنياهو هم الأقرب مقارنة بهتلر ونازية الماضي". وتصدت مقالة نشرتها المجلة الإليكترونية "ميديل إيست أورغ"، لحملة اليمين الضارية وفضحت من خلالها زيف الديمقراطية الأميركية ، إذ تقول "نظرا لأن كل عضو بالكونغرس يعي جيدا ان حملات جمع التبرعات ورسائل الميديا تواصل تغذية التعاون مع إسرائيل،باعتبار ذلك علاجا ناجعا يجري استخدامه مع الندرة من كبار الموظفين وأعضاء الكونغرس ممن يحجمون عن التعاون مع إسرائيل ولا يتعاطفون كفاية مع مشروعها. يتمثل العلاج في حجب المعونات المالية لحملاتهم الانتخابية وتعريضهم للتشهير من قبل آلة الميديا . فهاتان الأداتان السياسيتان برهنتا على فعالية وقدمتا العبر لكل سياسي قد يجنح للابتعاد كثيرا عن الخط. وفي خاطرة اخرى بالمجلة كتبها ماكتشينزي اقتبس من البروفيسور روبرت داهل من جامعة ييل قوله " إذا كانت الثروة والمكانة الاقتصادية عوامل سياسية أيضا وهي موزعة توزيعا جائرا ، فكيف يمكن للمواطنين أن يكونوا متكافئين. وإذا لم يكن المواطنون متكافئين فكيف تنوجد الديمقراطية؟". النظام السياسي الأميركي يعمل لصالح حفنة من الاحتكارات الضخمة التي تسخر إسرائيل ومشروعها الاستيطاني ـ التهويدي لصنع شرق اوسط جديد جاهرت في الدعوة له كوندوليزا رايس أثناء عدوان إسرائيل على لبنان في تموز 2006. فهذا النظام الجديد يحجز لإسرائيل حيز الدولة الإقليمية الكبرى المقررة لمصير المنطقة تكئة للقفز إلى القرن الأميركي والهيمنة الكونية. قصرت السياسة الفلسطينية، بسبب عفويتها ونزقها وبعدها عن المراجعة النقدية والتفكير الاستراتيجي، في قراءة مستجدات السياسة الامبريالية منذ المد اليميني للأصولية المسيحية في عقد السبعينات ونجاحها في إيصال ريغان إلى سدة الرئاسة طبقا لنهج سياسي استرشد بما سمي لاهوت ما قبل الألفية؛ وهو برنامج سياسي في إهاب لاهوتي يوجه سياسات المحافظين الجدد. وفوتت العفوية السياسية ملاحظة الاندماج العضوي بين سياسات حكومة بيغن في اواخر عقد السبعينات وبين الأصولية المسيحية ممثلة بزعيمها الأسقف الأنجليكاني جيري فالويل. جمعت صداقة حميمة بين بيغن وفالويل. إليه توجه بيغن اولا لمبادرة الحملة دفاعا عن الهجوم العسكري على المفاعل النووي العراقي. ثم اهدى بيغن صديقه طائرة كي يتجول بها في حملاته . وكان فالويل قد دافع بحرارة عن نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا لأنه المثال لنظام دولي يتحكم فيه العرق الأبيض بالكرة الأرضية ويشعوبها كافة. واستغل شارون تفجيرات نيويورك في أيلول 2001 لدمج إسرائيل في جبهة الحرب على الإرهاب . وكتبت ضمن جملة المحذرين من تحويل المظاهرات الناشئة إثر فشل مفاوضات كمب ديفيد في أيلول 2000 إلى العنف المسلح الذي يستدرجها إليه باراك في حينه ثم أكمل الخطة شارون الذي تسلم رئاسة حكومة إسرائيل في انتخابات شباط 2001. وفي مقال نشرته صحيفة الأيام في 7/12/2000 تحت عنوان " باراك يستدرج المظاهرات إلى العنف المسلح" حذرت من الانجرار مع المخطط الإجرامي. أدركت مع عديدين ان حماس تحدوها شهوة الشعبوية تعمي أنظار قيادتها عن خطة المحافظين الجدد لاستدرج الصراع إلى العنف المسلح كي يضرب المقاومة الفلسطينية بلا رحمة. لكن احدا لم ينتبه إلى خطة غلاة الصهاينة مسخ الصراع حول فلسطين إلى صراع ديني يدخله ضمن إطار الصراع الحضاري من بدعة هينتينغتون. وبالفعل أنهى شارون ما سمي الانتفاضة الثانية بتغيير جوهر الصراع إلى حاجة إسرائيل للأمن وإلحاق هزيمة ساحقة بالمقاومة اطلقت يده في استيطان الضفة ومدينة القدس الشرقية وتشييد الجدار العازل ثم الظهور بمظهر رجل السلام في محفل الأمم المتحدة، وبروز إسرائيل من المواجهة المسلحة امام العالم دولة مسالمة بأمس الحاجة إلى الأمن والسلام. تحت إلحاح شهوة الشعبوية وتصدر العمل الفلسطيني اندفعت قيادة حماس مع مخطط المؤامرة الشارونية، كما اندفعت بجذل وحبور دون وعي للعواقب مع إنجاز مشروعها لتصدر المشهد الفلسطيني. بدون تحوط اندفعت إسرائيل ، وهي تتمتع بعطف معسكر الحرب على الإرهاب، في مغامراتها العدوانية ضد لبنان عام 2006 وضد قطاع غزة عام 2008 . فقدت البريق الذي اكتست به . أخذ العالم يتعرف على دولة أبارتهايد تنتهك حقوق الإنسان والمواثيق الدولية بلا تحفظ. والسياسة الإسرائيلية تتقن التبرير ولا تعرف التراجع. أطلقت مقولة ان العالم ضدنا واحيت عقد اضطهادات القرون ثم سدرت في حملة الاستيطان والتهويد. في الحقيقة لم يفطن احد إلى أن العنف الدموي الناشب منذ فشل كمب ديفيد كان يهدف إلى دفع المجتمع الإسرائيلي نحو التطرف اليميني وشحنه بالكراهية العرقية ودفع المجتمع الفلسطيني في احضان حماس، دون تواطؤ مع قيادة حماس بالطبع، كي يتمظهر الصراع بمظهر ديني. هذا الاندماج العضوي بين قوى اليمين الصهيوني والمسيحي في الولايات المتحدة واوروبا والعالم كله بمن فيه اليمين الإسلامي هو ما يسعى ائتلاف نتنياهوـ يائيرـ ليبرمان للحفاظ عليه وفرض استمراريته ضد توجهات السياسة الواقعية التي اخذت تبرز في سياسة اميركا الخارجية. وفي هذه الأثناء يجري في ظل تحالف اليمين الدولي وسياساته استكمال الاستيطان في منطقة جيم من الضفة الغربية، والتي تشكل ثلثي مساحة الضفة، إلى جانب الاستيطان في مدينة القدس الشرقية وحواليها وخلف الجدار في شمالي الضفة.حملة استيطانية تبقي للفلسطينيين معازل متناثرة مقطوعة عن بعضها ، يعيش داخلها جماهير تحت حصار اقتصادي وسياسي مشدد يجعل الحياة الطبيعية امرا مستحيلا . وقالها عوديد يينون في شباط 1982، ورددها من بعده ساسة اليمين الإسرائيلي على الفلسطينيين ان لا يحلموا بالاستقرار والأمن طالما تواجدوا غربي النهر. بهذا المشهد نستقبل الذكرى السادسة والستين لقرار الأمم المتحدة تقسيم فلسطين بتجاهل تام للقانون الدولي والذكرى السادسة والثلاثين لصدور قرار الأمم المتحدة بتحويل بوم التقسيم إلى يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني في كفاحه ضد الاحتلال ومن اجل دولة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشرقية. آن الأوان لكي يتخلى قادة الفصائل الفلسطينية كافة عن عفوية النضال وتلقائية رد الفعل .
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نظام الأبارتهايد إلى الفاشية
-
في ذكرى الوعد
-
واجهة لاستبداد الحكم تدعمه وتقنع فجوره
-
الأبارتهايد يوزع أسقامه على الجانبين
-
نتنياهو المرعوب من تداعي مواقع الحرب
-
المرأة والديمقراطية والثقافة
-
ماريون فيسنو كاستان
-
في الذكرى العشرين لاتفاق اوسلو
-
سبع دول منذورة للتدمير
-
خلف الأقنعة
-
استهانة بالعقل إفراز التعالي والعنصرية
-
ليبحثوا عن هيكلهم خارج فضاء فلسطين
-
لغز التماهي بين حركتين نشاتا في علاقة عداء
-
العالم يدرك سجل الحروب العدوانية للولايات المتحدة الأميركية
-
اضطراد التوحش الامبريالي
-
عدوان قادم ام تغطية على عدوان جار على قدم وساق؟
-
طقوس التحولات
-
الأجواء ملوثة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية
-
اختراق اللحم الفلسطيني
-
جبهة ثقافية عربية من اجل العدالة في فلسطين
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|