لعبة السنة

سامي حرك

الحوار المتمدن-العدد: 4291 - 2013 / 11 / 30 - 09:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

تلك الأيام نداولها
جلس "رع" على كُرسيّه مادًا قدميه, فأخذته سِنة من نوم, لحظات هُنيهات قليلة أيقظته منها همهمات خافتة وخشونة حفيف الأوراق والأغصان البعيدة!
تنقل النور بين أرجاء حديقة قصره الكوني, إلى أن وصل لمصدر الصوت والحركة, فرأى عجبًا, إثنان من أجمل مخلوقاته, الأرض "جب" والسماء "نوت", في حالة عناق وهيام وإنسجام, صارتا رتقًا, كأنهما جسدًا واحدا!
إستشاط شمس الوجود غضبًا, إستدعى قائد حرسه وأمين سره, الهواء "شو", وأمره أن يفرق بين العاشقين أبدا, وأقسم ألا يلتقيا ثانية في أي من أيامه الـ 360 يوم!
نفذ "شو" الأمر, متألمًا, أن فَرَّق بيديه بين ولديه فلذتا كبده!
تطلع "شو" بألم إلى رفيقة دربه, الرطوبة "تفنوت", شاكيًا إليها, تبخُر أحلامهما في خلود نسلهما, وتلاشى الأمل أن يصير جدًا, بعدما كانت مخيلته حبلى بصور ضحكات الأحفاد!
برجاء الأنثى "تفنوت", إمتثل "تحوت", وتدخل ليحل العقدة, فيعود الود, ويبر قسم الرب!
تشقلب القرد أمام "رع", طلب أن يتسلى فيلاعبه الـ "سنت", فرح الراعي الوحيد باللعبة, وجد فيها الأُنس بعد الوحشة, والجماعة بعد الوحدة, وتساءل في نفسه: ما أثاره في مشهد الحب الرقيق؟ الغيرة؟ الحرمان من الرفقة؟
إشترط الحاوي "تحوتي" أن يُحكم للفائز في اللعبة!
بسرور بالغ وافق, وبلهفة إمتدت يد الرب تنقل قطع الـ "سنت", تهاجم وتدافع, والقرد أمامه يرصص قطعه الشطرنجية, يكر ويفر, وتشقلب فجأة فبانت مقعدته الحمراء, إبتسم الـ "رع" فخرج سنا نوره من بين الأسنان نجوم, ملأت الكون سرور, إنبسط الرب, وهنا إنقض القرد: كِش!
حكم "تحوتي" الفائز, أن يخلق "رع" خمسة أيام جديدة, خارج أيام الرب, لتصير السنة 365 يوم, منها الخمسة لاشأن للرب فيها, هكذا قانون اللعب!
إلتقى الزوجان "نوت" و"جب" في الخمسة أيام, فأنجبا لـ "شو" و"تفنوت" خمسة أحفاد, كُلٌ في يوم:
"أوزير", "ست", "حور-ور", إيزيس", "نفتيس"!
إمتثل الرب لـ سُنته, ونفّذ أحكامه, في لُعبة الـ "سنة", فلم يقبل لحكمه تبديلا ولم يرضَ لمشيئته تحويلا!
وضع الأمل في ذريته, أن تعيَ أول درس: تلك الأيام نداولها!

#سامي_حرك (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات